تناولنا فى المقالين السابقين أن عودة ترامب تعلن عن تبعثر أوراق الإقتصاد العالمى خاصة فى الدول العربية، بسبب السياسات الخاصة المرتبطة مع الولايات المتحدة الأمريكية.والتى إنخرطت فى صراعات مدتها 231 عاماً من أصل 248 عاماً من وجودها، لذا فإن فوز ترامب يثير حدة المخاوف الاقتصادية. هذه المخاوف استندت على أمرين، الأول ما قام به ترامب خلال فترة رئاسته الأولى فى 2017، والثانى الوعود التى أطلقها ترامب خلال حملته الإنتخابية، وفى كلتا الحالتين، تمهد الاستجابة للمشكلات الطريق لظهور مشكلة جديدة، وإستنادًا على شعار ترامب «أمريكا أولًا»، فإن توجهاته تجاه السياسة الاقتصادية الداخلية والخارجية تعكس هذا الشعار.

لذا سوف نتناول تأثير ذلك على الدول العربية بصورة منفردة، وقد تناولنا الأثر الإقتصادى على الجانب الفلسطينى والعراقى، والسعودى، وفى هذا المقال سوف نتناول الأثر الإقتصادى على الجانب الإماراتى والذى تقدر إستثماراته فى الولايات المتحدة بما يزيد عن التريليون دولار، وقد تأسست العلاقة على عدة مصالح، فمنذ بدء فترة رئاسة ترامب الأولى عام 2017، شهدت العلاقة تحولا عبر مجالات متعددة، خاصة فى مجال الأمن، ما أسس للإمارات مكانة بارزة كأحد أبرز حلفاء أمريكا بالمنطقة، ومع فوز ترامب بفترة رئاسية ثانية، تثار تساؤلات حول مستقبل هذه الشراكة، فى ظل التطورات المحلية والدولية المتغيرة،حيث تعتبر الإمارات واحدة من أكبر الدول المستوردة للسلاح الأمريكى فى منطقة الشرق الأوسط، وقد حصلت على أنظمة تسليح متقدمة، تشمل طائرات F-16 Desert Falcon وأنظمة الدفاع ضد الصواريخ والمروحيات، أما على الجانب الإقتصادى تعتبر الإمارات أكبر شريكٍ تجارى لأمريكا فى الشرق الأوسط، وخلال الولاية الأولى لترامب، وصل فائض التجارة مع الإمارات إلى 11.68 مليار دولار عام 2020، ما جعله رابع أعلى فائض للولايات المتحدة مع دول العالم، وتجاوز حجم التبادل التجارى غير النفطى بينهما 17.83 مليار دولار لعام 2020، وصلت ل 31 مليار دولار عام 2023 منها 25 مليار دولار صادرات أمريكية، مما يشير بقوةٍ إلى نمو العلاقة التجارية مستقبلًا والتى قد تتخطى حاجز الـ50 مليار دولار. والآن قد يعمل ترامب على تعزيز التعاون الاقتصادى مع الإمارات،وقد تستفيد من تلك السياسات لجذب إستثمارات أمريكية إضافية.وفى المقابل قد يواجه الإقتصاد الإماراتى أيضًا تحديات، نتيجة للتغيرات التى قد تحدث فى السياسات التجارية العالمية (مثل الحروب التجارية) إذا ما اعتمد ترامب سياسات حمائية، عبر خفض الضرائب وتخفيف القيود التنظيمية، وعلى الرغم من أن هذه السياسات كانت تعزز النمو الاقتصادى داخل الولايات المتحدة، إلا أنها قد تؤثر بشكل مختلف على دول أخرى كالإمارات التى تسعى بأن تصبح "عاصمة البلوك تشين" العالمية بحلول 2025، من خلال إطلاق مبادرات، ومن ثم فإن فوز ترامب ودعمه للتكنولوجيا قد يؤديان إلى ازدهار الإبتكار التكنولوجى المعنى بالعملات المشفرة داخل دول الخليج والإمارات خاصة،ورغم أن سياسة “أمريكا أولًا” قد تتسبب فى سياسة خارجية أكثر عزلة،حيث تتضمن سياسات ترامب المقترحة خفض الضرائب على الشركات من 21% إلى 15% وفرض رسوم جمركية على الواردات من الصين تصل إلى 60%.هذه السياسات قد تزيد من الضغوط التضخمية وتؤثر على قدرة الاحتياطى الفيدرالى على تخفيف السياسة النقدية بسرعة. إلا أن ذلك لن يؤثر على الإمارات، نظرًا لأن الدرهم الإماراتى مرتبط بالدولار، ومن المتوقع أن يرتفع سعر الدرهم بالتوازى مع الدولار. ونرى أن العلاقات «الإماراتية – الأمريكية» ستبقى قوية، لكن يبقى الأمر معتمدًا على كيفية تعامل ترامب مع القضايا الكبرى، مثل الأزمة الروسية – الأوكرانية، والملف النووى الإيرانى والصراع الإسرائيلى – الفلسطينى.
وللحديث بقية إن شاء الله.

رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: السياسات التجارية العالمية الولايات المتحدة لعل وعسى المستقبل الاقتصادى للعلاقات العربية الأمريكية بعد صعود ترامب 3 10 د علاء رزق ملیار دولار

إقرأ أيضاً:

ما هو مستقبل صناعة الأسلحة الأمريكية في ظل تعهد ترامب بإنهاء الحروب العالمية؟

لقد أحدث إعلان دونالد ترامب الأخير بإنهاء الحروب العالمية إذا انتخب رئيسا موجة من الصدمة في صناعة الأسلحة الأمريكية ودوائر الدفاع الدولية. ويثير هذا الإعلان، بينما يناشد الجمهور المنهك من الحرب، أسئلة حاسمة حول مستقبل صادرات الأسلحة الأمريكية، والإنفاق الدفاعي، ودور أمريكا في الأمن العالمي. لفهم الآثار المحتملة، يجب أن ندرس الوضع الحالي لصناعة الأسلحة، وموقف ترامب في السياسة الخارجية، والمشهد الجيوسياسي المعقد.

الوضع الحالي لصادرات الأسلحة الأمريكية

لطالما كانت الولايات المتحدة أكبر مصدر للأسلحة في العالم، وهو الموقف الذي تعزز في السنوات الأخيرة. في السنة المالية 2023، وصلت المبيعات العسكرية الخارجية للولايات المتحدة إلى مستوى قياسي بلغ 80.9 مليار دولار، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 55 في المئة عن العام السابق. كانت هذه الزيادة مدفوعة إلى حد كبير بالغزو الروسي لأوكرانيا، مما دفع العديد من الدول الأوروبية إلى تعزيز قدراتها الدفاعية.

إن دور الحكومة الأمريكية في تسهيل هذه المبيعات يتجاوز مجرد السعي إلى الربح، فتعتبر صادرات الأسلحة أداة حاسمة في السياسة الخارجية الأمريكية، مما يسمح للولايات المتحدة بتعزيز التحالفات، والحفاظ على النفوذ في المناطق الاستراتيجية، وتشكيل المشهد الأمني العالمي. ونظرت إدارة بايدن إلى مبيعات الأسلحة القوية باعتبارها وسيلة لمواجهة النفوذ الروسي ودعم الحلفاء في عالم غير مستقر على نحو متزايد.

دور الحكومة الأمريكية في تسهيل هذه المبيعات يتجاوز مجرد السعي إلى الربح، فتعتبر صادرات الأسلحة أداة حاسمة في السياسة الخارجية الأمريكية، مما يسمح للولايات المتحدة بتعزيز التحالفات، والحفاظ على النفوذ في المناطق الاستراتيجية، وتشكيل المشهد الأمني العالمي
موقف ترامب بشأن "إنهاء الحروب العالمية"

إن تعهد ترامب بإنهاء الحروب العالمية ليس جديدا تماما، فخلال فترة ولايته السابقة، انتقد مرارا وتكرارا التدخل الأمريكي في الصراعات الخارجية ودفع نحو نهج أكثر انعزالية. ومع ذلك، لا تزال التفاصيل المتعلقة بكيفية تخطيطه لتحقيق هذا الهدف غير واضحة. ومن الجدير بالذكر أنه على الرغم من خطابه، أشرفت إدارة ترامب السابقة على مبيعات أسلحة وعمليات عسكرية كبيرة في الخارج. وكان نهجه في السياسة الخارجية غير متوقع في كثير من الأحيان، حيث كان يجمع بين الحديث الصارم والرغبة في تحقيق اختراقات دبلوماسية.

الآثار المحتملة على صناعة الأسلحة

إذا تابع ترامب تعهده بإنهاء الحروب العالمية، فقد يكون لذلك العديد من التأثيرات المهمة على صناعة الأسلحة الأمريكية:

1- انخفاض الطلب: إن التحول بعيدا عن السياسات التدخلية قد يؤدي إلى انخفاض الطلب على أنظمة الأسلحة الأمريكية، وخاصة من جانب البلدان المتورطة في صراعات مستمرة.

2- التحول في التركيز على المنتج: قد تحتاج الصناعة إلى التركيز على تطوير وإنتاج أنظمة دفاعية بدلا من الأسلحة الهجومية.

3- التركيز على السوق المحلية: مع احتمال انخفاض المبيعات الأجنبية، قد يحتاج مصنّعو الأسلحة إلى الاعتماد بشكل أكبر على العقود العسكرية المحلية.

4- التنويع: قد تستكشف بعض الشركات التنويع في القطاعات غير العسكرية لتعويض الخسائر المحتملة في مبيعات الأسلحة.

الاعتبارات الجيوسياسية

يثير موقف ترامب تساؤلات حول دور أمريكا في الأمن العالمي والتزاماتها تجاه حلفائها. لقد أصبح العديد من حلفاء الولايات المتحدة، وخاصة في أوروبا وآسيا، يعتمدون على الدعم العسكري والتكنولوجيا الأمريكية. إن الانسحاب المفاجئ أو التخفيض الكبير في التدخل الأمريكي من شأنه أن يخلق فراغات في السلطة ويشجع الخصوم مثل روسيا والصين.

ويشكل الوضع في أوكرانيا مثالا بارزا على التعقيدات التي ينطوي عليها الأمر، وفي حين أعرب ترامب عن رغبته في إنهاء الصراع بسرعة، فإن القيام بذلك دون النظر إلى سيادة أوكرانيا وأمنها على المدى الطويل قد تكون له عواقب بعيدة المدى على الاستقرار الأوروبي ومصداقية أمريكا.

التداعيات الاقتصادية

تعد صناعة الأسلحة مساهما كبيرا في الاقتصاد الأمريكي، حيث توفر فرص عمل عالية المهارة وتدفع عجلة الابتكار التكنولوجي، وأي تحول كبير في السياسة يؤثر على صادرات الأسلحة يمكن أن تكون له آثار متتالية في جميع أنحاء الاقتصاد، لا سيما في المناطق التي يوجد بها تركيز عال من مقاولي الدفاع. ومع ذلك، من المهم أن نلاحظ أن خفض الإنفاق العسكري من شأنه أن يحرر الموارد لقطاعات أخرى، مثل البنية التحتية أو الطاقة المتجددة، وهو ما قد يعوض بعض التأثيرات الاقتصادية.

تحديات التنفيذ

سيواجه تنفيذ سياسة "إنهاء الحروب العالمية" العديد من التحديات:

1- الرقابة من جانب الكونجرس: تتطلب مبيعات الأسلحة الكبرى موافقة الكونجرس، ويرى العديد من المشرعين أن هذه المبيعات ضرورية للأمن القومي والحفاظ على النفوذ العالمي.

قد يكون لتعهد ترامب بإنهاء الحروب العالمية صدى لدى الجمهور الذي سئم من الاشتباكات العسكرية طويلة الأمد، ولكنه قد یواجه أيضا معارضة من جانب أولئك الذين يرون أن الوجود العسكري القوي في الخارج أمر ضروري للأمن القومي. في نهاية المطاف، فإن مصير صناعة الأسلحة الأمريكية في ظل رئاسة ترامب المحتملة سوف يعتمد على السياسات المحددة التي سيتم تنفيذها، والتطورات الجيوسياسية العالمية
2- الالتزامات القائمة: لدى الولايات المتحدة العديد من اتفاقيات الدفاع والعمليات الجارية التي لا يمكن تفكيكها بسهولة أو بسرعة دون عواقب دبلوماسية واستراتيجية كبيرة.

3- مقاومة الصناعة: من المرجح أن تقاوم جماعات الضغط الدفاعية القوية أي سياسات من شأنها أن تقلل بشكل كبير من مبيعات الأسلحة.

4- الحقائق الجيوسياسية: غالبا ما تكون الصراعات والتوترات العالمية مدفوعة بعوامل معقدة خارجة عن سيطرة الولايات المتحدة، مما يجعل من الصعب ببساطة "إنهاء" الحروب بمرسوم.

دور الدبلوماسية

إن تركيز ترامب على إنهاء الحروب قد يؤدي إلى التركيز بشكل أكبر على الدبلوماسية والمفاوضات، وقد يخلق هذا التحول فرصا لحل النزاعات ومبادرات بناء السلام. ومع ذلك، يزعم المنتقدون أن تقليص الدعم العسكري للحلفاء من شأنه أن يضعف موقف أمريكا التفاوضي في المفاوضات الدبلوماسية.

الاعتبارات التكنولوجية

كانت صناعة الأسلحة في طليعة تطوير التقنيات المتطورة، من الذكاء الاصطناعي إلى الأسلحة الأسرع من الصوت. ومن المحتمل أن يؤدي الخفض الكبير في الإنفاق العسكري أو صادرات الأسلحة إلى إبطاء وتيرة الابتكار في هذه المجالات. وعلى العكس من ذلك، قد يشجع الصناعة أيضا على إيجاد تطبيقات مدنية للتكنولوجيات العسكرية، مما قد يؤدي إلى دفع الابتكار في قطاعات أخرى.

الاعتبارات السياسية الداخلية

قد يكون لتعهد ترامب بإنهاء الحروب العالمية صدى لدى الجمهور الذي سئم من الاشتباكات العسكرية طويلة الأمد، ولكنه قد یواجه أيضا معارضة من جانب أولئك الذين يرون أن الوجود العسكري القوي في الخارج أمر ضروري للأمن القومي.

في نهاية المطاف، فإن مصير صناعة الأسلحة الأمريكية في ظل رئاسة ترامب المحتملة سوف يعتمد على السياسات المحددة التي سيتم تنفيذها، والتطورات الجيوسياسية العالمية، وقدرة الصناعة على التكيف مع الظروف المتغيرة. ومع استمرار النقاش حول دور أمريكا في العالم، تجد صناعة الأسلحة نفسها على مفترق طرق، وتواجه تحديات وفرصا في مستقبل غير مؤكد.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار كمساعدات للعام المقبل.. حصلت على أقل من النصف
  • ترامب يمازح ترودو: كندا يجب أن تصبح الولاية الأمريكية رقم 51
  • رئيس أرامكو: السياسات الخضراء "الواقعية" مفيدة لأميركا مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض
  • ترامب يقترح أن تصبح كندا الولاية الأمريكية رقم 51
  • الحكومة الليبية تطالب بأكثر من 60 مليار دولار من سندات الخزانة الأمريكية
  • وصلت لمسامع ترامب.. شبكة عراقية لتهريب زيت الوقود تدر مليار دولار لإيران سنوياً
  • البنك المركزي: 20.4 مليار دولار حجم ودائع الدول العربية بنهاية يونيو 2024
  • “استثمرها القذافي سراً”.. ليبيا تطالب باستعادة 60 مليار دولار من الخزانة الأمريكية
  • ما هو مستقبل صناعة الأسلحة الأمريكية في ظل تعهد ترامب بإنهاء الحروب العالمية؟