رئيس أرامكو: السياسات الخضراء "الواقعية" مفيدة لأميركا مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
الاقتصاد نيوز - متابعة
قال الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية -أكبر منتج للنفط في العالم- أمين الناصر، اليوم الثلاثاء، إن المعايير "الواقعية" للتحول الأخضر ستعود بالفائدة على صناعة الطاقة الأميركية، في وقت يستعد فيه البيت الأبيض لاستقبال الرئيس المنتخب دونالد ترامب في يناير كانون الثاني.
وعند سؤاله عن إمكانية وجود إدارة أميركية تتبنى وجهة نظر أكثر إيجابية تجاه الهيدروكربونات، قال الناصر: "أعتقد أن صانعي السياسات سيساهمون بالتأكيد من خلال سياساتهم ومعاييرهم.
كان الناصر يتحدث في جلسة نقاشية أدارها دان مورفي من قناة CNBC خلال منتدى المبادرة الخضراء السعودية في الرياض.
دعت أرامكو مراراً وتكراراً إلى نهج للتحول العالمي في مجال الطاقة لا يزال يستخدم الوقود الأحفوري وسط نمو مصادر الطاقة المتجددة، في محاولة لتجنب نقص الإمدادات. وفي الوقت نفسه، شكك المنتقدون في التزام الرياض بمكافحة الاحتباس الحراري العالمي.
تهدف أرامكو إلى تحقيق صافي انبعاثات صفرية من الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي من النطاق 1 والنطاق 2 عبر أصولها بحلول عام 2050، وتوقفت مؤقتاً عن خطط طال انتظارها لزيادة قدرتها القصوى على إنتاج النفط في وقت سابق من هذا العام.
تغطي انبعاثات النطاق 1 والنطاق 2 الانبعاثات المباشرة وغير المباشرة من المصادر التي تمتلكها الشركة وتتحكم فيها أو من مشترياتها واستخداماتها.
سياسات ترامب المناخية
تتركز الآن الأنظار على السياسات المناخية الأوسع للرئيس الأميركي المنتخب، حيث يشعر الناشطون بالقلق من احتمال انسحاب السياسي الجمهوري مرة أخرى من اتفاق باريس لعام 2015، وهو إطار حيوي يهدف إلى تقليص الانبعاثات العالمية لغازات الدفيئة. وسيشكل هذا تراجعاً عن إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن التي دعمت الإجراءات المناخية، حيث تقدم مشروعات مثل قانون خفض التضخم وقانون البنية التحتية الثنائية الدعم للمشاريع الخضراء.
وقالت وزيرة الطاقة الأميركية الحالية جينيفر غرانهولم في حديث لها مع CNBC الشهر الماضي إن قرار ترامب المحتمل بإلغاء هذه المبادرات سيكون له تأثير كبير على الوظائف في المناطق التي تسيطر عليها الأحزاب الجمهورية ويعد "إهمالاً سياسياً".
وقال ناصر يوم الثلاثاء: "أعتقد أنه في الولايات المتحدة، سيفعلون ما هو صواب بالنسبة لهم لتوسيع وتسريع صناعتهم" في إشارة إلى خطط التحول التي تنتهجها واشنطن.
وكان ترامب قد وضع الوقود الأحفوري في صدارة أجندته الانتخابية، حيث تعهد بـ "إنهاء تأخيرات بايدن في تصاريح وتأجير التنقيب الفدرالي التي تحتاجها الولايات المتحدة لإنتاج النفط والغاز الطبيعي الأميركي".
وفي منتصف نوفمبر تشرين الثاني، اختار الرئيس المنتخب كريس رايت، وهو خبير متمرس في صناعة النفط والغاز، ليقود وزارة الطاقة، وهو من المدافعين البارزين عن الوقود الأحفوري.
وصل إنتاج النفط الأميركي خلال فترة رئاسة بايدن إلى مستوى قياسي في الولايات المتحدة والعالم بلغ 12.9 مليون برميل يومياً في عام 2023، حسبما أفادت إدارة معلومات الطاقة الأميركية في مارس آذار الماضي.
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
فوضى الولايات المتحدة في الشرق الأوسط
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
كشفت عملية طوفان الأقصى التي نفذتها الفصائل الفلسطينية في السابع من أكتوبر عام 2023 عن سياسات الولايات المتحدة الأمريكية الحقيقية في التعامل مع منطقة الشرق الأوسط، إذ بات من الضروري التأكيد على أنه لا يوجد فارق حقيقي بين الديمقراطيين والجمهوريين، وأن سياسات الولايات المتحدة الأمريكية تجاه المنطقة تتمحور حول حماية إسرائيل وتكثيف التموضع الأمريكي في جغرافيا الإقليم للهدف ذاته.
بمجرد اندلاع شرارة الأحداث التي لا تزال تجري وقائعها، حرصت الإدارة الأمريكية الديمقراطية الحالية التي يرأسها جو بايدن على التأكيد على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، ودعمت واشنطن حليفتها وذراعها في المنطقة بالأسلحة اللازمة لتدمير الأراضي الفلسطينية، إذ كشفت صحف إسرائيلية أبرزها "يديعوت أحرونوت" عن حجم الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل، والذي بلغ قيمته نحو 22 مليار دولار، وهي الأسلحة التي استخدمتها إسرائيل في هجماتها ضد قطاع غزة ولبنان وسوريا.
لقد أعلنت الإدارة الأمريكية الديمقراطية بمجرد بدء الأحداث أنها ملتزمة بحماية إسرائيل، وتوعد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الشرق الأوسط بـ"الجحيم" إذا لم يتم الإفراج عن الأسرى في غزة، وعلى ما يبدو أن جحيم بايدن الديمقراطي لا يختلف كثيرًا عن حجيم ترامب الجمهوري، بعدما بالغت واشنطن في توصيف حادث السابع من أكتوبر من أجل دعم إسرائيل في فرض واقع جديد يقوي من إسرائيل ويضعف من دول الشرق الأوسط.
لقد أمعنت واشنطن بزيادة تموضعها بوضع قواعد عسكرية لها في عدة مناطق بالإقليم تكون هدفها الرئيس حماية إسرائيل ومصالح الولايات المتحدة، وضمان وجودها في أكثر المناطق حيوية وخصوبة بالنفط والغاز، ذلك أن دول الخليج صاحبة الإنتاج الأكبر من النفط والعلاقات الأوثق مع الولايات المتحدة. غير أن هناك دولًا في الشرق الأوسط باتت تستخدمها واشنطن كـ"ساحات مواجهة" تنطلق منها النيران الأمريكية تجاه دول في الشرق الأوسط، وأبرز دليل على ذلك العراق الذى يحتوي على قاعدة عين الأسد الاستراتيجية المهمة بالنسبة لواشنطن والتى أنشئت فترة احتلال الجيش الأمريكى للعراق، والتي زارها ترامب سرًا في نهاية ديسمبر من العام 2018، وقد فتحت القاعدة الأمريكية أجواءها أمام الطيران الإسرائيلي لقصف مواقع إيرانية في شهر أكتوبر من العام المنصرم 2024.
وقبل تولي ترامب ولايته الأولى تحدث كثيرًا عن خطط لسحب القوات الأمريكية من العراق، لكنه بمجرد اعتلائه السلطة لم ينفذ وعوده، على الرغم من أنه أبرم اتفاقًا مع السلطات العراقية تقر بسحب واشنطن لجنودها هناك بحلول نهاية عام 2025، إلا أن تصريحات ترامب المتكررة عن ضرورة استمرار التواجد الأمريكي في العراق لمراقبة إيران حالت دون سحب القوات، فيما ينتظر العراق نهاية 2025، لكن يبدو أن الوعد لن ينفذ لأن ترامب بمنطق التاجر ورجل الأعمال طالب العراق بـ"دفع التكلفة" قبل الانسحاب، على اعتبار أن واشنطن أنفقت المليارات لإنشاء قواعدها العسكرية هناك، وإذا لم تدفع العراق تكلفة ذلك فسيتم فرض عقوبات عليها.
ويمعن ترامب في رسائله السلبية للعراق إذ هدد العراق بإقامة الحواجز التجارية مع الدول التي تسعى لإقامة شراكات معها وفي القلب منها الصين، خاصة بعدما بدأ العراق إجراءات تعزيز أصوله باليوان الصيني من خلال بنك التنمية السنغافوري لتمويل التجاره مع الصين بنحو 12 مليار دولار سنويًا. وقد كان هذا الخطاب هو نفس الخطاب الذي استخدمه مع دول تجمع "بريكس" – الذي يضم دولًا من الشرق الأوسط - بعدما حذر دول المنظمة من إنشاء عملة جديدة تنافس الدولار الأمريكي، إذ هدد دول المنظمة بفرض رسوم جمركية عليها بنسبة 100%.
إن منطقة الشرق الأوسط جاذبة لكل التوجهات السياسية والاستثمارية، والاستعمارية كذلك، وهو ما يحتم على دول المنطقة أن تفرق جيدًا بين السياسات الاستعمارية، والسياسات القائمة على الشراكات الاستثمارية كما في حالة الصين مثلا، والتي تعد منافسًا قويًا للولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، لكنها ليست شريكًا استعماريًا، إذ تعمل على أن تكون شريكًا نزيهًا في الأوساط السياسية والاقتصادية في الشرق الأوسط، كما كانت شريكًا مهما في التوسط بين المملكة العربية السعودية وإيران لاستعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما في مارس من عام 2023، وهما دولتان بارزتان في الشرق الأوسط كانت تحرص الولايات المتحدة الأمريكية على توسيع الفجوة بينهما.
إن سياسات واشنطن في تأجيج الصراعات بين دول الشرق الأوسط لا يستفيد منه إلا الولايات المتحدة الأمريكية من عدة جوانب أبرزها تعزيز صادرات الولايات المتحدة من السلاح لدول الشرق الأوسط، فقد نمت صادرات السلاح الأمريكي للمملكة العربية السعودية وقطر والبحرين بنسبة 17% بين أعوام 2014 – 2018 و 2019 – 2023، طبقًا لبيانات صادرة عن معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام. وطبقًا لتقديرات نفس المعهد فقد حصلت دول الشرق الأوسط على نصيب الأسد من صادرات الولايات المتحدة من السلاح بنسبة 38٪، ما يعني أن زيادة حدة الصراعات في الإقليم يصب في المصلحة المالية للولايات المتحدة بشكل أساسي، ولذلك لم تكن هناك مبادرات جادة لوقف الحرب في مناطق اليمن الشمالي.
إن منطقة الشرق الأوسط تنظر بعين الريبة إلى الحقبة الجديدة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي توعدها بالجحيم، ويتوعد إسرائيل بزيادة رقعتها الجغرافية على حساب الأراضي الفلسطينية، كما يتوعد المنطقة بمزيد من الاستنزاف المادي بحجة حماية الولايات المتحدة الأمريكية لدول المنطقة... وهو ما يستوجب معه اليقظة التامة بين من يمد يده لوأد الصراعات في المنطقة وبين من يرغب في تمزيق المنطقة وقطع نقاط الاتصال بين عناصر بوصلة منطقة الشرق الأوسط شمالًا وجنوبًا شرقًا وغربًا. إن التمييز الأكبر لنا يجب أن يكون بين من يريد شراكات استثمارية ومن يريد تموضعات من نوع آخر على حساب علاقات دول الإقليم.
لقد أدركت الولايات المتحدة الأمريكية – بعد انتهاء الاستعمار القديم – أهمية منطقة الشرق الأوسط، التي تنافس عليها المستعمرين منذ قديم الأزل بصفتها المنطقة صاحبة الموقع المتميز الرابط بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، بجانب كونها ممرًا لحركة التجارة العالمية عبر البحر الأحمر وقناة السويس والمضائق المائية الاستراتيجية، علاوة على كون المنطقة أهم مصدر للطاقة، وسوقًا واعدة ينطلق منها النفط والغاز إلى الأسواق العالمية. ولذلك كان دأب الولايات المتحدة الأمريكية بشكل عام وسياسات ترامب بشكل خاص الإمساك بتلابيب المنطقة ورسم السياسات العامة لدول الإقليم، والضغط عليها من أجل قبول إسرائيل التوسعية في المنطقة، على حساب علاقات دول الإقليم وبعضها، وهو ما يجب أن تنتبه له دول الإقليم وصناعة القرار فيها، خاصة مع صعود الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الذي يتعامل مع المنطقة بمنطق "رجل الأعمال" الذي يرغب في تحقيق أكبر قدر من المكاسب على حساب الآخرين مهما كانت الظروف والتداعيات.