بعد وقف إطلاق النار.. حزب الله يُحصي خسائر السلاح والمال والسياسة
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
رغم أن اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل تضمن بنداً ينص على تجريد المجموعات المسلحة من سلاحها، شدد نواب حزب الله على تمسكهم بخيار "المقاومة"، مستندين كما قالوا إلى اتفاق الطائف الذي يعتبرونه إطاراً يبرر دورهم العسكري.
وقال النائب عن حزب الله، حسن فضل الله، خلال مؤتمر صحفي عقده بعد جلسة برلمانية الخميس الماضي، إن "المقاومة باقية للدفاع عن لبنان"، مشدداً على أن "ما يضمن سلاح المقاومة وحقها هو المواثيق الدولية، واتفاق الطائف، والبيانات الوزارية التي حوّلت الحق بالمقاومة إلى عرف دستوري، بالإضافة إلى حقنا المشروع بالدفاع عن أنفسنا عندما تعتدي إسرائيل على بلدنا.
لم يكتف حزب الله بالتصريحات، بل أعلن أمس الاثنين عن قصف موقع رويسات العلم التابع للجيش الإسرائيلي في تلال كفرشوبا، واصفاً ذلك في بيان بأنه "ردّ دفاعي أولي تحذيري"، واختتم البيان بعبارة تهديدية "وقد أُعذِر من أَنذر."
وفي خطوة أثارت الجدل، أعاد حزب الله افتتاح عدد من فروع مؤسسة "القرض الحسن"، التي كانت قد تعرضت لغارات جوية إسرائيلية خلال المواجهات الأخيرة، وقد اعتبر البعض هذه الخطوة رسالة تحدٍ واضحة لإسرائيل وللجهود الدولية الرامية إلى تعزيز سلطة الدولة اللبنانية.
تأتي هذه التطورات في وقت يسعى فيه المجتمع الدولي لدعم لبنان في تنفيذ القرارات الدولية، بهدف تعزيز سلطة الدولة وحصر السلاح بيد الجيش اللبناني. ومع ذلك، يبقى المشهد السياسي والأمني في البلاد معقداً، مما يثير تساؤلات حول قدرة لبنان على تحقيق التوازن بين التزاماته الدولية وتعقيدات واقعه الداخلي.
مرحلة جديدة ومعادلة مختلفةتُبرز تصريحات نواب حزب الله، كما يرى الصحفي علي الأمين، "صعوبة تراجع الحزب أو إظهاره انسجاماً كاملاً مع الاتفاق، خصوصاً في ظل هيمنته على المشهد السياسي في لبنان". ويضيف أن "اجتماع اللجنة الخماسية يعد محطة حاسمة لتوضيح الالتزامات وتحديد المواقف، مع الدور المحوري للولايات المتحدة في تفسير وتنفيذ الاتفاق بما يتوافق مع القرارين 1701 و1559".
من الخاسر ومن الرابح في الحرب بين إسرائيل وحزب الله؟ في حلقة هذا الأسبوع من برنامج "المشهد اللبناني"، كان النقاش حول الرابحين والخاسرين في الحرب بين حزب الله وإسرائيل. أكدت الإعلامية مي شدياق أن الخاسر الأكبر هو حزب الله، مشيرة إلى أن ما يُعرف بالمقاومة قد انتهى. من جهة أخرى، أجمع الضيوف على أهمية تعزيز دور الجيش اللبناني في المرحلة المقبلة لضمان الأمن والاستقرار.وينص القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن عام 2006 على إنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أي أفراد مسلحين أو معدات أو أسلحة، باستثناء تلك التابعة لحكومة لبنان وقوة الأمم المتحدة المؤقتة "اليونيفيل".
كما يدعو القرار إلى التنفيذ الكامل للأحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف، الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية، إضافة إلى القرارين 1559 الصادر في 2004 و1680 الصادر بالعام 2006، واللذين يطالبان بنزع سلاح جميع الجماعات المسلحة في لبنان، حتى لا تكون هناك أي أسلحة أو سلطة في لبنان عدا ما يخص الدولة اللبنانية.
ويشدد الأمين على أن "حزب الله ملزم بتنفيذ أي قرارات تصدر عن اللجنة الخماسية، نظراً لتوقيع لبنان على الاتفاق الذي يلزم الطرفين، اللبناني والإسرائيلي، بتطبيق بنوده".
وحول استهداف حزب الله لموقع رويسات العلم، يرى الأمين أن "هذه الخطوة تأتي في سياق استغلاله للخروقات الإسرائيلية، التي أقرّ بها الفرنسيون".
ويوضح أن "القصف كان محدوداً ولم يشمل شمال إسرائيل، بانتظار ما ستقرره اللجنة الخماسية في تحديد الطرف المعرقل للاتفاق."
ويشير الأمين إلى أن المرحلة الراهنة تشهد تحديات إقليمية معقدة، من بينها "سعي إيران لعرقلة الاتفاق نتيجة ما يحصل في سوريا، ومحاولات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو تبرير خطوات عسكرية قد تصل إلى مواجهة مع إيران."
من جهته، يرى رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة، العميد هشام جابر، أن "وقف إطلاق النار لم يحترم من قبل إسرائيل، كي يبدأ لبنان بتنفيذ القرار 1559، والسؤال المطروح هنا: هل يعتبر سلاح حزب الله شرعياً؟ حتى اليوم، الإجابة هي نعم، ولن يتمكن أحد من نزع سلاحه قبل وضع استراتيجية دفاعية. وقد أوضحت الحكومة اللبنانية للولايات المتحدة الأميركية أن أولويتها تنفيذ القرار 1701 قبل الانتقال إلى القرار 1559".
أما رئيس مؤسسة "جوستيسيا" الحقوقية في بيروت، المحامي بول مرقص، فيوضح أن "قصف حزب الله يعد خرقاً للهدنة إذا أخذناه بالمعنى الحرفي، لكنه خرق مواز ليس من حيث العدد أو الأثر، ولكن من حيث الطبيعة، للخروق الإسرائيلية المتكررة والمتمادية والتي يراد من ورائها فرض أمر واقع لكيفية تفسير وتطبيق التفاهم الجديد".
ومع ذلك، يردف مرقص، العميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ، "قائلا "وإن كان ثمة رد على الخروق الإسرائيلية، فالأمر يتطلب من لبنان الرسمي اتخاذ موقف والتحرك وليس أي جهة حزبية، إذ أنه يقع على الحكومة اللبنانية أن تجتمع وتقرر كيف يكون الرد مناسباً وألا تترك أهل الجنوب واللبنانيين وحيدين رهينة للافتراس الإسرائيلي، فتعطي المبرر مجدداً لقيام حركة مقاومة حزبية".
رسالة طمأنة أم تحدٍ؟وعن إعلان حزب الله عن افتتاح فروع جديدة لمؤسسة "القرض الحسن"، فإنه يأتي كما يرى الأمين في سياق "طمأنة المودعين"، ويقول "تعد هذه المؤسسة بالنسبة لكثيرين مصدراً آمناً لحفظ أموالهم، ومن خلال هذه الخطوة يسعى حزب الله لتجنب أي صدام مع بيئته الشعبية، حيث يوجه رسالة واضحة بأن أموالهم مؤمنة ويمكن استعادتها عند الحاجة".
خفايا "القرض الحسن".. كيف يلعب حزب الله على حبل "التمويل الأسود"؟ عاد اسم جمعية "القرض الحسن"، الذراع المالي لـ"حزب الله"، إلى الواجهة من جديد، بعد استهداف الجيش الإسرائيلي فروعاً تابعة لها في عدة مناطق لبنانية، يوم الأحد، في ظل التصعيد عسكري الكبير بين الحزب وإسرائيل.أما في ما يتعلق بشرعية المؤسسة، يشير الأمين إلى أن "الإجابة عن ذلك يقع على عاتق الدولة اللبنانية التي لم تحدد سابقاً موقفاً واضحاً من قانونيتها"، ويضيف أن المرحلة المقبلة قد تفرض خيارين على المؤسسة "إما تحويلها إلى مصرف رسمي، أو مواجهة تحديات قانونية متزايدة، خاصة مع الرقابة الأميركية المتوقعة على الشؤون المالية لحزب الله".
ويشدد الأمين على أن حزب الله "قدّم تنازلات كبيرة في الاتفاق الأخير"، مضيفا "ضمنياً، وافق (حزب الله) على منح الولايات المتحدة دوراً رئيسياً في مراقبة تنفيذ الاتفاق، هذا الوضع يضع القرض الحسن أمام تدقيق صارم قد يؤدي إلى مواجهات قانونية، خصوصاً مع أي نشاط يشتبه في تمويله للإرهاب".
كذلك يقرأ مرقص إعادة افتتاح عدد من فروع "القرض الحسن "من زاوية سعي حزب الله لطمأنة المتعاملين معه بشأن ودائعهم من الذهب وسلامتها، إلا أن هذه الخطوة "تبقى رمزية" كما يقول "إذا لم يتمكن هؤلاء من استرداد حقوقهم كاملة في المدى المنظور".
أما من الناحية القانونية، فيوضح مرقص أنه "لا يزال الموقف كما هو، إذ أن هذه المؤسسة ليست مرخصة من قبل السلطات المصرفية والنقدية الرقابية لممارسة هذا النوع من النشاط المالي، الذي وبصرف النظر عن الخلفية الاجتماعية والدينية الحميدة، يعود حصراً للمؤسسات المدرجة على لوائح مصرف لبنان وهيئة الأسواق المالية والمصرح لها بذلك، إذ أن المصارف الاسلامية العاملة في لبنان مرخّصة هي الأخرى وهكذا يجب أن تكون جميع المؤسسات المالية والمصرفية".
بين النصوص والتحدياتوفي ما يتعلق بوثيقة الوفاق الوطني، المعروفة باتفاق الطائف لعام 1989، التي استند إليها حزب الله لتبرير تمسكه بالسلاح و"المقاومة"، فتنص كما يقول مرقص على "تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة من قبل إسرائيل، ولكنها لا تشرع ذلك لحزب معين. إذ أنها تحصر السيادة المطلقة والتامة على الأراضي اللبنانية بيد الدولة، التي يعود إليها تشريع كيفية التحرير".
وبالتالي، فإن الإشارة إلى اتفاق الطائف "تعني العودة إلى قاعدة حل المليشيات التي نص عليها الاتفاق، ولا يمكن أن تعني تشريعاً لحزب معين للقيام بالمقاومة المنظمة"، وفق مرقص.
ويوضح المتحدث أن ذلك "لا يلغي حق الشعب في المقاومة غير المنظمة وغير الحزبية، فأهالي القرى والبلدات الجنوبية المحتلة يمكنهم اللجوء إلى المقاومة الشعبية، من دون تشريع رسمي لأي جهة حزبية محددة".
من جهته، يثير جابر تساؤلات حول شرعية السلاح الفلسطيني داخل المخيمات اللبنانية، مشيراً إلى أن الجيش اللبناني "يمنع من دخول هذه المخيمات أو نزع السلاح منها"، ويؤكد على ضرورة "معالجة ملفي سلاح حزب الله والسلاح الفلسطيني بالتوازي، موضحاً أن "سلاح حزب الله، الذي يعتبر شرعياً بموجب البيانات الوزارية، يبقى أكثر قبولاً من السلاح الفلسطيني".
بعد "التنازلات الكبيرة".. بماذا يحتفل أنصار حزب الله؟ أثار اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل جدلاً واسعاً في لبنان، حيث اعتبره مراقبون تنازلاً كبيراً من الحزب ومؤشراً على تراجع نفوذه في المشهدين العسكري والسياسي. في المقابل، سعى حزب الله إلى تصوير الاتفاق كـ"نصر" من خلال بيان رسمي بالإضافة إلى احتفال مناصريه في شوارع الضاحية الجنوبية ومناطق عدة، حيث جابوا الطرقات عبر درجات نارية رافعين اعلام الحزب وشعارات تعزز رواية الانتصار.أما الأمين فيشدد على أن "المرحلة المقبلة ستشهد تحولات جوهرية في قواعد العمل السياسي والاقتصادي في لبنان، مع التركيز على تعزيز انسجام أنشطة حزب الله مع مؤسسات الدولة وسيادة القانون" ويضيف أن النفوذ العسكري للحزب "يتراجع تدريجياً، ما يجعل عودته إلى الوضع الذي كان قائماً قبل الحرب أمراً صعباً".
ومع ذلك، لا يستبعد احتمال حدوث تطورات إقليمية" تؤثر على تشكيل المشهد السياسي والميداني في البلاد".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: وقف إطلاق النار اتفاق الطائف القرض الحسن هذه الخطوة حزب الله فی لبنان إلى أن على أن
إقرأ أيضاً:
لبنان.. لجنة مراقبة وقف النار تعقد أول اجتماعاتها
بيروت (وكالات)
أخبار ذات صلة تفاؤل مصري بالتوصل لهدنة في غزة خلال أسبوعين الإمارات تقدم مساعدات للنازحات في شمال قطاع غزةعقدت لجنة التنسيق الخماسية المؤلفة من الولايات المتحدة وفرنسا ولبنان وإسرائيل والقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان «اليونيفيل»، المكلفة بمتابعة اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، أمس، أولى اجتماعاتها في الناقورة في جنوب لبنان.
وجاء في بيان مشترك صادر عن سفارتي الولايات المتحدة وفرنسا في لبنان وعن اليونيفيل «اجتمعت الولايات المتحدة وفرنسا واليونيفيل والقوات المسلحة اللبنانية وقوات الدفاع الإسرائيلية في التاسع من ديسمبر في الناقورة من أجل تنسيق دعمها لوقف الأعمال العدائية، الذي دخل حيز التنفيذ في السابع والعشرين من نوفمبر».
وأضاف البيان، استضافت قوات اليونيفيل الاجتماع الذي انعقد برئاسة الولايات المتحدة، بمساعدة فرنسا، وبمشاركة القوات المسلحة اللبنانية وقوات الدفاع الإسرائيلية.
وتابع، سوف تجتمع هذه الآلية بوتيرة منتظمة وستنسق عملها بشكل وثيق لتحقيق التقدم في تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد أعلن في 26 نوفمبر الماضي اتفاقاً لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل.
وبدأ تنفيذ وقف إطلاق النار فجر اليوم التالي.
وتتولى لجنة برئاسة اللواء الأميركي جاسبر جيفرز وعضوية فرنسا ولبنان وإسرائيل، وقوة الأمم المتحدة المؤقتة «اليونيفيل»، الإشراف على تطبيق تنفيذ اتفاق.
في غضون ذلك، أعلن الجيش اللبناني، أمس، مقتل شخص وإصابة أربعة من عناصره بجروح في ضربة إسرائيلية استهدفت سيارة في جنوب البلاد، في ظل وقف لإطلاق النار تمّ التوصل إليه بين «حزب الله» وإسرائيل في 27 نوفمبر.
وقال الجيش في بيان «استهدفت القوات الإسرائيلية سيارة قرب حاجز صف الهوا-بنت جبيل، ما أدى إلى مقتل شخص وإصابة أربعة عسكريين بجروح متوسطة».
وشن الجيش الإسرائيلي، أمس، غارات جوية وقصفا مدفعيا طال قضاءي بنت جبيل بمحافظة النبطية وصور بمحافظة الجنوب، جنوب لبنان، حسبما أفادت وكالة أنباء لبنان الرسمية.
في المقابل، أعلن الجيش الإسرائيلي أمس، مقتل أربعة من جنوده في جنوب لبنان، في أول حادث من نوعه منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ قبل 12 يوماً.
وقال الجيش في بيان إن الجنود الأربعة، وهم من الاحتياط وينتمون إلى الكتيبة نفسها، سقطوا أثناء القتال السبت الماضي، من دون تقديم مزيد من التفاصيل.