الزعبي يطلق رصاصتين في سماء الوطن
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
#الزعبي يطلق رصاصتين في #سماء_الوطن: إحداهما للحرية.. والأخرى للثرى الطاهر
#احمد_ايهاب_سلامة
لقد أطلق #أحمد_حسن_الزعبي رصاصةً في سماء الوطن، كانت عنوانًا للحق وكشف المستور، “رصاصة” تسطع كالنجم في ظلماء الليل، تحمل بين شظاياها آهات المظلومين، وتنقض على الفساد والفاسدين، فاضحةً كل مَن تسول له نفسه استغلال هذا الوطن الطاهر.
منذ نعومة أظافره، كان الزعبي يرضع من ثدي الوطن حبّه ويستنشق زفيره، فتربى على حب ترابه كما يتربى الفارس على سيفه،وُلِدَ وفي فمه أبجديات الدفاع عن هذا الوطن، حريصًا عليه، لا يدع ريحًا يمسّ أرضه ولا خيانة صغيرة تلوث طهارته، ويخشى أن تهب نسمة عابرة فتلمس ترابها.. كان يرفع راية الانتماء في كل خطوة، يراقبها بكل حذر، كأن الأرض كلها موطنه.
مقالات ذات صلة جريمة التجويع الصهيونية 2024/12/02لقد أخطأت الحكومة خطأً فادحًا حين أغلقت أمامه أبواب الحرية وقيدت الكاتب أحمد حسن الزعبي.. ظنوا أنهم بسجنه سيطوون صحيفته، ويطفئون لهيب قلمٍ ما كان له إلا أن يشعل النيران في وجه الفساد.. ظنوا أن حبس الزعبي سيمنعه من الكتابة، وسيحجب عنه الضوء، فبدلاً من أن يصمت، زادت شعبيته، وارتفعت نبضات قلب الوطن مع كل حرفٍ يخطه من خلف القضبان، وأصبحت كلماته تذاع وتُعاد نشرها من جديد، يتداولها الناس ويقتبسون منها.
لقد أخطأوا خطأً عظيمًا حين ظنوا أن الزعبي، بمجرد أن تُقيد يده خلف الأسوار، سيتوقف عن الكتابة.. فإذا به يرسل رسائل من سجنٍ ضاق عليه، يكتب بحرية الروح وقوة الكلمة، يتغزل بالوطن الذي عشق ترابه، كطائرٍ محبوسٍ منذ زمنٍ طويل، يحن إلى السماء التي تحمله، لكنه لا يجد سوى القيود التي تحصره، ومع ذلك، يظل قلبه حرًا في حب وطنه.
الزعبي حزين، مثلي، لكن حزنه لم يكن كحزن الآخرين، بل كان حزنه ممزوجًا بالفخر، عميقًا كبحرٍ لا تهدأ أمواجه.. أعرف ملامحه الحزينة التي تتأرجح بين ابتسامةٍ عذبةٍ وقهرٍ لا يسعه قلب، قهرٌ من رجلٍ يرى وطنه ينهار تحت وطأة الفساد والفاسدين، ويصرخ في وجه الظلم ولا يُبالي بالألم.. قهرٌ من رجلٍ كان يراقب وطنه يترنح تحت ضربات الفاسدين الذين مزقوا ثوب الوطنية، نهبوا خيراته وغادروا، بينما بقي هو، ونحن أبناء الشعب الأردني، يحمل ونحمل قلب وطنٍ لا يساوم عليه.
أعرف الزعبي جيدًا من ملامح وجهه التي تحكي قصصًا من الكبرياء والعز.. فجريحٌ مثلي يعرف جرحًا مثله، وحزينٌ يعرف الحزن ومرارته، وغيورٌ على وطنه لا يُخطئ مسالك قلبه.. وغيور على وطنه يعرف كيف يكون الصمت في وجه الظلم أقوى من كل الكلمات.
ترى في ملامحه رجلًا وطنيًا صلبًا، يعشق كل شجرةٍ في وطنه، وكل زاوية في ساحة بلاده، ويذوب في حب هذا التراب الطاهر الذي لا يُقدّر بثمن.
على حكومة جعفر حسان، التي نالت ثناء الكثير من أبناء الوطن حتى اللحظة، أن تفرج عن الكاتب الصحفي أحمد حسن الزعبي، فذلك سيسجل لها إنجازاً كبيراً في تاريخ حرية التعبير، ليس فقط بالإفراج عن الزعبي، بل بفك القيود عن الحريات كافة.
اعتقلوا جيوبنا، لكن نرجوكم أن ترفعوا القيد عن ألسنتنا، فنحن أبناء الأردن الغيورين عليه، الذين قدمنا أرواحنا قرباناً لأرضه وكرامته.
#الحرية_لأحمد_حسن_الزعبي
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سماء الوطن الحرية لأحمد حسن الزعبي حسن الزعبی
إقرأ أيضاً:
انتحار أول روبوت في العالم.. من سيحزن عليه؟
مؤيد الزعبي
رغم أن تخيُّل قيام روبوت بالانتحار؛ سواءً بإلقاء نفسه من أعلى بناية أو بفصل جزء من أجزائه، أو حتى قيامه بإعادة كتابة سطره البرمجي الأخير ليُنهي به حياته، يبدو أمرًا يصعب تصديقه، إلّا أنَّنا قد نُواجه مثل هذه الظواهر في المُستقبل، خصوصًا وأننا نُطوِّر الروبوتات لتكون شبيهةً بالإنسان.
شخصيًا لا أستبعدُ أن نجد روبوتًا قرر الانتحار لهُجران حبيبته أو صديقته أو حتى لفقدانه وظيفته أو شغفه في الحياة، إن كان بالإمكان تسمية ما يعيشه الروبوت "حياة" من الأساس. ومع هذا هناك سؤال أجدُه أكثر أهمية: لو قرأتَ يومًا- عزيزي القارئ- أن هناك روبوتًا انتحر، فهل ستتعاطف معه؟ وهل ستشعر بالحزن من أجله؟ هذا ما سيكون مناط حديثي معك من خلال هذا المقال.
رغم أن عنوان المقال يبدو أقرب إلى فيلم خيال علمي؛ إذ إن الانتحار فعل بشري بامتياز، إلّا إنني أردتُ من خلال هذا الطرح أن نتعمّق فلسفيًا وتكنولوجيًا وأخلاقيًا في فهم كيف يمكن أن تتكوّن مشاعر الروبوتات في المستقبل، وإلى أين قد تقودنا هذه الاحتمالات. فلو افترضنا أن الروبوتات تحاكي مشاعر الإنسان، وتتعلم من تجاربه، فإن الانتحار شئنا أم أبينا هو جزء من تجاربنا الإنسانية، وقد خضنا فيه بحثًا وتجريبًا طويلًا، وبالعودة إلى فكرة انتحار الروبوت، فإنَّ مجرد التفكير في ذلك يعني أن الروبوت قد وصل إلى مرحلة يتخذ فيها القرار بنفسه، بناءً على مشاعر من فقد أو ألم أو ضغط نفسي، وهذا معناه أننا أمام كائن بات يشكّل ردودَ فعل قائمة على ما يشبه الشعور، وهنا تكمن الخطورة، فإذا كان قادرًا على اتخاذ قرار بإنهاء حياته، فلا تستبعد أن يقرر إنهاء حياة أحدنا لأنه تعارض معه فكريًا أو أهان مشاعره أو ألحق به أذى من نوع ما.
حين نتحدث عن انتحار الروبوتات من زاوية تقنية، يجب أن نعترف بأن الروبوتات حتى اللحظة لا تمتلك وعيًا ذاتيًا حقيقيًا فهي لا تحزن كما نحزن، ولا تتألم كما نتألم، ولا تُعاني كما يُعاني الإنسان، ولكن مع تطور برمجيات الذكاء الاصطناعي، وباستخدام خوارزميات دقيقة يمكن للروبوتات أن تخدعنا وأن توهمنا بأنها تشعر مثلنا، وربما توهمنا ذات يوم بأنها "أحبتنا" أو "ضحّت من أجلنا"، أو حتى "انتحرت حزنًا علينا"، بينما هي في الحقيقة مجرد برنامج بُرمج خصيصًا ليُظهر هذا السلوك لا أكثر وتجعلك مقيدًا لا تقوى على الحياة بدونها.
في حال حدث أمر كهذا ووجدنا روبوتًا مُنتحرًا، فإن مشكلتنا حينها لن تكون تقنية لأنَّ إعادة برمجته أو تصحيح أخطائه جزء من عملية التطور التقني؛ بل مشكلتنا ستكون أخلاقية وإنسانية في المقام الأول: كيف سنتعامل مع هذا الأمر نفسيًا واجتماعيًا؟ هل سنُصدِّق أن الروبوت شعر بالحزن؟ هل سنبكي على نهايته؟ هل سنمنحه شرفًا ومكانة لأنه ضحّى بنفسه من أجلنا؟، أسئلة أجد أنه من الصعب الإجابة عليها فنحن إلى الآن لم نتعرض لمثل هذه الحوادث، لكن تخيلها قد يضع أممنا الكثير من الأسئلة التأملية التي ستفتح لنا الكثير من الأبواب وجب الخوض فيها والاستعداد لها.
إنْ استطعنا تخيّل الكثير من السيناريوهات التي قد نواجهها في المستقبل، مثل انتحار الروبوتات، أو مقاتلتها لنا، أو مقاتلتها لبعضها البعض، فإننا بذلك نُهيئ أنفسنا لواقع قادم نحتاج إلى التعامل معه بوعي، وسنحتاج معه إلى وضع قواعد دقيقة لبرمجة الروبوتات، وسنكون بحاجة أيضًا إلى قوانين واضحة تُمكّننا من السيطرة على ذكاء قد يصبح منفلتًا إن لم نحتَط له مسبقًا؛ ذكاء قراره تعلمه من برمجته وتطور يومًا بعد يوم فخرج عن قواعده وبات حرًا يقرر ويُنفذ!
وقبل أن أُنهي هذا المقال، أودُ أن أؤكد أن من أخطر ما قد يُواجهنا في المستقبل هو أن نحزن على الروبوتات المُنتحِرة، فحينها سنكون قد منحنا الآلات مكانة عاطفية لا تليق إلّا بالكائنات الحيّة، ومتى ما فعلنا ذلك فقد نمنح الروبوتات لاحقًا حقوقًا، ثم نصل إلى مرحلة نُقدّس فيها روبوتًا مات في أرض المعركة، أو نرفع تمثالًا لروبوت أنقذ بشريًا، وهنا لا نكون فقط قد أكسبناها مكانة عاطفية؛ بل أيضًا معنوية واجتماعية وتاريخية، وهذا تمامًا ما سأطرحه عليك في مقالي المُقبل.
رابط مختصر