شهد -وما زال- ميناء الحديدة الواقع تحت سيطرة مليشيا الحوثي، ذراع إيران في اليمن، تدفقاً غير مسبوق لكميات الغذاء والمواد الأساسية خلال الأشهر الماضية عقب رفع القيود عن هذا المنفذ الحيوي.

وبحسب تقرير أممي صادر عن برنامج الغذاء العالمي (WFP) مؤخرا، فإن حجم الواردات الغذائية عبر مينائي الحديدة والصليف الخاضعين لسيطرة الحوثي، بلغ 2,038 طنا متريا خلال النصف الأول من العام 2023، لافتاً إلى أن هذه الواردات الغذائية أكثر من تلك التي دخلت إلى الموانئ الواقعة ضمن نفوذ الحكومة بنسبة 386%، خلال النصف الأول من العام الجاري.

وأشار إلى أن حجم الواردات الغذائية إلى موانئ عدن والمكلا والواقعة ضمن نفوذ الحكومة اليمنية المعترف بها، وخلال نفس الفترة، 528 طنا متريا فقط.

وتؤكد فوارق حجم الواردات الغذائية، التدفق الكبير والمتواصل للمواد الغذائية صوب المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات الحوثية، وهو ما يدحض حقيقة الشماعات "حصار العدوان" التي تروج لها القيادات الحوثية لتبرير تفاقم الوضع المعيشي وتدهور الأمن الغذائي في مناطق سيطرتها.

تدفق الغذاء إلى ميناء الحديدة، كان بعيداً عن الهدف الإنساني الذي أعيد من خلالها فتح هذا المنفذ البحري، للتخفيف من المعاناة الإنسانية التي يعيشها سكان المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي.

وعلى الرغم من التنامي المستمر في حركة الواردات الغذائية إلا أن الوضع المعيشي زاد من التفاقم، وهذا ما أكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي أطلقت تحذيرات من مجاعة في اليمن جراء نقص التمويل الإنساني والاغاثي للبلد الذي يشهد حربا منذ تسع سنوات.

وقالت اللجنة -في بيان مقضب نشرته على منصة "إكس" (تويتر سابقا)- إن استمرار النزاع في اليمن تسبب في انعدام الأمن الغذائي لـ19 مليون شخص.

وأكدت التصريحات الأممية أن مستوى انعدام الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحوثيين يشهد تصاعداً وبات أمراً "مقلقاً". 

الكثير من المراقبين يؤكدون أن استمرار تعنت الميليشيات الحوثية ورفضها لجهود إحلال السلام، واستمرار عمليات السطو التي تقوم بها على الدعم الأممي والإنساني فاقم من المعاناة والجوع في المناطق المحررة.

وقال الباحث في مجال تقييم أعمال الإغاثة في اليمن، مصطفى حمود لـ"نيوزيمن"، إن أسباب تفاقم الأزمة الإنسانية يعود إلى الكثير من المعوقات، بدءاً من استمرار عدم صرف المرتبات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، ناهيك عن فرض رسوم غير قانونية على دخول البضائع وحركة تنقلاتها بين المحافظات اليمنية خصوصا القادمة من مناطق الحكومة اليمنية.

وأضاف، إن تدهور الوضع الاقتصادي يعد أحد الأسباب الرئيسة لارتفاع معدلات الجوع وانتشار أمراض سوء التغذية وانعدام الأمن الغذائي في الكثير من المناطق اليمنية. ولا ننسى القيود والإجراءات المشددة التي تفرضها الجهات الحوثية على عمل المنظمات الإغاثية في مناطق سيطرتها والتحكم بآلية توزيع المساعدات وعدم إيصالها لمستحقيها.

وأشار الباحث حمود، إلى أن المنظمات الأممية والدولية التي تتخذ من صنعاء مقرات رئيسة لها، أصبحت تعاني من الفساد في برامجها الإغاثية والإنسانية، وأصبحت تتماهى مع نهب الحوثيين للمساعدات الإنسانية وتتهرب عن اتخاذ مواقف حازمة لإيقاف هذا العبث الذي أصبح مصدرا رئيسا لتمويل الحرب.

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: الأمن الغذائی فی الیمن

إقرأ أيضاً:

نيجيريا تستخدم الذرة المعدلة وراثيا لسد أزمة الغذاء رغم مخاوف السلامة

بدأت الحكومة النيجيرية رسميا استخدام الذرة المعدلة وراثيا اعتبارا من الأسبوع الماضي، والتي يقول وزير الدولة للزراعة سابي عبد الله إنها ستساعد نيجيريا في سعيها لتحقيق الأمن الغذائي.

لكن بينما ينتقد النشطاء استخدام المحاصيل المعدلة وراثيا تقول الحكومة إن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها استخدام مثل هذه المنتجات في البلاد.

ويعتبر الناشطون أن قرار الحكومة المضي قدما في إنتاج هذا النوع من الذرة في مواجهة الاحتجاجات العامة ضد الأغذية المعدلة وراثيا يدل على ثقافة الإفلات من العقاب التي تنتشر في الحكم في نيجيريا.

ويقول فيليب جاكبور المدير التنفيذي لشركة رينيفلين للتنمية -ومقرها بورت هاركورت- لأفريكا ريبورت "تواصل الحكومات المتعاقبة في البلاد تجاهل المبدأ التحوطي في تعاملها مع المنظمات البحثية الأجنبية فيما يتعلق بنشر واستخدام التجارب في النظم الغذائية التي تستهدف أفريقيا بشكل خاص".

ولدى نيجيريا ما يقارب 40 مليون هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة، أي ما يقارب 6 أضعاف مساحة غانا والسنغال مجتمعة، لكن البلاد تواجه حاليا أعلى معدلات التضخم في أسعار الغذاء على الإطلاق، فقد أدت موجة مستمرة من الهجمات ضد المزارعين في جميع أنحاء البلاد إلى شل قطاع الأغذية الذي يئن بالفعل تحت وطأة رفع دعم البنزين وانخفاض قيمة العملة.

وفي النصف الأول من عام 2023 قتل مسلحون نحو 130 مزارعا وخطفوا 37 آخرين في نيجيريا، بحسب موقع يتتبع الأمن النيجيري.

شكوى من قلة مساعدات الغذاء بشمال شرق نيجيريا (الجزيرة)

وفي مواجهة النقص المزمن في الغذاء، يقول أنصار الأغذية المعدلة وراثيا إن التكنولوجيا ستقطع شوطا طويلا في سد هذه الفجوة وتساهم بشكل كبير في الأمن الغذائي.

ويأتي إطلاق هذا النوع من الذرة بعد نحو 4 سنوات من موافقة الحكومة النيجيرية على طرح اللوبيا المعدلة وراثيا في الأسواق.

وكان من المتوقع أن تساعد اللوبيا على زيادة الإنتاج المحلي ودعم الأمن الغذائي من خلال تقليل الحاجة إلى الواردات.

وكانت مؤسسة التكنولوجيا الزراعية الأفريقية -ومقرها كينيا- قد طورت تكنولوجيا الذرة بتمويل من مؤسسة بيل وميليندا غيتس والوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

ويجري تنفيذ المشروع حاليا في 4 دول أفريقية أخرى هي إثيوبيا وكينيا وجنوب أفريقيا وموزمبيق.

ويقول أنصار الأغذية المعدلة وراثيا إن هذه الذرة ستسد العجز السنوي للإنتاج في نيجيريا.

وتنتج البلاد حاليا نحو 12 طنا متريا من الذرة، أي أقل بـ6 ملايين طن من الكمية المطلوبة البالغة 18 مليون طن متري.

وقد تم تصميم صنف الذرة المسماه "تيلا" لمقاومة آفات الذرة الرئيسية وكذلك مقاومة ظروف الجفاف.

ويقول رابيو أدامو الأستاذ والباحث الرئيسي في مشروع الذرة لموقع أفريكا ريبورت "مع تزايد الطلب على الذرة نحتاج إلى أصناف حديثة منها يمكننا إنتاجها بمعدلات أعلى في المساحات المزروعة".

وتعتبر ذرة تيلا -التي تم إطلاقها تجاريا في يناير/كانون الثاني الماضي- من المحاصيل المقاومة للحشرات والجفاف.

وأضاف أدامو "إذا تعرضت المحاصيل لهجوم من قبل إحدى الآفات فإن المزارعين ينفقون مبالغ كبيرة على المبيدات الحشرية للقضاء على هذه الآفات، وهذا ضار بالبيئة، إن ظهور ذرة تيلا يقلل استخدام المبيدات الحشرية، وبذلك يقلل تكلفة الإنتاج".

ويقول المحللون إن تأثيرات المحاصيل المعدلة وراثيا على النظام الغذائي في نيجيريا كانت ضئيلة.

ويعتقد أدامو أن الأمر سيستغرق بعض الوقت قبل أن يصبح تأثير المحاصيل المعدلة وراثيا محسوسا، لأن المزارعين كانوا مترددين في تبني هذه التكنولوجيا، مضيفا أن استخدام المزارعين المحليين ظل عند أقل من 10%.

احتضان التكنولوجيا

ومن المتوقع أن يتضاعف عدد سكان نيجيريا في السنوات الـ25 المقبلة، ومع استنفاد الأراضي الصالحة للزراعة بشكل كبير يحتاج المزارعون إلى أصناف محسنة أو نباتات مصنوعة من خلال التربية الانتقائية والتكنولوجيا التي يمكن أن تمكنهم من إنتاج غلات أعلى، كما يقول أدامو.

وتنتج جنوب أفريقيا -التي تبنت بالفعل الذرة المعدلة وراثيا- الآن 90 كيسا من المحصول لكل هكتار مقارنة بـ30 كيسا في نيجيريا للمساحة نفسها من الأرض، وفقا لأدامو.

وقامت نيجيريا بتسويق أول محصولها المعدل وراثيا -وهو القطن المقاوم للآفات- في عام 2018 كوسيلة لتنشيط صناعة النسيج وتعزيز التنمية الاقتصادية.

ومنذ ذلك الحين وافقت البلاد على الاستخدام التجاري لللوبيا والذرة المعدلة وراثيا، كما تخضع البطاطس حاليا لتجارب حقلية أيضا وإن كانت محصورة.

كما يجري العمل أيضا على فول الصويا الذي يتحمل مبيدات الأعشاب، والكسافا المقاومة لفيروسات الفسيفساء، والكسافا المقاومة للأمراض ذات الخطوط البنية، والمعززة غذائيا بالحديد والزنك.

وتقول مديرة التكنولوجيا الزراعية في الوكالة الوطنية للتكنولوجيا الحيوية روز جيدادو "إنهم سوف يتحولون إلى حياة المزارع، وفي الوقت نفسه سيحصل المستهلك على طعام عالي الجودة، وعلى الرغم من التكنولوجيا المطبقة على المحاصيل المعدلة وراثيا استمرت المخاوف بشأن عدم قدرة المزارعين على إعادة زراعة البذور بعد الحصاد".

تعاني نيجيريا أيضا من انعدام الأمن والفساد (الجزيرة)

وتقول جيدادو إن مثل هذه المخاوف في غير محلها، لأن المزارعين لديهم خيار إعادة زراعة أو شراء بذور جديدة.

وتضيف جيدادو "في كل عام تشتري بذرة معدلة وراثيا، فالمحصول الذي ستحصل عليه في ذلك العام سيتضاعف 3 مرات عن محصول العام السابق".

تخوف المزارعين

بدوره، يقول أحمد حسن -وهو مزارع في باوتشي شمال شرق نيجيريا لأفريكا ريبورت- إنهم لم يتقبلوا المحاصيل المعدلة وراثيا بسبب عدم اليقين المرتبط بالتقنيات الجديدة.

ويضيف حسن -الذي يشغل أيضا منصب مساعد مسؤول الزراعة في وزارة الزراعة بالولاية- "شعبنا لم يكن على علم بها (المحاصيل المعدلة وراثيا)، نحن الآن نواجه الجفاف ونطلب منهم أن يتبنوا البذور المعدلة، لكنهم لا يقبلون ذلك، ويقولون إنهم لا يعرفون ذلك ويفضلون استخدام شتلاتهم القديمة".

لكن بعيدا عن السعي إلى تحقيق الأمن الغذائي يشير معارضو المحاصيل المعدلة وراثيا إلى السياسة الزراعية في نيجيريا، إلى جانب انعدام الأمن، باعتبارها العدو الحقيقي للمزارعين.

ولم يعد المزارعون قادرين على الذهاب إلى مزارعهم، ويظل الحصول على القروض والتأمين ضد الخسائر غير المتوقعة سرابا.

ويقول المدير التنفيذي لشركة رينيفلين للتنمية فيليب جاكبور "هناك أيضا مسألة خسائر ما بعد الحصاد والمشكلات المتعددة للأجهزة الأمنية التي تقوم بنهب كل مركبة تنقل المواد الغذائية من المزارع إلى المدن، هذه هي القضايا التي يجب أن نعالجها، وليس أصوات الجياع في أفريقيا بسبب عدم اعتماد تقنيات لم يتم التحقق منها".

مقالات مشابهة

  • “الفاو” تحذر من آثار أزمة القطاع المصرفي على الأمن الغذائي في اليمن
  • أبوظبي تستعرض دور «مجمع تنمية الغذاء ووفرة المياه»
  • الأمم المتحدة: طرفا النزاع في السودان يستخدمان التجويع سلاحا
  • الإمارات تؤكد حرصها على تحقيق أعلى معدلات السلامة الغذائية
  • يوم الخرافة.. إجماع شعبي واسع لحماية الهُوية اليمنية من التزييف الحوثي
  • نيجيريا تستخدم الذرة المعدلة وراثيا لسد أزمة الغذاء رغم مخاوف السلامة
  • نشطاء يحذرون من خطة الفقاعات الإنسانية التي يسعى لها الاحتلال بغزة
  • انفلات أمني يضاعف معدلات الجريمة في مناطق الحوثي
  • بعثة أممية: الألغام الحوثية تُسقط تسعة مدنيين خلال مايو الماضي
  • ماهو مصير الغذاء بالحرب القادمة؟