فايننشال تايمز: هل بدأت روسيا بدفع فاتورة الحرب؟
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
ذكرت صحيفة فايننشال تايمز أن الروبل الروسي يواجه أزمة متفاقمة مع تراجعه إلى أدنى مستوياته منذ فبراير/شباط 2022، وذلك في ظل العقوبات الأميركية الجديدة وتصاعد الإنفاق العسكري الروسي.
وفي 21 نوفمبر/تشرين الثاني، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على أكثر من 50 بنكا روسيا، بما في ذلك غازبروم بنك، ما سيؤدي إلى تعقيد معاملات الغاز الروسي مع أوروبا بعد دخول العقوبات حيز التنفيذ في 20 ديسمبر/كانون الأول الحالي.
ووفقا للصحيفة، تراجعت قيمة الروبل بنسبة 10% مقابل الدولار ليصل إلى 115 روبلا للدولار بحلول 27 نوفمبر/تشرين الثاني.
وتحسن أداء الروبل اليوم الثلاثاء مسجلا 106.44 مقابل الدولار، إلا أنه ما زال يحوم قرب المستويات المسجلة أواخر الشهر الماضي.
تصاعد العقوبات ستؤدي إلى تعقيد معاملات الغاز الروسي مع أوروبا (أسوشيتد)ورغم تدخل البنك المركزي الروسي بشراء الروبل باستخدام احتياطياته لدعم العملة، إلا أن الروبل ظل منخفضا بنسبة 8% خلال الشهر الماضي، وبنسبة 15% منذ بداية العام. هذا التراجع يُذكّر بانخفاض قيمته مباشرة بعد الحرب في أوكرانيا، وفق فايننشال تايمز.
وحاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تهدئة المخاوف، حيث قال خلال مؤتمر صحفي في كازاخستان في 28 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي: "لا توجد أسباب تدعو للذعر". لكن فايننشال تايمز أشارت إلى أن مثل هذه التصريحات غالبا ما تكون مؤشرا على وجود مشكلات اقتصادية حقيقية.
إعلانوأوضحت الصحيفة أن الحكومة الروسية تخطط لزيادة الإنفاق على الدفاع والأمن بنسبة 25% عام 2025 ليصل إلى ما يعادل 8% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أعلى مستوى منذ الحرب الباردة.
ومع ارتفاع التضخم إلى أكثر من 8% سنويا، تواجه روسيا ضغوطا مالية متزايدة، وهذا يهدد استقرار الاقتصاد.
تحديات الاستيراد والتعاون مع الصينوأبرزت فايننشال تايمز أن انخفاض قيمة الروبل يزيد من تكاليف الواردات، خصوصا من الصين التي أصبحت الشريك التجاري الأكبر لروسيا وتمثل أكثر من ثلث الواردات الروسية.
انخفاض قيمة الروبل يزيد من تكاليف الواردات خصوصا من الصين التي أصبحت الشريك التجاري الأكبر لروسيا (رويترز)
في الشهر الماضي، انخفض الروبل بنسبة 7% مقابل اليوان الصيني، وهذا يزيد من تكاليف المعدات المستوردة، بما في ذلك تلك المستخدمة في الصناعات العسكرية.
وأشارت الصحيفة إلى أن البنك المركزي الروسي رفع أسعار الفائدة إلى 21% في محاولة للسيطرة على التضخم ودعم العملة.
ويتوقع المحللون أن تصل أسعار الفائدة إلى 25% قبل نهاية العام. لكن الدعم الحكومي للمستهلكين والشركات من خلال برامج القروض المدعومة يتضاءل، وهذا يزيد من الضغوط على الاقتصاد.
مستقبل غير واضحوتوقعت صحيفة فايننشال تايمز أن يشهد الاقتصاد الروسي تباطؤا حادا عام 2025 مع انخفاض النمو الاقتصادي إلى 1% فقط مقارنة بنسبة 3.1% المتوقعة لعام 2024.
ومع تراجع احتياطيات صندوق الثروة السيادي الروسي إلى 55 مليار دولار فقط، تواجه الحكومة تحديات كبيرة في تمويل العجز المتزايد.
وخلصت الصحيفة إلى أن التحديات الاقتصادية الحالية تشير إلى أن "الفاتورة الاقتصادية للحرب قد حان وقت سدادها".
ومع استمرار العقوبات الغربية وارتفاع التكاليف العسكرية، تبدو روسيا مقبلة على مرحلة اقتصادية أصعب قد تتطلب التركيز على الاقتصاد العسكري على حساب رفاهية المواطنين والنمو الاقتصادي.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فایننشال تایمز یزید من إلى أن
إقرأ أيضاً:
حرب روسيا وأوكرانيا.. هل تستمر لعبة عض الأصابع في 2025؟
مع دخول حرب أوكرانيا عامها الثالث، يبدو أن المشهد الحالي يزداد تعقيدًا وتشابكًا، في ظل تحركات عسكرية يومية وتصريحات متباينة من الأطراف المختلفة.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أشار في كانون الأول/ ديسمبر إلى أن العمليات العسكرية الروسية في شرق أوكرانيا مستمرة بوتيرة متزايدة، وسط تحقيق مكاسب ميدانية جديدة.
وعلى الجانب الآخر، تعاني أوكرانيا من دمار واسع النطاق، ما يزيد من حدة الأزمة الإنسانية التي تتجلى في نزوح أعداد كبيرة من المدنيين.
هذه التطورات العسكرية تصاحبها تحديات سياسية وإنسانية ضخمة، ويجد المجتمع الدولي نفسه في مواجهة مأزق معقد، مع تزايد التكهنات حول إمكانية انتهاء هذا الصراع خلال عام 2025، ويبدو أن الأطراف الدولية منقسمة في مواقفها، حيث يشهد الدعم الأمريكي والأوروبي لأوكرانيا تفاوتًا واضحًا.
وأثار الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب جدلًا واسعًا بتصريحاته حول إنهاء الحرب في غضون 24 ساعة من توليه المنصب، مؤكدًا أنه سيعيد تقييم سياسة واشنطن تجاه هذا النزاع، وهو ما قد يشكل تحولًا جذريًا في إدارة الأزمة.
في الوقت ذاته، تواصل الدول الأوروبية تقديم الدعم العسكري والإنساني لكييف، على الرغم من الانقسامات الداخلية حول انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو، ما يعقد الجهود الرامية لتقديم ضمانات أمنية طويلة الأمد لها.
ويبذل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي جهودًا حثيثة لتعزيز علاقاته مع القوى الدولية، حيث إنه كشف عن خطة للنصر تشمل تعزيز التعاون الاقتصادي والعسكري مع الغرب. ومع ذلك، فإن هذه الخطة تظل رهينة بالانقسامات بين الحلفاء الغربيين بشأن مستوى الدعم المطلوب.
على الجانب الروسي، تعاني موسكو من تأثير العقوبات الاقتصادية الغربية التي أدت إلى ارتفاع معدلات التضخم وانخفاض قيمة الروبل. ومع ذلك، فإن الكرملين يصر على أن هذه العقوبات لم تؤثر جوهريًا على قدرته على مواصلة الحرب. بوتين يعتمد على استراتيجية صمود طويلة الأمد، في ظل محاولاته توظيف المكاسب الميدانية في تعزيز موقفه التفاوضي.
مع استمرار الحرب، تبرز عدة سيناريوهات لنهايتها. قد تدفع الضغوط الدولية والاقتصادية الأطراف إلى تسوية دبلوماسية، لكن هذا الاحتمال يعتمد على تقديم تنازلات كبيرة من جميع الأطراف، وهو أمر يبدو مستبعدًا في الوقت الحالي. من ناحية أخرى، قد يؤدي استمرار التصعيد العسكري إلى تغييرات جذرية في ديناميكيات الصراع، بينما يبقى احتمال الجمود الطويل الأمد قائمًا، حيث تظل خطوط المواجهة دون تغيير جوهري.
مهما كانت نتيجة الحرب، فإن أوكرانيا ستواجه تحديات هائلة في إعادة الإعمار وتأمين حدودها، في حين ستحتاج روسيا إلى إعادة تقييم استراتيجيتها لتجنب المزيد من العزلة الدولية. وبينما يقترب عام 2025، يبقى السؤال الأبرز: هل يمكن أن يشهد هذا العام نهاية لهذا الصراع المدمر؟ الإجابة تعتمد على مزيج معقد من الإرادة السياسية، والتحولات الميدانية، والضغوط الدولية.