العلاقات العُمانية التركية.. شراكة استراتيجية تتجاوز الأبعاد الاقتصادية
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
رامي بن سالم البوسعيدي
تمثل العلاقات بين سلطنة عُمان وجمهورية تركيا نموذجًا رائدًا في التعاون الإقليمي والدولي القائم على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، ويمكن أن نقول بأن العلاقات العُمانية التركية تأخذ اليوم طابعًا أكثر انتظامًا وتعاونًا، مدفوعة بالرغبة المشتركة لتعزيز التعاون في مختلف المجالات.
وركزت الدولتان على تطوير العلاقات الاقتصادية؛ حيث ازداد حجم التبادل التجاري بينهما، مع تركيز على القطاعات الحيوية مثل الطاقة والبنية التحتية والسياحة، كما لعبت الدبلوماسية دورًا بارزًا في تعزيز العلاقات بين البلدين؛ حيث تبادل الطرفان الزيارات الرسمية على أعلى المستويات، آخرها زيارة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله- مما أسهم في توطيد أواصر الصداقة والتفاهم المشترك، وتجلّى هذا التعاون في توقيع العديد من الاتفاقيات الثنائية.
قبل أن نتحدث عن التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي بين البلدين، يجب أن نلتفت إلى العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتي تأسست في أوائل السبعينيات، مع افتتاح السفارتين في مسقط وأنقرة، وشهدت العلاقات منذ تلك الفترة نموًا مستمرًا نتيجة للتنسيق المتبادل في القضايا الإقليمية والدولية، وشكّلت الزيارات المتبادلة بين قادة البلدين نقطة محورية في تعزيز التعاون ولمناقشة قضايا الأمن الإقليمي والتعاون الاقتصادي والاستثمار، وتُبرز الاجتماعات الدورية للجنة العُمانية التركية المشتركة، التي عُقد آخرها في عام 2022، التزام البلدين بتعزيز شراكتهما عبر مختلف المجالات.
التبادل التجاري بين سلطنة عُمان وتركيا يعد أحد المحاور الرئيسية للتعاون بين البلدين، حيث شهد نموًا مستدامًا خلال السنوات الأخير، ولوعدنا إلى عام 2018 فقد بلغ حجم التبادل التجاري 489 مليون دولار، بزيادة 55% مقارنة بعام 2017، وبحلول 2024 تجاوز حجم التبادل التجاري 1.3 مليار دولار، مع توقعات بمزيد من النمو نتيجة لاتفاقيات جديدة وتوسيع نطاق التعاون، خاصة مع تنوع الصادرات العُمانية إلى تركيا والتي تشمل خامات الحديد والألومنيوم والبولي بروبيلين، كما أن الواردات التركية إلى السلطنة تتنوع بين المواد الغذائية والأجهزة الصناعية والمنتجات الطبية والمعدات الكهربائية وغيرها.
كما يمكن القول إن قطاع الطاقة هو حجر الأساس لتوسع العلاقات المستقبلية بين البلدين؛ حيث من المتوقع أن يكون التعاون في مجال الطاقة من أبرز مجالات الشراكة بين البلدين في المرحلة المقبلة، خاصة بعد اتفاقية الغاز الطبيعي المسال والتي وقعت فيها شركة الغاز العُمانية اتفاقية مع شركة بوتاش التركية لتوريد مليون طن متري سنويًا من الغاز الطبيعي المسال لمدة عشر سنوات، وهي اتفاقية ذات أهمية كبيرة، فهي تأتي لتعزز أمن الطاقة في تركيا التي تعتمد على تنويع مصادرها لتلبية الطلب المتزايد، وفي ذات الوقت تثبت مكانة سلطنة عُمان كمصدر موثوق للطاقة العالمية.
ومن خلال هذه الاتفاقية يمكن أن تكون بداية آفاق التعاون في الطاقة المتجددة، ويمكن أن يتوسع التعاون ليشمل مجالات مثل مشاريع الطاقة الشمسية خاصة مع التجارب والإمكانات التي تملكها السلطنة في هذا المجال ويمكن من خلاله أن تدعم التحول التركي نحو الطاقة النظيفة، بجانب تقنيات الهيدروجين الأخضر ومع البنية التحتية المتقدمة في السلطنة في هذا الجانب يمكن لتركيا أن تستفيد من استثمارات مشتركة لإنتاج الهيدروجين الأخضر.
الرؤية المستقبلية للتعاون الاقتصادي مبشرة جدا، مع وجود قاعدة قوية من التبادل التجاري والتعاون في قطاع الطاقة، ويمكن أن تتوسع لتشمل التكنولوجيا والابتكار عبر تعزيز الشراكات بين الشركات التقنية في البلدين لتطوير حلول مبتكرة في الذكاء الاصطناعي والتقنيات الطبية، وإنشاء مراكز بحثية مشتركة لدعم الابتكار وريادة الأعمال، كما يمكن استكشاف فرص التعاون في مجال السياحة البيئية، حيث تتمتع السلطنة وتركيا بتنوع بيئي فريد، وهو ما يساهم في تعزيز الرحلات المباشرة بين البلدين للترويج للسياحة الثقافية والطبيعية.
إنَّ العلاقات العُمانية التركية، نموذجٌ ملهمٌ للتعاون المثمر بين الدول؛ حيث يجمع بينهما تاريخ دبلوماسي راسخ وتطلعات اقتصادية مُتنامية، ومع التركيز على تعزيز الشراكات في القطاعات الاستراتيجية، يمكن أن تصبح العلاقات بين عُمان وتركيا أكثر عمقًا وتأثيرًا على المستويين الإقليمي والدولي، مما يعزز من مكانتهما كركائز للاستقرار والتنمية المستدامة في المنطقة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
تجارية «الجيزة« و«الرياض» يلتقيان لبحث سبل الشراكة الاقتصادية بين البلدين
استقبلت الغرفة التجارية بالجيزة، برئاسة المهندس أسامة الشاهد، وفداً اقتصادياً رفيع المستوى من غرفة الرياض التجارية، برئاسة عجلان بن سعد العجلان، النائب الثاني لرئيس مجلس إدارة غرفة الرياض التجارية ومنصور العجمي، مدير إدارة التعاون الدولي لغرفة الرياض، إذ استعرض الجانبان سبل تنمية وتطوير علاقات التعاون الاقتصادي بين البلدين.
حجم التبادل التجاري في السلع غير البترولية بين مصر والسعوديةكما أشار الشاهد إلى حجم التبادل التجاري في السلع غير البترولية بين مصر والسعودية، والذي شهد نموًا بنسبة 32.4% خلال أول 10 أشهر من 2024، ليتجاوز 9 مليارات دولار في مقابل 6.795 مليار دولار خلال نفس الفترة من 2023 وذلك وفقا لنشرة التجارة الخارجية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء موضحا استحواذ السعودية على 7.9% من إجمالي تجارة مصر الخارجية خلال الـ 10 أشهر الأولى من 2024 والتي تخطت 113.9 مليار دولار.
و خلال الاجتماع، استعرض الشاهد أبرز فرص ومجالات تنمية العلاقات وتعزيز الشراكات التنموية في إطار شراكات فعّالة مع شركات القطاع الخاص الرائدة في البلدين، وآليات تحويل العقبات إلى فرص استثمارية ، وذلك في ضوء توافر مقومات نمو هذه العلاقات، بداية من الدعم والزخم السياسي والأطر المؤسسية الداعمة، متمثلة فى الغرف التجارية بالبلدين و اللجنة الوزارية المصرية السعودية المشتركة ومجلس الأعمال المصري السعودي، إلى جانب مجموعة من الشراكات الاستثمارية الناجحة ووجود نخبة من مجتمع الأعمال السعودي ونظرائهم من رجال الأعمال المصريين البارزين.
استمرار التعاون لتعريف مُمثلي الدولتين بفرص الاستثماروأضاف رئيس الغرفة التجارية للجيزة أن مصر حريصة على تنمية العلاقات وتشجيع الشراكات التنموية ضمن شراكات فعّالة مع شركات القطاع الخاص الرائدة في البلدين، مشيدا بمستوى التنسيق والتعاون بين غرفة الجيزة التجارية وغرفة الرياض لبحث سبل تعزيز التعاون في مختلف المجالات وخاصة المجالات التجارية والاستثمارية، مؤكدا أهمية استمرار التعاون لتعريف مُمثلي الدولتين بمناخ وفرص الاستثمار المباشر وغير المباشر، والتواصل مع الجهات المسئولة بالدولتين بهدف تحسين مناخ التعاون وتذليل العقبات التي تُصادف أيًا منهما، والتشجيع على زيادة الصادرات من خلال التواصل وتبادل المعلومات عن احتياجات السلع والخدمات، ونشر المعلومات عن الفرص الاستثمارية والتجارية والتصديرية المتوافرة.
كما استعرض الجانب السعودي أهم المجالات التي ترغب الشركات السعودية في الاستثمار فيها، وحجم الاستثمارات الموجودة حاليا بالرياض معربين عن تقديرهم لجهود الحكومة المصرية في مجال الإصلاح الاقتصادي، وما حققته من استقرار سياسي واقتصادي.