ازدواجية المعايير
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
أحمد بن خميس السعدي
وجوب الوقوف مع الحق ودفع الظلم، أساسٌ لا شك فيه، ولا يقتصر على فئة مُعينة دون سواها، والاختلالات في تلك الثوابت والتحيُّز الأعمى مع فئة دون غيرها، له دلالات واضحة على التَّعاطي مع الأمور بازدواجية.
ومن هنا وجب علينا النظر في العالم السياسي الغربي الذي تحيَّز تحيزًا واضحًا وصريحًا ومعلنًا وصارخًا بنصرة الباطل على الحق، حيث إن دعمه اللامحدود للكيان الغاصب اللقيط واللامبالاة في اتخاذ أي قرار على حساب أي دولة أو ديانة أو شعب من الشعوب.
وعلى المجتمعات الإسلامية والعربية أن تتعلم من أخطائها بأن تتمسك بالحنيفية المثلى والعقيدة السوية الصحيحة على المنهاج الحق وعلى الصراط المستقيم، وألّا تخضع خضوعًا باتًا للغرب وأعوانه والأخذ بمعاييرهم المزدوجة التي لا تمت للحق بِصلة ولا للواقع بشيء؛ بل ما يحدث بمثابة لهثٍ وراء إشباع مصالحهم وتحقيق غاياتهم الهمجية التي تشكل خطرًا حقيقيًا على المجتمعات الإسلامية والعربية، وإن شغلهم الشاغل هو كلمة التوحيد الخالدة (لا إله إلا الله) التي تهدم وتصعق مخططاتهم وأفكارهم وجمودهم وتعصبهم النتن الذي أساسه الرأسمالية المبنية على الجمود والتواطؤ فيما بينهم، ضد تلك الكلمة على السوية البشعة، والمنهاج المتعرج، وإن الصراع القائم هو صراع عقيدة، ومن كانت عقيدته متمسكة برباط الله كانت له العزة والكرامة والشموخ والنصر والفتح المبين.
جعلنا الله من المنضوين تحت لواء الحق، النابذين للباطل وأهله، وممن تجمعهم كلمة التوحيد، ويقودهم الفكر السديد.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
حكم بيع الأشياء التي تؤدي إلى الإضرار بالآخرين
أوضحت دار الإفتاء المصرية أن الأصل في البَيْع حِلّهُ وإباحته؛ لقوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ ٱللهُ ٱلۡبَيۡعَ وَحَرَّمَ ٱلرِّبَوٰاْ﴾ [البقرة: 275]، أمَّا إذا اشتمل البيعُ على محظورٍ كالبيع الذي فيه ضرر بالإنسان؛ فإنَّ حكم البيع يتحوَّل إلى الحرمة.
ويعد من مقاصد الشريعة الإسلامية المحافظة على النفس والعقل؛ ولهذا حرَّم الله تعالى كلّ ما يؤدي إلى إتلاف الإنسان أو جزء منه؛ فحافظ الإسلام على الكليات الخمس، وجعل رعايتها مُقَدَّمةً على غيرها؛ وهي: النفس، والدين، والنسل، والعقل، والمال.
ومن المقرر شرعًا أنَّه: "لا ضرر ولا ضرار"؛ فهذه قاعدة فقهية من القواعد الخمس التي يدور عليها غالب أحكام الفقه، وأصل هذه القاعدة ما أخرجه الإمام ابن ماجه في "سننه" عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَضَى أَنْ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ". وهي قاعدة تحول مراعاتها بين الإنسان وبين كل ما يمكن أن يُسَبّب له الضرر؛ على مستوى الأفراد والجماعات.
ومن مقتضيات الحفاظ على نفس الإنسان حمايتُه مِن كل ما يمكن أن يصيبه بالضرر في صحته؛ فحرَّمت الشريعة عليه كلَّ ما يضرُّه، وجرَّمَتْ إيصال الضرر إليه بشتى الوسائل:
أخرج العلامة ابن عبد البر في "الاستذكار" عن سيدنا أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ، مَنْ أَضَرَّ أَضَرَّ اللهُ بِهِ، وَمَنْ شَاقَّ شَاقَّ اللهُ عَلَيْهِ».
وأخرج الإمام الترمذي في "سننه" عن سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: «مَلْعُونٌ مَنْ ضَارَّ مُؤْمِنًا أَوْ مَكَرَ بِهِ».
والضرر المنهيّ عنه هو قليل الضرر وكثيره، فهو لفظ عام يشمل عدم الضرر في كل الأمور؛ إلا ما دلَّ الشرع على إباحته لمصلحة شرعية؛ قال العلامة ابن عبد البر في "الاستذكار" (7/ 191، ط. دار الكتب العلمية): [قال ابن حبيب: الضرر عند أهل العربية الاسم، والضرار الفعل، قال: والمعنى لا يُدخِل على أحد ضررًا.. وهو لفظ عام متصرف في أكثر أمور الدنيا ولا يكاد أن يُحَاط بوصفه] اهـ.
وقال الأمير الصنعاني في "سبل السلام" (2/ 122، ط. دار الحديث): [وقوله: «لا ضرر» الضرر ضد النفع، يقال: ضرَّه يضرُّه ضرًّا وضرارًا وأضرَّ به يضرُّ إضرارًا، ومعناه: لا يضرُّ الرجل أخاه فينقصه شيئًا من حقه، والضرار فِعَال من الضرِّ، أي: لا يجازيه بإضرار، بإدخال الضرِّ عليه، فالضُّرُّ ابتداء الفعل، والضرار الجزاء عليه.. وقد دلَّ الحديث على تحريم الضرر؛ لأنه إذا نفى ذاته دلَّ على النهي عنه؛ لأنَّ النهي لطلب الكف عن الفعل، وهو يلزم منه عدم ذات الفعل فاستعمل اللازم في الملزوم، وتحريم الضرر معلوم عقلًا وشرعًا إلا ما دلَّ الشرع على إباحته رعايةً للمصلحة التي تربو على المفسدة] اهـ.