تقرير :هل يشكّل هجوم الفصائل في سوريا صفقة جيدة لتركيا؟
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
اسطنبول "أ ف ب": تتصرّف تركيا بحذر إزاء هجوم فصائل المعارضة في سوريا، غير أنّها تأمل في عودة جزء من ثلاثة ملايين سوري لجأوا إلى أراضيها إلى بلادهم، وفي الحصول على فرصة لإزالة التهديد الكردي على حدودها الجنوبية.
ويبدو أن تركيا تلعب دورا رئيسيا في تشكيل المستقبل القريب لسوريا، رغم أنّ الرئيس السوري بشار الأسد كان قد رفض لقاء الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
ما الدور الذي لعبته تركيا في هجوم الفصائل؟ يقول عمر أوزكيزيلجيك، الباحث المشارك في المجلس الأطلسي في أنقرة، إنّ تركيا لديها "علاقة معقدة وصعبة" مع هيئة تحرير الشام التي قادت هجوم الفصائل المسلّحة على حلب.
ويوضح أنّ الهجوم كان متوقعا قبل "سبعة أسابيع، وكانت الخطط العسكرية (لتنفيذه) جاهزة، لكن تركيا منعت المتمرّدين من التقدّم"، بينما قامت روسيا حليفة دمشق بـ"قصف مواقعهم بقوة" لإنقاذ النظام السوري.
ويؤيد الخبير في معهد الشرق الأوسط في واشنطن تشارلز ليستر وجهة نظر أوزكيزيلجيك، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنّ الهجوم كان من المفترض أن يُنفّذ في "منتصف أكتوبر".
ويؤكد عمر أوزكيزيلجيك أنّ أنقرة لم تعطِ الضوء الأخضر إلا بعد فشل محاولات تطبيع العلاقات مع دمشق والبحث عن حل سياسي وفق عملية أستانا التي ترعاها تركيا وروسيا وإيران منذ العام 2017.
وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الإثنين "من الخطأ في هذه المرحلة، محاولة تفسير هذه الأحداث في سوريا على أنها تدخل أجنبي".
ما هي العلاقة بين تركيا وهيئة تحرير الشام؟
حاربت تركيا تمدّد هيئة تحرير الشام في "منطقتها الأمنية" في شمال غرب سوريا. ومارست أنقرة ضغوطا على هذه المجموعة كي تقطع صلتها بتنظيم القاعدة وكي لا تهاجم الأقليات، خصوصا المسيحيين والدروز. ويقول أوزكيزيلجيك إنّ "هيئة تحرير الشام لم تعد كما كانت في العام 2020".
من جهته، يرى فراس قنطار، وهو معارض سوري درزي ألّف كتابا بعنوان "سوريا الثورة المستحيلة"، إنّ "إردوغان ليست لديه الوسائل لإيقاف هيئة تحرير الشام".
أين أصبحت العلاقات بين دمشق وأنقرة؟
قُطعت العلاقات بين أنقرة ودمشق في العام 2011، بعد بداية النزاع السوري الذي قسّم البلاد إلى مناطق نفوذ وأسفر عن مقتل حوالى نصف مليون شخص.
غير أنّ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الذي يدعم فصائل معارِضة، مدّ يده اعتبارا من العام 2022 لبشار الأسد، بعدما كان يصفه بـ"القاتل". وفي يوليو، قال إردوغان إنّه مستعد للقاء الأسد "في أي وقت"، غير أنّ الأخير ربط عقد هذا اللقاء بانسحاب القوات التركية من سوريا.
وكانت أنقرة تأمل من خلال هذه المصالحة تسهيل عودة جزء من حوالى ثلاثة ملايين لاجئ سوري موجودين على أراضيها وقد تحوّل وجودهم إلى قضية سياسية ملحّة.
وفي هذا الإطار، يقول عمر أوزكيزيلجيك إنّه "مع تغيّر الوضع في الميدان، تبدو تركيا اللاعب الرئيسي في سوريا في الوقت الحالي، وسيتعيّن على إيران وروسيا التفاوض معها على حلّ سياسي للنزاع".
أين تتموضع تركيا في سوريا؟
منذ العام 2016، نفذت تركيا عدّة عمليات توغّل ضدّ القوات الكردية في شمال سوريا، ممّا سمح لها بالسيطرة على مناطق على طول الحدود.
وكان الهدف من ذلك هو إبعاد القوات الكردية المسلّحة، بما في ذلك "وحدات حماية الشعب" الحليفة للدول الغربية في مكافحة تنظيم داعش.
وتعتبر تركيا أنّ "وحدات حماية الشعب" فرع من حزب العمّال الكردستاني الذي تصنّفه أنقرة وواشنطن والاتحاد الأوروبي بأنّه منظمة إرهابية.
ما هو مستقبل المجموعات الكردية؟
وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتخذ من المملكة المتحدة مقرا ويملك شبكة واسعة من المصادر في سوريا، فإنّ الفصائل الموالية لتركيا سيطرت الأحد على مدينة تل رفعت التي كان يسيطر عليها الأكراد. وتقع هذه المنطقة الرئيسية على حافّة "المنطقة الأمنية" التي تحتلّها تركيا في شمال سوريا.
وحذر وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الإثنين من أنّ "تركيا لن تسمح للمنظمات الإرهابية بمحاولة الاستفادة من أجواء عدم الاستقرار" في سوريا.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: هیئة تحریر الشام فی سوریا
إقرأ أيضاً:
صحيفة عبرية: إسرائيل تقترح تقسيم النفوذ في سوريا لوقف أردوغان
كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، سعي دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى التوصل لتفاهمات مع تركيا عبر وساطة أمريكية أو روسية، تقضي بتقاسم مناطق النفوذ داخل الأراضي السورية، في مسعى لاحتواء تمدد أنقرة ومنع انزلاق المنطقة إلى مواجهة مباشرة بين الجانبين.
وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن "ما تقترحه إسرائيل على تركيا عمليا هو تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ"، بحيث تكون روسيا في الساحل الغربي، وتركيا في الشمال، والولايات المتحدة وإسرائيل في الشرق والجنوب، فيما يسيطر النظام السوري المؤقت على بقية المناطق، وذلك "إلى حين قيام حكومة مستقرة ومنتخبة في دمشق، وهو أمر قد يستغرق سنوات".
وقالت الصحيفة إن التوتر بين إسرائيل وتركيا، والذي تصاعد في أعقاب القصف الإسرائيلي لمطار "تي 4" العسكري في سوريا، تراجع جزئيا بعدما صرّح وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال مؤتمر الناتو في بروكسل، بأن بلاده "لا تريد أن ترى أي مواجهة مع إسرائيل في سوريا. وعلى السوريين وحدهم أن يقرروا في الشؤون الأمنية لبلادهم".
وأوضحت أن هذا التصريح جاء بعد أسبوع حافل بالتوتر، شهد تهجما لاذعا من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي قال: "آمل أن يدمر الله إسرائيل"، في حين شن جيش الاحتلال قصفا شاملا على مطار "تي 4" العسكري في حمص، وهو الموقع الذي كانت تركيا تنوي إرسال قوات أمنية إليه.
وأكدت الصحيفة أن الضربة الجوية الإسرائيلية جاءت كرسالة مباشرة لأنقرة، في ظل مخاوف متصاعدة لدى الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في إسرائيل من أن يؤدي الفراغ السلطوي في سوريا، بعد ما وصفته الصحيفة بـ"تفكك نظام الأسد نهائيا في 8 ديسمبر 2024"، إلى تموضع تركي واسع النطاق يشكل تهديدا لدولة الاحتلال الإسرائيلي.
وكان وزير حرب الاحتلال الإسرائيلي يوآف كاتس شدد على أن العملية العسكرية الأخيرة تحمل طابعا ردعيا، قائلا "احذر حاكم سوريا الجولاني، إذا سمحت لقوات معادية لإسرائيل بالدخول إلى سوريا وتعريض مصالح أمنية إسرائيلية للخطر، فإنك ستدفع ثمناً باهظاً للغاية".
وأضاف كاتس أن "عمل سلاح الجو في مطار تي 4 في حماة وفي منطقة دمشق هو رسالة واضحة وتحذير للمستقبل. لن نسمح بالمسّ بأمن دولة إسرائيل"، حسب تعبيره.
وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن إسرائيل امتنعت عن ذكر تركيا صراحة في التصريحات الرسمية، في محاولة لإبقاء الباب مفتوحا أمام التفاهم، لكنها أوضحت أن "قصف أربعة مطارات عسكرية كبيرة في سوريا في تلك الليلة كان رسالة للسلطان في أنقرة".
ولفتت الصحيفة إلى أن أنقرة تسعى إلى تعزيز نفوذها العسكري والاقتصادي في سوريا في إطار ما يسمى بـ"الاستراتيجية العثمانية الجديدة"، وهي سياسة توسعية تعتمد على ملء الفراغات في دول الشرق الأوسط التي تعاني من أزمات داخلية، بما يشمل سوريا والعراق وليبيا والصومال وتشاد وشمال قبرص.
وبيّنت أن تركيا تحتفظ بالفعل بـ"حزام أمني" داخل الأراضي السورية لاحتواء النفوذ الكردي، لكنها تعمل الآن على توسيع هذا الوجود ليشمل عمق الأراضي السورية، مستغلة علاقتها الوثيقة مع فصائل المعارضة السنية المسلحة، لا سيما "هيئة تحرير الشام" التي يقودها أحمد الشرع، والذي وصفته الصحيفة بـ"زعيم القاعدة في سوريا" ونعتت باسمه الحركي السابق "أبو محمد الجولاني".
وأضافت الصحيفة أن إسرائيل، التي "تعلمت درس 7 أكتوبر"، قامت بتحصين حدودها في الجولان من احتمال اقتراب جماعات مسلحة مدعومة من تركيا، وبادرت إلى استهداف مخازن أسلحة وبنية تحتية عسكرية سورية وأخرى تابعة لحزب الله، من أجل منع وقوع هذه الأسلحة بيد الفصائل السنية أو الميليشيات الموالية لطهران.
وقالت الصحيفة إن إسرائيل تنظر بقلق بالغ إلى إمكانية نشر أنقرة منظومات دفاع جوي ورادارات مركزية في العمق السوري، ما قد يقيّد حرية سلاح الجو الإسرائيلي ويضع قيودا على أي عملية مستقبلية، ليس فقط في سوريا، بل في عموم الإقليم، خاصة تجاه إيران.
وأوضحت أن المخاوف الأمنية الإسرائيلية تشمل أيضا سيناريو تمركز الجهاديين السُنة على الحدود مع الجولان، تحت غطاء تركي، على غرار ما حدث في غزة قبل 7 أكتوبر، الأمر الذي قد يضع بلدات شمال إسرائيل في مواجهة مباشرة مع "جيش إرهاب معادٍ"، حسب وصفها.
وأكدت الصحيفة أن "سلاح الجو الإسرائيلي نفّذ عمليات دقيقة دمرت مطار تي 4 كلياً لمنع تموضع تركي طويل الأمد"، مشيرة إلى أنه “يمكن للأتراك بالتأكيد أن يعيدوا بناء هذه المطارات، لكن إخراجها عن الاستخدام من قبل سلاح الجو الإسرائيلي استهدف أساسا نقل رسالة للأتراك بأن إسرائيل لن تسمح بهذا".
كما شددت "يديعوت أحرونوت" على أن المخاوف الإسرائيلية ليست آنية فقط، بل تتعلق أيضاً بإعادة تشكل جيوسياسي تقوده أنقرة على أسس أيديولوجية – دينية، وقالت إن "القلق الحقيقي بعيد المدى لإسرائيل هو نشوء محور إسلامي – سُني بروح الإخوان المسلمين، تقوده تركيا ويمر في سوريا، لدى الإخوان المسلمين في الأردن، عبر مؤيدي حماس والجهاد الإسلامي في الضفة، وينتهي في غزة".
وأشارت إلى أن دولة الاحتلال الإسرائيلي "تخشى من أن يحتل هذا المحور السني موقع محور الشر الشيعي بقيادة إيران، خاصة في ظل استمرار الدعم التركي العلني لحماس".
ورغم حدة المواجهة، أوضحت الصحيفة أن هناك قنوات حوار مفتوحة، مشيرة إلى أن "تركيا، بخلاف إيران، عضو في الناتو وحليف للولايات المتحدة، ما يُبقي المجال متاحا أمام الحوار والتأثير المتبادل".