واشنطن "د. ب. أ": يرى المحلل الاستراتيجي السويدي جاكوب هالجرين أنه منذ ظهورها إلى الوجود في النصف الأول من خمسينيات القرن العشرين، تمتلك جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية أو كوريا الشمالية تاريخا طويلا في الممارسات العدوانية، وشهرة كبيرة في الخطاب العسكري المتطرف، ورغم ذلك ظلت تحركاتها العسكرية الفعلية تحت قيادة الرئيس الحالي كيم يونج أون داخل حدودها مع التحلي بدرجة ما من ضبط النفس.

لذلك فإن إرسال بيونج يانج نحو 12 ألف جندي لمساعدة روسيا في حربها ضد أوكرانيا يعتبر تطورا جديدا وخطيرا.

وفي تحليل نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية يتساءل هالجرين الدبلوماسي السويدي السابق ومدير المعهد السويدي للشؤون الدولية عما دفع كوريا الشمالية للقيام بتلك الخطوة المتطرفة.

ويقول هالجرين الذي عمل سفيرا للسويد لدى كوريا الشمالية خلال الفترة من 2018 إلى 2021 إن البعض يشير إلى حاجة كوريا الشمالية الملحة للمساعدات الإنسانية والنفط والغاز الطبيعي وصواريخ الدفاع الجوي بالإضافة إلى الحاجة إلى اكتساب خبرة قتال حقيقية كأسباب لقرار حكومة كيم يونج أون إرسال قوات بلاده للحرب في أوكرانيا. ورغم أن هذه الأسباب مهمة، فعلى المرء النظر إلى التاريخ الطويل للعلاقات الروسية الكورية الشمالية والتعمق في بعدها النفسي للوصول إلى فهم كامل لمبرارات قيام كوريا الشمالية بهذه الخطوة الآن.

فقد كان كيم إيل سونج مؤسس جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية وجد كيم يونج أون قد تلقى تدريبه في روسيا، و بعد طلب متكرر حصل على الضوء الأخضر من جوزيف ستالين زعيم الاتحاد السوفيتي السابق لغزو الشطر الجنوبي من شبه جزيرة كوريا في يونيو 1950 لتنشب الحرب الكورية التي انتهت بتقسيم شبه الجزيرة إلى دولتين.

ويقول هالجرين نائب مدير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام سابقا، إن كيم يونج أون يعرف تاريخ أسرته وأن الاتحاد السوفيتي هو من أنشأ الدولة التي يرأسها في البداية. كما أنه يمكن أن يكون قد درس تجربة جده عندما انحاز إلى الاتحاد السوفيتي ضد الصين مقابل للحصول على الدعم والمساعدات السوفيتية.

وبعد بدء الحرب الروسية الاوكرانية في عام 2022، وجد كيم يونج أون نفسه في مكان جيوسياسي رائع كما حدث مع جده في وقت سابق. وبعد ثلاثين عاما من اعتماد غير مريح على الصين، تذكرت روسيا الخاضعة للعقوبات ارتباطها الوثيق بكوريا الشمالية، والتي كانت تنتظر لحظة الاستفادة من إحياء التحالف مع روسيا. وفي الوقت الحالي أصبحت روسيا مثل كوريا الشمالية تعتمد على العلاقات الوثيقة مع الصين، لكن تستطيع روسيا أن تحصل من كوريا الشمالية على أشياء لا تريد الصين وربما لا تستطيع تقديمها لها.

ورغم ذلك فإن السبب الحقيقي الدقيق وراء قرار كيم يونج أون إرسال قواته إلى أوكرانيا للمحاربة إلى جانب القوات الروسية، سيظل موضع تكهنات لوقت طويل قادم.

ومع ذلك فإن هذا القرار مرتبط بالحوافز التي أشار إليها هالجرين، سواء كانت مرتبطة بالمساعدات الاقتصادية أو بنقل التكنولوجيا المتطورة، بما في ذلك الدعم الروسي لتطوير البرنامج النووي الكوري الشمالي. ولكن هذه الأمور ليست جديدة، لذلك فالمحتمل أن يكون سبب نشر القوات الكورية الشمالية في أوكرانيا أعمق ويرتبط بشعور متزايد لدى بيونج يانج بأنها تواجه خطرا وجوديا من جانب الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة وهو أمر بالغ الخطورة ويمكن أن يهدد بعواقب أسوأ بكثير.

ويرى هالجرين أن هذا الشعور بالتهديد الوجودي تفاقم نتيجة اتفاق التحالف الثلاثي الأخير بين اليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة، وزيادة تعاون كوريا الجنوبية واليابان مع حلف شمال الأطلسي (ناتو). وقد وصف كيم يونج أون هذا التعاون باسم "ناتو آسيوي".

السبب الثاني هو تدخل أوكرانيا لإقليم كورسك الروسي وهو ما أدى إلى إسراع موسكو وبيونج يانج للتصديق على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بينهما.

كما أن قرار كوريا الشمالية دعم روسيا في الدفاع عن أراضيها، فيما وصفته بيونج يانج بالكفاح المقدس ضد الولايات المتحدة والغرب، بنشر قواتها البرية في أرض المعركة بأوكرانيا ليس لمجرد رد الجميل لروسيا على ما فعلته معها في الحرب الكورية قبل نحو سبعة عقود، وإنما أيضا نتيجة لشعور كوريا الشمالية بأنها تقف إلى جانب روسيا في صراع شديد ضد الولايات المتحدة والغرب، وأنه إذا كان من الممكن التدخل في أوكرانيا حليفة الغرب لروسيا، فإن كوريا الشمالية قد تصبح هدفا للتدخل العسكري في المستقبل.

ولذلك ينبغي النظر إلى نشر قوات كوريا الشمالية في أوكرانيا باعتباره رسالة مبطنة إلى الولايات المتحدة ورئيسها المنتخب دونالد ترامب. وهناك المزيد من الرسائل المنتظرة من بيونج يانج، منها التجربة النووية السابعة لكوريا الشمالية، والتي تفيد التقارير بأنها جاهزة للتنفيذ، وأنها ستظل بمثابة ورقة رابحة في جعبتها لأي مفاوضات مستقبلية.

أخيرا فإن نشر القوات الكورية الشمالية زاد من تعقيد الأمور لأي رئيس أمريكي يطمح في عقد صفقة لإنهاء الحرب في أوكرانيا وربما عقد صفقة مع بيونج يانج.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة کوریا الشمالیة فی أوکرانیا بیونج یانج

إقرأ أيضاً:

روسيا تستهدف أوكرانيا بعشرات المسيرات وتسيطر على 3 قرى جديدة

أعلن سلاح الجو الأوكراني -اليوم السبت- أن أنظمة الدفاع الجوي أسقطت عشرات المسيرات الروسية التي استهدفت البلاد، في حين ذكر مدونون أوكرانيون أن روسيا استولت على 3 قرى بالقرب من مدينة بوكروفسك المتنازع عليها.

وقال سلاح الجو الأوكراني إن أنظمة الدفاع الجوي أسقطت 34 من أصل 81 طائرة مسيرة أطلقتها روسيا خلال الليل، وأضاف أنه تم تحييد خطر 47 طائرة مسيرة، وهي إشارة إلى استخدام أوكرانيا لأدوات الحرب الإلكترونية في إعادة توجيه الطائرات المسيرة الروسية.

ميدانيا أيضا، قال مدونون عسكريون أوكرانيون إن القوات الروسية استولت على 3 قرى إضافية بالقرب من مدينة بوكروفسك الأوكرانية المتنازع عليها منذ أشهر.

وذكرت مدونة "ديب ستيت" -أمس الجمعة- أن المواقع هي داتشينسكي ونوفي ترود وفوفكوف، الواقعة على بعد كيلومترات قليلة من جنوب بوكروفسك. ورسمت مدونة "لايفيوماب" سيناريو مشابها، في حين قال تقرير الوضع الرسمي الصادر عن هيئة الأركان العامة بعد ظهر الجمعة إن نوفي ترود لا تزال موضع نزاع.

وفي الأسابيع الأخيرة، حول الجيش الروسي إستراتيجيته من الهجوم المباشر على مدينة بوكروفسك التعدينية والصناعية إلى الالتفاف عليها من الجنوب.

إعلان

وتشكل هذه الخطوة خطرا على الطريق المهم الرابط بين بوكروفسك ومدينة دنيبرو المهمة. كما اقترب الروس من الوصول إلى حدود منطقة دنيبروبتروفسك الإدارية الأوكرانية، التي ظلت بعيدة عن المعارك البرية منذ بدء الحرب.

وأسفرت هجمات الجمعة على أوكرانيا عن مقتل شخصين على الأقل وإصابة عدد آخر، حيث قتل شخص وأصيب آخرون قرب كييف في هجوم روسي بمسيرة استهدف العاصمة خلال الليل، حسبما ذكر الحاكم العسكري ميكولا كالاشنيك عبر تطبيق تليغرام يوم الجمعة، مشيرا إلى أن عدة مبان تضررت بالهجوم.

وفي وقت لاحق يوم الجمعة، استهدف صاروخ روسي مدينة تشيرنيهيف شمال أوكرانيا، مما تسبب في 3 انفجارات قوية، وفقا لوسائل إعلام محلية، وأدى الهجوم إلى مقتل مدني وإصابة 4 آخرين، بحسب الحاكم الإقليمي فياتشيسلاف تشاوس، كما لحقت أضرار بمبنيين سكنيين، وفقا لعمدة المدينة دميترو بريجينسكي.

وتعتبر تشيرنيهيف موقعا إستراتيجيا يضم ثكنات عسكرية ومطارا على بعد نحو 150 كيلومترا شمال كييف وأقل من 65 كيلومترا من حدود أوكرانيا مع روسيا، وكانت المدينة تضم في السابق نحو 300 ألف نسمة.

مطار بطرسبورغ

في المقابل، أعلنت هيئة الطيران الفدرالية الروسية تعليقا مؤقتا لحركة الطيران في مطار بولكوفا بسان بطرسبورغ.

وقالت وكالة النقل الجوي الروسية (روسافياتسيا) إن مطار بولكوفو الروسي في سان بطرسبورغ أوقف مؤقتا وصول ومغادرة الرحلات الجوية اعتبارا من الساعة 7:45 صباحا (04:45 بتوقيت غرينتش) اليوم السبت، ضمانا لسلامة الطائرات المدنية.

ولم تذكر الوكالة سببا لقرار وقف الرحلات لكن مطارات روسية شهدت في السابق إغلاقات تلافيا لمخاطر تعرضها لضربات بطائرات مسيرة أوكرانية حلقت بالقرب منها، لكن حاكم منطقة لينينغراد الشمالية -التي تقع بها سان بطرسبورغ- قال إن الدفاعات الجوية الروسية أسقطت مسيرتين فوق الخليج الفنلندي دون تسجل أي أضرار أو إصابات.

إعلان

وكتب ممثل لروسافياتسيا عبر تليغرام "أوقف المطار مؤقتا وصول ومغادرة الرحلات الجوية.. تتخذ أطقم الطائرات ومراقبة الحركة الجوية وخدمات المطار جميع التدابير اللازمة لضمان سلامة الرحلات الجوية، وهذه هي الأولوية القصوى".

مقالات مشابهة

  • ماذا وراء حملة أوكرانيا اليائسة لخداع ترامب؟
  • ‏روسيا تتوعد بالرد بعد استهدافها بصواريخ أمريكية الصنع أطلقت من أوكرانيا
  • روسيا تستهدف أوكرانيا بعشرات المسيرات وتسيطر على 3 قرى جديدة
  • بعد سقوط 3 قرى في شرق أوكرانيا..أنباء عن اقتراب روسيا من السيطرة على بوكروفسك
  • الدفاع الروسية: القضاء على 12455 عسكريا أوكرانيا خلال أسبوع
  • خبير أمريكي: روسيا ستواصل هجومها في أوكرانيا إن رفض الغرب قبول شروطها
  • ما رسالة صاروخ روسيا الجديد ضد أوكرانيا؟.. موجهة لواشنطن والغرب
  • روسيا تعلن استهداف منشآت طاقة في أوكرانيا
  • موسكو: روسيا ليست مسئولة عن وقف ضخ إمدادات الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا
  • كيم جونغ أون وابنته يروجون لمنتجع جديد في كوريا الشمالية.. شاهد