هل خوف كوريا الشمالية على وجودها وراء إرسال قواتها للمشاركة في حرب أوكرانيا؟
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
واشنطن "د. ب. أ": يرى المحلل الاستراتيجي السويدي جاكوب هالجرين أنه منذ ظهورها إلى الوجود في النصف الأول من خمسينيات القرن العشرين، تمتلك جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية أو كوريا الشمالية تاريخا طويلا في الممارسات العدوانية، وشهرة كبيرة في الخطاب العسكري المتطرف، ورغم ذلك ظلت تحركاتها العسكرية الفعلية تحت قيادة الرئيس الحالي كيم يونج أون داخل حدودها مع التحلي بدرجة ما من ضبط النفس.
وفي تحليل نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية يتساءل هالجرين الدبلوماسي السويدي السابق ومدير المعهد السويدي للشؤون الدولية عما دفع كوريا الشمالية للقيام بتلك الخطوة المتطرفة.
ويقول هالجرين الذي عمل سفيرا للسويد لدى كوريا الشمالية خلال الفترة من 2018 إلى 2021 إن البعض يشير إلى حاجة كوريا الشمالية الملحة للمساعدات الإنسانية والنفط والغاز الطبيعي وصواريخ الدفاع الجوي بالإضافة إلى الحاجة إلى اكتساب خبرة قتال حقيقية كأسباب لقرار حكومة كيم يونج أون إرسال قوات بلاده للحرب في أوكرانيا. ورغم أن هذه الأسباب مهمة، فعلى المرء النظر إلى التاريخ الطويل للعلاقات الروسية الكورية الشمالية والتعمق في بعدها النفسي للوصول إلى فهم كامل لمبرارات قيام كوريا الشمالية بهذه الخطوة الآن.
فقد كان كيم إيل سونج مؤسس جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية وجد كيم يونج أون قد تلقى تدريبه في روسيا، و بعد طلب متكرر حصل على الضوء الأخضر من جوزيف ستالين زعيم الاتحاد السوفيتي السابق لغزو الشطر الجنوبي من شبه جزيرة كوريا في يونيو 1950 لتنشب الحرب الكورية التي انتهت بتقسيم شبه الجزيرة إلى دولتين.
ويقول هالجرين نائب مدير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام سابقا، إن كيم يونج أون يعرف تاريخ أسرته وأن الاتحاد السوفيتي هو من أنشأ الدولة التي يرأسها في البداية. كما أنه يمكن أن يكون قد درس تجربة جده عندما انحاز إلى الاتحاد السوفيتي ضد الصين مقابل للحصول على الدعم والمساعدات السوفيتية.
وبعد بدء الحرب الروسية الاوكرانية في عام 2022، وجد كيم يونج أون نفسه في مكان جيوسياسي رائع كما حدث مع جده في وقت سابق. وبعد ثلاثين عاما من اعتماد غير مريح على الصين، تذكرت روسيا الخاضعة للعقوبات ارتباطها الوثيق بكوريا الشمالية، والتي كانت تنتظر لحظة الاستفادة من إحياء التحالف مع روسيا. وفي الوقت الحالي أصبحت روسيا مثل كوريا الشمالية تعتمد على العلاقات الوثيقة مع الصين، لكن تستطيع روسيا أن تحصل من كوريا الشمالية على أشياء لا تريد الصين وربما لا تستطيع تقديمها لها.
ورغم ذلك فإن السبب الحقيقي الدقيق وراء قرار كيم يونج أون إرسال قواته إلى أوكرانيا للمحاربة إلى جانب القوات الروسية، سيظل موضع تكهنات لوقت طويل قادم.
ومع ذلك فإن هذا القرار مرتبط بالحوافز التي أشار إليها هالجرين، سواء كانت مرتبطة بالمساعدات الاقتصادية أو بنقل التكنولوجيا المتطورة، بما في ذلك الدعم الروسي لتطوير البرنامج النووي الكوري الشمالي. ولكن هذه الأمور ليست جديدة، لذلك فالمحتمل أن يكون سبب نشر القوات الكورية الشمالية في أوكرانيا أعمق ويرتبط بشعور متزايد لدى بيونج يانج بأنها تواجه خطرا وجوديا من جانب الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة وهو أمر بالغ الخطورة ويمكن أن يهدد بعواقب أسوأ بكثير.
ويرى هالجرين أن هذا الشعور بالتهديد الوجودي تفاقم نتيجة اتفاق التحالف الثلاثي الأخير بين اليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة، وزيادة تعاون كوريا الجنوبية واليابان مع حلف شمال الأطلسي (ناتو). وقد وصف كيم يونج أون هذا التعاون باسم "ناتو آسيوي".
السبب الثاني هو تدخل أوكرانيا لإقليم كورسك الروسي وهو ما أدى إلى إسراع موسكو وبيونج يانج للتصديق على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بينهما.
كما أن قرار كوريا الشمالية دعم روسيا في الدفاع عن أراضيها، فيما وصفته بيونج يانج بالكفاح المقدس ضد الولايات المتحدة والغرب، بنشر قواتها البرية في أرض المعركة بأوكرانيا ليس لمجرد رد الجميل لروسيا على ما فعلته معها في الحرب الكورية قبل نحو سبعة عقود، وإنما أيضا نتيجة لشعور كوريا الشمالية بأنها تقف إلى جانب روسيا في صراع شديد ضد الولايات المتحدة والغرب، وأنه إذا كان من الممكن التدخل في أوكرانيا حليفة الغرب لروسيا، فإن كوريا الشمالية قد تصبح هدفا للتدخل العسكري في المستقبل.
ولذلك ينبغي النظر إلى نشر قوات كوريا الشمالية في أوكرانيا باعتباره رسالة مبطنة إلى الولايات المتحدة ورئيسها المنتخب دونالد ترامب. وهناك المزيد من الرسائل المنتظرة من بيونج يانج، منها التجربة النووية السابعة لكوريا الشمالية، والتي تفيد التقارير بأنها جاهزة للتنفيذ، وأنها ستظل بمثابة ورقة رابحة في جعبتها لأي مفاوضات مستقبلية.
أخيرا فإن نشر القوات الكورية الشمالية زاد من تعقيد الأمور لأي رئيس أمريكي يطمح في عقد صفقة لإنهاء الحرب في أوكرانيا وربما عقد صفقة مع بيونج يانج.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة کوریا الشمالیة فی أوکرانیا بیونج یانج
إقرأ أيضاً:
روسيا تقيل قائد قواتها في سوريا.. وتتعهد بإسناد النظام في حلب وإدلب وحماة
أعلن الجيش الروسي أنه يساعد قوات النظام السوري في صد هجمات فصائل المعارضة في الشمال السوري.
وقال الجيش الروسي في بيان، إن "الجيش العربي السوري، بمساعدة من القوات الجوية الروسية، يواصل عمليته الهادفة إلى صد العدوان الإرهابي في محافظات إدلب وحماة وحلب".
كما نقلت وكالة رويترز عن مصادر روسية قولها إن موسكو أقالت القائد المسؤول عن قواتها في سوريا الجنرال سيرغي كيسيل بعد اجتياح قوات المعارضة مدينة حلب.
وذكرت تقارير غير مؤكده أن الكولونيل جنرال ألكسندر تشيكو سيحل محل كيسيل. وقاد تشيكو القوات الروسية في سوريا بين عامي 2017 و2019.
وفي أول تصريح له على ما يجري، قال رئيس النظام، بشار الأسد، إن "سوريا مستمرة في الدفاع عن استقرارها ووحدة أراضيها في وجه كل الإرهابيين وداعميهم، وهي قادرة وبمساعدة حلفائها وأصدقائها على دحرهم والقضاء عليهم مهما اشتدت هجماتهم".
على المستوى السياسي، قالت الخارجية الإيرانية، إن الوزير عباس عراقجي سيزور دمشق، الأحد، وسوف يتوجه من هناك إلى أنقرة من أجل التشاور بخصوص التطورات الأخيرة في سوريا.
من جهتها، أفادت الخارجية الروسية بأن لافروف ونظيره التركي هاكان فيدان، أعربا في اتصال هاتفي عن قلقهما الشديد إزاء التطورات الخطيرة في سوريا، وأكدا ضرورة تنسيق الجهود لتحقيق الاستقرار هناك.
وبعد ساعات من إعلانها السيطرة على أجزاء واسعة من مدينة حلب وكامل محافظة إدلب، تُواصل المعارضة السورية التقدّم في محافظة حماة؛ فيما قال رئيس النظام السوري بشار الأسد، إنّ سوريا قادرة بمساعدة حلفائها على "دحر الإرهابيين مهما اشتدّت هجماتهم".
وأوضحت المعارضة السورية أنها ضمن معركة "ردع العدوان"، فقد بدأت بالتوغل في مدينة حماة وأن قوات النظام تهرب من المدينة؛ وذلك عقب إعلانها السيطرة على مطار حلب الدولي وعلى طريق حلب - غازي عنتاب بالكامل، وعلى مطار كويرس ومساكن الضباط بريف حلب الشرقي، كما أنها قطعت طريق حلب الرقة.
وتابعت بأنها تعمل على توسيع المناطق الآمنة لضمان عودة النازحين، وأنها سوف تعلن في المرحلة القادمة بدء عودتهم. فيما أبرزت عدّة منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي عودة الحياة تدريجيا لأحياء مدينة حلب، عقب الاشتباكات بين قوات المعارضة والقوات التابعة لوزارة الدفاع السورية، خلال الأيام الماضية.
وفي المقابل، نفت وزارة الدفاع السورية انسحاب قواتها من المدينة، وقالت إنها تشنّ غارات بالتعاون مع القوات الروسية.