القاضي المُتنقِّل
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
عبدالعزيز بن عبدالله السعدي
القضاء مهنة شريفة، ووظيفة جليلة، يقول الله تعالى "يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ" (ص: 26)؛ فهي وظيفة الأنبياء والمرسلين، وعمل العلماء العاملين، رفع الله من مقامها، وأعلى مكانها، وكتب للقائم بها الأجر الكبير، والثواب العميم.
والمُتَتبِّع لسجل القضاء في عُمان يجد كبار العلماء وفقهاء الشريعة هم الذين قاموا بهذا الواجب، فكان فيهم القضاة والولاة والأئمة. وسنتناول في هذا المقال سيرة أحد القضاة البارزين في التاريخ العُماني الحديث، وهو القاضي الشيخ سعيد بن حمد بن خميس بن سالم بن خلفان بن عبدالله بن عمر الخروصي.
وعن أصل قبيلة الخروصي، يذكر الشيخ السيابي عنها: "بنو خروص بن شاري بن اليحمد وهم من الأزد، وليس بنو خروص بحاجة إلى تعريف فهم حظيرة الإمامة بعُمان، وبيت العلم والعمل، وهم في مصاف القبائل، ولهم وادٍ معروف يُسمى بوادي بني خروص، والذي ينحدر من الجبل الأخضر". وتجدر الإشارة بأن الشيخ سعيد يعود أصله إلى الخليل بن الشاذان بن الصلت بن مالك بن بلعرب الخروصي. فهم أئمة عُمان في زمانهم.
وُلِدَ الشيخ سعيد ببلدة مشايق بولاية السويق في محافظة شمال الباطنة، في عام 1330هـ/ 1912م، في زمن السلطان فيصل بن تركي بن سعيد. ونشأ وتعلم في بلدته مشايق على يد والده حمد، وكان جده خميس بن سالم سيد قومه وزعيمهم، وتميز بعلمه ومهابته، وله جهود إصلاحيه بين القبائل.
سافر الشيخ سعيد مع والده إلى شرقي إفريقيا لطلب العلم، فقد كانت الصلات الحضارية بين عُمان وشرقي إفريقيا في أوجها، كما هاجر الكثير من أمثال القاضي سعيد إلى شرقي إفريقيا، استقر الشيخ في بلدة كنداني التابعة لجمهورية تنزانيا حاليا، وتتلمذ على يد الشيخ أحمد بن محمد الهاشمي، واستفاد من الحلقات العلمية، والمكتبات الدينية والأدبية التي كانت تزخر بها شرقي افريقيا في تلك الفترة.
عاد الشيخ سعيد إلى عُمان وإلى بلدته مشايق ليستقر مدة من الزمن، ويعاود البحث عن طلب العلم مرة أخرى، ورحل إلى نزوى عند الإمام محمد بن عبدالله الخليلي- رحمه الله- وبعض مشائخ نزوى، وتعلم الشيخ سعيد مبادئ القضاء عند الإمام الخليلي، كما درس الفقه، والعقيدة، ونظم الشعر.
العمل في القضاء
بدأ الشيخ سعيد الخروصي بالعمل في مهنة القضاء بصفة رسمية بعد تعيينه نائب قاضٍ لولاية السويق في عهد السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- عام 1977م، بعد ذلك عُين قاضيًا على ولاية الرستاق في عام 1979. وفي عام 1981، انتقل إلى محكمة العوابي، ثم إلى صحم، وبعد ذلك الى محكمة السيب، ثم إلى محكمة عبري. وفي عام 1986م انتقل الى محكمة البريمي، ومكث بها إلى أن أُحيل للتقاعد عام 1993م، بعد مسيرة دامت قرابة 16 سنة في السلك القضائي. ودائمًا ما كان يُنتدب لحل بعض القضايا رغم ارتباطه بالعمل في الولاية التي عُين بها.
وهكذا ظلَّ الشيخ سعيد متنقلًا بين الولايات العُمانية مُلبيًا نداء الوطن يقوم بواجبه الوطني في حل قضايا الناس.
لقد كان الشيخ سعيد رجلًا حكيمًا عارفًا بأحوال الناس، والقبائل وأنسابها، كما كان مقصد القريب والبعيد، وكان مجلسه لا يخل من مُستفتٍ في الدين، أو من مُتخاصِمِين، كما كانت له جوابات شعرية لبعض المسائل الفقهية التي تَرِدُ إليه.
وتوفي الشيخ سعيد في عصر يوم السبت 24 محرم 1434هـ الموافق 8 ديسمبر 2012م، عن عُمرٍ ناهز المائة عامٍ.
********************
المراجع:
- السيابي، سالم، إسعاف الأعيان في أنساب أهل عُمان، منشورات المكتب الإسلامي، بيروت، 1965م، ص111.
- السيابي، عبدالله، معجم القضاة العُمانيين، مكتبة خزائن الآثار، بركاء، سلطنة عُمان، 2017م، ص331.
- مقابلة شخصية مع ابن القاضي سلطان بن سعيد الخروصي.
ملاحق:
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: الشیخ سعید فی عام
إقرأ أيضاً:
محكمة برازيلية تقضي بإيقاف جندي إسرائيلي متهم بجرائم حرب في غزة
سرايا - أصدرت السلطات القضائية في البرازيل أمرا عاجلا للشرطة بتوقيف جندي "إسرائيلي" والتحقيق معه بتهم تتعلق بارتكابه جرائم في غزة، وبناء على شكوى جنائية تقدمت بها مؤسسة حقوقية.
ويعد هذا التحرك البرازيلي تطورا قانونيا كبيرا على طريق ملاحقة الجنود "الإسرائيليين" المتهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال العدوان الذي تشنه "إسرائيل" على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وراح ضحيته نحو 46 ألف شهيد و109 آلاف مصاب، فضلا عن أعداد لا تحصى من المفقودين تحت ركام منازلهم، حسب إحصاءات وزارة الصحة في غزة.
ويعود إصدار هذا الأمر القضائي إلى المحكمة الفدرالية بالبرازيل بعد موافقة المدعي العام الاتحادي، وبناء على الشكوى الجنائية التي تقدمت بها مؤسسة "هند رجب" قبل أسبوع ضد المشتبه فيه "الإسرائيلي"، والذي يوجد حاليا بالبرازيل في إجازة من أجل السياحة.
وقد أنشأت مؤسسة "هند رجب" تكريما لذكرى الطفلة هند رجب (6 سنوات) التي قتلها الاحتلال "الإسرائيلي" مع جميع أفراد أسرتها في حي تل الهوى (جنوب غربي قطاع غزة) في يناير/كانون الثاني 2024، عندما كانوا يحاولون النجاة بأنفسهم من القصف.
وتهدف هذه المؤسسة إلى اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المسؤولين عن الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها "إسرائيل" ضد الفلسطينيين، بما في ذلك المتواطئون والمحرضون على العنف ضد الفلسطينيين، وذلك عبر الدعاوى القضائية في كل من المحاكم الدولية والوطنية، حسب موقع المؤسسة على الإنترنت.
الاتهامات
وتتهم الشكوى المشتبه فيه بـ"المشاركة في هدم أحياء مدنية كاملة في غزة خلال حملة ممنهجة، وهذه الأفعال جزء من جهد أوسع لفرض ظروف معيشية غير محتملة للمدنيين الفلسطينيين، كما تشكل إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي".
وتتضمن الأدلة التي تم تقديمها مقاطع فيديو وبيانات تحديد الموقع الجغرافي وصورا تظهر المشتبه فيه شخصيا يزرع متفجرات ويشارك في تدمير أحياء كاملة، و"هذه المواد تثبت دون شك تورط المشتبه فيه مباشرة في هذه الأفعال الشنيعة" حسب بيان صادر عن مؤسسة "هند رجب" أمس الجمعة.
وحسب البيان الصادر عن مؤسسة "هند رجب" فقد انضمت عائلات دُمرت منازلها إلى هذه القضية بوصفهم مدعين، كما منحوا وكالة لفريق الدفاع القانوني الخاص بالمؤسسة، معتمدين عليهم لمتابعة العدالة نيابة عنهم.
إقرأ أيضاً : شرطة الاحتلال الإسرائيلية تُعلن عن اعتقال "مستوطنين" عبروا الحدود إلى الأراضي السورية إقرأ أيضاً : الصين تهاجم "إسرائيل" لتحويلها المستشفيات ساحة معاركإقرأ أيضاً : مدير مكتب الأسد سابقًا: "زيارته الأخيرة لروسيا كانت فاشلة ولم يتمكن من لقاء بوتين"
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
طباعة المشاهدات: 1571
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 05-01-2025 10:21 AM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...