هل انعدمت السبل وسُدت الطرق في وجه أهل غزة ليُتركوا وحدهم؟
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
ما يحدث للشعب الفلسطيني في غزة يتجاوز حد التصوّر، نتيجة اقتراف الاحتلال مجازر على مدار الساعة وحرب إبادة وتجويع في الشمال، حيث يفرض الاحتلال حصارا خانقا وتجويعا، تحت قصف دموي مستمر ونسف بيوت فوق رؤوس ساكنيها.
تواجه غزة كارثة إنسانية غير مسبوقة، بلغت ذروتها مع تحذيرات المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من أن مئات الآلاف من الفلسطينيين مهددون بالموت جوعا وعطشا في جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون شمالي غزة، جراء قرار الاحتلال المُعلن والمطبّق بمنع وصول أي مساعدات أو بضائع إليهم منذ أسابيع.
أوضح المرصد الأورومتوسطي في بيان له أن نحو 200 ألف فلسطيني في محافظة شمال غزة غير قادرين منذ أكثر من 45 يوما كاملة على الحصول على أي مواد غذائية أو ماء للشرب، نتيجة حصارهم داخل منازلهم أو مراكز الإيواء التي يلجؤون إليها، في وقت يواصل فيه الاحتلال اجتياحه للمنطقة وارتكاب جرائم مروعة، استشهد فيها المئات، إضافة إلى التدمير الواسع في المنازل والمباني السكنية.
وقال الأورومتوسطي إن من ينجو من القصف المكثف يتهدده الاحتلال بقتله بالتجويع والتعطيش، بما يعكس النية الواضحة باستخدام التجويع كسلاح قتل وفرض أحوال معيشية يقصد بها التدمير الفعلي للفلسطينيين في قطاع غزة، ضمن جريمة الإبادة الجماعية المتواصلة منذ أكثر من عام.
يعيش سكان قطاع غزة، البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة، تحت حصار الاحتلال الخانق منذ أكثر من 16 عاما، تفاقم مع العدوان الأخير المتواصلة منذ أكثر من 14 شهرا. وتزامنا مع بدء العدوان أغلق الاحتلال كافة المعابر التجارية والإنسانية تقريبا، مما منع إدخال المواد الغذائية والإمدادات الطبية والوقود، ما أدى إلى نفاد المخزون الغذائي في المتاجر والمستودعات، وارتفاع كبير في معدلات سوء التغذية، خاصة بين الأطفال.
يعاني أكثر من 80 في المئة من سكان غزة من انعدام الأمن الغذائي، بينما أصبح الوصول إلى الحد الأدنى من احتياجات الحياة اليومية حلما بعيد المنال، فمن لا يملك الطعام لا يستطيع البحث عنه بسهولة، وذلك بسبب السيطرة الجوية المطلقة للاحتلال عبر الطائرات المسيرة والكواد كابتر التي تقصف أو تطلق النار على كل من يتحرك في الشارع أو حتى يخرج رأسه من نافذة منزله. ومعظم الناس يغمسون الخبز بالشاي ليسدوا رمقهم، حيث شح المواد الغذائية أدى إلى انتشار المجاعة بين الأطفال وكبار السن.
وتوفي العشرات بسبب سوء التغذية الحاد، وفي ظل تدمير القطاع الزراعي بفعل القصف الهمجي ومنع وصول الإمدادات، باتت العائلات تعتمد على الحد الأدنى مما يمكن الحصول عليه من مساعدات إنسانية، التي لا تصل إلا بشكل محدود وبطيء.
حرب التجويع في غزة هي نتيجة مباشرة لسياسات الاحتلال، التي تتعارض مع قواعد القانون الدولي الإنساني، خاصة اتفاقيات جنيف التي تحظر تجويع المدنيين كوسيلة حرب، وهذا ما يُحتم على المجتمع الدولي، وخاصة الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان، التحرك الفوري لإنهاء الحصار، ووقف العدوان الوحشي
وفي هذا السياق أدى القصف إلى تدمير شبكات المياه والصرف الصحي، مما جعل أكثر من 90 في المئة من سكان القطاع يعتمدون على مياه غير صالحة للشرب، ما زاد من انتشار الأمراض وسوء التغذية.
من المؤسف أن كل الأخبار ومشاهد التدمير وحرب الإبادة وتكرار نداءات الاستغاثة، لم تحرك الشعور والضمير الإنساني، وبقي موقف المجتمع الدولي متسما بالتردد والعجز، دون وضع إطار لحل الأزمة، فقد أظهر عجزه مرة أخرى بسبب استخدام بعض الدول الكبرى لحق النقض "الفيتو" لدعم الاحتلال، ما حال دون إصدار قرارات ملزمة لوقف إطلاق النار.
إن حرب التجويع في غزة هي نتيجة مباشرة لسياسات الاحتلال، التي تتعارض مع قواعد القانون الدولي الإنساني، خاصة اتفاقيات جنيف التي تحظر تجويع المدنيين كوسيلة حرب، وهذا ما يُحتم على المجتمع الدولي، وخاصة الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان، التحرك الفوري لإنهاء الحصار، ووقف العدوان الوحشي وفتح تحقيق دولي في الجرائم التي يرتكبها الاحتلال.
ولا بد من حراك عربي وإسلامي نوعي وغير مسبوق يستخدم أدوات جديدة، للضغط على كيان الاحتلال وحلفائه لوقف حرب الإبادة وحرب التجويع لأهلنا في قطاع غزة الذين يجوعون حدّ الموت. فالتاريخ لن يغفر للعالم، ولا لأبناء أمتنا هذا التجاهل والتقصير والخذلان، وكأنها انعدمت السبل وسُدت الطرق في وجه أهل غزة ليُتَركوا وحدهم ويُبادوا أمام العالم.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الاحتلال التجويع احتلال غزة ابادة تجويع مدونات مدونات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة منذ أکثر من
إقرأ أيضاً:
القانون الدولي: الشعوب الواقعة تحت الاحتلال لها الحق في مقاومة المحتل بشتى الوسائل بما في ذلك الكفاح المسلح
الثورة / متابعات
تتصاعد مطالبات الاحتلال الإسرائيلي بنزع سلاح المقاومة في غزة كشرط أساسي لأي اتفاق سياسي من شأنه أن يؤدي إلى وقف حرب الإبادة المتواصلة في القطاع منذ 18 شهراً. وتستند هذه المطالبات – التي ترفضها قوى المقاومة – إلى رؤية إسرائيلية تعتبر أن وجود السلاح يشكل تهديداً مباشراً لأمنها.
وتأتي مطالبات نزع السلاح في إطار محاولة سلطات الاحتلال تعزيز موقفها الأمني وتجريد فصائل المقاومة سياسياً من القدرة على حمل السلاح باعتباره وسيلة لتقرير المصير وتحرير الأراضي الفلسطينية، ما يطرح حول مشروعية تلك المطالبات، وقبل ذلك معنى السلاح الذي تطالب إسرائيل بنزعه أمام ما تمتلكه إسرائيل من ترسانة جوية وبرية وبحرية، وخطوط إمداد لم تنقطع منذ السابع من أكتوبر 2023.
المقاومة في القانون الدولي
وعند النظر إلى ماهية السلاح الذي تساوم المقاومة على نزعه وتصور على أنها جيش منظم مقابل وقف شلال الدماء في غزة، لا تشكل بضعة آلاف من الأسلحة الخفيفة المتمثلة في الكلاشينكوف وقذائف مضادة للدروع وعبوات ناسفة ومقذوفات صاروخية مصنعة محلياً، لا تشكل تهديداً في ميزان التسليح الاستراتيجي والعملياتي الذي تمتلكه إسرائيل حتى تعتبره تهديداً لأمنها القومي المسنود أمريكياً وغربياً.
ووفقاً للقانون الدولي الإنساني، وتحديداً اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية، فإن الشعوب الواقعة تحت الاحتلال لها الحق في مقاومة الاحتلال بشتى الوسائل، بما في ذلك الكفاح المسلح، شريطة الالتزام بقواعد القانون الدولي الإنساني، مثل التمييز بين المدنيين والمقاتلين، وعدم استهداف المدنيين بشكل متعمد.
وقد نص البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 الملحق باتفاقيات جنيف لعام 1949، في مادته الأولى، على أن “النزاعات المسلحة التي تناضل فيها الشعوب ضد السيطرة الاستعمارية والاحتلال الأجنبي وضد الأنظمة العنصرية، في ممارسة حق الشعوب في تقرير المصير، تعتبر نزاعات مسلحة دولية”.
وبالتالي، فإن الكفاح المسلح ضد الاحتلال ليس محرّماً طالما تم في إطار القانون الدولي، بل يُعترف به كوسيلة مشروعة للحصول على الحرية والاستقلال، ما يجعل من مطالبة الاحتلال بنزع سلاح المقاومة قبل التوصل إلى تسوية سياسية عادلة يتناقض مع هذا المبدأ القانوني.
ابتزاز سياسي
ويؤكد الكاتب السياسي أشرف سهلي أن اشتراط نزع سلاح المقاومة لأي اتفاق لوقف الحرب، يعد شرطا ابتزازيا بالنظر إلى الإمكانات العسكرية المحدودة للمقاومة من الناحية العملية أمام ما تمتلكه إسرائيل من قدرات تسليحية مارست من خلالها تكتيكات وحشية في عمليات القتل غير المبرر.
ويقول في مقاله المعنون “ما هو سلاح المقاومة الذي يريد الاحتلال الإسرائيلي نزعه من غزة؟”، إن مناقشة موضوعية للشرط الإسرائيلي بنزع سلاح المقاومة بواقعية عسكرية وسياسية، تقود إلى أن “هدف إضعاف المقاومة عسكريا قد تحقق إسرائيليا وإن نسبيا، فيستحيل أن تكون المقاومة لم تفقد كثيرا من قوتها مقارنة بما قبل هذه الحرب الوحشية، وهذا لا يعني أنها غير قادرة على الردع والصمود والثبات”.
ويشدد سهلي في مقاله المنشور عبر منصة “عربي 21″، أن فكرة نزع سلاح المقاومة هي فكرة غير قابلة للتنفيذ بتاتا؛ ليس لأنه أمر غير قابل للمساومة والنقاش أو لأنه من ثوابت الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة للدفاع عن بقائه على قيد الحياة ومواجهة الاحتلال دون شطب كامل له ولهويته.
ويشير إلى أن الفلسطينيين صنعوا سلاحهم محليا ويمكنهم صناعة مثله من أبسط الإمكانيات دائما، “ولكن لأنه لا يوجد سلاح للنزع أصلا، بل هي محاولات فلسطينية لإيجاد سلاح وردع والحفاظ على البقاء، وليس سلاحا بالمعنى الحقيقي للسلاح الذي يمكن نزعه”.
الشعب هو السلاح
ويضيف سهلي أنه من “منظور عسكري غير مبرر عند الإسرائيليين، المقاومة حاليا شبه منزوعة السلاح وإن نظريا وصوريا أو إن كانت تفعل ذلك كخدعة، لكن هذا ما يظهر واستنفدت كثيرا من إمكانياتها في مراحل مضت من محاولة التصدي لجرائم الإبادة، بل إن أسلحتها من الأساس دفاعية خفيفة يمكنها إن استخدمت بذكاء واقتصاد ومرونة أن تحدث إصابات مؤكدة لكنها ليست حاسمة، ولا يمكن غالبا من تكرار طوفان الأقصى كل عدة سنوات مثلا، فعن أي نزع سلاح يتحدث الإسرائيليون إذاً؟!
ويرى أن السلاح الذي تتحدث إسرائيل عن ضرورة نزعه من غزة “هو الشعب الفلسطيني، فإما نزع الشعب وتهجيره واقتلاعه أو الإبادة، أو ربما كلاهما معا، لأن السلاح العسكري الحقيقي بالأساس هو سلاح مقاومة قدراتها محدودة مصدرها الشعب نفسه، والتسليح كنظرية فعلية بسيط جدا وسطحي ومحدود في كل من تخشاهم إسرائيل عسكريا مقارنة بها، وهذا ما أثبتته الوقائع منذ نشوئها إلى اليوم وليس فقط خلال حرب الإبادة الأخيرة، ولا ترقى الأمور لفكرة النزع فهو سلاح متواضع خفيف بسيط محلي الصنع”.
ويؤكد ميثاق الأمم المتحدة، على حق الشعوب المحتلة في تقرير مصيرها، وينظر لمقاومة الاحتلال كحق مشروع وفق الأعراف الدولية، وتستند إلى مفهوم حقوق الإنسان. ويؤكد الكثير من الخبراء على أن نزع السلاح يجب أن يتم في إطار عملية سياسية تتضمن الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، وهو ما أكدت عليه المقررة الأممية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيز.
وتشدد المقررة الأممية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيز على وجوب السماح للشعب الفلسطيني بحق تقرير المصير، “أي الحق في الوجود بوصفهم شعباً. من الخطأ السماح باستمرار إسرائيل بالسيطرة في غزة أو مواصلة الحكم في الضفة الغربية”.
وتقول في حديث لصحيفة العربي الجديد، إن التطهير العرقي كان سمة ثابتة في حياة الفلسطينيين تحت الحكم الإسرائيلي منذ النكبة وحتى اليوم بأشكال مختلفة، ومنه ما هو نكبة صامتة.
وتصف ألبانيز “حرب الإبادة على غزة بالأكثر ساديّة وعَسكَرة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، حيث يُقتل الناس بالعشرات والمئات في غضون ساعات، “ولم يتبق شيء”.