إفيه يكتبه روبير الفارس: أكذوبة الجميل
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
الحنين إلى الماضي شعور عميق ومتجذر، يحتفي بالذكريات ويخلد ما ومن رحل في المجمل، هو شعور طيب، ولكن وما أقسى "لكن"، فلهذا الشعور جوانب مرضية حادة، ومظاهر تقديسية خيالية، ومثالية عبثية لا وجود لها.
من ذلك الإفراط في إطلاق مسمى "الزمن الجميل" على كل ما هو ماضٍ، بل وإلحاق كل ما هو جميل بكل ما مضى، وما أكثر الصفحات على فيس بوك والمواقع الإلكترونية والكتب التي تحمل اسم "زمن الفن الجميل"، مُحتفية بكل تلك الأعمال والمراحل التي مضت، وهذا بالطبع أمر غير حقيقي، بل يمثل اختفاءً لحقائق واحتفاءً وتقديرًا غير واقعي.
هناك من يتشدق بمواقف لفنان رفض، مثلًا، كتابة اسمه قبل فنان آخر أقدم، معتبرًا أن هذه ظاهرة تُعبر عن أخلاقيات “الزمن الجميل”، بينما يتجاهل هؤلاء الحروب التي تعرض لها الفنانون والفنانات، والصراعات المتعددة والطعون، على سبيل المثال، كانت هناك مجلة باسم المسرح أساءت إلى أم كلثوم بقصص كاذبة لأن صاحبها كان من أنصار المطربة منيرة المهدية كذلك، كانت هناك عداوات تحتاج إلى مجلدات بين عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش.
أما على مستوى الأعمال الفنية، فهناك الكثير من الأعمال غير الجيدة، الساذجة، بل وأفلام عديدة تافهة جدًا وأغانٍ منحلة، وعلى مستوى المعارك الأدبية، نجد أمراض الوسط الثقافي من تكتلات ومجاملات ونتائج جوائز غير منصفة، فقد فازت قصة لقيطة أو ليلة غرام، للكاتب محمد عبد الحليم عبد الله، بينما خسرت رواية السراب لنجيب محفوظ، كما استخدم الكاتب الكبير عباس العقاد في معاركه الأدبية ألفاظًا لا يمكن نشرها الآن.
إذًا، إضفاء حالة من المثالية الزائفة على الماضي أمر عجيب، بل ويمتد هذا التوجه بجوانبه إلى نواحٍ أكثر ضررًا في العقل العربي، فهناك غلوّ عقلي لدى الجماعات الأصولية، حيث تقدّس فترات زمنية محددة بنُظم حكم دينية، مثل فترة الخلافة، باعتبارها أزهى وأفضل نظم للحكم، على الرغم من قتل عدد من الخلفاء والكثير من السلبيات الواضحة كالشمس، إلا أنهم يتجاهلون الحقائق الدامغة في سبيل فكرة "الحكم الجميل"، التي لا تبتعد كثيرًا عن "أيام الفن الجميل".
وفي سياق مشابه، نجد إضفاء القداسة من جماعات "حماة الإيمان" على فترات زمنية قريبة لكنها مضت، مثل وصف فترة البابا الراحل باعتبارها “فترة ذهبية”، هذا على الرغم من وقوع حوادث طائفية مريرة وصلت إلى 167 حادثًا، إلى جانب مظالم واضطهاد عدد كبير من علماء الكنيسة، وانحدار مستوى التعليم اللاهوتي مقابل انتشار وعظ التأملات والقصص السطحية.
إذًا، لا يوجد "زمن جميل" في حد ذاته، أو زمن كان فيه البشر كلهم ملائكة أبرار، ولا يمتلك الحنين مهما اشتد قدرة على طمس الحقائق. فمنذ بدء الخليقة، يضم اليوم نهارًا وليلًا، نورًا وظلامًا، وسيظل الأمر هكذا دائمًا.
إفيه قبل الوداع:عايزين نرجع زي زمان
الإنسان هو الإنسان
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الحنين إلى الماضي إفيه يكتبه روبير الفارس الزمن الجميل
إقرأ أيضاً:
«الفارس الشهم 3» تقدم كسوة لأطفال من جنوب غزة
غزة (الاتحاد)
نفذت عملية «الفارس الشهم 3» فعالية إنسانية بمناسبة يوم الطفل الفلسطيني، شملت توزيع كسوة على الأطفال في مدرستين تأويان نازحين بمدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، وذلك في إطار جهودها المستمرة لدعم الأطفال ومساندة العائلات المتضررة.
وتأتي هذه المبادرة ضمن سلسلة من المشاريع والبرامج الإنسانية المستمرة، تنفذها العملية بهدف مساندة الأسر الفلسطينية في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها سكان القطاع، خصوصاً في مناطق النزوح التي تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة.
وتواصل عملية «الفارس الشهم 3» تقديم المساعدات الإغاثية في مختلف مناطق قطاع غزة، عبر برامج تشمل توزيع المواد الغذائية، والملابس، والمستلزمات الصحية، ضمن استجابة إنسانية شاملة للتخفيف من معاناة النازحين.
في غضون ذلك، أكدت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، أمس، أن الأطفال هم الأكثر استهدافاً بالعدوان الإسرائيلي، حيث قتل أكثر من 17 ألفاً منهم في قطاع غزة، معظمهم طلبة مدارس، منذ 7 أكتوبر 2023.
وقالت في بيان، بمناسبة يوم الطفل الفلسطيني الموافق 5 أبريل، إن «التعليم في فلسطين، وخاصة في غزة، يتعرض للاستهداف المباشر من الاحتلال، الذي لا يزال يدمّر المدارس ويعرقل وصول الأطفال إلى بيئة تعليمية آمنة».
وبينت الوزارة أن الطلبة يواجهون يومياً العديد من التحديات جراء الظروف القاهرة التي يمرون بها، خاصة في قطاع غزة والقدس والمناطق المسماة (ج ) في الضفة الغربية»، لافتة إلى أن مقتل أكثر من 17 ألف طفل في غزة، يعكس عمق المأساة التي يعيشها الأطفال، ويكشف عن أن وراء كل رقم قصة حياة وذكريات ومواقف.
وفي السياق، اعتبرت منظمة عالمية أن القوانين والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية الأطفال، أصبحت حبراً على ورق، في ظل استمرار الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية ضد الأطفال الفلسطينيين، خاصة في قطاع غزة.
وبين مدير برنامج المساءلة في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال عايد أبو قطيش، أن يوم الطفل الفلسطيني يمر هذا العام في ظل جرائم وانتهاكات غير مسبوقة ضد الأطفال الفلسطينيين منذ 7 أكتوبر 2023. وقال، إن تلك الانتهاكات لامست كل حقوق الأطفال المقرة ضمن الاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية حقوق الطفل، التي كان يفترض أن تقدم الرعاية والحماية للأطفال في مناطق النزاع أو تحت الاحتلال العسكري، مضيفاً أنه لم يبق أي حق للأطفال في غزة إلا تم اجتثاثه من الأساس، سواء الحق في الحياة أو التعليم والصحة وغيرها.
بدورها، دعت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، أمس، إلى ضرورة إنقاذ جميع أطفال قطاع غزة الذي يتعرض لحرب إبادة إسرائيلية متواصلة، وشددت على الحاجة الملحة إلى وقف فوري لإطلاق النار.