ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (خلقنا المولى سبحانه وتعالى مختلفين، ووجَّه الشرع الشريف اهتمامه وعنايته بكل فئة من فئات المجتمع، ومن هذه الفئات (ذوي الهمم)؛ فنرجو من فضيلتكم بيان اهتمام الشرع الشريف ورعايته لهم بتخفيفه عنهم في جانب التكليفات، وبيان حقوقهم بصفة خاصة.

وقالت دار الإفتاء إنَّ مِن محاسن الشرع الشريف أنَّه قد رَفَع الحرج في كثير من العبادات والواجبات عن بعض المكلفين، وممَّن خصَّهم الشرع الشريف بمزيد من التيسير ورفع الحرج: ذوو الهمم، سواء كانت إعاقتهم جسدية أو ذهنية أو كلاهما معًا؛ فقد قدَّر الإسلام أعذارهم، فأسقط عنهم الكثير من التكاليف الشرعية؛ سواء كانت فرائض وواجبات أو سننًا ونوافل؛ يقول تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ﴾ [الفتح: 17].

كما ورد في السنة النبوية ما يدلّ على رفع الحرج عن أصحاب الأعذار؛ فقد أخرج الإمام البخاري في "صحيحه" عن عمران بن حصين رضي الله عنه، قال: كانت بي بواسير، فسألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الصلاة، فقال: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ».

وقالت دار الإفتاء إنَّ جانب الحقوق لذوي الهمم من الأمور التي أَوْلَى بها الشرع عناية خاصة؛ فحَرَّم السخرية والاستهزاء بكل صورها وأشكالها؛ وذلك لأنَّ الشريعة الإسلامية جاءت لحث الناس على مكارم الأخلاق والبعد عن بذيء الأقوال والأفعال؛ ولذلك جاء الذم والنهي عن السخرية واللمز والاحتقار، وذلك في قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [الحجرات: 11].

وفي حديث الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى هَاهُنَا» وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ «بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ».
كما أنَّ السخرية من ذوي الهمم قد تشتمل على السبّ وبذاءة اللسان، وهو مَحرَّمٌ شرعًا أيضًا، ومُوجِبٌ لفسق صاحبه؛ ففي الحديث المتفق عليه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ».

ومن الأمور التي أَوْلَى بها الشرع عناية في جانب الحقوق لذوي الهمم: الحق في الزواج متى صَلُح له ذلك بقول المتخصصين؛ لأنَّ الزواج أمرٌ ثابتٌ بمقتضى الجِبِلَّة والطَّبع؛ لأنَّه إنسان مُرَكَّبٌ فيه الشهوةُ والعاطفةُ، وكذا الحق في التصرف في الأموال بشتَّى أنواع التصرفات المشروعة ما دام تصرفّه لمصلحةٍ معتبرةٍ ارتآها، شريطة ألَّا يُؤثِّر مرضه على تصرفه.

وقد كان أهل الجاهلية يترفَّعون عن مخالطة ذوي الهمم في الطعام، فنزل قول الله تعالى: ﴿لَّيۡسَ ‌عَلَى ‌ٱلۡأَعۡمَىٰ ‌حَرَجٞ ‌وَلَا عَلَى ٱلۡأَعۡرَجِ حَرَجٞ وَلَا عَلَى ٱلۡمَرِيضِ حَرَجٞ وَلَا عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمۡ أَن تَأۡكُلُواْ مِنۢ بُيُوتِكُمۡ ﴾ [النور: 61].

ومن الرعاية أيضًا: إلحاقهم بالجهات التعليمية الخاصة بهم؛ فينبغي على مَن يتولى رعايتهم أن يحرص على ذلك، فمن حقهم أن تتهيأ لهم الأسباب والطرق المناسبة لينالوا حقهم في التعلم.
 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء حقوق ذوي الهمم ذوي الهمم المزيد المزيد الشرع الشریف ذوی الهمم ال م س ل م ع ل ى ال

إقرأ أيضاً:

والدة مدير الإعلام بأمارة المنطقة الشرقية في ذمّة الله

انتقلت إلى رحمة الله تعالى والدة مدير الإعلام بأمارة المنطقة الشرقية على فيصل الشهري.
وكتب الشهري: "بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره
أخبار متعلقة طقس المساء.. أمطار خفيفة إلى متوسطة على أجزاء من الشرقيةالقبض على شخص لترويجه مادة الحشيش المخدر في الشرقيةانتقلت إلى رحمة الله تعالى والدتي الغالية اليوم الأحد.
أسأل الله أن يغفر لها ويرحمها ويتجاوز عنها، ويسكنها فسيح جناته، وأن يجعل قبرها روضة من رياض الجنة، ويجمعنا بها في مستقر رحمته.
وسيصلى عليها بعد صلاة ظهر غد الاثنين في جامع الملك سلمان بمدينة خميس مشيط .
و(اليوم) التي آلمها الخبر، تتقدم بأحر التعازي إلى أسرة الفقيدة، "إنا لله وإنا إليه راجعون".

مقالات مشابهة

  • شرطة دبي تحتفي باليوم العالمي للتوعية بالتوحد
  • المواطنة العادلة في الإسلام.. تشريع إلهي يسبق مواثيق العصر الحديث
  • الدكتور السيد عبد الباري: النصر والتمكين سيكونان لأمة الإسلام في النهاية
  • هيئة حقوق الإنسان تحتفي بـ”اليوم العالمي للرياضة” على ملاعب المملكة
  • مفاهيم إسلامية: الصراط المستقيم
  • ما موقف الإسلام من دراسة الساينس (العلم التجريبي)؟.. علي جمعة يوضح
  • الشريف: المواطن هو الوحيد من يدفع ثمن قرار المصرف المركزي بتخفيض الدينار
  • حكم زيارة القبور والأضرحة في الإسلام.. أمين الفتوى يجيب
  • والدة مدير الإعلام بأمارة المنطقة الشرقية في ذمّة الله
  • أنوار الصلاة على رسول الله عليه الصلاة والسلام