جوزيف كونراد .. لماذا سمي بفيلسوف البحر؟
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
تمر اليوم الذكرى الـ99 على رحيل الأديب البولندي الإنجليزي الشهير جوزيف كونراد، الذي فارق الحياة في 3 أغسطس 1924.
ولد كونراد عام 1857 فيما يُعرف الآن بأوكرانيا البولندية، لأسرة مثقفة ومرتبطة بالنضال السياسي، إذ كان والده أديبًا مغمورًا وناشطًا. بعد وفاة والده، بدأ كونراد رحلته الطويلة نحو العالمية، حيث انتقل إلى فرنسا عام 1874 ليعمل في الملاحة، ومنها إلى إنجلترا حيث استمر في رحلاته البحرية حتى أصبح قائدًا بحريًا، وتعلم اللغة الإنجليزية التي كتب بها لاحقًا أبرز أعماله الأدبية.
ترك كونراد خلفه 13 رواية و28 قصة قصيرة، استوحى أغلبها من حياته كبحّار ومغامراته في البحار والمحيطات. كان للأشخاص الذين التقى بهم تأثير كبير على شخصيات رواياته، حيث استخدم أسماء حقيقية لعدة شخصيات. على سبيل المثال، استوحى شخصية “آلماير” في روايته الأولى “حماقة آلماير” من التاجر التاريخي ويليام تشارلز أولماير، الذي قابله عدة مرات في جزيرة بورنيو. كما استلهم شخصية القبطان مكوير في “إعصار”، والسيد لينجارد في “حماقة آلماير” و*“ظل الخط”*. حتى سفينة “نارسيسوس”، التي أبحر على متنها عام 1884، تحوّلت إلى مادة لروايته “زنجي نارسيسوس”.
عُرف كونراد بلقب “فيلسوف البحر”، إذ كان البحر محورًا رئيسيًا في حياته وأعماله. غادر بولندا وهو في السادسة عشرة من عمره هربًا من الاحتلال الروسي، وانتقل إلى فرنسا ليبدأ رحلته كبحّار. لاحقًا، انضم إلى الأسطول التجاري البريطاني، حيث تعلم الإنجليزية، وحصل على الجنسية البريطانية عام 1886، وغير اسمه ليمنحه طابعًا إنجليزيًا. لم يبدأ كتابة الروايات إلا بعد تقاعده من العمل البحري عام 1894، لكنه استطاع تحويل مغامراته في الكونغو وآسيا إلى أدب عالمي خالد
ركزت أعمال كونراد على نقد الاستعمار، حيث عرّى المستعمرين وكشف عن استغلالهم للشعوب الأخرى. في روايته الشهيرة “قلب الظلام”، تناول التآمر الوحشي والمنافسات الدموية التي كانت تدور بين المستعمرين في الكونغو من أجل الحصول على العاج. بينما قدم شخصية البحّار العجوز مارلو، الذي كان الراوي في العديد من رواياته مثل “العميل السري” و*“النصر”* و*“لورد جيم”*، كوسيط ينقل تلك الحكايات القاسية التي تفضح الفساد والاستغلال.
توفي جوزيف كونراد عام 1924 إثر نوبة قلبية، لكنه ترك إرثًا أدبيًا عالميًا. لقد استطاع أن يحوّل تجاربه الشخصية إلى أدب فلسفي يمزج بين المغامرة والتحليل العميق للنفس البشرية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الاستعمار المزيد المزيد
إقرأ أيضاً:
العراق الذي أصبح بين كمّاشتين
آخر تحديث: 3 دجنبر 2024 - 9:06 صبقلم: سمير داود حنوش المنظومة السياسية في العراق تعيش حالة من الاسترخاء واللامبالاة، يدفعها شعور ببقائها الأبدي، غير مُبالية بالتحولات الكبرى التي بدأت تُعيد رسم الخارطة السياسية، وكأنها خارج اللعبة. ذلك الغرور السياسي يُبنى على وهم زائف وعدم الاعتراف بأن عنصر المفاجأة جزء من طبيعة العمل السياسي.بات في حُكم المؤكد أن المنطقة برمتها على موعد مع أربع سنوات حافلة بالمتغيرات، بدأت بعملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، وتستمر مع جلوس دونالد ترامب في البيت الأبيض. ويسود الاعتقاد في الأوساط السياسية أن الملف الأهم لترامب سيكون عراقيا، بعد أن أدرك الجمهوريون الخطأ الذي وقع فيه الديمقراطيون حين سلّموا العراق على طبق من ذهب لإيران. لذلك، وكما يقولون، إن الكتاب يُقرأ من عنوانه، فقد اختار ترامب تشكيلة وزارية من شخصيات تُعرف بدعمها المطلق لإسرائيل وعدائها المُعلن لإيران. أول الغيث للعراقيين هو مغادرة السفيرة الأميركية في بغداد إلينا رومانوسكي لتحل محلها تريسي آن جاكوبسون، التي تعهدت أمام الكونغرس الأميركي بمحاربة إيران وقطع أذرعها في العراق بمواجهة علنية ومباشرة، في تحول جذري يمثل تغييرا في سياسة البيت الأبيض، عكس السياسة الناعمة التي كانت تنتهجها رومانوسكي. أوضح تقرير نشره معهد “منتدى الشرق الأوسط الأميركي” بعنوان “إذا غادر ترامب العراق، فسيكون ذلك هدية لإيران والصين”، أن أمام الولاية الثانية لترامب فرصة إعادة تعديل السياسة التي انتهجها جو بايدن، والتي من بينها محاولة استرضاء إيران، لتحل محلها سياسة الضغط الأقصى التي تجمع بين السياسة والاقتصاد. صورة الواقع السياسي العراقي تشبه سفينة تُبحر في بحر متلاطم الأمواج وعلى ظهرها أكثر من ربّان يريد القيادة، محصلتها غرق هذه السفينة بعد أن ضاعت بوصلتها.في الوقت الذي يسعى فيه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى تجنيب العراق ويلات الحرب ويبعده عن الصراع الإقليمي، بعد أن اكتسب تأييدا عربيا من خلال الجامعة العربية، يحاول تجديد ذلك التأييد من خلال الاتحاد الأوروبي وكسب تأييد دولي لمنع قصف الأراضي العراقية من خلال زيارته إسبانيا. لكن بالمقابل، تصاعدت أصوات من الفصائل العراقية، من بينها حركة النجباء، تحذر الحكومة من التواطؤ مع العدو الإسرائيلي! وتؤكد أنها ستضحي بالنظام السياسي في العراق إذا تم تخييرها. كل الاحتمالات تؤكد أن الإدارة الأميركية الجديدة ستنضم إلى حليفتها إسرائيل في ضرب العراق، وقد يكون موعد الضربة قريبا من تاريخ تنصيب ترامب في البيت الأبيض، خصوصا مع الدلائل والوقائع التي أثبتت أن العراق يمتلك صواريخ تصل إلى مديات تتجاوز 150 كلم، متحديا الشروط والالتزام الدولي الذي ألزمه بوجوب ألاّ يمتلك صواريخ تبعد أكثر من ذلك المدى، تعتبرها الولايات المتحدة مخالفة للقانون الدولي قد تعيده إلى البند السابع. الضربة الإسرائيلية القريبة للعراق بدأت تُحشّد لها الفصائل من خلال التحشيد والتسليح، وإخلاء المواقع المهمة، واختفاء قادتها.يبدو أن سيناريو فصل الساحات وتشتيتها قد تم إقراره إسرائيليا بعد أن أوصلت الفصائل رسالتها باستمرار قصف الأهداف الإسرائيلية رغم إعلان الهدنة في لبنان، حيث منعت السفارة الأميركية في بغداد من إرسال المساعدات جوا إلى لبنان دون المرور بنقطة تفتيش مقامة في الأردن، على اعتبار أن تلك المساعدات قد تتضمن مواد ممنوعة تصل إلى حزب الله اللبناني من العراق، حسب صحيفة “ذا كرايدل الأميركية”.العراق الذي أصبح بين كماشة الفصائل المسلحة التي بدأت تُجهّز حشودها للمواجهة العسكرية، من خلال التدريب واستقبال شحنات المسيّرات والصواريخ التي تأتي من إيران، وبين الضغط الأميركي الذي بدأت عقوباته الاقتصادية وحتى العسكرية تلوح في الأفق، إضافة إلى ما يترتب عليه من تغييرات في النظام السياسي قد ترسم لهذا البلد بدايات أو نهايات لا يمكن التنبؤ بها.