◄ مهرجان صحار يتطلب تخطيطًا دقيقًا لضمان تحقيق التوازن بين الإيرادات والمصروفات

 

د. خالد بن علي الخوالدي

 

اشتهر لدينا أنَّ المهرجانات والفعاليات المُهمة التي تستمر لأشهر تُكلِّف الدولة مبالغ مالية، والحقيقة التي يغفل عنها كثيرون أنَّ مثل هذه المصروفات ليست خسائر كما يتوهم البعض؛ لأنها دُفعت لأسباب منطقية ولحاجة ماسّة كالترفيه والتعليم والتثقيف والتوعية والترويج والتسويق، وغيرها من الأمور التي يستفيد منها المجتمع، وتُفيد الدولة في جوانب مختلفة كالسياحة والتجارة والاقتصاد والاستثمار وترسيخ الهوية الوطنية.

. هكذا هو الوضع في مهرجان صحار الأول والثاني، الذي كانت مصروفاته أكبر من إيراداته، لكن النسخة الثالثة من المهرجان جاءت لتحقق الهدف المنشود بأن يكون المهرجان وجهة يسعد بها الجميع، وفي نفس الوقت يُحقق إيرادات وعوائد للمحافظة.

وتتعدد مصادر الإيرادات لمهرجان صحار الثالث والتي أُعلن عنها في مؤتمر صحفي سابق؛ حيث تعتمد بشكل رئيسي على الرعايات التي تُقدمها مختلف المؤسسات الحكومية والخاصة والتي تحقق عوائد وأرباحاً نظير هذه الرعاية، إضافة إلى الإيجارات الخاصة بالمطاعم والمقاهي والمعارض الاستهلاكية (البازار) وتذاكر الدخول للمهرجان وغيرها من الإيرادات، والتي تُشكِّل العمود الفقري لتمويل المهرجان، مما يتيح له الاستمرار في تقديم فعالياته المتنوعة.

والرعاية من قبل المؤسسات المختلفة تعتبر من أهم مصادر الإيرادات، حيث تسعى العديد من المؤسسات إلى دعم الفعاليات والترويج عن أسمها من خلال وجود شعارها واسمها في مختلف المواقع والمنشورات وغيرها، وهذا الدعم لا يقتصر فقط على الجانب المالي، بل يمتد إلى تقديم الخدمات والمنتجات التي تعزز من تجربة الزوار، كما إن مشاركة المؤسسات في المهرجان تعكس التزامها بالمساهمة في تنمية المجتمع المحلي.

أما بالنسبة للإيجارات، فإنَّ المهرجان يوفر فرصًا للمطاعم والمقاهي والبازار لعرض منتجاتهم وخدماتهم؛ مما يساهم في زيادة إيراداتهم، وهذه الإيجارات تعدر مصدر دخل إضافي للمهرجان؛ حيث يتم تخصيص جزء من هذه الإيرادات لتغطية المصروفات، وتذاكر الدخول للمهرجان تسهم أيضًا بدور مُهِم في تحقيق الإيرادات، إذ إنها بجانب كونها وسيلة لتنظيم دخول الزوار، فإنِّها تساعد في توفير موارد مالية إضافية تساهم في تغطية تكاليف الفعاليات.

وعلى الرغم من الإيرادات المتنوعة، إلّا أن تنظيم مهرجان صحار الثالث يتطلب مصروفات كبيرة، أبرزها المصروفات التي تُحقِّق هدف المهرجان الأساسي وهو تشغيل أكثر من 160 باحثاً عن عمل بصفة مؤقتة وتخصيص مبالغ مالية كبيرة لذلك، وتجهيز أكشاك بالمجان للأسر المُنتِجة طوال فترة المهرجان؛ ليكون لهم دخل إضافي في أيام المهرجان. وتشمل هذه المصروفات تجهيز المسرح الرئيسي والمدرجات التابعة له، وتجهيز أرض المهرجان بمركز صحار الترفيهي إلى جانب تجهيز الأكشاك والمواقع الخاصة بالمطاعم والمقاهي والتي يتم تأجيرها فيما بعد، إلى جانب مصاريف إقامة القرى التراثية (الزراعية والبدوية والساحلية) بكل تفاصيلها، والتي تعد من المصروفات ومن العناصر الأساسية التي تضيف قيمة للمهرجان؛ حيث يتم تخصيص مساحات لعرض الفنون والحرف اليدوية؛ مما يُعزز من تجربة الزوار ويشجع على التفاعل مع الثقافة المحلية، وتتيح للزوار التعرف على التراث الثقافي للمنطقة، كما تتطلب مصاريف المسرحين الصغير والرئيسي تجهيزات فنية وتقنية مُتقدمة وفعاليات متنوعة، مما يزيد من تكلفة التنظيم، وهذه التجهيزات والترتيبات التي تحتاج إلى مصاريف كبيرة تعتبر ضرورية لضمان تقديم تجربة مميزة للزوار، وهنا تقع المسؤولية الكبيرة؛ حيث يتطلب الأمر تخطيطًا دقيقًا لضمان تحقيق التوازن بين الإيرادات والمصروفات.

إنَّ القدرة على تحقيق عوائد اقتصادية توازي المصروفات تعتمد على التخطيط الجيد والتنظيم الفعال، لذا كان القائمون على مهرجان صحار الثالث على دراية تامة بالاحتياجات المالية للمهرجان، وسعوا جاهدين لتأمين مصادر الإيرادات المتنوعة، ونجحوا حتى الآن في تحقيق الهدف الأهم المتمثل في التوازن بين المصروفات والإيرادات، ولقد كان لنجاح النسختين الأولى والثانية واستقطاب ما يقرب من مليون ونصف المليون زائر الأثر الكبير في ثقة الجميع بهذا المهرجان، كما إنَّ الترويج الجيد للمهرجان يعد عنصرًا أساسيًا في جذب الزوار؛ حيث جرى استخدام وسائل الإعلام والتسويق الرقمي بشكل فعّال للوصول إلى أكبر عدد مُمكِن من الجمهور المُستهدَف.

إنَّ مهرجان صحار يمثل نموذجًا يُحتذى به في كيفية تحقيق عوائد اقتصادية توازي المصروفات من خلال تنويع مصادر الإيرادات والتخطيط الجيد للمصروفات، وبهذا يُمكن للمهرجان أن يستمر في تقديم فعاليات ثقافية مُميَّزة تُعزِّز من الهوية الثقافية وتساهم في تنمية الاقتصاد المحلي. ونجاح مهرجان صحار يعتمد على التعاون بين جميع الأطراف المعنية؛ بما في ذلك شركات القطاع الخاص، والمؤسسات الحكومية، والمجتمع المحلي، من أجل أن يُحقِّق أهدافه الاقتصادية والثقافية.

ودُمتم ودامت عُمان بخيرٍ.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

انطلاق 4 فعاليات كبرى في قطر.. والسياح السعوديون في صدراة قائمة الزوار

تستضيف قطر، العديد من الأحداث العالمية والترفيهية التي تجذب الأشقاء في السعودية ودول الخليج، كوجهة رائدة تمتزج فيها أصالة الماضي وحداثة الحاضر، وتقصدها شعوب العالم لاستكشاف معالمها ومزاراتها السياحية في مجالات الثقافة والرياضة والأعمال والترفيه العائلي، ليعكس التزام قطر بدعم السياحة الرياضية وتعزيز الثقافة المحلية.

سباق الفورمولا
وعبر السباقات العالمية انطلق سباق الفورمولا 1 في إجازة نهاية الأسبوع من 29 نوفمبر إلى 1 ديسمبر 2024، وتنافس فيه عمالقة السيارات للوصول إلى منصة التتويج في حلبة لوسيل الدولية المذهلة.

وتستقبل حلبة لوسيل الدولية الأبطال، ومن المقرر أن تستقبل مدرجاتها ما يصل إلى 40.000 مشجع من مشجعي الفورمولا 1 لمشاهدة المتوجين في السباق العالمي
وشهد السباق هذا العام الكثير من الأحداث المشوقة عبر 57 لفة؛ وخاصة على المسار الرئيسي الذي يبلغ طوله 1.068 كم.

وأصبحت قطر أحدَ المراكز الشهيرة باستضافة فعاليات الفورمولا 1 منذ استضافتها للمرة الأولى عام 2021، ثم عام 2023، ويعتبر السباق هذا العام قبل الأخير في السلسلة، قبل أن يقام السباق النهائي في أبو ظبي.

وبعد كل مرحلة من مراحل السباق المشوقة، تقدم “لوسيل” والعاصمة الدوحة القريبة منها، العديد من المعالم الرائعة، وخيارات الطعام، والفعاليات المتنوعة لتعيش المزيد من التجارب الممتعة.

مهرجان المناطيد
يتميز مهرجان المناطيد بمشاركة واسعة من فِرَق الطيران المحلي والدولي، مع إضافة فعاليات جديدة تجعله واحدًا من أكثر الفعاليات المنتظرة وبمشاركة فِرَق دولية في مجال الطيران بالمناطيد، وتقديم عروض جوية تتضمن أكثر من 50 منطادًا بألوان وأشكال متنوعة.

ويشاهد الضيوف في مهرجان هذا العام العديدَ من المناطيد المدهشة، بعضها طائر في أجواء الليل تحت الأنوار الملونة؛ مما يضيف جوًّا ساحرًا للحدث. كما يشهد الجمهور منافسات حية بين فِرَق الطيران التي تتنافس في مهارات الطيران وتنسيق الحركات.

كما يتضمن المهرجان العديدَ من الفعاليات الترفيهية المصاحبة، مثل عروض الألعاب النارية والموسيقى الحية. بالإضافة إلى السوق المحلي الذي يتيح للزوار شراء التذكارات والمنتجات التقليدية؛ مما يعكس التراث القطري والعربي الأصيل.

وتحت شعار “الابتكار في السماء”، يركز مهرجان قطر للمناطيد في نسخته الخامسة على استخدام التكنولوجيا الحديثة في صناعة المناطيد. عرضت العديد من الشركات العالمية ابتكاراتها في هذا المجال، مثل أنظمة الطيران الذكي واستخدام المواد البيئية القابلة للتحلل في صناعة المناطيد.

كأس القارات
وتتوالى الفعاليات الكبرى بانطلاق بطولة كأس القارات للأندية FIFA قطر 2024 لكرة القدم باستضافة أقوى المباريات الثلاث الأخيرة في البطولة بنظامها الجديد، والتي ستقام أيام 11 و14 و18 ديسمبر المقبل.

وبمشاركة أربعة أندية عالمية من مختلف القارات؛ ستعيد ذكريات استضافة بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، وكأس آسيا قطر 2023 في استاد 974 الذي يستضيف مباراتين من المباريات الثلاث المقررة؛ حيث ستقام المباراة الأولى تحت مسمى ديربي الأمريكتين، يوم 11 ديسمبر المقبل، وتجمع بين باتشوكا المكسيكي وبطل كأس كوبا ليبرتادورس الذي ستتحدد هويته عقب إجراء المباراة النهائية للمسابقة بين أتليتيكو مينيرو وبوتافوغو البرازيليين يوم 1 ديسمبر المقبل.

والمباراة الثانية على كأس التحدي بين الأهلي المصري والفائز من ديربي الأمريكتين، ليتأهل الفائز من هذه المواجهة إلى المباراة النهائية لملاقاة ريال مدريد الإسباني بطل دوري أبطال أوروبا يوم 18 ديسمبر المقبل على استاد لوسيل.

مهرجان الأغذية
ينطلق مهرجان الأغذية الأكثر تشويقًا في قطر في عام 2025 بحلة جديدة ليكون أكبر مشاركة ومساحة، وخلال الفترة من 12- 22 فبراير 2025 يقدم المهرجان الكثير من المأكولات الشهية. حيث يمكن للزائر تذوق الطعام من الطراز العالمي من كبار الطهاة العالميين.

اقرأ أيضاًالمجتمع“المياه الوطنية”: إغلاق جزئي لشارع 18 بحيّي القزاز والعدامة لتنفيذ مشروع تحسين جودة مياه الشرب بالدمام

كما يحظى بشعبية كبيرة بين عشاق الطعام والعائلات على حد سواء، الذين يحبون تذوق الأطباق المحلية واكتشاف أحدث اتجاهات الطعام. ويقام المهرجان بحضور أكبر الأسماء في مجال الضيافة ويقدم الكثير من التجارب التي لا تنسى، من عروض الألعاب النارية الليلية ومسارح الطهي إلى العروض الترفيهية المباشرة والمسابقات والمرح للأطفال.

ويتيح المهرجان للزوار العديد من الفرص والتجارب لتناول وتذوق أشهى المأكولات مثل أكشاك الأطعمة والمشروبات، وعروض الطهي الحية والأنشطة الترفيهية الخاصة بالأطفال، ويستضيف المهرجان في نسخته لهذا العام أكثر من 100 مطبخ في فنون الطهي المحلي والعالمي.

مهرجان التسوق
كما ينطلق مهرجان التسوق في يناير ٢٠٢٥، وتطلق مراكز التسوق في قطر خلال هذا المهرجان فعاليات مشوقة والعديد من الأنشطة الترفيهية الممتعة، وتقدم خصومات لا تقاوم، وفرصًا للفوز بجوائز مميزة.

كما يضم المهرجان أنشطة للأطفال والعائلات وتخفيضات حصرية وجوائز السحب وعروض حية ومسابقات لتمنح الزوار فرصًا للفوز بجوائز هائلة.

يذكر أن القطاع السياحي في قطر، سجل زيادة سنوية بنسبة 28% في أعداد الزوار؛ ليتخطى حاجز 2.6 مليون زائر دولي في النصف الأول من عام 2024.

وتصدرت أعداد السعوديين الزوار؛ إذ ساهمت بنحو 29% من إجمالي عدد الوافدين مع 755 ألف زائر سعودي في ٦ أشهر فقط.

ووصل إلى قطر مليونان و639 ألف زائر دولي؛ 51% منهم عن طريق الجو، و40% عن طريق البر، و9% عن طريق البحر.

ومن إجمالي الوافدين شكّلت دول مجلس التعاون الخليجي 43%، وهي زيادة كبيرة، تزيد على 151% مقارنة بالوافدين من دول مجلس التعاون الخليجي قبل فترة انتشار فيروس كورونا.

مقالات مشابهة

  • إقبال واسع على فعاليات "مهرجان شتاء مسندم"
  • «مهرجان الشيخ زايد» يُبهر الجمهور في احتفالات عيد الاتحاد
  • انطلاق 4 فعاليات كبرى في قطر.. والسياح السعوديون في صدراة قائمة الزوار
  • أمسية وطنية للاحتفال بـ"عيد الاتحاد الإماراتي" ضمن فعاليات "مهرجان صحار"
  • برامج تدريبية ورياضية وثقافية في مهرجان الأشخاص ذوي الإعاقة
  • منى بنت فهد ترعى افتتاح "مهرجان ذوي الإعاقة"
  • مهرجان صحار الثالث يواصل جذب الزوار وسط فعاليات رياضية وفنية متنوعة
  • بعد انقطاع دام عشر سنوات.. انطلاق «مهرجان المسرح الكوميدي» في بنغازي
  • مهرجان «عيد الاتحاد» يستقطب 300 متسابق في «تل مرعب»