مع تقدم المعارضة.. النظام السوري يصاب بالصدمة ويلجأ للتجنيد الإجباري في عدة محافظات سورية
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
بدأ النظام السوري بمحافظتي اللاذقية وطرطوس غرب البلاد، بتكثيف التجنيد الإجباري، منذ يوم أمس، فيما قالت وكالة أنباء النظام "سانا"، اليوم الثلاثاء، إن وحدات من الجيش والقوات الرديفة تتصدى لهجوم شنته قوات تابعة لـ"قوات سوريا الديمقراطية" في الريف الشمالي لمحافظة دير الزور.
و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، هي تحالف يقوده الأكراد في شمال وشرق سوريا.
تجنيد وتسليح
إلى جانب ذلك، أكدت مصادر محلية لوكالة "الأناضول" التركية، أن النظام بدأ بحملة تكثيف التجنيد الإجباري وتسليح المواطنين وإجبارهم على الالتحاق بالجبهات، لا سيما في محافظتي اللاذقية وطرطوس الساحليتين.
ويأتي ذلك بالتزامن مع عملية "ردع العدوان" التي أطلقتها قوات المعارضة السورية قبل أيام، ضد قوات نظام بشار الأسد، وسيطرتها على مناطق واسعة شمال البلاد.
وقالت المصادر الثلاثاء، إن النظام يعمل على تكثيف التجنيد القسري في اللاذقية، وتوزيع السلاح والذخيرة في منطقة بانياس بمحافظة طرطوس وجبلة في اللاذقية.
وأضافت أن النظام يعرض 3 ملايين ليرة سورية (200 دولار) مرتبًا شهريًا للراغبين بالتطوع بالجيش، وهو يعادل نحو 10 أضعاف راتب الموظف الحكومي بسوريا.
ومع عدم رغبة المواطنين بالالتحاق بجيش النظام، عملت قوات الأمن على مداهمة المناطق الصناعية في اليومين الماضيين بطرطوس واللاذقية، واعتقال أشخاصًا تراوح أعمارهم بين 18 و40 عامًا.
كما كثف النظام السوري من وضع الحواجز على الطرقات لاعتقال الطلاب الذين لا يحق لهم تأجيل خدمتهم العسكرية ونقلهم إلى الجبهات. وأمام هذه الحملة، يحاول بعض الشباب السوريين الاختباء في منازلهم أو الهروب من مدينتهم رفضًا للالتحاق بصفوف جيش نظام الأسد.
تقدم المعارضة
رغم ذلك، تواصل قوات المعارضة التقدم نحو مدينة حماة، وسط اشتباكات عنيفة بحسب "فرانس برس"، التي أكدت وجود عشرات الدبابات والآليات العسكرية التابعة لقوات النظام، صباح اليوم، متروكة على جانبي الطريق الواقع في ريف حماة الشمالي المؤدي إلى وسط المدينة.
ونفى القيادي في إدارة العمليات العسكرية لفصائل المعارضة، أحمد دالاتي، في حديث مع التلفزيون العربي، مزاعم النظام حول استعادة جيشه بلدات كانت قد سيطرت عليها الفصائل، مؤكدًا في الوقت ذاته أن المعارضة تحقق التقدم في ريف حماة الشمالي.
ومنذ 27 نوفمبر/ تشرين الثاني المنصرم تخوض فصائل المعارضة السورية اشتباكات مع قوات النظام بعدة مناطق. ودخلت قوات المعارضة حلب عصر الجمعة، وسيطرت على معظم أحياء المدينة ومواقع مهمة أبرزها مبنى المحافظة ومراكز الشرطة وقلعة حلب التاريخية.
وبسطت سيطرتها على كامل محافظة إدلب، السبت، بعد السيطرة على مواقع عديدة في ريفها، بينها مدينتا معرة النعمان وخان شيخون، بالإضافة إلى مدينة سراقب الاستراتيجية.
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
تفكيك الألغام واختبار سوريا الصعب
لطالما كان الانتقال من حكم استبدادي شمولي إلى نظام ديمقراطي، أحد أصعب التحوّلات السياسية التي تواجه الدول، وخصوصًا بعد عقود من القمع الممنهج، واحتكار السلطة، ففي الحالة السورية التي عانت من حكم عائلة الأسد لأكثر من خمسين عامًا، لن يكون سقوط الأسد كافيًا ليترجم إلى ديمقراطية مستقرّة، بل هو بداية مرحلة انتقالية معقّدة محفوفة بالتحديات الداخلية والخارجية.
لا تنتهي قائمة التحديات؛ من إرث يثقله الفساد والمحسوبيات التي زرعها النظام على مدى عقود في مؤسّسات الدولة، مرورًا بمجتمع أنهكته سنوات الحرب، وفكّكه العنف الممنهج الذي مارسه ذلك النظام عليه، وصولًا إلى وضع اقتصادي متردٍّ، ناهيك عن تدخلات خارجية تسعى لضمان مصالحها، ولو على حساب مصالح السوريين واستقرار بلادهم.
التحديات الداخلية والإرث المتآكلبعد سقوط الأسد، تفكك الجيش النظامي، وتوّلت الفصائل المسلحة التي دخلت دمشق مسؤولية حفظ الأمن. بذلت الحكومة الانتقالية بقيادة أحمد الشرع جهودًا كبيرة لدمج هذه الفصائل في مؤسسة عسكرية موحدة، لكن التحديات ظلت قائمة؛ إذ رفضت بعض الفصائل الانضواء تحت إدارة دمشق الجديدة، مما عرقل تحقيق هذا الهدف بشكل كامل.
رغم ذلك، نجحت الحكومة في دمج عدد كبير من الفصائل، وتوصلت إلى اتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية في مناطق الجزيرة، مما رفع إمكانية تعزيز الاستقرار في تلك المناطق. ومع ذلك، لا تزال بعض الفصائل في الجنوب، خصوصًا في السويداء، ودرعا، ترفض الاندماج، مما يفرض تحديات أمنية مستمرة تعرقل استقرار الدولة.
إعلانوبالتوازي مع هذه الجهود، تعمل قوات الأمن على ملاحقة فلول النظام السابق، وإنهاء فوضى السلاح المنفلت لضمان عدم استغلال حالة الفوضى لخلق بؤر توتّر جديدة.
ورثت الحكومة الانتقالية اقتصادًا منهارًا، وعقوبات دولية خانقة، وبنية تحتية مدمّرة. أدّى ذلك إلى أزمة اقتصادية حادّة، تفاقمت بسبب غياب الدعم الدولي الضروري لتحفيز النموّ الاقتصادي.
جعل الوضع الاقتصادي المتردّي تحقيق الاستقرار شرطًا أساسيًا قبل الحديث عن أي تحوّل ديمقراطي. لذا، ركزت الحكومة جهودها على رفع العقوبات الاقتصادية، وتحفيز إعادة الإعمار، ودعم الاستثمارات الداخلية والخارجية؛ لضمان انتعاش الاقتصاد، باعتبار ذلك خطوة ضروريّة لأي تحوُّل سياسي ناجح.
التدخلات الخارجية.. حسابات المصالح لا المبادئلا يمكن الحديث عن الوضع السوري بعد سقوط الأسد دون التطرّق إلى التدخلات الخارجية. فالقوى الدولية التي كانت إما عاجزة عن إسقاط النظام السابق، أو متواطئة في بقائه، أصبحت اليوم عاملًا يعوق استقرار سوريا الجديدة.
منذ اليوم الأوّل لسقوط النظام، سارعت هذه القوى إلى التدخل وفرض أجنداتها تحت ستار حماية الأقليات، أو ضمان الانتقال الديمقراطي. ولكن في الواقع، لم تكن هذه التدخّلات إلا محاولة لتحقيق مصالح هذه القوى الخاصّة، بدلًا من تمكين السوريين من تقرير مصيرِهم.
إيران وروسيا، اللتان دعمتا النظام السابق، استمرتا في دعم فلول النظام، وسعتا إلى زعزعة استقرار البلاد من خلال عمليات تخريبية تهدد بإجهاض جهود الانتقال السياسي. إلى جانب ذلك، تظل العقوبات الغربية المفروضة على سوريا قيد التنفيذ، رغم الحديث عن إمكانية رفعها بشرط تحقيق الانتقال السياسي.
هذا يطرح تساؤلًا كبيرًا: أيهما يأتي أولًا، البيضة أم الدجاجة؟ إذ يظل المطلب السياسي في حالة انتظار مشروط، بينما الأزمة الاقتصادية تتفاقم يومًا بعد يوم.
هذا الوضع يعكس بشكل واضح المثل الشعبي: "صحيح لا تقسم ومقسوم لا تأكل، وكول حتى تشبع". فمن جهة، تطالب الحكومة بوضع تصحيحي للمسار السياسي، ومن جهة أخرى، تكبلها بقيود اقتصادية تحد من قدرتها على اتخاذ خطوات فعّالة. وفي النهاية، تضع هذه الضغوط الحكومة الجديدة في مأزِق، مما يزيد من تعقيد الأزمة الاقتصادية، ويؤثر سلبًا على حياة الشعب السوري.
إعلان الانتقال إلى الديمقراطية: عملية طويلة ومعقدةالاعتقاد بأن سقوط النظام الشمولي يؤدي مباشرة إلى الديمقراطية، أحد أكبر الأخطاء التي قد يقع فيها البعض. هذا التصور السطحي يؤدي إلى خيبة أمل واسعة بين الناس، ويخلق نوعًا من الإحباط بسبب بطء التغيير. الديمقراطية ليست مجرد انتخاباتٍ أو تغييرٍ في السلطة، بل عملية طويلة تتطلب بناء ثقافة سياسية جديدة.
تحقيق التحول الديمقراطي يقتضي إصلاح المؤسسات القانونية والقضائية، وضمان حرية الإعلام، وتأسيس جهاز أمني يخدم الدولة بدلًا من الأفراد أو الأحزاب.
من الضروري تفكيك إرث النظام السابق بحذر، دون خلق فراغ سياسي يؤدي إلى الفوضى، وهي عملية أشبه بتفكيك ألغام في حقل يمتد على طول البلاد وعرضها، ويحتاج إلى عملية طويلة ومعقدة تستلزم وقتًا للقيام بها، وليس ثلاثة أشهر هي فترة تسلّم أحمد الشرع وفريقه إدارة البلاد.
منذ ثلاثة أشهر وحتى هذه اللحظة تحاول الإدارة السورية بقيادة أحمد الشرع تسريع عملية الانتقال، وقد دعت إلى حوار وطني في قصر الشعب، رغم أن هذه الدعوة لم تحظَ بترحيب واسع من العديد من الشخصيات السورية.
وعقب المؤتمر، شكّلت لجنة لإعداد إعلان دستوري، وقدّمت مسوّدة دستور وصفتها الحكومة بأنّها تأخذ في الاعتبار تحديات المرحلة الانتقالية، فكانت هذه المسوّدة مثار جدل جديد بين مؤيّد ومعارض، فاعتبرها البعض إجراءً ضروريًا، بينما رأى آخرون أنها أعطت الرئيس الانتقالي صلاحيات واسعة، وهو ما قد يمهّد الطريق لاستبداد جديد، ثم توّجت هذه الجهود بتشكيل حكومة من خبرات متنوعة، لكنها لم تسلم كذلك من انتقادات وصفتها بأنَّها "ذات لون واحد"، في جدل يعكس التوتر القائم بين الحاجة إلى فرض الاستقرار، وحماية الحريات الأساسية خلال المرحلة الانتقالية.
إستراتيجية البناء التدريجي للديمقراطيةيتطلب بناء الديمقراطية في سوريا منهجًا تدريجيًا يأخذ في الاعتبار التحديات الداخلية والخارجية، إذ لا بدّ من إصلاح مؤسسات الدولة تدريجيًا دون اللجوء إلى اجتثاث شامل قد يعطل عمل الحكومة الانتقالية.
إعلانيجب إعادة هيكلة الجيش والأجهزة الأمنية لضمان ولائها لسوريا أولًا، إلى جانب العمل على رفع العقوبات الدولية التي تعيق النمو الاقتصادي. تحقيق الاستقرار الاقتصادي وإعادة الإعمار يمثلان شرطين أساسيين لاستدامة العملية الانتقالية.
من المهم أيضًا وضع خارطة طريق لانتقال سياسي يعكس مشاركة جميع الأطراف باستثناء المتورطين في جرائم ضد الشعب السوري.
وفي هذا السياق يصبح تعزيز الوعي الديمقراطي والمشاركة السياسية جزءًا أساسيًا من أجل نجاح التحول الديمقراطي. وهنا يأتي دور مؤسسات المجتمع المدني في توعية المواطنين بأهمية الانتخابات، والشفافية، من أجل بناء الدولة. فالديمقراطية ليست مجرد نظام سياسي، بل ثقافة مجتمعية تحتاج إلى ترسيخها تدريجيًا لضمان نجاحها.
يتطلب التحول الديمقراطي في سوريا وقتًا وجهودًا ضخمة، حيث إن إسقاط النظام الشمولي لا يمثل سوى الخطوة الأولى في عملية معقدة وطويلة. وإن بناء دولة ديمقراطية حديثة يستلزم إصلاحات شاملة على المستويات الأمنية والاقتصادية والسياسية، إلى جانب الإرادة المجتمعية والوعي السياسي.
رغم التحديات الكبيرة، يظل تحقيق دولة حرة وعادلة قائمة على الديمقراطية هدفًا يستحقّ السعي لتحقيقه.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline