يحاول الاحتلال الإسرائيلي تدمير كل شيء، منع دخول الملابس والأغطية، وكافة المساعدات الإنسانية، من معابر القطاع، منذ اليوم الأول للحرب، ما عدا كميات قليلة دخلت، فتمّ توزيعها على جزء صغير من النازحين، الذين يبلغ عددهم نحو مليوني شخص، ليظل الباقي مقاوما للحرب من جهة، وللجوع والشتاء من جهة ثانية.

اضطرّ عدد من الأهالي في قلب قطاع غزة، كانوا نازحين في الشاطئ، لجمع ما صمد من الغرق، حيث اجتاحت المياه المنهمرة خيمهم، وجعلت أمانهم اللّحظي، ينقلب لتفكير طويل، إلى أين المفرّ؟ 


وباتت ظروف البقاء على قيد الحياة تتضاءل لنحو 65 إلى 75 ألف شخص ممّن يقدّر أنهم ما زالوا في شمال غزة.

بين 91 محاولة للأمم المتحدة لإيصال المساعدات للشمال المحاصر في الفترة من 6 تشرين الأول/ أكتوبر لـ25 تشرين الثاني/ نوفمبر، رفض الاحتلال 82 منها وعرقل 9؛ بحسب تحذير أتى من وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا". 

عرض هذا المنشور على Instagram ‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎عبود & أشرف نافذ✨aboud & ashraf‎‏ (@‏‎ashraf_almajaida‎‏)‎‏
ما بين الصواريخ والجوع.. معيشة الغزّيين تحت المجهر
تتعدّد الوسائل لكن النتيجة تظلّ واحدة، مقاومة لأجل الحياة في قلب أراضيهم المُستحقّة، رافضين الرّحيل القسري، آملين في غد هادئ، وسماء صافية من "طنين" يزاحم يومهم الثّقيل جرّاء الحرب والبحث عن لُقمة هنّية.

على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة "انستغرام" تابعت "عربي21" خلال الأسابيع القليلة الماضية، جُملة من الحسابات، لشباب من قلب القطاع المحاصر، وهم يوثّقون معيشتهم اليومية، بكافة ما فيها من صعوبات مع ملامح التحدّي، ورصد للأمل.

أحمد مجايدة وابنة أخته ميسون، واحد من الحسابات التي تسلّط الضوء على الروتين اليومي للأهالي في غزة، حيث يوصف في كثير من التعليقات المتسارعة بكونه، صورة مصغّرة عن القطاع المحاصر بكل ما فيه من ألم وأمل. وعلى غراره حسابات أخرى تميط اللثام عن كافة الصعوبات، وتبرز مطالبها بإنهاء الحرب، خاصة عقب وقف إعلان وقف إطلاق النار على جنوب لبنان.

عرض هذا المنشور على Instagram ‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎????????Ahmed Majayda | أحمد المجايدة‎‏ (@‏‎ahmed_majaydah‎‏)‎‏
المقاطع المُتداولة بشكل مُتسارع، تقرّ بالصوت والصورة أنّ الصواريخ وقنابل الاحتلال الإسرائيلي، ليست وحدها ما يوجع الكبار ويفتك بأجساد الصغار في قلب قطاع غزة المُحاصر، بل الجوع أيضا "وحش" يرهق التفكير، إثر الحصار وإغلاق المعابر، وكذا صمت طال مداه، على الرغم من الاحتجاجات الجارية من مواطني عدد من الدول، عبر العالم، منذ عامين من الحرب الهوجاء.

ويعيش 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة في خيام أو مدارس، أو بقلب منازلهم المدمّرة، عقب اضطرارهم للنزوح قسرا، لمرّات عديدة، في أغلبها أُجبروا على ترك ملابسهم وحاجياتهم الشخصية، وخرجوا بما يرتدونه فقط.

وكانت "الأونروا"، الأسبوع الماضي، أكّدت أنّ: "الجوع في قطاع غزة وصل إلى مستويات حرجة، حيث يبحث الناس عن بقايا الطعام في النفايات التي مضى عليها أسابيع".

وأضافت أنّ: "الأوضاع تتدهور بسرعة مع دخول فصل الشتاء، ويصبح بقاء الأهالي مستحيلا من دون مساعدات إنسانية عاجلة"، فيما طالبت عبر تغريدات متتالية على موقع التواصل الاجتماعي "إكس" بـ"وقف إطلاق النار فورا".

عرض هذا المنشور على Instagram ‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎Arabi21 - عربي21‎‏ (@‏‎arabi21news‎‏)‎‏
تلوّث وشح في الغذاء
يصف عدد من الغزّيين ما يسري على القطاع المحاصر بكونه "إبادة مُمنهجة" لم يرحم فيها الاحتلال الإسرائيلي لا بشرا ولا حجرا ولا حيوانا، وضع كل من يتواجد في غزة بسلّة واحدة، وسنّ "سياسة تجويع" بجعل الغذاء يصبح مفقودا، وإن وُجد كان غاليا جدا.

ويقول صالح، من شمال غزة، في حديثه لـ"عربي21": "لك أن تتخيّل أن حبّة طماطم واحدة باتت بـ10 دولار، والتفاحة أصبحنا نعاملها كما لو كانت بطيخا، نقسم الحبّة الواحدة على أفراد الأسرة، ومعدة الصغار تتألّم بكثرة المعلّبات".

ويتابع: "قد تخجلين السؤال عن المرحاض، إنه حفر بدائية غير معزولة، تُحفر بآلات يدوية، وبعمق متر ونصف تقريبا، تُغطّى بشيئ صلب أو قُماش"، مردفا: "ما يحزّ في النفس أن عدد من النّازحين باتوا يعتمدون على الآبار الزراعية، وهي التي كان الفلاحين في السابق يحفرونها لري المحاصيل فقط، وهي ملوّثة، وغير صالحة للشرب، خاصة مع انعدام كافة وسائل التعقيم".

وأبرز صالح لـ"عربي21": "كنا بقرب البحر، لنستفيد من المياه في الوضوء والغسل، لكن مع حلول فصل الشتاء بات الوضع أصعب، لكنّنا صامدين، وأقوياء نعم، لكنّنا والله بشر، نستحقّ معيشة أفضل، ووقفا عاجل لإطلاق النار، حتّى يهنئ الصغار على الأقل بنوم مريح".


في السياق نفسه، أخرج الاحتلال الإسرائيلي 203 من أصل 319 بئر مياه جوفية عن الخدمة، عبر تدميرها كلّيا أو جزئيا، أو جرّاء عدم إمكانية الوصول إليها وتشغيلها؛ ناهيك عن تدمير 33 خزانا رئيسيا للمياه من إجمالي 50، إذ باتت البلديات تضخ فقط ما يقدّر بـ92.500 متر مكعب يوميا، مقارنة بـ300.000 متر مكعب كانت تضخها قبل بدء العدوان، ما يُضاعف من صعوبة الحياة اليومية.

ما يخيف صالح وغيره من آلاف الغزّيين، هو ما أشارت إليه عدد من التقارير، على مدار أكثر من عام كامل، حيث تمّ إبراز أن الظروف الكارثية المفروضة على غزة، تُنذر بزيادة تعرض الفلسطينيين لأمراض خطيرة، مثل: التهابات الجهاز التنفسي، التهاب الكبد الوبائي، فيروس شلل الأطفال، وغيرها من الأمراض والأوبئة (إثر تلوّث المياه أساسا، وتكدّس النفايات)، في ظل عدم توفر العناية الطبية، والنقص الحاد في الأدوية الأساسية.

بات عدد من الأطفال في غزة، يسيرون حفاة في شوارع مليئة بالحطام ومياه الصرف الصحي، بإصابتهم أو جروحهم غير المشفية، وذلك لأن الأحذية غير متوفّرة، ويرتدون ملابس خفيفة، رغم هطول الأمطار، لأن الاحتلال الإسرائيلي يمنع وصول كل شيء.

عرض هذا المنشور على Instagram ‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎❤كريم يونس - Karem Yunus❤‎‏ (@‏‎kemo_allejo_963‎‏)‎‏
انتهاكات صارخة للقانون الدولي
يطالب المجتمع الدولي، دولة الاحتلال الإسرائيلي بتسهيل إدخال المساعدات الإنسانية، إلى كامل غزة، لمنع حدوث مجاعة، غير أن الأمر دون جدوى. فيما يفترش نحو مليوني نازح فلسطيني، الخيام، التي باتت عُملة نادرة، إذ من اهترئت خيمتهم، يفترش العراء، وبات الطّحين يوصف بكونه "الذّهب الأبيض" لغلائه الصاروخي.

#هتان_السيف
هنا غزة ،،مشاهد مؤلمة لتزاحم عشرات الآلاف من أبناء شعبنا "رجالا ونساء واطفالا " للحصول على رغيف خبر في جنوب قطاع غزة. pic.twitter.com/XEjew8y2A9 — ad7am96 (@ream80018686) November 29, 2024
وأوضح المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إنه: "لا يوجد أي مبرّر أو ضرورة عسكرية في القانون الدولي تسمح بمنع إدخال الأساسيات إلى السكان المدنيين"، غير أن الاحتلال الإسرائيلي مستمرّ في تعنّته، ضاربا عرض الحائط كافة القوانين والمواثيق المرتبطة بحقوق الإنسان.

أكدّ المرصد، عبر تقارير متفرّقة، اطّلعت عليها "عربي21" أنّ: "إجمالي ما يدخل قطاع غزة من شاحنات في الفترة الماضية لم يتجاوز 6 في المئة من الاحتياجات اليومية للسكان، وأغلب ذلك يتعلق بمواد غذائية، ولم يتعد ما يخص الملابس والأحذية 0.001 في المئة، ما أدّى لأزمة حقيقية".

في المقابل، بحسب المصدر نفسه، دمّرت دولة الاحتلال الإسرائيلي ما لا يقل عن 70 في المئة من منازل القطاع وجُل المحلاّت التجارية وكذا الأسواق، بما فيها الخاصة ببيع الملابس، فضلا عن تقييد تنسيقات إدخال البضائع للتجار، بينما تكاثرت العصابات التي تستولي على ما يدخل من مساعدات إنسانية.

عرض هذا المنشور على Instagram ‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎احمد مرزوق •|•Ahmed marzouq‎‏ (@‏‎ahmad.hany20‎‏)‎‏
صُنع في غزة
يُجبر الأهالي في قطاع غزة المحاصر، على الصمود والمُقاومة، جاعلين الحياة تحدّيا صارخا في وجه الاحتلال الإسرائيلي، إذ يبتكرون الأساسيات المفقودة؛ بدلا من الأحذية، يصنعونها من الخشب والقليل من الجلد أو القماش، ويعملون على ترقيع الملابس، أو صنعها من قماش البطانيات.

وحيث شعر الغزّيين أن "الإبادة الجماعية" السّارية عليهم تمسّ كذلك كل ما هو ثقافي وموروث شعبي، باتوا يعملون على صنع ما يحبّون من وجبات، بما هو متوفّر من مواد، من قبيل: "المقلوبة" و"قلاّية البندورة". 

وفي موسم قطف الزيتون، الذي انتهى قبل يومين، اجتمعوا على ما قطفوه (رغم قلّته) وصنعوا منه فرحة فلسطينية، من اللبّاس المتوارث جيلا بعد جيل إلى ترديد الأغاني الشعبية.

ورغم الحرب السّارية على بلادهم، يقتنص الغزّيين لحظات الفرح من قلب الوجع، من قبيل حفلات العرس، وأعياد الميلاد، وكذا تجمّعات حفظ القرآن الكريم والفرح بختمه؛ هو ما يوثّقه عدد من الشباب على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، ويصل إلى العالم.

عرض هذا المنشور على Instagram ‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎Hosam Alkhaldy || حسام الخالدي‎‏ (@‏‎hosam.gaza‎‏)‎‏
وقال عدد من الشباب الغزّيين، تحدّثوا لـ"عربي21" أنهم: "شعب يستحق الحياة ويحبّها"؛ ورغم الظروف التي ترهق الحياة، إلاّ أنهم: "رافضين المسّ بكرامتهم وبروحهم المعنوية، وتجريدهم من إنسانيتهم ومعاملتهم على أنهم غير مستحقين حتى لأبسط الحقوق الأساسية".

في المقابل، طالب الشّباب أنفسهم، المنظمات الدولية والأممية، والشعوب، بـ"العمل بجميع الوسائل الممكنة للضغط على إسرائيل لإدخال المواد الأساسية لغزة، والكشف عن الجرائم العلنية، وتسليط الضوء على المعاناة الإنسانية الناتجة عنها، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه".


كذلك، طالبوا بفرض عقوبات على دولة الاحتلال الإسرائيلي وتنفيذ أوامر الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير حربه السابق، يوآف غالانت، وتسليمهم للعدالة الدولية.

وبدعم أميركي، يشنّ الاحتلال الإسرائيلي، من حربا هوجاء، على كامل قطاع غزة المحاصر، أدّت لأكثر من 146 ألف شهيد وجريح فلسطيني، جلّهم من الأطفال والنساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة، في خضّم ما بات يُنعت بـ"أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية غزة الفلسطينيين التواصل الاجتماعي قطاع غزة فلسطين غزة قطاع غزة التواصل الاجتماعي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة عرض هذا المنشور على Instagram تمت مشارکة منشور بواسطة الاحتلال الإسرائیلی قطاع غزة الغز یین عدد من فی غزة

إقرأ أيضاً:

أكثر من 350 طفلا فلسطينيا في سجون الاحتلال الإسرائيلي

كشفت مؤسسات الأسرى في فلسطين، اليوم السبت، عن عدد حالات اعتقال الأطفال الفلسطينيين، في سجون الاحتلال الإسرائيلي.

وأفادت مؤسسات الأسرى، بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل اعتقال أكثر من 350 طفلا، في معتقلاتها ومعسكراتها، من بينهم أكثر من 100 طفل محكومين بالإداري.

ويواجه الأطفال المعتقلون جرائم منظمة تستهدف مصيرهم، أبرزها التعذيب، والتجويع، والإهمال الطبي، إلى جانب عمليات السلب والحرمان، التي أدت مؤخرا إلى استشهاد أول طفل في معتقلات الاحتلال منذ بدء الإبادة الجماعية وهو وليد أحمد (17 عاما) من بلدة سلواد شرق رام الله الذي استشهد في معتقل "مجدو".

وأضافت المؤسسات وهي: (هيئة شؤون الأسرى، ونادي الأسير الفلسطيني، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان) في تقرير لها، اليوم السبت، لمناسبة يوم الطفل الفلسطيني، الذي يصادف الخامس من نيسان من كل عام، إن قضية الأطفال المعتقلين شهدت تحولات كبيرة منذ بدء الإبادة الجماعية، حيث تصاعدت حملات الاعتقال بحقهم، سواء في الضفة بما فيها القدس المحتلة، التي سُجل فيها ما لا يقل عن (1200) حالة، أو في غزة التي لم تتمكن المؤسسات من معرفة أعدادهم بسبب استمرار جريمة الإخفاء القسري، والتحديات التي تواجه المؤسسات في متابعة قضية معتقلي غزة، ومنهم الأطفال.

وعلى مدار الأشهر الماضية، تمكنت الطواقم القانونية، من تنفيذ زيارات للعديد من الأطفال المعتقلين في معتقلات (عوفر، ومجدو، والدامون)، رغم القيود المشددة التي فرضت على الزيارات، وخلالها تم جمع عشرات الإفادات منهم، والتي عكست مستوى الوحشية التي تمارس بحقهم.

ونفّذت إدارة معتقلات الاحتلال، جرائم تعذيب ممنهجة بحق الأطفال، وعمليات سلب غير مسبوقة، نستعرض جملة من المعطيات والحقائق عن واقع عمليات اعتقالهم وظروف احتجازهم:

اقتلاعهم من بين ذويهم

إن الأعداد المذكورة لحالات الاعتقال بين صفوف الأطفال، ليست المؤشر الوحيد على التحولات التي رافقت سياسة استهدافهم عبر عمليات الاعتقال، والتي تشكل جزءا من السياسات الممنهجة بهدف اقتلاعهم من بين ذويهم ومحاربة أجيال كاملة، فهذا العدد لحجم الاعتقالات في الضّفة واجهناه سابقا، وكان هناك عدة مراحل تصاعدت فيها عمليات اعتقال الأطفال بشكل كبير، ويمكن الإشارة هنا إلى المرحلة التي تلت الهبة الشعبية، إلا أن هذا المعطى على الصعيد الراهن يعكس بشكل أساس مستوى تصاعد الجرائم والانتهاكات الممنهجة بحقّهم، ونشير هنا إلى أن حجم حملات الاعتقال بحقّ الأطفال، تتركز في المناطق الأكثر تماسا مع جنود الاحتلال الإسرائيليّ، إلى جانب المستعمرين.

وأبرز هذه الجرائم: تعرضهم للضرب المبرح، والتهديدات بمختلف مستوياتها، حيث تشير الإحصاءات والشهادات الموثقة للمعتقلين الأطفال؛ إلى أن غالبية الأطفال الذين تم اعتقالهم تعرضوا لشكل أو أكثر من أشكال التعذيب الجسدي والنفسي، عبر جملة من الأدوات والأساليب الممنهجة المنافية للقوانين، والأعراف الدولية، والاتفاقيات الخاصة بحقوق الطّفل.

وإلى جانب عمليات الإعدام الميدانية التي رافقت حملات الاعتقال، وكان من بينها إطلاق الرصاص بشكل مباشر ومتعمد على الأطفال، عدا عن توثيق لعدد من الحالات خلالها استخدم الاحتلال الأطفال رهائن للضغط على أحد أفراد العائلة لتسليم نفسه، وعمليات الاستدعاء من قبل مخابرات الاحتلال، حيث يتم إجبار ذوي الأطفال على إحضارهم لإجراء مقابلات خاصة معهم، وفي ظل التصاعد الكبير لعمليات التحقيق الميداني، فإن الأطفال لم يكونوا بمعزل عن هذه السياسة، فقد تعرض العشرات منهم لعمليات تحقيق ميدانية.

 ويتعرض الأطفال لسياسات ثابتة وممنهجة، منذ لحظة الاعتقال مرورا بمرحلة التوقيف، واعتقالهم لاحقا داخل المعتقلات، وتتخذ هذه السياسات أشكالا عدة منها: اعتقالهم في ساعات متأخرة من الليل، وكان هناك العديد منهم مصابون، ومرضى، وخلال عملية اعتقالهم، استخدم الجنود أساليب مذلّة ومهينة، وحاطّة من كرامتهم، والغالبية منهم تم احتجازهم في مراكز توقيف في ظروف مأساوية، تحت تهديدات وشتائم، واعتداءات بالضرب المبرح، وحرمانهم من الطعام ومن استخدام دورة المياه لساعات طويلة، وذلك في محاولة للضغط عليهم لإجبارهم على الإدلاء باعترافات، كما يجبرون على التوقيع على أوراق مكتوبة باللغة العبرية.

ويكمل الاحتلال سلسلة انتهاكاته وجرائمه بحق الأطفال داخل المعتقلات، من خلال تجويعهم، وتنفيذ اعتداءات متكررة بحقهم باقتحام الأقسام من قبل وحدات القمع، التابعة لجيش الاحتلال، وقد وثقت المؤسسات المختصة العديد من عمليات الاقتحام التي جرت لأقسام الأطفال بعد بدء العدوان، خلالها دخلت القوات أقسامهم مدججة بالسلاح، واعتدت عليهم بالضرب، وأصيب العديد منهم، عدا عن حرمان المرضى والجرحى من العلاج، وهناك من يعانون من أمراض مزمنة وخطيرة، وإصابات بمستويات مختلفة.

جريمة التجويع

واحتلت جريمة التّجويع التي تُمارس بحق المعتقلين ومنهم الأطفال، السطر الأول في شهاداتهم بعد العدوان، فالجوع يخيم على أقسام الأطفال بشكل غير مسبوق، ما يضطر العديد منهم للصوم لأيام جراء ذلك، وما تسميه إدارة معتقلات بالوجبات، هي فعليا مجرد لقيمات.

ففي الوقت الذي عمل فيه المعتقلون وعلى مدار عقود طويلة من ترسيخ قواعد معينة داخل أقسام المعتقلين، من خلال وجود مشرفين عليهم من البالغين إلا أن ذلك فعليا لم يعد قائما، واستفردت إدارة المعتقلات بالأطفال دون وجود أي رقابة على ما يجري معهم، والرعاية التي حاول المعتقلون فرضها بالتضحية، انقضت عليها إدارة المعتقلات كما كافة ظروف الحياة الاعتقالية التي كانت قائمة قبل العدوان.

الطفل الشهيد وليد أحمد

اعتقل الشهيد الطفل وليد أحمد البالغ من العمر (17 عاما) من منزل عائلته في سلواد في تاريخ 30 أيلول/ سبتمبر 2024، وعلى مدار الشهور التي قضاها في معتقل (مجدو)، واجه جرائم ممنهجة -كان أبرزها التجويع- التي أدت إلى استشهاده في تاريخ 22/3/2025، وكان وليد قد أصيب بمرض (الجرب– السكايبوس) لعدة شهور، وتعرض لجريمة طبية، وحرم من العلاج حتى آخر يوم في استشهاده، إلا أنّه وبحسب التقرير الطبي بعد تشريح جثمانه، أكد أن الجوع كان السبب المركزي في استشهاده.

انتشار الجرب

خلال الشهور الماضية، طالت المعتقلين الأطفال أمراض جلدية، أبرزها مرض (الجرب السكايبوس)، الذي تحول إلى كارثة صحية سيطرت على غالبية أقسام المعتقلين، وفي عدة معتقلات مركزية، واستخدمه الاحتلال فعليا إلى أداة لتّعذيبهم، ومنهم الأطفال، وذلك عبر حرمانهم من العلاج، وكذلك تعمد الإدارة، عدم اتخاذ الإجراءات التي تحد من استمرار انتشاره.

ويحتل مرض الجرب، مجمل إفادات المعتقلين مؤخرا، خاصة أن بعضهم ممن تعافوا منه، أصيبوا به مجددا، وبحسب العديد من تقارير الطواقم القانونية، فإن العديد منهم ومنهم أطفال خرجوا للزيارة، والدمامل تغطي أجسادهم، واشتكوا من عدم قدرتهم على النوم، بسبب الحكة الشديدة التي ترافقهم على مدار الساعة، ورغم بعض الجهود التي قامت بها بعض المؤسسات للضغط على إدارة المعتقلات لتوفير العوامل التي تحد من انتشاره وتحديدا النظافة، إلا أنه وحتى اليوم، ما زال المرض ينتشر بنسبة كبيرة بين صفوفهم، وقد أدى خلال الشهور الماضية إلى التسبب باستشهاد معتقلين داخل المعتقلات والمعسكرات.

محاكم الاحتلال:

ويستكمل الاحتلال جريمته بحق الأطفال من خلال محاكمتهم بطريقة تفتقر للضمانات الأساسية العادلة، كما في كل محاكمات المعتقلين؛ التي شكلت أداة مركزية في انتهاك حقوقهم، سواء من خلال المحاكم العسكرية في الضفة، أو في القدس، والتي لا تزال قضية الحبس المنزلي فيها تتصدر العنوان الأبرز، حيث حولت سلطات الاحتلال منازل عائلات الأطفال المقدسيين إلى معتقلات.

100 طفل يواجهون جريمة الاعتقال الإداري

شكّلت جريمة اعتقال الأطفال إداريا تحت ذريعة وجود (ملف سري) تحولا كبيرا، ويبلغ عددهم أكثر من 100 طفل، بينهم من لم يتجاوزوا الـ15 عاما، لتضاف إلى مجمل الجرائم التي ينفذها الاحتلال بحقهم.

وتشهد جريمة الاعتقال الإداري، منذ بدء الإبادة تصاعدا غير مسبوق، حيث يبلغ عدد إجمالي المعتقلين إداريا 3498 معتقلا حتى بداية نيسان/ ابريل الجاري، وهذا المعطى لم يسجل حتى في أوج حالة المواجهة في الانتفاضتين الأبرز في تاريخ شعبنا.

وجددت المؤسسات مطالبتها للمنظومة الحقوقية الدولية باتخاذ قرارات فاعلة لمحاسبة قادة الاحتلال على جرائم الحرب التي يواصلون تنفيذها بحق شعبنا، وفرض عقوبات على الاحتلال من شأنها أن تضعه في حالة عزلة دولية واضحة، وتعيد للمنظومة الحقوقية الدولية دورها الأساس الذي وجدت من أجله، ووضع حد لحالة العجز المرعبة التي طالتها في ضوء الإبادة والعدوان المستمر، وإنهاء حالة الحصانة الاستثنائية لدولة الاحتلال باعتبارها فوق المساءلة والحساب والعقاب.

المصدر : وكالة وفا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين ألبانيز: الدليل على قتل المسعفين في رفح تم إخفاؤه بالفيديو: موظفة عربية في "مايكروسوفت" لمسؤول: أيديكم ملطخة بدماء غزة محافظ شمال سيناء يوضح حقيقة بناء مدينة في رفح المصرية للفلسطينيين الأكثر قراءة إصابتان برصاص الاحتلال في بيت فوريك شرق نابلس أول أيام عيد الفطر 2025 في فلسطين غدا قائمة الدول التي أعلنت أول أيام عيد الفطر 2025 غدا

مقالات مشابهة

  • تفاصيل اجتماع وزير خارجية الإمارات مع نظيره الإسرائيلي
  • القاهرة الإخبارية: أكثر من 40 شهيدًا جراء التصعيد الإسرائيلي في غزة
  • «القاهرة الإخبارية»: أكثر من 40 شهيدًا جراء التصعيد الإسرائيلي في غزة
  • في يوم الطفل الفلسطيني.. الاحتلال الإسرائيلي يعتقل أكثر من 350 طفلًا
  • الاحتلال الإسرائيلي يعتقل أكثر من 350 طفلًا فلسطينيًا
  • الخارجية الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي قتل أكثر من 17952 طفلًا خلال العدوان المستمر على قطاع غزة
  • خارجية فلسطين: الاحتلال الإسرائيلي قتل أكثر من 17952 طفلًا خلال العدوان المستمر على غزة
  • أكثر من 350 طفلا فلسطينيا في سجون الاحتلال الإسرائيلي
  • الخارجية الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي قتل 17952 طفلًا خلال العدوان المستمر على غزة
  • حماس: الاحتلال يشن حرب تجويع معلنة هدفها الإبادة والتهجير