لبنان ٢٤:
2025-04-07@18:39:56 GMT

حزب الله يدعو للتهدئة.. هل خطر الحرب الأهلية جدّي؟!

تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT

حزب الله يدعو للتهدئة.. هل خطر الحرب الأهلية جدّي؟!



في الخطاب الذي ألقاه في مناسبة الذكرى السنوية الـ17 لانتهاء حرب تموز 2006، أو ما يُعرَف بـ"انتصار آب"، توقّف الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله عند حادثة الكحالة الأخيرة، لكنه في اتجاه "معاكس" للتصعيد الذي طبع مرحلة ما بعد الحادثة، إذ دعا إلى "التهدئة وإعادة الحسابات"، مشدّدًا على وجوب معالجة الأحداث التي تحصل من هذا النوع "بالحكمة والتعقّل وروح المسؤولية العالية".


 
صحيح أنّ السيد نصر الله انتقد في كلمته "زعامات سياسية وشخصيات سياسية وقوى سياسية" متّهمًا إياها بأنها "تدفع البلد باتّجاه الحرب الأهلية"، كما ألقى باللوم على بعض الإعلام، الذي وصفه بـ"الخبيث"، في التحريض والتعبئة، لكنّه بدا أقرب إلى "خفض السقف"، حتى إنّه لم يكرّر بعض مضامين البيان الأول للعلاقات الإعلامية في الحزب يوم الحادثة، الذي بدا للوهلة الأولى "تصعيديًا"، مع الحديث عن "ميليشيات مسلحة".
 
في كلام نصر الله تحذير واضح، لا مبطن فحسب، من الذهاب إلى الحرب الأهلية، باعتبار أنّ مثل هذا الخيار سيجعل الجميع في حالة خسارة، ولا سيما أنّ أحدًا لن يتدخل لإنقاذ أحد، بل إنّ الكثير من الجهات ستعمل على تسعير هذه الحرب، وبالتالي فإنّ هذا الخيار سيأخذ البلاد إلى الخراب وسيسقط الهيكل على رأس الجميع، ولكن، هل بات خطر "الحرب الأهلية" وشيكًا حقًا، أو ربما "جديًا"؟ وما الذي يخشاه "حزب الله" تحديدًا؟
 
الخطر موجود

 
يقول العارفون إنّ خطر "الحرب الأهلية" جدّي وغير جدّي في آن، فبعض الأحداث المتراكمة "تغذّي" هذه الفرضية بشكل أو بآخر، والتي تعزّزها بعض المواقف التي يطلقها البعض، سواء عن حسن أو سوء نيّة، وسواء عن قناعة أو عن "شعبوية خالصة"، ولكن هذه الفرضية تبقى "بعيدة المنال" من ناحية أخرى، في ضوء المواقف "الحكيمة والمسؤولية" التي تأخذها بعض الأطراف "المعتدلة"، إن جاز التعبير، من المعسكرين المتنازعين.
 
بالنسبة إلى هؤلاء، يكفي للدلالة على ذلك العودة إلى "جوّ" حادثة الكحالة تحديدًا، فمن راقب الشارع يومها لا بدّ أنّه شعر بأنّ "طبول الحرب تُقرَع"، وهي طبول بدت أكثر من جليّة في حالة "الغليان" التي رُصِدت في الشارع، وفضحت "احتقانًا" في النفوس، أخذ أبعادًا مذهبية وطائفية، وهو ما كاد يُنذِر بأخذ البلاد إلى اقتتال أهليّ، لو لم تتعامل بعض القوى السياسية والأمنية والعسكرية مع الموقف بالوعي المطلوب، لتفادي الكأس المرّة.
 
أكثر من ذلك، ثمّة من يشبّه ظروف اليوم بظروف العام 1975، ليتحدّث عن "خطر حقيقي" باندلاع حرب أهلية، فالأزمة السياسية بلغت "ذروتها"، والانقسام عموديّ وعميق، علمًا أنّ ما يزيد من حدّته أنّ فكرة "الحوار" تبدو مرفوضة من قبل شريحة واسعة من الشعب، بوصفه "بلا جدوى وبلا قيمة"، بل إنّ هناك من بات يعتبر الحوار "انتصارًا لفريق ضدّ آخر"، في بلد يدرك القاصي والداني أنّه لا يمكن أن يُحكَم وفق صيغة "غالب ومغلوب".
 
ماذا يخشى "حزب الله"؟
 
في الكلام الأخير للأمين العام لـ"حزب الله"، تبدو الخشية من تأزّم الأمور واضحة، ولذلك على الأرجح استخدم النبرة الهادئة، واللهجة "الاستيعابية" في معالجة الأمر. صحيح أنّ هناك من انتقده لإلقائه كرة المسؤولية على الإعلام، لكنّ العارفين يقولون إنّه أراد بذلك التقليل من وقع الحادثة بحدّ ذاتها، باعتبار أنّها حادثة عادية، وما كانت تستأهل كلّ هذه الضجة، لو لم يضخّمها البعض، "لغاية في نفس يعقوب"، إن جاز التعبير.
 
يؤكد العارفون أنّ خلف كلام نصر الله خشية مؤكدة لدى "حزب الله" من الوقوع في فخّ "الحرب الأهلية"، لكنّها خشية يقول المحسوبون على الحزب، إنّها ليست "ذاتية"، فحتى لو أنّ هذه الحرب ليست في مصلحته، وسيكون خاسرًا بنتيجتها، لكنّ الآخرين سيخسرون أكثر منه، وفق هؤلاء، ولا سيما أنّ أيّ رهان على قدرة مثل هذه الحرب على تغيير المعادلات لن تنفع، تمامًا كالرهان على الخارج، الذي لن يجد مصلحة في إنقاذ أحد.
 
يشدّد هؤلاء على أنّ "الحرب الأهلية" لا يجب أن تكون خيارًا لدى أيّ طرف، حتى لو كان يعتقد أنّه يستطيع على "تحسين شروطه" بنتيجته، لأنّ هذا الاعتقاد ليس أكثر من "وهم"، وهم يعتبرون أنّ التفاهم بين اللبنانيين هو السبيل الوحيد لتجاوز الأزمات، تمامًا كما قال السيد نصر الله في خطابه، والمطلوب من جميع الفرقاء أن يتلقّفوا هذه الرسالة على وجه الخصوص، بعيدًا عن منطق "التحدّي والنكايات" الذي لا يفضي إلى مكان.
 
في خطابه، تحدّث الأمين العام لـ"حزب الله" عن الحوار مع "التيار الوطني الحر"، فوصفه بـ"الجدّي والإيجابي". يقول البعض إنّه أراد من ذلك أن يؤكد "قناعته" بأنّ التفاهم الرئاسي لا بدّ أن يمرّ من خلال "التيار". لكنّ البعض الآخر يقرأ في "الرسالة"، ما هو "أبعد" من ذلك، ومفاده أن الحوار، بمعزل عن أطرافه، هو "الملاذ الأخير"، لتجنّب "ويلات" الحرب، فهل تصل هذه الرسالة إلى "رافضي" الحوار؟! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الحرب الأهلیة حزب الله نصر الله أکثر من

إقرأ أيضاً:

الإعلام والحرب: “الرسالة دي للقائد الأمير حميدتي حفظه الله وصولها ليهو” (2-2)

لم ينجح إعلامنا في بناء رسالة ملحاحة للعالم في لغاته تحمله على الاقتناع بأن “الدعم السريع” منظمة إرهابية حقاً بينما حقيقة إرهابها هي كل ما في جعبتها.

أثار تعيين إعلاميين في كل من سفارة السودان في القاهرة وأديس أبابا مسألة الإعلام في الحرب من أكأب زواياها وهي فقه الوظيفة لا رسالتها. ومن بين رسائل الإعلام دعوة الفريق ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة تصويب الجهود السياسة والإعلامية ليرى العالم قوات الدعم السريع كما هي في حقيقتها: طاقة إرهابية لا جيشاً في مقابل القوات المسلحة كما طرأ لمجتمع دولي كسير ذابل.

ونواصل حديث الأمس:
من جهة أخرى ليست الحرب القائمة في السودان حرباً لمن أراد الاحتكام إلى قانون الحرب. فقام هذا القانون على افتراض أن الحرب مما يقع بين قوتين عسكريتين، وشدد على المهنية لأنها مدار تقليل فداحة الحرب لا على المدنيين كما ينبغي وحسب، بل حتى على العسكريين أيضاً. فيحكم القانون ضرب حتى الهدف العسكري، ناهيك بالمدني، بضوابط معروفة بالتناسب، فعلى القوة التي انتخبت هدفاً عسكرياً لضربه أن تحسب بدقة قوة النيران الكافية لغرضها لتصيبه بلا تفريط يتعدى الأثر إلى غيره. ويريد القانون بالتناسب أن تصيب هدفك لغرض ساعتك بلا زيادة. وشرط إحسان التناسب هو المهنية. فالقانون يطلبها نصاً بقوله إن على المتحاربين أن يكونوا على قدر كبير من التدريب في الفن العسكري ليحسنوا إدارة عملية ضرب الأهداف بتناسب. وينوه بأن تتمتع الأطراف المتحاربة باستخبارات ذكية تقع على الهدف العسكري بمهنية لا رجماً. بل شدد القانون على هذا التدريب نفسه ليحول دون السرقة والنهب في الحرب، فما وقع النهب والسلب، في قول التقرير، حتى دل ذلك على بؤس في تدريب القوة العسكرية المعنية وضعف قادتها الذين ينتهزون سانحة الفوضى العاقبة للمعارك فتمتد يدهم إلى أشياء من لا حول لهم لردهم.

فلم نرَ هذه المهنية في “الدعم” لنعدهم قوة محاربة ينطبق عليها قانون الحرب، فأول ما ينقصه هو سلسلة القيادة التي تضبط إدارته، ويشاهد السودانيون منذ الحرب فيديوهات فيها بيان كافٍ عن انحلال تلك السلسلة، ولكنهم يصرفونها كـ”هرج جاهلين” بينما هي بينة مرموقة على الطبيعة المليشياوية لـ”الدعم السريع”.
فيظهر أي جندي منهم بحديث مباشر للقائد محمد حمدان دقلو يبثه شكواه واحتجاجه، بل وخطته المثلى لإدارة الحرب. فتسمع ممن يريده تغيير وجهة الحرب من الخرطوم إلى ولاية النيل والشمالية، أو من يبث شكواه عن إهمالهم حتى إنهم يعالجون جرحاهم من المعارك على حسابهم. ويشتكي آخر في معركة الخرطوم أن عربات السلاح لم تدخل المعركة لأنها بطرف قادتهم الذين هم بين أزواجهم في دور غيرهم. بل اشتكى أحدهم للقائد حميدتي من سوء توزيع العربات القتالية. فهي في قوله راكزة في الصحراء بكبار القادة يسفيها الرمل بينما كانت الحاجة إليها ماسة في الخرطوم. وكان من رأيه أن تكون في طريقها لاحتلال بورتسودان مقر حكومة الفلول بدلاً من ضلالها عن الحرب في الخلاء، بل زاد قائلاً إن هذه الحرب في “دار صباح” (وهي لغة في الشرق عند أهل الغرب في السودان) داخلتها “ملعوبية” من الفلول الكيزان.

وجاء آخر بفيديو غاضب موجه للقائد دقلو إثر هزيمة قواتهم من الخرطوم. قال إنهم لم يجدوا معهم في ميدان القتال سوى لواءين بالاسم، أما الآخرون فغابوا بسياراتهم والذخائر التي نفدت بين أيديهم ولم يجدوا مدداً. وقال لحميدتي إنه قائم بالأمر كما ينبغي ولو نقصت فالكمال لله، وقال إنهم لم يجدوا من يمدهم بالسلاح أو الذخيرة في حر المعركة، ولم يشوش أحد على مسيرات الجيش التي قرضت الناس، واشتكى غياب السيارات ذات المدافع عن المعركة لأنها بيد قادة فضلوا أن يلازموا بيوتهم الجديدة في حي المنشية الراقي بالخرطوم.
وتجد في هذه الفيديوهات من يعبر عن قبيلته صريحاً مقابل قبيلة أخرى وبخاصة ما كان بين قبيلة المسيرية (كردفان) والماهرية (دارفور)، فقال أحدهم إنه من الفرقة 40، فرقة الجنرال جلحة، الذي كانت قتلته القوات المسلحة قبل شهرين أو نحوه، وهي فرقة مسيرية خالصة. وبدا أن المتهمين بالاستفراد بالسيارات هم من الماهرية. فقال الدعامي المسيري إن هذه السيارات للدواس ولا سبب لتكون في غير ميدانها الذي راح ضحيته منهم بالنتيجة 52 قتيلاً. وجاء بأسماء قادتهم ممن لقوا حتفهم. وقال إنهم لم ينسحبوا من كوبري المنشية بالخرطوم إلا بعد إطلاق آخر رصاصة بجعبتهم. ولم يتورع من القول إن هزيمتهم ثمرة خيانة. فوراؤها “لعبة” بينما هم أهل قضية.

وفي إشارة إلى استقلالهم كمسيرية في “الدعم السريع” قال إن فرقتهم خسرت سبع عربات في المعركة وهي ملك للفرقة 40 لا لـ”الدعم السريع”. وبدا للرجل كأن القتال صار على مثلهم لا غيرهم، وبدا كمن يقول إن شعب المسيرية هو من وقع عليه القتال بينما توارى آخرون، وربما قصد جماعة الماهرية الذين هم من خاصة أهل حميدتي. وتكررت الشكوى من اعتزالهم القتال وتمتعهم بما وقع لهم من حظ منه.
من الصعب بالطبع وصف هذه العلاقة بين الجند الدعامة والقيادة بأنها مما يستأهل به “الدعم السريع” أن يكون قوة عسكرية مما رأينا اشتراطاتها في قانون الحرب. فليس بينهم وبين قيادتهم “ضبط وربط” الذي هو ميسم المهنية. فبدا أن لكل دعامي خطة الحرب غير ما اتفق لقيادته، بل ويطلق الواحد منهم لسانه على الملأ عن “ملعوبية” في الحرب أوردتهم موارد التهلكة. وعلى هذا فالقول إن حرب السودان هي بين قوتين عسكريتين من فضول القول، فبنية “الدعم السريع” خلت من النظامية والمهنية، وبدت كطاقة إرهابية فقط.

مما يسعد أن يستعيد الإعلام موقعين في سفارتين مركزيتين للسودان في القاهرة وأديس أبابا. وليس بشارة أن غلب فقه الوظيفة في تناول هذا التعيين على فقه وظيفة الإعلام لدولة تخوض حرب موت أو حياة في عالم ذابل. ولا من يغالط أن إعلام الحكومة لم ينم تقليداً في المبادأة والطلاقة لأنه ربيب نظم حكم ديكتاتورية طال أمدها. فصار بها بوقاً لحكومة الوقت. واحتاجت حكومة الوقت في يومنا، وفي شرط الحرب، كما لم تحتج حكومة قبلها إلى إعلام بلا ضفاف لإذاعة قضيتها في الحرب برصانة. وسيحتاج إعلامها بهذا إلى الاشتباك مع العالم في منصاته ومعارفه وأعرافه بسرديات مخدومة يخرج به سيفاً لدولة لا بوقاً:
إذا كان بعض الناس سيفاً لدولة ففي الناس بوقات لها وطبول

عبد الله علي إبراهيم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الإعلام والحرب: “الرسالة دي للقائد الأمير حميدتي حفظه الله وصولها ليهو” (2-2)
  • واشنطن تحاول دفع لبنان إلى القبول باللجان المدنية... الجنوب ضفة غربية أخرى؟
  • أسرة عمان الأهلية تتبادل التهاني بمناسبة عيد الفطر
  • قنبلة الشرق الأوسط الموقوتة تهدد بالانفجار
  • مقترح مصري جديد وحديث عن فرصة للتهدئة في غزة
  • "لن تكون سهلة".. ترامب يدعو إلى الصمود في الحرب التجارية
  • ترامب يدعو إلى الصمود لأن الحرب التجارية لن تكون سهلة
  • بكري حسن صالح .. الرجل الذي أخذ معنى الإنسانية بحقها
  • ايران وفرضيات العدوان
  • عيد محور المقاومة الذي لا يشبه الأعياد