شمال سوريا.. كيف حولت المسيّرات دفة الصراع ضد الأسد؟
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
قبل بدء هجوم الفصائل المسلحة في شمال سوريا فرض النظام السوري وقواته مشهدا عسكريا على طول خطوط الجبهات وفي عمق المناطق الخارجة عن سيطرته، واستخدم بذلك طائرات مسيّرة انتحارية، منها ما كان يصيب الهدف بدقة وأخرى ترمي القنابل والقذائف من الجو.
وفي حين كان ينظر لسلاح "المسيرات" من زاوية أنه كان يحرف مسار الصراع على الأرض ويعود على النظام وقواته بالكثير من المكاسب العسكرية جاء هجوم الفصائل المسلحة ليعكس الصورة، من خلال سلاح مشابه لكنه "مضاد".
ومنذ اليوم الأول لهجوم الفصائل المستمر حتى الآن لعبت الطائرات المسيرة التي استخدمتها دورا كبيرا في تقدم مقاتليها على الأرض، وخاصة في ريف حلب الغربي وصولا إلى المدينة التي أصبحت تحت سيطرتها بالكامل.
وتتبع ذات السياسة العسكرية الآن، في الهجوم الذي بدأته على 3 محاور، في مسعى لدخول مدينة حماة وسط البلاد.
ولم يسبق وأن كشفت الفصائل وبينها "هيئة تحرير الشام" (النصرة سابقا المصنفة على قوائم الإرهاب الأميركية) عن امتلاكها لهذا السلاح بالفعل، وبينما كانت تروج له في السابق أعلنت لأول مرة الزج به في ساحة المعركة وتحت اسم "طائرات شاهين" و"كتائب شاهين".
ونشرت الفصائل، خلال الأيام الماضية، سلسلة تسجيلات مصورة وثقت من خلالها استخدام الطائرات المسيرة في استهداف الدبابات والنقاط العسكرية التابعة للنظام السوري. وأظهرت أخرى إلقاء طائرات من نوع "شاهين" لقنابل على آليات عسكرية وثكنات.
وفي غضون ذلك كانت عملية إطلاق المسيرات تتم عبر طريقتين، باليد وعن طريق أجهزة تحكم عن بعد.
كتيبة شاهين التابعة لإدارة العمليات العسكرية تنشر فيديو يوضح استهداف مسيرات تابعة لها لمناطق حساسة تتبع لنظام أسد المجرم والميليشيات الإيرانية ضمن معركة #ردع_العدوان#حلب #ادلب #سوريا pic.twitter.com/ZnoHKefHoO
— أنور النهار (@anwaralnahar) November 28, 2024
أنواع المسيرات وآلية الإطلاق
عندما يتعلق الأمر باستخدام الطائرات المسيّرة (UAVs) من قبل الفصائل المسلحة في شمال سوريا "فإن الأمر مثير للاهتمام للغاية، حيث نرى أنهم يستخدمون مجموعة متنوعة جدا من الطائرات"، وفقا للباحث، فابيان هينز.
على سبيل المثال يشرح هينز لموقع "الحرة" أن الفصائل تستخدم طائرات FPV المسيّرة بطريقة مشابهة جدا لاستخدامها في أوكرانيا، وكذلك، هناك طائرات درون تجارية رباعية المراوح يتم استخدامها، وهو شيء شاهدناه في العديد من النزاعات.
كما أن هناك نوعا من الطائرات الانتحارية التي يبدو أنها صُنعت داخل سوريا.
ومع ذلك يضيف الباحث في مجال الدفاع والتحليل العسكري في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية: "لا نعرف ما إذا كانوا قد حصلوا على مساعدة خارجية أم لا، لكن يبدو أن هناك جهدا حقيقيا للتطوير المحلي ويظهر من التصميم".
بحسب ما توثقه التسجيلات المصورة التي نشرتها الفصائل خلال الأيام الماضية يبدو أن هناك عدة نسخ من الطائرات التي تستخدمها.
وتعمل بعض النسخ بمحركات كهربائية، وأخرى بمحركات مكبسية. وعادة ما تعمل طائرة مسيّرة من هذا النوع عن طريق وجود كاميرا في المقدمة مع رابط راديو يسمح للمشغل بتوجيهها، وفق الباحث.
ومن ناحية أخرى وعلى صعيد الإطلاق والتتبع يوضح هينز أن الطائرات التي تمتلكها الفصائل المسلحة يمكنها استخدام نظام الملاحة عبر GPS مما يعني أنه لا حاجة لمشغل، حيث تُوجه الطائرة إلى الهدف تلقائيا.
ويمكن تنفيذ ما سبق على مسافات طويلة جدا، وقد رأينا هذا الأسلوب يُستخدم في سوريا من قبل لاستهداف قواعد جوية روسية، على سبيل المثال.
"سلاح منظم بمسارين"ولم يسبق وأن استخدمت الفصائل المسلحة في شمال سوريا سلاح الطائرات المسيرة في أي عملية عسكرية سابقة أطلقتها ضد قوات النظام السوري.
وبدأ النظام باستخدام هذا السلاح على نحو كبير في الفترة الأخيرة، مما أسفر عن مقتل مدنيين وعسكريين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في شمال غرب البلاد.
ويرى الباحث الأمني في مركز "حرمون للدراسات المعاصرة"، نوار شعبان، أن الطائرات المسيرة التي تستخدمها الفصائل المسلحة "من الواضح أنها مجهزة بتقنية عالية"، وليست تجارية وتم تعديلها لتحمل شحنات فقط.
ويشير في حديثه لموقع "الحرة" إلى وجود أنواع انتحارية مجنحة، وأخرى قادرة على إلقاء القذائف من الجو وقسم آخر مجهز بكاميرات، فيما يرافق قسم ثالث طائرات مهمتها تصوير العمليات.
تشي طبيعة استخدام المسيرات والأهداف التي تضربها بدقة عن وجود "تدريبات ضخمة وربما استمرت لأكثر من عامين"، بحسب شعبان.
ويقول: "يبدو أن الانضباط في عمليات التدريب ضخم جدا، وهو ما نلاحظه بعملية الكشف عنها التي لم تحصل إلا في اليوم الأول للهجوم الكبير الحاصل الآن".
وكان بمقدرة الفصائل المسلحة أن تستخدم سلاح المسيرات للرد على النظام السوري عندما كان يضرب مناطقها بالطائرات الانتحارية، لقرابة عام.
ويضيف شعبان: "لكن يبدو أن الكتائب المسؤولة عن هذه الطائرات كانت تعد لعمل عسكري وليس ردعي. بمعنى لعب عامل السرية دورا كبيرا في نجاحها في الوقت الحالي".
كتائب شاهين تنشر لحظة استهدافها العميد "عدي غصه" رئيس فرع الأمن العسكرى في محافظة حماة ما أدى لمقتله#ردع_العدوان pic.twitter.com/sc6tLcusIk
— قتيبة ياسين (@k7ybnd99) December 2, 2024
"الأمر الأكثر أهمية"
ولا يقتصر استخدام الفصائل المسلحة للمسيرات على خطوط ومحاور الهجوم الذي تنفذه، بل وصل الأمر بها لإطلاقها إلى مسافات بعيدة، وهو الأمر الذي أكدته وسائل إعلام مقربة من النظام السوري.
ويعتقد الباحث هينز أن "الأمر الأكثر إثارة وأهمية هو أن لدى الفصائل المسلحة نوعا واحدا من الطائرات المسيّرة التي يبدو أنها تعمل بالطاقة الصاروخية. فهي لا تستخدم محرك مكبسي أو كهربائي أو حتى نفاث، بل فقط صاروخ".
ووثقت إحدى التسجيلات المصورة هذا النوع من السلاح (صاروخ بجناحين)، عندما بدأ الهجوم أولا على قرى وبلدات ريف حلب الغربي.
ويوضح هينز أن "المسيرات التي تعمل بالطاقة الصاروخية (وتمتلكها الفصائل) هي مزيج بين طائرة مسيّرة وقنبلة انزلاقية".
وربما يكون مداها قصيرا، ولكن سرعتها ستكون عالية جدا، ويمكن تحميلها بحمولة كبيرة مقارنة بالطائرات المسيّرة الأخرى.
وفي بعض سيناريوهات المناطق الحضرية في سوريا، قد لا يكون المدى مهما بقدر السرعة والتأثير، بحسب الباحث.
ويتابع: "هذا المفهوم فريد جدا. وعندما تنظر إلى مفهوم فريد كهذا، يكون الأمر دائما مثيرا للاهتمام بحد ذاته. ولكنه يعني أيضا وجود جهد تطويري، حيث تحاول الفصائل تجربة أشياء مختلفة وتختار طرقها الخاصة. وعندما ينجحون في ذلك، يكون الأمر مثيرا للإعجاب للغاية".
ومن جهته يعتبر الباحث الأمني شعبان أن سلاح المسيرات الذي تمتلكه الفصائل المسلحة "ذو تقنية كبيرة جدا والعناصر مدربين".
ويقول إن "الأهم على صعيد استخدام هذا السلاح هو القدرة على ضبط الفصائل لنفسها في السابق، وعدم الكشف عنه واستخدامه في الردع".
"الآن تستخدمه في حرف صراع المعركة. الطائرات المسيرة التي تمتلكها هي سلاح هام من الناحية التكتيكية والاستراتيجية"، بحسب ما تابع الباحث الأمني السوري.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الطائرات المسیرة الفصائل المسلحة الطائرات المسی النظام السوری من الطائرات شمال سوریا رة التی یبدو أن فی شمال
إقرأ أيضاً:
ماذا يحدث في سوريا الآن؟ سيطرة على معاقل الإرهابيين في إدلب
أعلنت وسائل إعلام سورية، أن الجيش السوري سيطر على بلدة كرناز في حماة، وبلدة خناصر في حلب، مع وقوع عشرات القتلى والجرحى في صفوف الجماعات المسلحة، إثر غارات للجيش السوري على ريفي إدلب الجنوبي وحماة الشمالي.
ضربات سورية روسيةوأعلنت وزارة الدفاع السورية، إلى أن الطيران الحربي السوري الروسي المشترك، وجه ضربات جوية وصاروخية مركزة على ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي، مضيفة أن الضربة أوقعت عشرات القتلى والجرحى في صفوف الفصائل المُسلحة ودمرت العديد من الآليات والأسلحة.
وذكرت وكالة الأنباء السورية أن الجيش السوري نجح في صد الهجوم الإرهابي وحرر 6 بلدات وقرى واقعة على طريق محردة السقيلبية من سيطرة التنظيمات الإرهابية المسلحة، وهي كرناز وتل ملح والجلمة والجبين وحيالين والشيح حديد، فيما قالت وزارة الدفاع السورية، إن وحدات من القوات المسلحة تخوض بكل عزيمة وشجاعة اشتباكات عنيفة على محاور القتال بمواجهة التنظيمات الإرهابية المسلحة في ريف حماة الشمالي.
يأتي ذلك بالتزامن مع غارات مُكثفة يشنها الطيران الحربي السوري الروسي المشترك، مستهدفًا تجمعات الإرهابيين ومحاور تحركهم على ذلك الاتجاه، وموقعًا في صفوفهم خسائر فادحة في العتاد والأرواح.
نزوح نحو 50 ألف شخص في سورياوأعلنت الأمم المتحدة أن التصعيد الحاصل منذ بضعة أيام في النزاع بشمال غرب سوريا أدى إلى فرار ما يقرب من 50 ألف شخص، في موجة نزوح تسلّط الضوء على التداعيات الإنسانية الخطرة للتطورات الميدانية في هذه المنطقة.
وقال مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية «أوتشا» في بيان، إنه حتى 30 نوفمبر، نزح أكثر من 48.500 شخص، مشيرًا إلى أن وضع النزوح لا يزال شديد التقلّب، والشركاء يتحققون يوميًا من أرقام جديدة.
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش عن قلقه إزاء تصاعد العنف في شمال سوريا، داعيًا إلى وقف فوري للقتال، بحسب ما أعلن الناطق باسمه ستيفان دوجاريك، أمس الاثنين.
وقال دوجاريك في بيان، إن على جميع الأطراف بذل ما في وسعها لحماية المدنيين والبنى التحتية المدنية، خصوصًا من خلال السماح بمرور آمن للمدنيين الذين يفرون من الأعمال العدائية، مضيفا أن السوريين يعانون هذا الصراع منذ نحو 14 عامًا، وهم يستحقّون أفقًا سياسيًا يقودهم لمستقبل سلمي وليس إلى المزيد من إراقة الدماء.
جلسة طارئة لمجلس الأمن بشأن سورياوعقد مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة جلسة طارئة الثلاثاء، بناءً على طلب الحكومة السورية، إثر الهجوم المباغت الذي شنته فصائل مسلحة في شمال سوريا.
ووفقًا لمصادر دبلوماسية، جرى تقديم طلب عقد الجلسة من قبل الدول الإفريقية الأعضاء في المجلس، وهي الجزائر وسيراليون وموزمبيق، بحسب وكالة «فرانس برس»، وقد جاء هذا الاجتماع في وقت حساس بعد التصعيد الأخير بشمال سوريا، إذ شنت الفصائل المسلحة هجومًا مباغتًا، الأربعاء، مكنها من السيطرة على أحياء في مدينة حلب وعدد من القرى في ريفي إدلب.
وتشن فصائل مسلحة منذ الأربعاء الماضي، هجومًا واسع النطاق على مواقع ونقاط عسكرية للجيش السوري في حلب وإدلب شمال وشمال غرب سوريا.
قالت وسائل إعلام سورية إن حصيلة قتلى المعارك والقصف في شمال سوريا منذ بدأت الفصائل المسلحة هجومًا مباغتًا، 27 نوفمبر، بلغت 514 شخصًا، بينهم 92 مدنيًا، مشيرة إلى سقوط 268 قتيلًا في صفوف الفصائل المسلحة، و154 قتيلًا من قوات الجيش، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.