السيد حسن نصر الله.. قائداً وشهيداً
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
3 ديسمبر، 2024
بغداد/المسلة:
نوري المالكي
(الأمين العام لحزب الدعوة الإسلامية)
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿وَلَئِن قُتِلتم في سبيل اللّه أو مُتّم لَمَغفرةٌ من اللّه ورحمةٌ خيرٌ مما يَجمعون﴾
مرة أخرى؛ نعزي إخواننا في حزب الله ومراجعنا الكرام وكل أمتنا، باستشهاد الأخ المجاهد القائد الفذ السيد حسن نصر الله، ونعزي أنفسنا أولاً؛ لأن السيد الشهيد كان ابناً باراً للحركة الإسلامية منذ نعومة أضفاره، وركناً أساسياً في النهضة الإسلامية العالمية التي تجمعنا، كما كان أخاً عزيزاً وصديقاً كريماً وعضداً قوياً وسنداً وفياً، ولم ينقطع تواصلنا معه يوماً، سواء في أيام المعارضة ضد نظام البعث أو بعد سقوطه، وسنبقى نعيش أنفاسه الطيبة ومحبته، ونستذكر إنجازاته وانتصاراته ومنهجه، ما حيينا.
إن جريمة اغتيال السيد نصر الله هي حلقة من سلسلة جرائم التصفية التي ظل يرتكبها الاستكبار العالمي وحلفاؤه وعملاؤه، طيلة العقود الخمسة الأخيرة، ويستهدف فيها قادتنا ورجالنا، كما يستهدف قدراتنا التنظيمية والاجتماعية والسياسية. ونحن هنا لا نفصل بين جرائم البعث وجرائم الصهاينة وجرائم دول الاستكبار وجرائم بعض الأنظمة العربية وجرائم المنظمات الإرهابية التكفيرية والطائفية؛ فهي تنبع من مصدر واحد، وتحمل هدفاً مشتركاً، وتصب في المسار نفسه.
ورغم كثرة عمليات الاستهداف والاغتيال والإرهاب؛ إلّا أن شجرة الحركة الإسلامية ومقاومتها وحواضنها بقيت قويةً منيعةً، بل تزداد قوة ومنعة واندفاعاً، كلما سقط قائد وجرح آخر؛ فدماء الشهداء هي دافع للأمة لكي تستعيد نهوضها في كل منعطف. وها هي الحراكات الإسلامية في العراق وإيران ولبنان واليمن والبحرين؛ نماذج مشرقة لمعادلة انتصار الدم على السيف؛ ففي العراق غيّبوا قائد الحركة الإسلامية الإمام الشهيد محمد باقر الصدر؛ إلّا أن الحركة استمرت ببركة دمائه. وقبله قتلوا كثيراً من قادتها، كالشهيد عبد الصاحب دخيل والشيخ عارف البصري ومحمد هادي السبيتي، وفي لبنان غيّبوا السيد موسى الصدر، ثم اغتالوا السيد عباس الموسوي؛ لكن الحراك الإسلامي النهضوي استمر أقوى وأعظم من السابق. وفي إيران قتلوا كثيراً من قادة الثورة الإسلامية، وفي المقدمة الشيخ المطهري والسيد البهشتي ورجائي وباهنر؛ لكن الثورة باتت أقوى من السابق.
وحتى بعد سقوط نظام البعث، حاول الاستكبار وعملائه من بعثيين وطائفيين وتكفيريين، ضرب تجربة العراق الجديد، عبر عمليات التفجير والاغتيال؛ فاغتالوا السيد محمد باقر الحكيم وعز الدين سليم، وصولاً إلى أبي مهدي المهندس وسليماني؛ لكن التجربة تبلورت ونضجت وهي في طريق النجاح، رغماً عن أنوف أعدائها.
وبالتالي؛ فمن يعتقد أن المقاومة الإسلامية في لبنان انهارت أو ستنهار، لمجرد استشهاد قادتها العسكريين وأمينها العام؛ فهو واهم؛ لأن هذه المقاومة ليست جماعة شخصية أو مليشيا مسلحة أو كتلة انتخابية، بل هي النخبة النضالية التي أنجبها المجتمع ويحتضنها ويحميها ويجدد لها دماءها.
ونحن في حزب الدعوة الإسلامية على يقين بأن إخوتنا في حزب الله سيتجاوزون المحنة سريعاً، ويملأون جميع المواقع الجهادية والتنظيمية التي شغرت باستشهاد مسؤوليها، خاصة بعد وقف إطلاق النار؛ لأن الأُمة التي أنجنب حزب الله وحزب الدعوة الإسلامية والثورة الإسلامية في إيران وحركة أنصار الله وغيرها من الكيانات الاجتماعية الدينية المتجذرة؛ هي أمة ولود، لن تعيقها العقبات والتضحيات والصعوبات.
ولايزال استهتار الكيان الصهيوني بأرواح الأبرياء في فلسطين ولبنان، يزداد وحشية، ويتصاعد كماً ونوعاً؛ بسبب التبني والتسويغ والدعم المطلق الذي يتلقاه من قوى الاستكبار العالمي، والتي تبذل له الأموال والسلاح والدعم اللوجستي والمخابراتي والسياسي؛ لفرض الموت والدمار في كل مكان تحل فيه قواته، ولولا هذا الدعم والتبني؛ لانهار الكيان الغاصب خلال أيام على أيدي المقاومين، ليس الآن وحسب؛ بل ومنذ مرحلة ما قبل تأسيسه؛ لأن الكيان الصهيوني هو الخندق المتقدم الذي تتمترس خلفه أهداف الاستكبار العالمي.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: نصر الله
إقرأ أيضاً:
بين المطرقة الأمريكية والسندان الإيراني: العراق يعيد صياغة مستقبله
3 يناير، 2025
بغداد/المسلة: مع تضارب الأنباء حول زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى إيران، تبرز تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين العراق من جهة، وكل من الولايات المتحدة وإيران من جهة أخرى. تلك العلاقات التي تتداخل فيها السياسة والأمن والمصالح الإقليمية المعقدة، تبدو اليوم على مفترق طرق مع تزايد الضغوط الداخلية والخارجية.
و منذ سنوات، يحاول العراق أن يسير على حبل مشدود بين القوى الكبرى التي تؤثر عليه. فالعلاقات العراقية-الأمريكية تسير ضمن إطار تحالف استراتيجي قائم على المصالح الأمنية والاقتصادية، في حين ترتبط بغداد بإيران عبر علاقات تاريخية وجغرافية وثيقة، تكرّست بعد سقوط نظام صدام حسين.
لكن الوضع الحالي يحمل تغييرات جذرية. الرسائل الأمريكية الأخيرة للعراق، والتي تتحدث عن ضرورة “حصر السلاح بيد الدولة”، تعكس إصراراً على تحجيم دور الفصائل المسلحة . هذه الخطوة، إن أُنجزت، قد تؤسس لتحول جذري في التوازن السياسي والأمني داخل العراق.
إيران بين المصالح العقائدية والواقع الإقليمي
بالنسبة لإيران، تمثل الفصائل المسلحة في العراق إحدى أدواتها الرئيسية في مشروع “محور المقاومة”. لكن الضغوط الإقليمية والدولية، لا سيما في ظل تراجع النفوذ الايراني، قد تدفع طهران لإعادة النظر في سياساتها.
وزيارة السوداني المرتقبة قد تكون فرصة لإيران لتقييم الموقف الجديد، خصوصاً إذا ما اعتبرت بقاء نظامها السياسي أولوية تفوق الاحتفاظ بالنفوذ المسلح في العراق.
و عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض قد تكون لها تداعيات مباشرة على هذه الديناميكيات.
ترمب، المعروف بمواقفه الحادة تجاه إيران، يبدو أنه ينقل رسائل واضحة تفيد بأن واشنطن لن تتسامح مع استمرار دور الفصائل المسلحة في العراق.
ومع ذلك، لا يبدو أن الولايات المتحدة ترغب في زعزعة الاستقرار السياسي في العراق ككل. فالحفاظ على النظام السياسي القائم، لكن مع تغييرات جذرية تطال القوى المسلحة الخارجة عن سيطرة الدولة، قد يكون هدفاً أمريكياً مرحلياً.
بالنسبة للعراق، النجاح في حصر السلاح بيد الدولة قد يمنحه استقلالية نسبية عن الضغوط الإقليمية، لكن ذلك يتطلب توافقاً داخلياً بين القوى السياسية المختلفة، وهو أمر معقد في ظل الانقسامات الحالية.
وبالنسبة لإيران، فان إعادة تموضع استراتيجي قد يساعدها في تخفيف الضغوط الدولية عليها، خصوصاً إذا ما وجدت بديلاً للعلاقة مع الفصائل المسلحة كوسيلة للحفاظ على نفوذها في العراق.
اما للولايات المتحدة، فان تطوير علاقة بناءة مع العراق قد يساعدها في تقليل النفوذ الإيراني دون التورط في مواجهات مباشرة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts