السعيدون بجهلهم
بقلم : د. #هاشم_غرايبه
يقول “برنارد شو”: لا تناقش عاشقا ولا متعصبا، فالأول قلبه أعمى والثاني عقله مغلق.
لا شك أن المواهب هي هبات من الخالق، اختص بها البعض، فأظهرت تميزهم في مجال فني أو أدبي أو فكري أو رياضي ولذلك دعوا بالموهوبين، أما أن يكون الانسان موهوبا بالغباء فهذا أمر منكر.
لكن لو أمعنت الفكر لوجدت أن جهل الغبي مريح له، فقد تحسد شخصا ما لعدم معرفته أمورا أقضت مضجعك وأشقاك اطلاعك عليها، وتتمنى لو أنك تملك موهبة الغباء تلك التي قد تحجب عنك معرفة أمور لا تستطيع لها دفعا، ولمجريات يدلك إدراكك على قرب وقوعها ولا تملك لها منعا.
فقد يطلب منك أحد معارفك مساعدة مالية، ولأنك تعرف سوء تدبيره وقلة إدارته، تقول له: إن أعطيتك سمكة ستتعشى هذا اليوم لكن إن أعطيتك سنارة وعلمتك الصيد ستتعشى كل يوم، تراه يقول لك عاتبا: شكرا لا أحب صيد السمك، فتتألم لأنك تدرك أنه لن يتجاوز مشكلته طالما أنه يفكر على هذا النحو، أما هو فلن يتألم مثلك، بل سينام ملء جفونه ولن يرهق عقله بالتفكير في الحل، لأنه مقتنع أن المسألة لاتعدو كونها سوء حظ والأمر قسمة ونصيب، أنت شقي بمعرفتك أما هو سعيد بغبائه …أليس الغباء بموهبة إذن!؟.
على المستوى العام، ترى مثقفين من المتقاعدين الثوريين، ما زالوا يحلمون بأن الإمبريالية لن يهزمها الا (ديكتاتورية البروليتاريا)، والتي ستبني نظاما انسانيا بديلا، ولم تتغير قناعاتهم هذه رغم سقوط تلك المقولة، بل وانهيار المعسكر الذي كان يتبنى تلك الفكرة الخيالية.
يجيز هؤلاء لأنفسهم تفسير أي حدث على هواهم، ويقيمون الاشخاص وفق متطلبات الاعتماد الفكرية التي تجمدوا عندها، فقد يصفون عالما مثل الدكتور أحمد زكي أو مصطفى محمود بالجهل لمجرد أنه إسلامي الفكر، وقد يرمون علامة يحترم الملايين علمه مثل القرضاوي بأنه شيخ الفتنة والضلال، لكنهم لا يجيزون لأي شخص مهما كان علمه أو فهمه انتقاد سياسة او تصريح لمسؤول روسي، إذ سينبري له من سيقول له: كيف تجرؤ على المس بالمقدس؟ ومن أنت حتى ترقى الى فهمه؟.
على المستوى الإجتماعي عربيا، وبعد موجة الثورات العربية والثورات المضادة لها، شهدنا موجات تسونامية هائلة من الغباء، فبعد أربعة عشر قرنا من تحررنا من عبادة الأوثان، نرتد إليها بعدة صور، فالعالم كله ترك تمجيد الحاكم، لكنه في أغلب أقطارنا يمجّد، وتقدم له القرابين البشرية، ويهون دمار بلد باكمله من أجل بقاء تماثيل هذا المعبود في كل الميادين وعلى جنبات كل شارع، وتشعر بالغثيان عندما تقرأ للبعض ممن كانوا لا ينسون أية حركة ثورية في العالم من تضامنهم معها ضد المستبد، لكن حينما انتفض شعبهم ضد الطغيان والاستبداد الذي طالما عانوا منه هم ذاتهم أكثر من غيرهم، تجد هؤلاء وقد انتصروا للمستبد معتبرين الشعب خائنا.
أليس من الغباء أن يصدق الشخص أن الشعب كله عميل لـ (برنارد لويس)، والحاكم هو الوطني الوحيد الممانع له، مع أن هذا الحاكم ينفذ عمليا املاءات المستعمر بحذافيرها!؟.
في كل العالم انتهى حكم الجنرالات منذ سقوط نابليون، واتفقت كل الشعوب على أن العسكريتاريا هي رديف للديكتاتورية، مع كل ذلك تجد بعض المثقفين يهزجون للعسكر الذين استولوا على الحكم الديمقراطي بانقلاب عسكري، في حالة فريدة من الفصام بين المبادئ والمصالح، وسييكتب التاريخ عن هذه الحالة العجيبة، ويحار المؤرخون في تعليل كيف أن الكيدية لدى هؤلاء بحزب منافس لهم، وطمعهم باستئصال الخصم، يمكن أن تطغى على الالتزام المبدئي لدى مدعي الثقافة والتنور هؤلاء، بل والتضحية بالوطن، لدرجة أنه يهون عليهم التدخل الإجنبي الذي أدى الى دمار الأوطان وتشريد المواطنين، مقابل الحيلولة دون التحول السياسي الى الحكم بموجب منهج الله.
إن كل من يشفق على هذه الأمة، ويحلم بنهضتها وعودتها الى موقعها الانساني بين صفوف الأمم الحية، لا شك أن قلبه سيتفطر أسى وحسرة على ما وصلنا إليه من واقع أليم، لكن من لا يرى ذلك ولا يدري أي منحدر سحيق نسير فيه، لا شك انه سعيد بجهله.
أليس الغباء موهبة ..؟
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: هاشم غرايبه
إقرأ أيضاً:
لازم نحافظ عليهم .. تحرك رسمي في الزمالك يخص هؤلاء اللاعبين
كشف الإعلامي أحمد حسن مفاجأة بشأن نادي الزمالك عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.
وكتب أحمد حسن:"خاص.. إدارة الزمالك تتحرك لدفع جزء من مستحقات اللاعبين في الفترة المقبلة للحفاظ على حالة التركيز بين اللاعبين".
يواصل جوزيه بيسيرو، المدير الفني لنادي الزمالك، تحضيراته لمواجهة ستيلينبوش الجنوب أفريقي في ربع نهائي كأس الكونفدرالية، حيث يركز على دراسة الفريق المنافس من خلال مشاهدة عدة مباريات مسجلة.
يسعى بيسيرو إلى تحليل أداء ستيلينبوش بدقة للوقوف على نقاط القوة والضعف، خاصة أن الفريق يعد مجهولًا نسبيًا للجهاز الفني للزمالك، مما يستدعي إعدادًا فنيًا دقيقًا قبل المواجهة المرتقبة عصر الأربعاء المقبل.
ويعتمد الجهاز الفني للزمالك على جمع المعلومات الفنية والتكتيكية عن الفريق الجنوب أفريقي، الذي أثبت نفسه كخصم قوي في البطولة. ويركز بيسيرو على وضع الخطة المناسبة التي تضمن لفريقه التفوق في اللقاء، مع التأكيد على أهمية الجاهزية البدنية والفنية للاعبين.
من جهة أخرى، سافر عبد الواحد السيد، مدير الكرة بالزمالك، إلى جنوب أفريقيا قبل وصول بعثة الفريق، حيث توجه إلى هناك السبت الماضي لمتابعة الترتيبات الخاصة بإقامة الفريق والتأكد من توفير أفضل الظروف التي تساعد اللاعبين على التركيز والاستعداد الجيد للمباراة. وحرص عبد الواحد على تفقد ملاعب التدريب وفندق الإقامة لضمان عدم وجود أي مشكلات قد تؤثر على راحة الفريق أو استعداده للمباراة الحاسمة.
ويأمل الزمالك في تحقيق نتيجة إيجابية أمام ستيلينبوش، لتعزيز فرصه في التأهل إلى الدور نصف النهائي، خاصة أن الفريق يسعى بقوة لاستعادة اللقب القاري. ويعمل الجهاز الفني على تجهيز اللاعبين نفسيًا وبدنيًا، مع التأكيد على أهمية التركيز واستغلال الفرص خلال المباراة.