اختارت مملكة بلجيكا قلعة لاكن التاريخية لتكون مقراً لإقامة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، حفظه الله ورعاه، خلال زيارة الدولة التي يقوم بها جلالته لبلجيكا هذه الأيام. والإقامة في هذه القلعة التاريخية العريقة دليل احتفاء كبير بجلالة السلطان المعظم وتقدير لمكانته ومتانة العلاقة بين البلدين الصديقين.

وقلعة Château de Laeken، أو كما تُعرف أيضا بـ"قصر لاكن”، من أبرز المعالم الملكية في بلجيكا، وتحتل مكانة خاصة في تاريخ البلاد كموطن للعائلة الملكية البلجيكية منذ القرن التاسع عشر. وتقع القلعة وسط منطقة غنية بالحدائق والمناظر الطبيعية الخلابة في شمال بروكسل، مما يجعلها رمزًا للأناقة والجمال بالقدر نفسه التي هي فيه رمز للهيبة والتاريخ والحصانة.

تم بناء القلعة في عام 1782 بأمر من الحاكم النمساوي لبلجيكا في ذلك الوقت، الأرشيدوق ألبرت ساشسن تسشكيسن. كان الهدف من إنشائها توفير إقامة صيفية مريحة وفاخرة تجمع بين الطراز الكلاسيكي والجمال الطبيعي. وقام المهندس المعماري الشهير شارل دي ويت بتصميم القلعة، التي حملت ملامح الطراز الكلاسيكي الجديد، مع اهتمام خاص بالتفاصيل الجمالية التي كانت تُعتبر ذروة الأناقة المعمارية في ذلك العصر.

ومع استقلال بلجيكا في عام 1830، أصبحت القلعة مقرًا للعائلة الملكية البلجيكية، وفي عهد الملك ليوبولد الأول، أول ملوك بلجيكا، تم تحويل القلعة إلى إقامة ملكية رسمية. وقام الملك بتطوير الحدائق المحيطة بها وتوسيع المباني لتتناسب مع الاحتياجات الملكية. ومنذ ذلك الوقت، أصبحت القلعة مركزًا للعديد من الأحداث السياسية والاجتماعية المهمة في تاريخ بلجيكا.

وخلال القرن التاسع عشر، أضاف الملك ليوبولد الثاني لمسة خاصة للقلعة. كان للملك شغف بالهندسة المعمارية وتصميم الحدائق؛ لذا أمر ببناء البيوت الزجاجية الملكية التي ما زالت قائمة حتى اليوم. وتمتد هذه البيوت على مساحة واسعة وتحتوي على مجموعة متنوعة من النباتات النادرة، مما يجعلها تحفة فنية تعكس عظمة الحقبة التاريخية.

وشهدت القلعة تحديات كبيرة خلال الحربين العالميتين. أثناء الحرب العالمية الأولى، احتلت القوات الألمانية القلعة لفترة وجيزة، ولكنها ظلت سليمة بشكل عام ولم يتأثر بناؤها. وخلال الحرب العالمية الثانية، لعبت القلعة دورا استراتيجيا حينما أصبحت مقرا للعمليات الألمانية، مما جعلها جزءا من تاريخ بلجيكا المضطرب في ذلك الوقت.

وخضعت القلعة للعديد من الترميمات والتحديثات لتواكب العصر الحديث، مع الحفاظ على قيمتها التاريخية والمعمارية. ورغم افتتاح القلعة أو أجزاء منها في بعض الأوقات أمام الجمهور إلا أنها ما زالت مقرا أساسيا لإقامة الملك والملكة. وتُفتح الحدائق والبيوت الزجاجية الملكية للجمهور خلال فترات محددة من العام، مما يسمح للزوار بالاستمتاع بجمالها الفريد.

وتُعتبر القلعة اليوم رمزا للوحدة الوطنية في بلجيكا ومصدر فخر للبلجيكيين. فهي ليست مجرد مبنى تاريخي، بل تمثل أيضا تاريخا غنيا بالأحداث والذكريات التي شكلت هوية مملكة بلجيكا. كما تُعبر عن تطور الهندسة المعمارية الأوروبية وتفاعلها مع البيئة الطبيعية.

ويستضيف ملك بلجيكا وقرينته الملكة كبار ضيوفهم ليقيموا في القلعة تقديرا لهم وتعبيرا صادقا عن المكانة التي يتمتعوا بها في نظر المملكة. ومن يشاهد القلعة عن قرب يكتشف أنها تحفة فنية شاهدة على مراحل مختلفة من تاريخ بلجيكا، كما يكتشف حجم التداخل بين الفن والطبيعة والسياسة وكيف يمكن للتاريخ أن يبقى مركزا للقوة السياسية ومعقلا للقوة ورمزا للهيبة.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

افتتاح مهرجان شتاء قلعة بهلا في نسخته الثانية

أكد معالي سالم بن محمد المحروقي، وزير التراث والسياحة، خلال رعايته حفل افتتاح النسخة الثانية من مهرجان "شتاء قلعة بهلا"، أن المهرجانات والفعاليات التراثية تسهم في توظيف المعالم التاريخية لخدمة المجتمع المحلي وتعزيز استدامتها بما يتوافق مع متطلبات السياحة، وأشار إلى تفاعل المجتمع المحلي مع هذه الفعاليات، حيث تجد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة فرصة لعرض منتجاتها. كما أكد على أهمية توعية الأجيال الجديدة بقيمة التفاعل مع المعالم الأثرية، مثل قلعة بهلا، التي تعد موقعا مسجلا في قائمة التراث العالمي. وعبّر معاليه عن سعادته بالحفاظ على جودة المعلم واستدامته، مشيراً إلى أن هذه الفعاليات تقدم تجربة سياحية متكاملة، متمنياً أن يمتد هذا النموذج إلى مناطق أخرى في سلطنة عمان ضمن برنامج الوزارة لاستثمار المعالم التاريخية.

وشهد حفل افتتاح مهرجان "شتاء قلعة بهلا" في نسخته الثانية زخما كبيرا في البرامج والفعاليات التي تستمر حتى 14 فبراير الجاري. وأشار المهندس علي بن أحمد بن عامر الشقصي، المدير العام لشركة المراسيم للسياحة والاستثمار إلى أن المهرجان يعكس امتدادا للفعاليات التي تنظمها القلعة، والتي أسهمت في تعزيز المعالم السياحية وتنشيط الحركة التجارية في الولاية. كما لفت إلى أن إقامة المهرجان يتزامن مع ملتقى "بهلا بوابة الابتكار وريادة الأعمال"، حيث يلتقي التاريخ بالمستقبل.

وأشار إلى أن الشركة تعمل على تنفيذ خطط مرسومة تشمل استخدام التقنيات الحديثة وإقامة المتاحف والمعارض، بالإضافة إلى تنفيذ مركز العمارة العمانية وفق "رؤية عمان 2040"، مع الحفاظ على هُوية المكان وأصالته.

وتخلل الحفل عرض خطة العمل لمركز قلعة بهلا للعمارة التراثية، وفيلم يعرض كنوز جامع بهلا الأثرية. كما قدمت فرقة "فهم البادي" بالتعاون مع الشاعر محمد بن سعيد بن السبع الشكيلي شلة حماسية، بينما ألقى الشاعر إبراهيم بن علي الشيباني قصيدة وطنية. وفي نهاية الحفل، قام راعي المناسبة والحضور بجولة في القلعة للاطلاع على الفعاليات الثقافية والتجارية مثل معارض الأسر المنتجة والحرف التقليدية وصناعة الفخار والحلوى العمانية.

مقالات مشابهة

  • معرض لكبير مهندسي القصور الملكية بعهد الملك في جامعة عين شمس
  • قطرات عين لكلب مريض تلغي نتائج لاعب بلجيكي في الأولمبياد
  • افتتاح مهرجان شتاء قلعة بهلا في نسخته الثانية
  • متحف أخناتون ينظم محاضرة توعية بـ تاريخ الملك
  • الهلال يتصدر تاريخ الكرة السعودية بأكثر الألقاب في الدوري وكأس الملك
  • قلعة تاريخية تشعل سباقاً محموماً بين تايلور سويفت وترامب
  • ضبط مواطن لدخوله بمركبته في الفياض والروضات بمحمية الملك عبدالعزيز الملكية
  • جيدن سميث يفاجئ الحضور بقبعة على شكل قلعة في حفل الجرامي 67
  • القوات المسلحة والقوة المشتركة تدحر هجوما للمليشيا من ثلاثة محاور وإنتصارات كاسحة لقواتنا
  • وائل كفوري حديث السوشيال بعد ظهوره مع محمد عبده.. دويتو للتاريخ!