قراءة في الجذور الفكرية للحركة الإسلامية السودانية والحصاد المر
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
قراءة في الجذور الفكرية للحركة الإسلامية السودانية والحصاد المر
الحلقة الثانية :- التاريخ الفكري للحركة الإسلامية من التطفل الي التجريب الاعتباطي !!
عبدالعزيز حسن علي
استعرضت الحلقة الاولي من هذه السلسلة ، بعض الشهادات الموثقة لقادة الحركة الإسلامية السودانية في توصيف حصاد المشروع الإسلامي في تجربته العملية المتمثلة في دولة الإنقاذ.
الكائن الطفيلي كما يعرفه علم الاحياء بانه " كائن حي يعيش في او علي كائن حي اخر ، ويأخذ منه الغذاء، وان الطفيلي لا يمكنه ان يعيش بنفسه" . هذا الوصف يصلح تماماً لوصف فكر الحركة الإسلامية ، فالحركة الإسلامية السودانية طوال تاريخها لم تقدم مشروعاً فكرياً متكامل تنقل به المسلمين كما تدعي من الجمود الفكري الي الاحياء والمعاصرة ، وانما ظلت الحركة دوماً تتطفل علي بعض الأفكار والقيم والتجارب هنا وهنالك اما بتشويه استخدامها او بتحويلها الي شعارات فضفاضة ليس لها جذور او نظرية متكاملة التناسق تتحقق بها الاصالة والريادة وتحترم بها عقل الانسان وكرامته .
وللتدليل علي تطفل الحركة الإسلامية ( الفكري) لا نجد افضل من الدكتور حسن الترابي نفسه ، والذي أورد في كتابه "الحركة الإسلامية في السودان المنهج والكسب والتطور" ان الحركة " كانت عالة في زادها الفكري والتنظيمي علي الخارج ، وكانت تتناول غالباً ادبها من كتب الاخوان المسلمين في مصر او كتابات المودودي" . ويضيف الترابي ايضاَ " اخذت الحركة ايضاَ شيئا من منهج التنظيم والحركة من مصدر قد يبدو غريباً وهو الحركة الشيوعية التي كانت غالبة في الأوساط الطلابية وصاعدة في الوسط الحديث عامة" .
رغم حصر الترابي لمصادر زادهم الفكري والتنظيمي في ثلاث مصادر، وهي حركة الاخوان المسلمين المصرية ، وأفكار أبو الاعلي المودودي والحركة الشيوعية السودانية ، لكن الحقيقة ان الترابي تطفل واستنسخ أفكاراً لأخرين ونسبها لشخصه ولم يشر الي ذلك مطلقاً ، مثل اجتهادات الشهيد محمود محمد طه ، والمفكر الجزائري مالك بن نبي ، والمفكر الشيعي اللبناني محمد حسين فضل الله ، وأبو الحسن الماوردي بالإضافة الي ما أورده الأستاذ الحاج وراق في كتابه المميز " حركة الترابي ، والتي اثبت فيها " ان الترابي تطفل علي مائدة الفكر الفلسفي الألماني فاخذ من ديفيد هيوم وهيغل" .
والملاحظ لمساهمات الدكتور حسن الترابي المنشورة انها تفتقد للأمانة العلمية لأنه لا يشير فيها لأحد ولا يحدد أي مراجع استند عليها، ولعل في هذا حيلة للتطفل علي موائد الاخرين الفكرية بدون محاسبة ، وايضاً للتضليل لاتباعه بانه وصل لهذه الأفكار كفاحاً . ولعل هذا الامر يثير التساؤل حول اذا كان يمكن اعتبار الدكتور الترابي في عداد المفكرين حقاً ! اما انه مجرد منظم سياسي لا تحده حدود علمية ، أخلاقية أو وطنية، اعتمد التضليل ، والتلفيق والمواقف المتناقضة في ميكافيلية مازجت بين الثورة والثروة وضعت السلطة نصب عينيها وسارت اليها " لا تبالي بالرياح ".
ولان الأحزاب السياسية تنشأ لحاجة في المجتمع يحدد الترابي في نفس المرجع أعلاه أسباب نشو الحركة الإسلامية السودانية بان السبب في ذلك يعود الي "تنكب القادة الوطنيون لشعائر الدين وشرائعه ، وتورطوا في الفشل والفساد ، واخفقت اكثر النظم في توطيد الطمأنينة والاستقرار للمجتمع او في تأمين حرمة الوطن والدفاع عن ديار الإسلام ، وهكذا ازدحم العالم الإسلامي بصور الفساد والفجور في الاخلاق والاستبداد والاضطراب في السياسة والخيبة والتخلف في الاقتصاد ووجوه الاستعطاف والانكسار الدولي في وجه الصهيونية والإمبريالية". وبالطبع لان يجد القارئ وصفاً افضل من هذا لحصاد تجربة الإسلاميين في الحكم .
يجد الباحث في فكر الحركة الإسلامية السودانية صعوبة حقيقة في الحصول علي كتاب يوضح نظريتها في الحياة والحكم ، وحتي البرامج الموجودة هي برامج سياسية انتخابية في شكل شعارات اكثر من ان تكون دراسات جادة توضح أسس التداول السلمي للسلطة ، او محاربة الفقر او ترسيخ قيم العدالة الاجتماعية . يستثني من هذا الحكم كتاب اوحد للدكتور الترابي بعنوان " السياسة والحكم - النظم السلطانية بين الأصول وسنن الواقع “ ، والذي يشير عنوانه ومحتواه الي جانب واحد وهو السياسة والحكم.
ولعجز الحركة الإسلامية عن تقديم نظرية حقيقة من فقه الواقع تعتمد المواءمة بين التراث والحداثة اكتفت الحركة بالشعارات التي تبشر بقيادة العالم اجمع واسلمته ، فانتهت الي التجريب الاعتباطي مجبره بوقائع الحكم والحياة لا الشعارات الموزونة التي تصلح للغناء والحشد وليس بناء الدول والحكم الرشيد ، فاضطرت الي القبول بنائب مسيحي للرئيس في دولة الإسلام ، والقبول بالقروض الربوية واعلاء فقه الضرورة .
يعرف الدكتور حسن الترابي الحركة الإسلامية السودانية بانها " حركة تجديد إسلامي منهجها الإسلام وتلتزم بالشريعة الإسلامية"،
نواصل في الحلقة القادمة مناقشة مفهوم الشريعة الإسلامية في فكر وممارسة الحركة الإسلامية السودانية، وثم نسعي الي الإجابة علي السؤال المركزي : هل يمكن تطبيق الشريعة الإسلامية في عصرنا الراهن ؟ .
abdelazizali@outlook.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحرکة الإسلامیة السودانیة
إقرأ أيضاً:
مسؤول في حماس : الحركة لا يعينها حكم غزة
قال ممثل حركة حماس في لبنان، أحمد عبد الهادي، مساء الثلاثاء 3 ديسمبر 2024 ، إن هدف الحركة هو المقاومة ولا يعنيها الحكم في ظل وجود الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف ممثل حماس في لبنان، خلال مداخلة مع قناة (الغد)، أن الحركة حريصة على ألا تَبقى هي مَن يحكم قطاع غزة .
وتابع عبد الهادي: «الأشقاء في مصر هم مَن صاغوا الورقة التي تم التوافق عليها في القاهرة بناء على رؤية فتح وحماس»، مشيرًا إلى أن الأولوية القصوى لعمل لجنة الإسناد المجتمعي التي جرى التوافق عليها هو البعد الإنساني المدني.
وأعلن مسؤولان في حماس وفتح أن الحركتين اتفقتا على تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة، بعد انتهاء الحرب بين حركة حماس وإسرائيل المتواصلة منذ أكثر من 13 شهرا، إلا أن قياديا في حركة فتح في رام الله شكّك في إمكانية إبرام الاتفاق.
وتجري مباحثات في القاهرة منذ أيام بين حركتي فتح وحماس برعاية مصرية، بهدف التوصل إلى آلية لإدارة قطاع غزة الذي تديره حركة حماس منذ العام 2007.
وترفض إسرائيل أي دور للحركة في إدارة غزة بعد الحرب على القطاع، التي أدت إلى استشهاد 44502 شخصا، وفق وزارة الصحة في قطاع غزة.
وقال مسؤول في حماس لوكالة فرانس برس من القاهرة «بعد حوار بناء عقد في القاهرة في اليومين الماضيين برعاية الأشقاء في مصر، وافقت حماس وفتح على مسودة اتفاق لتشكيل لجنة الإسناد المجتمعي» لتولي إدارة قطاع غزة بالتنسيق مع الحكومة الفلسطينية.
وأكد مسؤول في فتح لفرانس برس أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس «سيصدر مرسوما رئاسيا بتعيين هذه اللجنة بعد اعتماده مسودة الاتفاق».
المصدر : وكالة سوا