إعادة بناء السودان – التحديات والآفاق
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
العنوان الرابع : إعادة بناء السودان - التحديات والآفاق
د. احمد التيجاني سيد احمد
**مقدمة**
**السودان يواجه لحظة مصيرية في تاريخه، حيث انقسمت البلاد إلى مناطق سيطرة مليشيا قوات الدعم السريع (الجنجويد) في الخرطوم، وحكومة الجيش المؤدلج المدعومة من بقايا النظام السابق (فلول الكيزان) في بورتسودان. الحرب المستعرة أدت إلى نزوح داخلي لما يقارب ٩ ملايين شخص، وهجرة ٤ ملايين آخرين إلى الدول المجاورة، مخلفة وراءها مشهداً إنسانياً كارثياً وواقعاً سياسياً معقداً يهدد بتفكك الدولة.
**هذه الحرب ليست إلا امتداداً لصراعات السلطة التي غذتها جماعات تسلطية استخدمت الدين والقبلية وانتماء عروبي عنصري كوسائل لتبرير تسلطها. اخترقت هذه الجماعات المؤسسات الوطنية وأضعفتها، ما أدى إلى خلق فراغ سياسي وأمني سمح بتدهور البلاد إلى هذا الوضع الكارثي.
**الواقع المؤلم بعد الثورة**
**منذ سقوط نظام البشير، استمرت الحركة الإسلامية (فلول الكيزان ) في استخدام العنف والقمع لزعزعة أي عملية انتقالية ديمقراطية، من خلال:
*استهداف الشباب:
قنص القيادات الشبابية وتصفية ناشطي لجان المقاومة، ما أدى إلى تراجع زخم الحراك الثوري.
*تفكيك لجان المقاومة:
استخدام العملاء والتضييق الأمني لتدمير البنى التنظيمية للحراك الشعبي.
*العنف الممنهج:
توظيف الجيش والأجهزة الأمنية لقمع المعارضين وترهيب المدنيين.
*التحالف مع المليشيات:
يعمل الكيزان على دعم مليشيات مسلحة واستخدامها كأداة لفرض نفوذهم في مناطق مختلفة
*الدعاية الإعلامية:
تضليل الرأي العام وتشويه صورة المقاومة الديمقراطية.
*إضعاف الحراك الشعبي:
الكيزان يدركون أن أي حركة شعبية منظمة قد تؤدي إلى اجتثاث نفوذهم بالكامل. لذلك، يعملون على القضاء على القيادات الشبابية التي تُلهم الناس بالثورة.
*خلق حالة من الخوف واليأس:
يسعون إلى إحباط السودانيين وزرع اليأس في قلوبهم، من خلال استمرار القمع والفوضى.
*إعادة السيطرة تدريجياً:
رغم سقوط نظامهم في ٢٠١٩ ، يعملون على استعادة السيطرة من خلال تحالفات جديدة مع قوى داخلية وخارجية.
**تحديات حكومات الأمر الواقع**
*إعلان حكومتين متوازيتين، إحداهما في الخرطوم (الجنجويد) والأخرى في بورتسودان (الكيزان)، يعجل بتفكك السودان، حيث أصبحت الدولة ساحة لصراع سلطوي بلا أفق سياسي واضح. في ظل غياب حكومة وطنية تمثل الشعب وتجمع قواه، يتحول السودان إلى نموذج مشابه للصراعات الطويلة في ليبيا واليمن.
**الحلول الممكنة**
١. بناء توافق مدني ديمقراطي:
*تشكيل تحالف واسع يضم جميع القوى المدنية الرافضة للحرب، بقيادة “تقدم” أو كيانات مماثلة.
*وضع برنامج سياسي واضح يرفض عسكرة الدولة ويضمن التحول الديمقراطي.
٢. إعلان حكومة انتقالية معترف بها دولياً.
**في حال فشل التوافق الداخلي، يمكن لـ”تقدم” أو القوى المدنية إعلان حكومة انتقالية برئاسة الدكتور عبد الله حمدوك، مع ضمان دعم دولي وإقليمي يتضمن حماية الاتحاد الأفريقي و البند السابع من ميثاق الامم المتحده الذي يهدف لحماية المواطنين العزل بمنع الأعمال التي تهدد السلم ووقوع العدوان.**
٣. توثيق الجرائم ومحاسبة الجناة:
*إنشاء آليات مستقلة لتوثيق الانتهاكات التي ارتكبها طرفا الصراع منذ اندلاع الحرب.
*استخدام هذه الوثائق في المحافل الدولية لمحاسبة الجناة وفرض عقوبات على المتورطين.
٤. تعزيز المقاومة السلمية:
*استعادة روح الثورة باستخدام أساليب مبتكرة مثل العصيان المدني والإضرابات الشاملة.
*دعم القيادات الشبابية في الداخل والخارج وحمايتها من التصفية.
٥. التركيز على الإعلام المستقل:
*توجيه الجهود لدعم إعلام مستقل يفضح ممارسات الأطراف المتصارعة ويعيد توحيد السودانيين حول مشروع وطني جامع.
٦. إعادة السودان إلى أجندة المجتمع الدولي:
*الضغط على الدول الكبرى والمنظمات الدولية لدعم الحل السياسي في السودان بدلاً من تأجيج الصراع.
**التحديات الدولية والإقليمية**
*تشابك المصالح: القوى الإقليمية والدولية تنظر إلى السودان من زاوية مصالحها الخاصة، مثل الموارد الطبيعية والموانئ.
*الأزمات العالمية: انشغال العالم بأزمات كبرى مثل الحرب في أوكرانيا والصراع في الشرق الأوسط، أدى إلى تراجع اهتمامه بالسودان.
*انعدام رؤية موحدة: غياب قيادة سودانية موحدة يعقد الجهود الدولية لحل الأزمة.
**خلاصة: خارطة الطريق نحو المستقبل**
**إعادة بناء السودان تتطلب جهوداً موحدة من القوى المدنية والشبابية (باستثناء حزبي الحركة الإسلامية الموتمر المحلول والشعبي و تنظيماتها الشبابية والمهنية) لاستعادة مشروع الدولة الديمقراطية. رغم التحديات، يمكن للسودانيين استعادة مكانة بلادهم إذا نجحوا في تجاوز الانقسامات الداخلية وتوحيد رؤيتهم لمستقبل مشترك.
**السودان بحاجة إلى إرادة جماعية ورؤية موحدة و استراتيجية مدروسة و تحركات متكاملة تنقذه من المصير المظلم، وتعزز أمل السودانيين في وطن آمن وديمقراطي**
**رسالة للشباب السوداني:
الشعب السوداني أظهر شجاعة تاريخية في مواجهة الديكتاتورية والعنف. استهداف قادة الحراك لن يُطفئ روح المقاومة، بل يجعل النضال أكثر إلحاحًا. السودان بحاجة إلى شبابه أكثر من أي وقت مضى، والنصر سيكون حليفهم إذا توحدوا في مواجهة الظلم
نواصل
د. احمد التيجاني سيد احمد
٢ ديسمبر ٢٠٢٤ عنتيبي كمبالا
ahmedsidahmed.contacts@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
حزب العدل: التماسك الوطني في مواجهة التحديات الراهنة ضرورة ملحة
قال محمود صالح، أمين حزب “العدل” بمحافظة الوادي الجديد، إن الحزب يعمل على توعية المصريين ونشر ثقافة العمل السياسي بين الشباب في المحافظات خصوصًا في الوادي الجديد التي تشهد حالة حراك سياسي وفعاليات رياضية وتنمية على مختلف الأصعدة.
وأضاف “صالح”، خلال حفل السحور السنوي الذي نظمه حزب “العدل” بحضور المسؤولين والشخصيات العامة، أنهم يسعون من خلال الحزب إلى إحداث تغيير إيجابي وملحوظ في حياة المواطنين، وذلك من خلال تنفيذ عدد كبير من المشروعات والمبادرات التنموية المختلفة خلال الفترة المقبلة.
واوضح أن الدولة المصرية تواجه بما لا يدع مجالًا للشك عددًا من التحديات التي تستلزم وتتطلب بشكل عاجل ضرورة التماسك الوطني لعبور تلك التحديات بسلام، فضلًا عن ما يُحاك ضد الدولة المصرية وقيادتها السياسية من مؤامرات ومحاولات لإضعاف قوتها ودورها بالمنطقة.
وأوضح أمين حزب “العدل” بمحافظة الوادي الجديد، أنه يستغل هذه المناسبة للتأكيد على موقف مصر الرافض للتهجير القسري للفلسطينيين وموقفها الثابت تجاه القضية الفلسطينية ومساعيها نحو حماية تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وصولا لإعادة إعمار غزة، وعودة الحياة لطبيعتها كحق أصيل من حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته، بحسب القوانين الدولية والقوانين الإنسانية الدولية التي تقضي بحق الفلسطينيين في إقامة دولة حرة مستقلة وتقرير مصيرهم.
وطالب بضرورة تحرك المجتمع الدولي لوقف الانتهاكات الصارخة التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، والتعدي السافر على حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة بما يُفاقم الوضع المتأزم بالمنطقة، مؤكدًا على أهمية الاصطفاف الوطني والتلاحم والتماسك المجتمعي خلف القيادة السياسية ومؤسسات الدولة ضد ما يُحاك ضدها من مؤامرات ومحاولات لإضعافه قوتها ودورها بالمنطقة.
ونظم حزب “العدل” برئاسة النائب عبد المنعم إمام، حفل السحور السنوي بأحد الفنادق الكبرى بالقاهرة، وكرم الدكتور مصطفى الفقي، والوزير هشام الشريف وزير التنمية المحلية الأسبق، والدكتور حسام بدراوي؛ كما تم تكريم الفنانة القديرة سميرة عيد العزيز، صاحبة المسيرة الفنية الطويلة.
وحضر الحفل وزير الشؤون النيابية المستشار محمود فوزي، والدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، ونائب رئيس حزب “مستقبل وطن” والأمين العام أحمد عبد الجواد، ورؤساء أحزاب الشعب "الجمهوري" و"المصري الديمقراطي" و"الحركة الوطنية" أسامة الشاهد، ورئيس حزب "التجمع"، وأحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، والدكتور السيد البدوي رئيس حزب الوفد الأسبق، ولفيف من النواب وقيادات الأحزاب السياسية.