مجازاً نطلق على القوات المسلحة السودانية، الجيش السوداني، ذلك أنه منذ انقلابهم على السلطة الشرعية في يونيو 89 بتخطيط وتنفيذ عناصر حزب الجبهة الإسلامية السودانية المزروعة و"المندسة" وسط تشكيلاته وهياكله، لم يعد كذلك، وخلال ثلاثين سنة حسوماً من الحكم الثيوقراطي الاستبدادي، أصبح هذا الجيش كيزاني كامل الدسم.

وبعد انقلابهم الثاني في 25 أكتوبر 2021م، وفي عهد البرهان، آلت القيادة العامة الفعلية لهذا الجيش، إلى قيادات مدنية متطرفة من حزب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية، لها تنسيق لصيق وقوي مع الكتائب الجهادية والمليشيات الشعبية. وأصبحت هذه القيادات هي صاحبة القرار في شأن الحرب والسليم، وهي الآمرة والناهية للقيادات العليا للجيش بما فيها القائد العام الفريق البرهان.

خلال تاريخه الطويل، والذي شارف المائة عام بالتمام والكمال، والمترع بالحروب المفتعلة وغير المبررة، في كافة الأقاليم المكونة للبلاد في الجهات الثلاث، عدى الشمال النيلي، لم ينجح الجيش السوداني في حسم أي حركة مسلحة عسكرياً. تسقط مدن، حاميات، كباري، جبال، ومباني من قبضته، وتتم تحريرها، ليصوره فرع التوجيه المعنوي على أنه انتصاراً مؤزرا، وأنهم على وشك كسب الحرب! تخمد حركة مسلحة مؤقتاً، لتندلع أخرى أشد ضرارةً في مناطق آمنة، وهكذا دواليك إلى أن افتعلت المليشيات المتحالفة مع الجيش الحرب الحالية في 15 أبريل 2023م وهي أم الحروب.

لم يخطر ببال أكثر الناس تشاؤماً، في يومٍ من الأيام أن يصل لهيب نيران الحرب إلى ولاية الجزيرة الخضراء، أو أن تؤرق طنين الطائرات المسّيرة مضاجع أهالي عطبرة، غير مبالية بالطوطم (المدفعية عطبرة) أو أن يحمي أزير المضادات الأرضية أهالي شندي والدامر النوم الهانئ، ولم يتصور أحد أن تسقط القيادة العامة للجيش في رمشة عين، رغم تحصينها بالأسوار الخرسانية الباسقة، ورغم أنفاقها المموهة، ولم يصدق الكثيرين أن مدرعات الشجرة وقاعدة النجومي الجوية بجبل أوليا، مجرد قباب خالية من ضرائح الصالحين. وحتى هذه اللحظة هنا من ينتظر "الطوطم" المدفعية عطبرة، أن تتدخل لوضع حدٍ لتقدم قوات الدعم السريع في كافة الجبهات، دون مبالاة.

لم يتعلم الشعب السوداني، من ويلات حرب الجنوب، التي أحالها الإسلاميين إلى حرب جهادية، زجوا فيها طلاب الجامعات قسراً، ليموتوا بالآلاف "فطائس"، وإلا لو أنهم اتعظوا من ألاعيب الكيزان تجار الدين، لما ضغطوا على أبنائهم مرة أخرى للاستنفار في صوف ذات الجيش الخائب، والإسلاميين الفاسدين. جندوا الشباب وابتزوا موظفي الدولة في ليكنوا وقوداً لحرب الجنوب، بسبب فشل الجيش في مهامه، وفي نهاية المطاف، خسروا الحرب، لينفصل الجنوب مأسوفٌ عليه، على النحو الذي يعلمه الجميع.

كيف ينتصر الجيش الكيزاني، وقد فرّط في قيادته العامة، وثكناته ومقراته الاستراتيجية، وفقدوا عدتهم الحساسة وعتادهم الفتاك بدون مقاومة تذكر؟ وكيف ينتصر وأن المشاة و"البندقجية" الذين يعولون عليهم هم من ذات الحواضن الإجتماعية الذين يستهدفهم الطيران الحربي يوماًن مع سبق الإصرار والترصد! وأن داعمي الجيش الكيزاني، لم يتوقفوا لحظة عن إثارة الكراهية، وممارسة العنصرية ضد الذين يقاتلون في صفوهم، هل يعلمون أنهم بشر، لهم أحاسيس وليسوا بحجر؟!

لم يحصل في تاريخ القوات المسلحة السودانية، أن قائدها العام، يأتمر بأوامر قيادات سياسية حزبية، تصدر أوامرها للجيش من وراء الحدود، ويتوعدونهم الثبور وعزائم الأمور، إن جنحوا للسلم، أو مالوا للتفاوض، أية معجزة سيحيل هذا الوهن العسكري المشين إلى نصر، ومن العاقل الذي ينتظر هذه الوعود الخلب؟

كيف يتنصر الجيش الكيزاني، وهو لا يتملك زمام أمره، وأن هنالك كتائب جهادية، ومليشيات شعبية، تستهدف قيادات الجيش العليا! هذه الوضعية المزرية للجيش السوداني، ولم يحدث له في تاريخه، ومع ذلك يحلمون بالنصر!

كيف ينتصر الجيش الكيزاني، والداعمين له يتحدثون بروح انهزامية عن دولة النهر والبحر؟ ولم يكلفوا أنفسهم بالتساؤل، لمَ يقاتل في صفوفهم أبناء الأقاليم الأخرى!

قادة الجيش الكيراني الحالي، "حشاشون بذقونهم" يبيعون الأوهام للناس، التي غيبت عقولها، ليموت أبنائهم سمبلا تحت يافطة "معركة الكرامة"، وفي نهاية المطاف، سيجلس قادة الجيش مرغمين لا أبطال للتفاوض، لتضيع أرواح ودماء أبناء المساكين سدى، كما ضاعت في حرب الجنوب، وحرب دارفور والحروب العبثية الأخرى، والتي لم يتعلم منها الشعب السوداني، ولم يتعظ منها أحد.
فرص انتصار الجيش الكيزاني، في الحروب السابقة، مضاعفة مقارنةً بفرص كسب حرب أبريل 15 2023م، الحالية، ومع ذلك لم ينصر في أي منها، ومن سابع المستحيلات أن ينتصر في الأخيرة، سيما وأن عدد المقاتلين في صفوف قوات الدعم السريع، أكثر من ضعف أعداد أفراد الجيش الكيزان ومن يقاتلون في صفوفه من الكتائب الجهادية، والمستنفرين والمليشيات الشعبية مجتمعة، ويسيطرون على ثلاث أرباع مساحة السودان، قيادتهم موحدة، وروحهم المعنوية في السماء، وعبدالحي يوسف تم هم الناقصة
فالنصر ليس التمني، وإنما الدنيا، تأخذ غلاباً.

ebraheemsu@gmail.com

//إقلام متّحدة ــ العدد ــ 178//  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

كولومبيا تعتذر للسودان عن مشاركة بعض مواطنيها كمرتزقة ضمن الدعم السريع

وصفت السفيرة الكولومبية السلوك بغير المسؤول، ونقلت احترام حكومة بلادها لشعب وحكومة السودان وعدم التدخل في شؤونه الداخلية..

التغيير: الخرطوم

تقدمت حكومة كولمبيا بالاعتذار عن مشاركة مواطنين كولمبيين كمرتزقة ضمن قوات الدعم السريع، التي تقاتل القوات المسلحة السودانية منذ أبريل 2023.

وأعربت سفيرة كولمبيا، آن ميلنيا دي جافيريا لدى القاهرة خلال لقائها بالسفير الفريق أول ركن/ عماد الدين مصطفى عدوي – سفير السودان لدى جمهورية مصر العربية، عن صدمة شعب وحكومة بلادها لدى تلقيها خبر مشاركة مواطنين كولومبيين في الحرب الدائرة في السودان ضمن قوات الدعم السريع.

ووصفت السفيرة الكولومبية السلوك بغير المسؤول، ونقلت احترام حكومة بلادها لشعب وحكومة السودان وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، حسبما أوردت وكالة أنباء السودان، مساء اليوم الأحد.

وفي 20 نوفمبر الماضي، قالت القوة المشتركة للحركات المسلحة التي تقاتل بجانب الجيش السوداني، إنها استولت على وثائق هوية تعود لمرتزقة كولومبيين خلال كمين نصبته لقافلة قادمة من دولة ليبيا كانت تحمل إمدادات لقوات الدعم السريع، التي لم تؤكد أو تنفِ الحادثة.

من جانبه، رحبَّ السفير عماد الدين عدوي، بتصريحات الحكومة الكولمبية، موضحًا أن هذه الحادثة تؤكد تورط جهات ودول في الحرب الدائرة في السودان.

وأضاف “أن جهود الحكومتين السودانية والكولمبية يجب أن تنصَّب لمنع مشاركة المواطنين الكولمبيين كمرتزقة لدى الدعم السريع.

وأوضح أن الحكومة السودانية ستفيد الجانب الكولمبي بملف متكامل بشأن مشاركة المرتزقة الكولومبيين في الحرب على الدولة السودانية ومؤسساتها.

وتًتهم الدعم السريع والميليشيات المتحالفة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية، حيث قتلت آلاف المدنيين، فضلًا عن التعذيب الجماعي والاغتصاب والنهب في الولايات الأكثر تأثرًا بالقتال.

وفي أغسطس الماضي، كشفت منظمة هيومن رايتس ووتش، في تقرير لها، عن أنه بعد أشهر من بدء القتال في غرب دارفور، وثقت 78 ضحية اغتصاب وقعت بين 24 أبريل و26 يونيو على يد قوات الدعم السريع.

كما أعرب خبراء الأمم المتحدة في نفس الشهر عن قلقهم إزاء تقارير تكشف عن الاستخدام الوحشي والواسع النطاق للاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي من قبل قوات الدعم السريع في النزاع المسلح الداخلي المستمر في السودان، ودعوا إلى إنهاء العنف المستمر.

ومنذ منتصف أبريل 2023، يخوض الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وقرابة 10 ملايين نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.

وتزايدت الدعوات من الأمم المتحدة والهيئات الدولية لإنهاء الصراع، حيث دفعت الحرب ملايين السودانيين إلى حافة المجاعة والموت بسبب نقص الغذاء، مع انتشار القتال إلى 13 ولاية من ولايات السودان الثماني عشرة.

مقالات مشابهة

  • اتهامات تلاحق الجيش و«الدعم السريع» باستهداف مخيمات النازحين بالفاشر
  • شاهد بالفيديو.. أفراد من الدعم السريع يوثقون لحظة هروبهم من سكر سنار بعد مطاردة الجيش لهم
  • الجيش السوداني …تاريخ مجيد
  • انفجار جسم غريب في الخرطوم واستمرار الاشتباكات بين الجيش والدعم السريع
  • ???? الجيش السوداني يزحف نحو مدني من عدة محاور
  • دور المرتزقة الأجانب في دعم مليشيا الدعم السريع المتمردة في الحرب على الدولة السودانية
  • البرهان: حرب السودان ستستمر طالما الخارج يدعم “الدعم السريع”
  • مسؤول بدولة الجنوب: طيران الجيش السوداني قصف منطقة بمقاطعة الرنك
  • كولومبيا تعتذر للسودان عن مشاركة بعض مواطنيها كمرتزقة ضمن الدعم السريع