قبل 40 عاما، انفجر مصنع للكيميائيات في مدينة بوبال بالهند، وقد أدى التلوث الذي أعقب ذلك إلى مقتل أكثر من 20 ألف شخص على مر السنين، ولا يزال الدمار الصحي والبيئي مستمرا اليوم، ولا يزال الضحايا يسعون إلى تحقيق العدالة في مواجهة رجال الصناعة الذين لا يجدون صعوبة دائما في الإفلات من العقاب.

استعادت صحيفتا ليبراسيون ولاكروا هذه الحادثة التي وقعت يوم 3 ديسمبر/كانون الأول عام 1984 في تقريرين منفصلين، حاولتا خلالهما إلقاء الضوء على مخلفات جوانب هذه الكارثة على المستوى الصحي أولا والاجتماعي، ثم على المستوى البيئي، بعد أن تخلت الهند عن معايير قانون حماية البيئة التي وضعتها بعد الحادث، لتظهر بانتظام في أسفل التصنيف العالمي لقياس احترام البيئة والتنمية المستدامة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صحف عالمية: المستوطنون أكثر حماسة لضم الضفة بعد فوز ترامبlist 2 of 2نيوزويك: حصول المعارضة السورية على هذا السلاح الروسي تحول مهمend of list

وقد أدى الحادث الصناعي المميت -حسب تقرير كوم باستين للاكروا- إلى تلويث المدينة الهندية بشكل دائم، وتسبب في تداعيات طبية خطيرة لأكثر من جيلين، وذلك عندما تسرب في هواء المدينة النائمة 45 طنا من إيزوسيانات الميثيل، وهو غاز أكثر سمية 500 مرة من سيانيد الهيدروجين والمنتجات السامة الأخرى، ليفقد ما بين 4 و8 آلاف شخص حياتهم خلال أول 24 ساعة، ويبقى الأسوأ في انتظار سكان بوبال البالغين 2.5 مليون.

في هذه الصورة الملتقطة في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2009 ينظر رجل هندي إلى آلات مهملة بمصنع يونيون كاربايد المهجور (الفرنسية) مأساة بطيئة ومتواصلة

وعلى مدى العقود التالية، أصيب مئات الآلاف من الأشخاص، وتوفي 20 ألفا منهم بسبب السرطان ومضاعفاته، يقول الأستاذ نيخيل ديب، من جامعة كاليفورنيا بوليتكنيك "إن كارثة بوبال هي بداية مأساة بطيئة ومتواصلة في الزمان والمكان".

ولا تزال ظلال كارثة بوبال تلوح في الأفق بنفس الشدة التي كانت عليها قبل 40 عاما -حسب تقرير ليلي شافانس لليبراسيون- وما زال المرضى يتوافدون على عيادة "شنغاري ترست" على بعد بضعة كيلومترات من المصنع القديم، حيث استقبلت أكثر من 1200 طفل مريض منذ افتتاحها، يعانون من التشوهات الخلقية والمشاكل العقلية وتأخر النمو جراء عواقب استنشاق آبائهم لمادة إيزوسيانات الميثيل.

ليبراسيون: تسرب في هواء المدينة النائمة 45 طنا من إيزوسيانات الميثيل، وهو غاز أكثر سمية 500 مرة من سيانيد الهيدروجين والمنتجات السامة الأخرى، ليفقد ما بين 4 و8 آلاف شخص حياتهم خلال أول 24 ساعة، ويبقى الأسوأ في انتظار سكان بوبال البالغين 2.5 مليون.

ووفقا لتقرير نشرته مجلة لانسيت العلمية فإن "مجموعة من الأعراض" التي تعزى إلى الكارثة لا تزال تصيب أكثر من 150 ألف شخص يتعرضون لمادة إيزوسيانات الميثيل اليوم، كأمراض الجهاز التنفسي وأمراض الجهاز الهضمي والأمراض العصبية، وأمراض العيون، كما أوردت لاكروا.

إعلان

تقول الناشطة الهندية راشنا دينغرا التي تقود النضال من أجل المطالبة بالعدالة للضحايا، "لم تحدث بوبال قبل أربعين عاما، بل هي تحدث منذ أربعين عاما"، مضيفة "لا نعرف متى سينتهي الرعب. الأطفال الذين كانوا في الرحم وقت وقوع الكارثة ولدوا مرضى. الأجيال الجديدة لديها معدل ينذر بخطر السرطان"، أما الأضرار الاقتصادية فهي لا تحصى. فكم عدد الأطفال الذين اضطروا إلى التوقف عن الدراسة للعناية بوالديهم المرضى؟".

وأشارت لاكروا إلى أنه لم يتم إجراء أي تقييم للتكلفة الاجتماعية والاقتصادية للكارثة، مع أنه تم اتهام شركة يونيون كاربايد صاحبة المصنع، التي أعيدت تسميتها "داو كيميكال"، وثبت إهمالها الصناعي، ولكن القضية تركت تتعفن عن طريق تأخير المواعيد وعدم اللجوء إلى المحاكمة، ورفض الاعتراف بالمحاكم الهندية.

لاكروا: تم اتهام شركة يونيون كاربايد صاحبة المصنع، التي أعيدت تسميتها "داو كيميكال"، وثبت إهمالها الصناعي، ولكن القضية تركت تتعفن عن طريق تأخير المواعيد وعدم اللجوء إلى المحاكمة، ورفض الاعتراف بالمحاكم الهندية.

لا إدانة

وفي عام 1989، تفاوضت شركة يونيون كاربايد الأميركية المتعددة الجنسيات على تسوية ودية مع الحكومة الهندية لدفع 14% فقط من مبلغ التعويض المطالب به، وحتى الآن قدمت دفعة واحدة بقيمة 450 مليون يورو، وقال ساتيناث سارانجي، وهو ناشط رئيسي في بوبال لديه عيادة لضحايا العنف إن "93% من الضحايا تلقوا أقل من 300 يورو إجمالا، وهو مبلغ قليل جدا مقارنة بعدد الأرواح التي أزهقت"، وأضاف "لم تتم إدانة أي من المسؤولين التنفيذيين في شركة داو كيميكال، وعارضت حكومة الولايات المتحدة باستمرار تسليمهم".

Yet another torch rally to mark the night of the disaster. Survivors won't stop fighting, and will keep these flames alive, until they are provided a life of dignity – adequate compensation, free and quality healthcare, clean water and punishment to @DowNewsroom #Bhopal40 pic.twitter.com/14b61zBxr2

— Justice for Bhopal (@ICJBhopal) December 2, 2024

إعلان

ويستمر هذا الإفلات من العقاب -حسب ليبراسيون- بالتواطؤ الضمني من جانب الحكومة الهندية التي لا تزال تعيق الإجراءات الرامية إلى الاعتراف بالضحايا، إذ اعتمدت في السنوات الأخيرة، تدابير تقييدية تجعل إجراءات الحملة الدولية من أجل العدالة في بوبال والعيادات أكثر صعوبة من أي وقت مضى.

دينغرا: ما بين 4 آلاف و12 ألف طن من المنتجات السامة لا تزال موجودة في التربة والمياه الجوفية، ولا تزال منطقة نصف قطرها يقارب 5 كيلومترات حول المصنع ملوثة، وفيها "توجد أحياء فقيرة يشرب سكانها تلك المياه"

لم يتم تنظيف الموقع الملوث للمصنع القديم مطلقًا، ويستمر في تسميم السكان المحليين من خلال تسربه إلى المياه الجوفية، ولا تريد الدولة الهندية ولا الشركة المتعددة الجنسيات تحمل المسؤولية عن ذلك، تقول راشنا دينغرا "من المؤكد أن الأمر سيكلف ملايين اليورو، لكن لا شيء سيكون بعيدا عن متناول شركة متعددة الجنسيات".

ولا يزال تحالف النشطاء الذي تقوده راشنا دينغرا يكافح من أجل إزالة التلوث وتنظيف المنطقة، لأن ما بين 4 آلاف و12 ألف طن من المنتجات السامة لا تزال موجودة في التربة والمياه الجوفية، ولا تزال منطقة نصف قطرها يقارب 5 كيلومترات حول المصنع ملوثة، وفيها "توجد أحياء فقيرة يشرب سكانها تلك المياه"، حسب الناشطة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات ما بین 4 أکثر من لا تزال

إقرأ أيضاً:

تحذير من عدم كفاية التزامات اتفاقية باريس لمنع كارثة مناخية

حذرت دراسة جديدة من عدم كفاية التزامات الدول بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، مؤكدة أن العالم يتجه بسرعة نحو ارتفاع درجات الحرارة بمقدار 2.7 درجة مئوية بحلول عام 2100، وهو ما سيؤدي إلى آثار كارثية على جميع القطاعات والبنى.

وأكدت دراسة، أجراها باحثون في جامعة أوتاوا، أن التزامات الدول الحالية بموجب اتفاقية باريس للمناخ لن تكون كافية لتحقيق الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى درجتين مئويتين، وهو الحد الذي يعتبر نقطة تحول بعدها تصبح الآثار المناخية واسعة النطاق وحادة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الاحتباس الحراري يقلّص امتصاص النباتات والتربة للكربونlist 2 of 2دراسة: تغير المناخ قد يسرّع الشيخوخة أكثر من التدخينend of list

وأجرى الباحثون تقييما شاملا لآثار ارتفاع درجات الحرارة على القطب الشمالي، وأظهرت النتائج أنه بدون زيادات كبيرة في التزامات الدول لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، "يبدو المستقبل الذي يتميز بدرجات حرارة شديدة واضطرابات بيئية عميقة أمرا لا مفر منه".

وأوضحت جاكي داوسون أستاذة الجغرافيا والبيئة المشاركة بالدراسة أن "النتائج تكشف أن خطر الوصول إلى 2.7 درجة مئوية من الانحباس الحراري كبير وأنه لا يوجد قطاع واحد في المجتمع سيبقى دون مساس، من النظم البيئية البحرية إلى البنية التحتية المحلية، فالتأثيرات المتتالية ستؤثر على كل فرد".

إعلان

وحسب الدراسة، سيؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى اضطرابات بيئية كبيرة، بما في ذلك ذوبان الجليد في القطب الشمالي وتأثيرات مدمرة على النظم البيئية البحرية.

يذكر أن اتفاقية باريس للمناخ تهدف إلى الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى أقل من درجتين مئويتين، مع السعي إلى الحد من الارتفاع إلى 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية.

لكن الاتفاقية تواجه نقص التزام الدول الكبرى مثل الصين والولايات المتحدة بتعهداتها المناخية نتيجة استمرار الاعتماد على الوقود الأحفوري، كما لم تلتزم معظم الدول بمساهماتها المالية السنوية لمساعدة الدول النامية على التكيف مع التغير المناخي.

مقالات مشابهة

  • تحذير من عدم كفاية التزامات اتفاقية باريس لمنع كارثة مناخية
  • رئيس الدولي للخماسي الحديث: مصر من أفضل الدول التي تنظم البطولات واللعبة أصبحت أكثر متعة وإثارة بالنظام الجديد
  • هكذا تحولت المباحثات التي دارت بين ترامب وزيلينسكي إلى “كارثة”
  • العلاقات الهندية المتنامية مع الولايات المتحدة وتأثيرها على العلاقات مع الصين
  • بالتزامن مع رمضان.. انتعاش سوق النساء في الهندية (صور)
  • لبيد: هذا هو الحل لغزة بعيدا عن حماس والسلطة الفلسطينية
  • تحلل وحبوب مبعثرة.. لغز وفاة جين هاكمان وزوجته وكلبه
  • المفوض السامي لحقوق الإنسان: السودان على حافة كارثة إنسانية غير مسبوقة
  • صحة البابا لا تزال معقدة رغم التحسن الطفيف على الرئة
  • الفاتيكان يكشف تطورات حالة البابا الصحية