هل يستطيع المصرف المركزي الروسي لجم تدهور الروبل؟
تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT
قد لا تنسجم أزمة العملة الروسية مع قوالب الأسواق الناشئة التقليدية. فعوض أن نشهد انخفاضاً حاداً في الاستهلاك، من خلال رفع مؤلم في أسعار الفائدة، من المحتمل أن نكون أمام إنخفاض بطيء، لكنه لا يرحم.
قلة قليلة من المستثمرين ستشتري الأصول المالية الروسية
ورفع بنك روسيا المركزي أسعار الفائدة على القروض من 8.
5 في المائة إلى 12 في المائة الثلاثاء، في محاولة لوقف تدهور قيمة الروبل. والإثنين، بلغ سعر الدولار لفترة وجيزة 102 روبل، مما دفع المسؤولين عن أسعار الفائدة إلى إجتماع طارئ. لكن سعر الصرف تدهور مجدداً الثلاثاء بعدما أدى التوقع بزيادة أسعار الفائدة، إلى انتعاش قصير.
وكتب جون سيندرو في صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أن الدافع وراء هذه التحركات هو ضيق في الفائض التجاري الضخم لروسيا. ففي يونيو(حزيران)، تدنت الصادرات المقدرة بالدولار الأمريكي بنسبة 38 في المائة عما كانت عليه قبل عام، ويعود ذلك جزئياً إلى انخفاض عالمي في أسعار السلع. وفي الوقت نفسه، ارتفعت الواردات 18 في المائة، حيث أدى إنتعاش الاقتصاد الروسي وسياسة مالية فضفاضة إلى إنفاق محلي. وقفز التضخم إلى 4.3 في المائة في يوليو. العقوبات تفعل فعلها
لكن الروبل لم يهبط إلى المستوى الذي سجله بعد غزو أوكرانيا العام الماضي، على رغم قوة الحرب الاقتصادية التي شنت على روسيا مذاك. وأنعش ذلك الجدل القديم: هل العقوبات ضد روسيا تفعل فعلها؟ ويبدو الجواب بنعم، لكن ليس بالضبط كما كان المقصود منها.
كان قطع صلة روسيا بالنظام المالي العالمي وحظر احتياطات بنكها المركزي، من الخطوات المحفوفة بالمخاطر الرامية إلى وقف عمل البنوك وإحداث انهيار إقتصادي.
لكن هذا لم يحدث. وفي الوقت نفسه، فإن إدمان البلدان الغربية على الغاز الروسي حال دون فرضها حظراً كاملاً على التصدير، مما أتاح لروسيا جني العائدات وتعزيز الإنفاق العسكري. وانتقلت التجارة إلى آسيا، وتم تفادي سقف الأسعار المفروض إلى حد كبير، واستمرت البنوك الروسية في تكديس الإحتياطات الأجنبية.
وكانت النتيجة أن الروبل فقد الوصول إلى معظم التدفقات المالية الأجنبية، لكن ليس بالنسبة إلى التدفقات التجارية التي كانت على الدوام داعمه الرئيسي. وساعد فرض "الكابيتول كونترول" العملة، من خلال منع الأشخاص من سحب مدخراتهم من البنوك الروسية.
ومع ذلك، فإن هذا الوضع يعني أيضاً أن قلة قليلة من المستثمرين ستشتري الأصول المالية الروسية حتى ولو كانت توفر عوائد أعلى. ولعل رفع أسعار الفائدة بنسبة كبيرة عند أول علامة على وجود مشاكل هو استراتيجية تحمل توقيع رئيسة البنك المركزي إلفيرا نابيولينا – وهو إجراء استنسخته معظم الاقتصادات الناشئة مؤخراً- لكنه قد يترك أثراً خافتاً فقط هذه المرة.
وبالنظر إلى المستقبل، فإن الروبل قد يعكس تدهور الإمكانات الإنتاجية لروسيا. والقيود على استيراد التكنولوجيا الأجنبية كانت هي المسألة المؤذية في العقوبات. فهذه القيود وقرارات الكثير من الشركات الغربية بمغادرة البلاد قد تفقر الاقتصاد الروسي إلى الحد الذي يتجاوز ما يمكن أن يحققه إجمالي الناتج المحلي.
ومع انخفاض مشتريات روسيا من التكنولوجيا المتوسطة والعالية الدقة من السوق الأوروبية، لاحظ الباحثون أن وارداتها من الدول التي لا تلتزم بالعقوبات، لم ترتفع بشكل كبير، مع استثناء محتمل لأشباه الموصلات الآتية من آسيا.
وهناك الكثير من الصناعات الروسية- بما فيها الدوائية والآلية وتكنولوجيا المعلومات-قد تدمرت. وفي غياب سيارات أجنبية جديدة، دفع المستهلكون بأسعار السيارات المستعملة إلى مستويات عالية، بينما كانت شركات الطيران تكافح لإبقاء أسطولها من البوينغ والإيرباص في الأجواء. وتدنى إنتاج بدائل محلية مثل سيارات لادا وطائرات سوخوي سوبر جيت 100، بسبب اعتمادها على قطع غيار أجنبية. وإرتفع معدل حوادث الطيران.
Heard on the Street: The ruble derives its value from trade flows more than financial ones. This sets a floor under it, but it also means that higher rates do little to help, argues @jonsindreu https://t.co/I9pVsg7AjO
— The Wall Street Journal (@WSJ) August 16, 2023
ومعظم هذه الحالات ستشهد تدهوراً كلما تقادمت المنتجات الغربية، كما تبين من العقوبات التي استهدفت إيران.
صحيح أن بعض الفجوات قد سُدّت من طريق التهريب والاستيراد عبر دول ثالثة. وستزداد البدائل المحلية للتكنولوجيا الغربية في نهاية المطاف، خصوصاً مع المساعدة الصينية. وأيضاً، من الممكن أن يتعافى الروبل في حال بقيت أسعار النفط تتجه إلى الارتفاع، أو في حال باتت السياسة النقدية والمالية متشددة إلى درجة تكفي لخفض الواردات بشكل ذي مغزى.
لكن من شأن ذلك أن يضع روسيا أمام مأزق قديم يؤثر على الإقتصادات النامية: عندما ينتعش النمو الإقتصادي، تزداد الواردات أكثر من الصادرات، مما يجعل العملة تعاني.
إن بقاء الرئيس فلاديمير بوتين في الحكم لمدة طويلة كان يعزى جزئياً إلى نجاحه في تفادي الأزمات النقدية، التي سادت في عهد سلفه بوريس يلتسين، لا سيما بين عامي 1992 و1998.
ومع أن الانخفاض البطيء للروبل لم يكن ذاك الذي يأمله خصوم بوتين بعد غزوه لأوكرانيا، لكن الانحدار الإقتصادي المزعج يمكن أن يكون سيئاً أيضاً.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الحرب الأوكرانية الروبل الروسي أسعار الفائدة فی المائة
إقرأ أيضاً:
اجتماع موسع رفيع المستوى بتونس لبحث مستقبل المصرف المركزي
كشف موقع “تونيزي تليغراف” الإخباري عن عقد محافظ مصرف ليبيا المركزي ناجي عيسى اليوم اجتماعًا موسعًا في تونس برعاية الولايات المتحدة ممثلًا عنها وكيل الخزانة الأمريكية، وبمشاركة ممثلين عن حكومة الوحدة الوطنية، والحكومة المكلفة من البرلمان، ورئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك، وأعضاء من اللجنة المالية بمجلس النواب ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة.
ويعد هذا الاجتماع الثاني من نوعه، بعد عقد الاجتماع الأول قبل أقل من شهر، والذي بحث مستقبل المصرف المركزي.
من جانبه، رفض النائب الأول لرئيس مجلس النواب فوزي النويري الاجتماع برعاية أمريكية، مطالبًا إبقاء المصرف المركزي بعيدًا عن التجاذبات السياسة حتى لا يكون طرفًا في الصراع، وفق بيان رسمي.
وأكد مستشار رئيس المجلس الرئاسي، زياد دغيم، في وقت سابق أن “وجود رقابة أو مشاركة دولية في ملف الميزانية الموحدة وإدارة وتعاملات المصرف المركزي أمر خطير، وهو خطوة نحو مشروع “النفط مقابل الغذاء”.
ووفقًا لموقع “أفريكا أنتلجنس” الفرنسي فإن واشنطن تسعى للحفاظ على نفوذها مع الإدارة الجديدة للمصرف ومراقبة عملياته، حيث عرضت المساعدة الفنية لتعزيز الشفافية في معاملات البنك المركزي بعد تعيين الإدارة الجديدة.
المصدر: تونيزي تليغراف
مصرف ليبيا المركزي Total 0 مشاركة Share 0 Tweet 0 Pin it 0