عكفت وسائل الإعلام العبرية في الشهور الأخيرة على الحديث المتكرر حول تزايد هجرة اليهود العكسية من دولة الاحتلال باتجاه دول أخرى، لاسيما الغربية منها.

وتصدر تدهور الوضع الأمني فيها، وفقدان الأمان الشخصي مع استمرار العدوان على غزة، الأسباب مما يعني تجاوزا إسرائيليا واضحا للمواقف القديمة القائلة بأن هذه الهجرة العكسية ممنوعة وخطيرة وخاطئة.



عامير عكيفا سيغال عالم الاجتماع، والناشط اليساري، وأستاذ دراسات الهجرة والعولمة والعلاقات العابرة للحدود بالجامعة العبرية، أكد أن "البيانات المتوفرة تكشف عن زيادة في أعداد الإسرائيليين الذين لم يتواجدوا في الدولة منذ أكثر من عام، وخرجوا بصورة كبيرة منها، رغم أن هناك أعدادا أخرى منهم يعودون لزيارة واحدة أو أكثر خلال العام، لكن لم يتم احتسابهم في هذا الإحصاء، لكن المعطيات الأكيدة تتحدث عن أولئك الذين غادروا الدولة بعد وفي ظل هجوم حماس في السابع من أكتوبر، والحرب التي تلتها في غزة".

وأضاف في مقال نشره موقع زمن إسرائيل، وترجمته "عربي21" أن "المعطيات تشير أن الإسرائيليين في اتجاه واضح لمغادرة الدولة، والتخطيط لذلك، أو الاستعداد له، وتشمل جميع من يخططون للمغادرة، سواء تحققت أم لا، لاسيما منذ العامين الأخيرين، حين بدأ الانقلاب القانوني أوائل 2023، حيث بدأت تظهر بوادر خطيرة، منها نقل الاستثمارات الاقتصادية خارج الدولة، ومحاولة إصدار جواز سفر أجنبي، ومحاولات إيجاد فرص في الخارج، مما شكل منعطفاً حاداَ، مع خروج نحو مليارات الدولارات في الأشهر الأولى من الانقلاب".

وأشار أن "هذا الاتجاه بات أقوى بعد السابع من أكتوبر، عندما قفز تدفق رأس المال للخارج إلى قرابة 6 مليارات دولار ، وهذه بيانات توضح حالة عدم اليقين الاقتصادي، ومخاوف المستثمرين بشأن الوضع في الدولة، وهذه ليست أرقام نهائية، لكن المفاجئ فعلا أن العديد من الإسرائيليين اشتروا منازل في قبرص واليونان وإسبانيا والبرتغال وغيرها".

ونقل عن البروفيسور يوفال نوح هراري، الموصوف بأنه "أحد رموز الإجماع الإسرائيلي"، أن "هناك ظاهرة لتزايد إصدار الإسرائيليين لجوازات السفر الأجنبية، خاصة مع اندلاع حرب غزة الضروس التي لا تظهر علامات على نهايتها، مما يدفع الشباب الإسرائيلي لمغادرة الدولة، ممن ليس لديهم التزام بالأطفال والممتلكات، مما يعني أننا نشهد رحيل جيل يعتقد أن الوقت قد حان للمغادرة، ولهذا السبب فإن موجة الرحيل، وهي كبيرة أيضًا، ستزداد في الفترة القادمة".

وأكد أن "أسباب الهجرة الإسرائيلية العكسية واضحة، وبعضها قديم، بما فيها تكلفة السكن، ومحدودية الفرص المتاحة في إسرائيل، مما يدفع بدوره لإصدار صافرة التحذير، والاستعداد للمغادرة، لكن الأسباب الجديدة شديدة، حيث لم يتوقف الانقلاب القانوني رغم الحرب، بل يزداد حدة، والحرب الحالية لن تنتهي قريبًا، ولذلك فإن نسبة لا بأس بها من المهاجرين ممن تم إجلاؤهم، وما زالوا نازحين، عن المستوطنات الشمالية والجنوبية، وبالتالي فهم بعيدون عن منازلهم على أي حال، بجانب أسباب أخرى تشمل طول فترة الخدمة الاحتياطية الطويلة في الجيش، وانهيار صناعة السياحة، بعد سنوات من فيروس كورونا".



وأكد أن "هناك محاولة من معسكر اليمين للتعامل مع موجة الهجرة العكسية تتسم بردّ الفعل الكلاسيكي المتمثل بإنكار المشكلة، بجانب لوم المهاجرين الجدد للخارج، مما يؤكد أنه لا يفهم الكثير عن دوافعهم، ولا يقتنع بالأرقام المعلنة، رغم أنها تظهر زيادة في اتجاه المغادرة، مما يعني أن زيادة أعداد المهاجرين من إسرائيل يعني أن البقاء فيها غير مريح لهم، بل إن بعض أوساط اليمين لم تتردد في تقديم تصور خاطئ وعنصري لهؤلاء المهاجرين، لاسيما الناطقين بالروسية، والتشكيك بيهوديتهم، والاستمرار بنفي وجود مشكلة على الإطلاق".

وأشار أن "ذعر معسكر اليمين من تزايد أعداد المهاجرين العكسيين دفع بأحد منظريه كالمين ليبسكيند لتحذيرهم أنهم يقودون المشروع الصهيوني بعكس اتجاهه، مما يعني تشويهه لهم، ومحاولاته إهانتهم، رغم أن ذلك لن يغير الصورة الماثلة ومفادها أن الهجرة من إسرائيل خطوة مشروعة، نقبلها على هذا النحو في كثير من الحالات، بل يجوز الخروج منها لأن العديد من الإسرائيليين يشعرون بالسوء فيها، ولأنهم توقعوا أن يكون الوضع فيها أفضل من أي مكان آخر، لكن الفرص هنا غير كافية".

وأكد أنه "يجوز للإسرائيليين مغادرة الدولة احتجاجاً على سلوك الحكومة، وإعفائها الشامل لليهود المتشددين من الخدمة العسكرية، واستمرار الإبادة الجماعية في غزة، وتخليها عن المختطفين، يجوز المغادرة للعيش بسلام، والحصول على أشياء ليست موجودة هنا، وكي لا يتم تجنيد مزيد من الإسرائيليين في الجيش، ولشراء منزل أكبر، في موقع أفضل، وبسعر أقلّ، وغيرها من الأسباب".

وأوضح أن "ظاهرة الهجرة العكسية للإسرائيليين جاءت بعد خمس سنوات أخيرة أرهقتهم، بعد سنوات متواصلة من حكم بنيامين نتنياهو، إلى أن جاء العام 2023 بمثابة ضربة مؤلمة ومحبطة، تمثلت بحرب بلا توقف، وإسرائيليون وفلسطينيون يموتون كل يوم، ودولة في حالة انهيار، واقتصاد متدهور، وحكومة منفصلة عن الواقع، وفاسدة ومسيحية، واتساع الفجوات المتزايدة بين الإسرائيليين".

وختم بالقول إن "كل هذه أسباب تجعل مغادرة إسرائيل أمرا مفهوما، بل إنها خطوة الاحتجاج الأخيرة لإخبار الدولة التي "خانتهم" أنهم لا يستطيعون البقاء فيها، والاستمرار في سفك دمائهم من أجل حرب أبدية غير ضرورية، وإبادة جماعية في غزة، وحكومة فاسدة وقطاعات طفيلية، لذا، نعم، يُسمح بمغادرة إسرائيل، وفي بعض الأحيان يكون ضروريا، لأنها البيان الأخير، وآخر رصاصة في البندقية، والخطوة الأخيرة للإسرائيليين المنهكين واليائسين".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية اليهود الاحتلال الهجرة العكسية فلسطين مستوطنين الاحتلال يهود هجرة عكسية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الهجرة العکسیة مما یعنی

إقرأ أيضاً:

بينما يقضي «نتنياهو» عطلته في هنغاريا.. الاحتجاجات تعمّ إسرائيل

شهدت إسرائيل موجة احتجاجات جديدة، حيث خرج آلاف المتظاهرين إلى شوارع تل أبيب، مطالبين “بالإفراج الفوري عن الأسرى ومنددين بأداء حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو”.

وأطلقت عائلات الأسرى نداء عاجلا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قبل زيارة “نتنياهو” المرتقبة إلى واشنطن، قائلة في بيان: “أبناؤنا يعانون من تعذيب يومي.. يشربون ماء المراحيض، بينما المفاوضات تتعثر بسبب مصالح سياسية”.

وفي ساحة الاحتجاج الرئيسية بتل أبيب، وجه عومر وينكيرت، أسير سابق في غزة كلمة مثيرة إلى نتنياهو، قائلا: “تعال وانظر إلى عيني! هؤلاء المختطفون يعيشون في جحيم.. الحكومة تتخاذل!”.

بدورها، هتفت وزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني في ساحة “هابيما”: “كفى! لقد تجاوزنا الخط الأحمر منذ زمن طويل”، في إشارة إلى استمرار أزمة الأسرى.

وأشار نائب وزير الأمن العام السابق، عضو الكنيست يوآف سيغالوفيتش، المشارك في الاحتجاجات، “إن تحركات الحكومة لتقويض الديمقراطية في هنغاريا، التي زارها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هذا الأسبوع”.

وقال: “هناك، في هنغاريا اختار رئيس الوزراء الإسرائيلي قضاء عطلة نهاية الأسبوع ضيفا على فيكتور أوربان، دولة إسرائيل في حالة حرب، 59 أسيرا إسرائيليا محتجزون في أنفاق حماس منذ 547 يوما، وجنود الاحتياط يخدمون مئات الأيام، هو في هنغاريا، صورة نتنياهو في بودابست هي عكس الصورة هنا تماما: حشد ضخم من محبي الديمقراطية يقاتلون من أجل صورة دولة إسرائيل”.

وأضاف: “المجر نموذج نتنياهو: دولة غيرت وجهها من ديمقراطية إلى دولةٍ تآكل فيها النظام القضائي، وتغير الدستور، وانعدمت فيها استقلالية الإعلام- هذا هو نموذج نتنياهو”.

وتابع: “في المقابل، فإن إسرائيل اليهودية والديمقراطية، كما وُصفت في إعلان الاستقلال، هي نموذجنا، أقول لـ”نتنياهو” من هذه المنصة: لن تكون دولة إسرائيل هنغاريا.. سافر نتنياهو وعلامة قابيل على جبينه، رئيس وزراء السابع من أكتوبر، وحكومة الدمار”.

هذا ووفقا لاستطلاع نشرته صحيفة “معاريف”، “وأكد 48% من الجمهور في إسرائيل أن استمرار الحرب على غزة تعرقل احتمال استعادة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة، بينما اعتبر 41% أن استمرار الحرب يسهم في استعادة الأسرى، وقال 11% إنهم لا يعرفون الإجابة”.

لابيد: كل يوم تقضيه الحكومة الإسرائيلية في السلطة قد ينتهي بكارثة كبرى

قال زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، “إن كل يوم تقضيه الحكومة في السلطة “قد ينتهي بكارثة كبرى أخرى وقد يؤدي إلى إزهاق أرواح”.

وأضاف زعيم المعارضة الإسرائيلية، في تغريدة على موقع “إكس” اليوم الأحد، أن “هروب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من المسؤولية والخوف من قضية “قطر جيت” هو السبب الحقيقي وراء الإقالة المتسرعة والهستيرية لرونين بار”.

وفي 31 مارس الماضي، أعلنت وسائل إعلام عبرية، “أن النيابة العامة الإسرائيلية أعلنت الموافقة على استدعاء نتنياهو للشهادة في قضية الأموال القطرية المعروفة بـ”قطر غيت”.

وذكرت صحيفة “يديعوت أحرنوت” أنه “عقب اعتقال شخصين من مكتب رئيس الوزراء “وافقت المستشارة القانونية للحكومة الإسرائيلية جالي بهاراف ميارا على استدعاء رئيس الوزراء للإدلاء بشهادته في القضية”.

وذكرت الصحيفة أن “استدعاء نتنياهو سيتم للإدلاء بشهادته فقط، وليس للاستجواب، حيث لا يشتبه في تورط رئيس الوزراء بأي جرائم في القضية”.

وأعلنت الشرطة في التاريخ ذاته “عن إلقاء القبض على شخصين مشتبه بهما للتحقيق في قضية “قطر غيت”، والمشتبه بهم هما مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي يوناتان أوريتش، والمتحدث السابق باسم مكتبه إيلي فيلدشتاين، وتتمثل الشكوك الموجهة ضد فيلدشتاين وأوريتش في الاتصال بعميل أجنبي والرشوة وخيانة الأمانة والجرائم الضريبية”.

وحسب صحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية، جاءت هذه التطورات على خلفية قضية “قطر غيت”، عندما أعلن رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) المقال، رونين بار، الشهر الماضي، “أنه يجري فحص العلاقة بين المسؤولين في ديوان رئيس الحكومة الإسرائيلية وقطر، بسبب “مخاوف من الإضرار بأسرار الدولة”.

مقالات مشابهة

  • إيران: العقبة الأخيرة في خطة إسرائيل للهيمنة على الشرق الأوسط
  • تقرير خاص لـCNN: إيران تجند مراهقين سويديين فيحربها الخفية ضد إسرائيل
  • فيما إسرائيل تبيد أهل غزة.. الامارات تستضيف وزير خارجية الاحتلال 
  • توقيع شراكة بين "هيئة الشارقة للكتاب" وإحدى شركات الكتب الصوتية والإلكترونية
  • لم نصدر قطعة للاحتلال.. دولة أوروبية تشدد صادراتها إلى إسرائيل
  • مراسل سانا: مظاهرة شعبية في دمشق دعماً لغزة ووقف حرب الإبادة الجماعية فيها، ورفضاً للاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على سوريا، واعتزازاً بشهداء درعا الذين ارتقوا جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي غرب المحافظة
  • كارثة صحية.. 13 ألف مريض في غزة بحاجة لعلاج في الخارج
  • بينما يقضي «نتنياهو» عطلته في هنغاريا.. الاحتجاجات تعمّ إسرائيل
  • بعد دعمها للاحتلال.. وكيل دفاع النواب يطالب بإسقاط الجنسية المصرية عن داليا زيادة
  • الولايات المتحدة تعتزم إيقاف منح تأشيرتها لجميع مواطني دولة جنوب السودان