صنعاء مستمرة في التصعيد: كيف ستكون المرحلة المقبلة؟
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
تعيد الولايات المتحدة -التي تبنت تفكيك جبهة اليمن- محاولاتها ثانية في ثني صنعاء عن مساندة غزة والشعب الفلسطيني. وعلى الرغم من أن جهودها، التي تنوعت بين ترهيب وترغيب باءت بالفشل، تعيد الكَرّة وهذه المرة عبر تقديم الاعتراف بصنعاء “كجهة شرعية وحيدة” في المناطق التي تحت سيطرتها، أو تحريك الجبهة على الحدود مع السعودية لتشتيت الجهد الحربي.
أعلن المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع أن “القوة الصاروخية نفذت عمليةَ استهداف لهدف حيويّ بمنطقة يافا المحتلة”. وقال، في بيان يوم الأحد، إن “العملية تمت بصاروخ فرط صوتي نوع فلسطين 2… وقد أصاب الصاروخ هدفه بنجاح”.
وبعد تنفيذها العملية في العمق الكيان، بعد أن وصلت المسيرات سابقاً إلى يافا، استهدفت القوات المسلحة مدمرة أميركية وثلاث سفن إمداد تابعة للجيش الأميركي في البحر العربي وخليج عدن. وجاءت تلك العمليات بعد أن كثُرت الضغوطات طيلة الفترة الماضية على صنعاء بهدف العدول عن قرارها بفرض الحظر على السفن المتجهة إلى كيان الاحتلال، ورفع مستوى العمليات العسكرية رداً على تصعيد العدوان على الشعب الفلسطيني والذي وصل إلى حد تبخير الجثث بعد قصف المباني بأسلحة محرمة دولية إضافة لممارسة الابادة الجماعية والتهجير والتجويع بشكل ممنهج. حيث أشار العميد سريع إلى أن القوات المسلحة اليمنية، نفّذت عملية عسكرية نوعية ومشتركة، استهدفت مدمرة أميركية و3 سفن إمداد تابعة للجيش الأميركي في البحر العربي وخليج عدن. وأشار إلى أن سفن الإمداد المستهدفة هي “ستينا أمبيكابل” و”ميرسك ساراتوغا” و”ليبرتي غريس”، مضيفاً أن العملية نُفّذت بـ 16 صاروخاً باليستياً ومجنّحاً وطائرة مسيّرة، وكانت الإصابات دقيقة ومباشرة.
وأكد بما يمكن وضعه ضمن إطار الرد على الهجمات الاعلامية التي شنت أخيراً، وتركزت حول مزاعم “برود” الجبهة اليمنية في إسناد غزة، أن القوات المسلحة اليمنية “ستضاعف من عملياتها العسكرية بالصواريخ والطائرات المسيرة نصرة لقطاع غزة والضفة الغربية”، مشدداً على أن “عمليات القوات لن تتوقف إلا بوقف العدوان على قطاع غزة ورفع الحصار عنه”.
من ناحية أخرى، فإن الحديث المتزايد حول رغبة الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب في إنهاء الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة لافتتاح عهده “بإنجازٍ” عجز سلفه جو بايدن في تحقيقه، قد لا يشمل رغبته في تهدئة كاملة تشمل كافة الجبهات بما في ذلك اليمن. اذ يرى محللون أن المرحلة المقبلة ستشهد تصعيداً ضد صنعاء وبأشكال عدة. فكيان الاحتلال ومن خلفه الولايات المتحدة، يتعاطى مع تجربة اغلاق باب المندب والممرات البحرية مقابل السواحل اليمنية على أنه واقع خطر. واذا كانت واشنطن قد عجزت خلال الفترة الماضية عن فرض واقع مغاير وفك قبضة صنعاء عن عنق كيان الاحتلال، فهي لن تتردد في الفترة المقبلة، وبأساليب مختلفة عن المحاولة مجدداً. لأنها، وللأهمية القصوى والحاجة الملحة لتلك الممرات، لن تعتبر واشنطن أو تل أبيب ما جرى، أمراً عابراً. والواضح من خلال الزيارات المتتالية لمسؤولين أميركيين وضباط كبار للمناطق غير الخاضعة لسيطرة صنعاء، خاصة في عدن، أن إعادة تحريك الجبهات الداخلية في مأرب وغيرها من خطوط النار، أمراً متوقعاً.
على الرغم من أن “نزع سلاح صنعاء وتجريدها من نقاط قوتها العسكرية” كان مطلباً سعودياً مع بداية الحرب على اليمن مطلع عام 2015، وفشل المساعي بعد حرب مستمرة لأكثر من 9 سنوات، إلا أن واشنطن التي لم تضع “ثقلها” العسكري إلى جانب الرياض في التحالف الدولي حينها، مع اعتبار ما جرى “معركة هامشية”، باتت تنظر اليوم إلى جبهة الاسناد اليمنية التي أثرت بشكل مباشر على المصالح الاسرائيلية والاميركية في المنطقة، على أنها معركتها. لكن ما ستصطدم به مجدداً، أن مختلف الاساليب التي تمت تجربتها سابقاً على امتداد الاراضي اليمنية، من تحريك الميليشيات الارهابية، إلى دعم المجموعات المسلحة في محاولة اعادة السيطرة على المناطق التي كانت صنعاء قد سيطرت عليها سابقاً، بمساندة غطاء ناري كثيف من سلاح الجو، والحصار البحري والجوي والبري، لم يؤت ثماراً، ولا زالت القوات المسلحة اليمنية تحتفظ بمنظوماتها الصاروخية التي حُفظت عميقاً في باطن الجبال.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: القوات المسلحة الیمنیة
إقرأ أيضاً:
تحدّيات المرحلة المقبلة أمام الحكومة
كتب زياد عبد الصمد في "النهار": تواجه الحكومة اللبنانية الجديدة مجموعة معقدة من التحديات التي تتطلب استجابات سريعة وحلولاً جذرية. فعقب النزاع الأخير والتوصّل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، تبرز الحاجة إلى تثبيت الاستقرار الأمني من خلال توحيد السلاح تحت سلطة الدولة وضمان سيادتها على كامل أراضيها. وفي الوقت ذاته، تستمر الأزمة الاقتصادية في التفاقم، ما يستدعي إطلاق مسار إصلاحي شامل يشمل إعادة هيكلة القطاع المصرفي، واستعادة ثقة المجتمع الدولي والجهات المانحة، وإرساء أسس الحوكمة الرشيدة. إلى جانب ذلك، تُلقي التحديات الاجتماعية بثقلها على المشهد العام، حيث بلغت معدلات الفقر والبطالة مستويات غير مسبوقة، ما يتطلب تبنّي سياسات تنموية شاملة تضمن العدالة الاجتماعية وتحسين مستوى معيشة المواطنين. وفي سياق الإصلاحات الضرورية، يبقى تحديث قانون الانتخابات أمراً محورياً لضمان نزاهة العملية الديموقراطية وتعزيز ثقة اللبنانيين بمؤسسات الدولة. لبنان اليوم عند مفترق طرق، ومسار الحكومة الجديدة سيحدد ملامح المرحلة المقبلة، بين ترسيخ الاستقرار والانطلاق نحو التعافي، أو الاستمرار في دوامة الأزمات المتلاحقة. يُشكّل تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بمندرجاته كافة، خاصة توحيد السلاح تحت سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها، أولوية قصوى. ويشمل ذلك السيطرة على جميع المعابر الحدودية البرية والبحرية والجوية، لمنع أي انتهاكات أمنية أو استخدام هذه المعابر في عمليات غير شرعية. وفي هذا السياق، برز موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال جلسة الثقة، حيث بدا متملصاً من الاتفاق عندما أشار النائب فراس حمدان إلى دوره في المفاوضات، إذ قال بري إنه لم يوقع على الاتفاق، غير أن الجميع يدرك دوره المحوري في التوصّل إليه عبر المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل بوساطة أميركية قادها المبعوث عاموس هوكشتين. وعلى الرغم من محاولات بعض الأطراف، لا سيما قيادات "حزب الله"، تفسير الاتفاقية وفق مصالحهم الخاصة، فإن نصوصها واضحة وتُلزم الدولة اللبنانية بتنفيذها التزاماً بالقرارات الدولية. كما أن تطبيق الاتفاقية يُسقط الذرائع التي تستغلها إسرائيل للبقاء في لبنان ومواصلة انتهاكاتها، بما في ذلك عمليات الاغتيال والغارات الجوية والتحليق المستمر للطائرات المسيّرة في الأجواء اللبنانية.وترتبط مسألة إعادة الإعمار بمدى التزام لبنان بالاتفاقية، وبالتالي ضمان استقرارها والتأكد من أن الحرب لن تتكرر، ما يجعل الحدود اللبنانية آمنة. فمن المعروف أن حجم الدمار هائل، ولا يقتصر على تدمير البيوت، بل يشمل البنية التحتية والخدمات العامة التي استهدفها العدو بطريقة إجرامية تفوق الوصف. وفي مواجهة التحديات الكبرى التي سيبدأ هذا العهد بمواجهتها عندما يبدأ العمل الفعلي لتحقيق أجندته الإنقاذية في مجالي السيادة والإصلاح، من الهام ألا يبتعد عن الحاضنة الشعبية الداعمة التي من المرجح أن تشكل الدعامة والحصانة في مواجهة المنظومة التي طالب ناس 17 تشرين بمحاسبتها. لذا، فإن نجاح الحكومة في تحقيق الإصلاحات المطلوبة مرهون بقدرتها على مواجهة هذه العوائق، وبإرادة شعبية تدعم التغيير، وتطالب بالشفافية والمساءلة، وتسهم في استعادة ثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي، بما يمهّد الطريق نحو مرحلة جديدة من الاستقرار والازدهار وبناء دولة القانون والمؤسسات.