الجزيرة:
2024-12-04@08:28:41 GMT

أسباب اعتبار حلب المفتاح الرئيسي لحل أزمة سوريا

تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT

أسباب اعتبار حلب المفتاح الرئيسي لحل أزمة سوريا

شهدت الأيام الماضية تصعيدًا جديدًا في المشهد السوري، مع انطلاق العمليات العسكرية التي بدأتها الفصائل المعارضة من ريف حلب باتجاه مركز المدينة، بعد سنوات من الركود النسبي.

إن توصيف هذه التطورات بأنها مجرد بداية لعمليات جديدة من قبل المعارضة قد يكون تبسيطًا مضللًا. هذا الفهم قد يضفي براءة غير مستحقة للنظام، ويغفل السياق الأوسع للأحداث في سوريا.

على غرار ما يحدث في غزة، فإن الأحداث الحالية ليست معزولة عن التاريخ. فالعدوان الإسرائيلي على غزة لم يبدأ في 7 أكتوبر/ تشرين الأول ردًا على عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها كتائب القسام، بل كانت هذه العملية حلقة في صراع طويل ضد الاحتلال الإسرائيلي.

وبالمثل، فإن التحركات الأخيرة للفصائل المعارضة، مثل: الجيش السوري الحر، وهيئة تحرير الشام، ليست بداية بل نتيجة للغضب المتراكم وللظلم المستمر الذي تعرض له الشعب السوري على مدى سنوات.

الأزمة الإنسانية والمفاوضات المعطلة

الشعب السوري، المحاصر في الشمال والمقيم في ظروف قاسية داخل المخيمات أو المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة، لا يزال يعيش على وقع ذكريات مريرة عن أراضٍ وممتلكات فقدها في مدن، مثل: حلب، وحمص، وحماة.

هذه الممتلكات، التي تشكل جزءًا كبيرًا من تراثهم وهويتهم، صودرت أو أجبروا على التخلي عنها نتيجة للحرب والنزوح القسري. بالإضافة إلى ذلك، تحمل الكثير من العائلات السورية آلامًا عميقة؛ بسبب فقدان أقارب لهم، ممن تم اعتقالهم في سجون النظام السوري واختفوا قسرًا دون أي معلومات عن مصيرهم.

إعلان

الاتفاقيات السياسية التي عُقدت بين تركيا وروسيا وإيران، مثل محادثات سوتشي ومسار أستانا، جاءت كجزء من جهود دولية لإيجاد حل سياسي للنزاع السوري. بيدَ أن هذه الاتفاقيات، رغم أنها قدمت وعودًا بإنهاء العنف وضمان الاستقرار، لم تُترجم إلى تحسين حقيقي على الأرض بالنسبة للسوريين. في الواقع، استمرت الانتهاكات الميدانية، وخصوصًا في مدينة حلب، حيث شهدت المناطق التي أُخليت من سكانها الأصليين عمليات تغيير ديمغرافي ممنهجة.

تمثلت هذه العمليات في توطين مجموعات شيعية مدعومة من إيران في الأحياء التي صودرت من سكانها، ما أدى إلى تغيير البنية السكانية لتلك المناطق بشكل جذري. هذا التغيير لم يكن مجرد نتيجة عرضية للحرب، بل بدا وكأنه جزء من سياسة إستراتيجية تهدف إلى ترسيخ النفوذ الإيراني في سوريا عبر إعادة تشكيل التركيبة الديمغرافية لمناطق معينة.

هذه السياسات لم تترك للسوريين في الشمال سوى شعور بالخيانة والخذلان من القوى الإقليمية والدولية التي وعدت بالدفاع عن حقوقهم، لكنها فشلت في تحقيق العدالة أو وقف هذه الممارسات.

محاولات التقارب السياسي والتعنت المستمر

أعلن النظام السوري مؤخرًا عن عفو عام عن المعتقلين، وصفه كثيرون بأنه وعد غامض. هذا الإعلان، الذي جاء دون تحديد واضح للشروط أو الفئات المستفيدة منه، قوبل بعدم تصديق واسع النطاق، سواء داخل سوريا أو بين اللاجئين السوريين في الخارج. السبب وراء انعدام الثقة يعود إلى سجل النظام المعروف بعدم التزامه بالوعود، حيث غالبًا ما كانت مثل هذه الإعلانات تُستخدم كوسيلة للترويج السياسي أو التخفيف من الضغوط الدولية، دون أن يُترجم شيء منها إلى أفعال ملموسة.

الوعود التي قطعها النظام لم تحمل أي ضمانات حقيقية لسلامة المعتقلين أو العائدين، وهو ما جعل كثيرًا من السوريين يرون فيها محاولة لاصطياد المعارضين أو استدراج اللاجئين للعودة، ليجدوا أنفسهم ضحايا للاعتقال مجددًا أو حتى الإخفاء القسري.

إعلان

التجارب السابقة كشفت عن أن الكثير من السوريين الذين عادوا إلى البلاد بعد سماع وعود مشابهة، انتهى بهم الأمر في السجون أو تعرضوا لانتهاكات جسيمة، بما في ذلك التعذيب والقتل، مما جعل أي إعلان جديد من هذا النوع يفقد مصداقيته تمامًا.

استُخدم العفو المزعوم كحجة لدفع اللاجئين إلى العودة القسرية، مع ادعاءات بأن النظام بات يوفر لهم أمانًا للعودة. هذا الخطاب، رغم أنه خالٍ من المصداقية، ساهم في تصعيد الضغوط على اللاجئين وزاد من معاناتهم اليومية؛ بسبب موجات العنصرية والتحريض ضدهم.

المحصلة النهائية أن إعلان العفو لم يُحدث أي تغيير حقيقي في الوضع الإنساني أو السياسي، بل زاد من تعقيد الأمور. ظل السوريون، سواء داخل البلاد أو في الخارج، أسرى انعدام الثقة بالنظام، الذي لطالما أثبت أن ما يعلنه في الإعلام يختلف تمامًا عن ممارساته على الأرض، مما يترك السوريين في حالة من القلق الدائم والتشكيك المستمر في أي خطوة تصدر عنه.

حلب: المفتاح لحل الأزمة

ما يقارب نصف اللاجئين السوريين في تركيا ينحدرون من مدينة حلب، المدينة التي تُعتبر رمزًا بارزًا للصراع السوري وأحد أبرز ساحاته. هذه المدينة، التي شهدت تدميرًا واسع النطاق ونزوحًا جماعيًا؛ بسبب القصف المكثف والمعارك المستمرة، تحمل أهمية خاصة بالنسبة للسوريين، سواء من الناحية التاريخية أو الاجتماعية أو السياسية.

في مقال نُشر في 18 يناير/ كانون الثاني 2023 بعنوان "طريق حل الأزمة في سوريا يمر عبر حلب"، تم تسليط الضوء على دور حلب المحوري في أي حل مستدام للأزمة السورية، وخاصة فيما يتعلق بعودة اللاجئين.

أشار المقال إلى أن ضمان عودة اللاجئين السوريين، وخصوصًا أبناء حلب، يتطلب إخراج المدينة من سيطرة النظام السوري، الذي يُعتبر مسؤولًا عن تهجيرهم وحرمانهم من ممتلكاتهم وأمانهم.

لا يُشترط أن تكون السيطرة على حلب بيد تركيا أو أي طرف إقليمي آخر، بل يمكن وضعها تحت إشراف الأمم المتحدة أو جهة دولية محايدة تضمن سلامة السكان وتمنع أي انتهاكات ضدهم. مثل هذا الحل قد يُعيد الثقة للاجئين، ويتيح لهم العودة بأمان إلى ديارهم.

إعلان

إذا تحقق هذا المقترح، سيكون السوريون، خاصة سكان حلب، قادرين على استعادة ممتلكاتهم التي فقدوها؛ بسبب القتال أو المصادرات غير الشرعية. كما ستتيح لهم العودة الدفاعَ عن مدينتهم ضد محاولات تغيير هويتها الديمغرافية، والتي تمثلت في السنوات الأخيرة في توطين مجموعات سكانية مدعومة من إيران داخل المدينة، في محاولة لإحداث تغيير دائم في تركيبتها السكانية.

إن أي خطة عملية وواقعية لإعادة اللاجئين السوريين إلى وطنهم يجب أن تتضمن جعل حلب منطقة آمنة ومستقلة نسبيًا عن أي تهديدات من النظام السوري أو المليشيات المدعومة من إيران أو روسيا. تحويل حلب إلى منطقة آمنة لا يضمن فقط عودة اللاجئين، بل يُعيد جزءًا من الاستقرار لسوريا ويمنع استمرار سياسات التغيير الديمغرافي التي تعمق الانقسام والتوتر في المجتمع السوري.

التحركات الأخيرة: خطوة نحو العودة

في ظل غياب الدعم الدولي، بدأت الفصائل المسلحة بالتحرك لتحقيق هذا الهدف وسيطرت على كامل حلب. هذا سيشكل تطورًا محوريًا يسمح لجزء كبير من اللاجئين بالعودة دون ضغوط. عودة السوريين إلى ديارهم تعني أيضًا مواجهة عمليات التغيير الديمغرافي المستمرة منذ أكثر من عقد.

ختامًا

إن دخول حلب تحت سيطرة الشعب السوري ليس مجرد انتصار عسكري، بل خطوة حاسمة نحو استعادة الحقوق والأرض، وإعادة الأمان لشعب عانى الويلات على مدى 11 عامًا.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات اللاجئین السوریین النظام السوری

إقرأ أيضاً:

أسباب انهيار الجيش السوري في حلب ودير الزور: الامر حصل مع العراق سابقاً

بغداد اليوم - بغداد

كشف الخبير في الشأن العسكري سرمد البياتي، اليوم الثلاثاء (3 كانون الأول 2024)، عن ابرز أسباب انسحاب الجيش السوري من مدينة حلب وبعدها من دير الزور.

وقال البياتي، لـ"بغداد اليوم"، إن "انسحاب الجيش السوري بهذا الشكل من مدينة حلب وبعدها من دير الزور، حالة طبيعية وهي تحصل في الكثير من الجيوش، وحصلت في العراق سابقا في أحداث الموصل عام 2014، وكذلك احداث 2003 وقبلها في احداث الكويت"، مبينا أن السبب قلة المعنويات وضعف التجهيزات، وحتى الى عدم قناعة الجندي بما يقوم به القائد مثلا والتخوف القادم".

وبين أن "الجماعات المسلحة التي تقدمت في حلب وباقي المدن لا تملك نفس التجهيزات من الطائرات والدبابات التي يمتلكها الجيش السوري، لكن الانسحابات سببها ان الجيش عندما يسقط منه اول حجر تتساقط الأحجار الأخرى"، لافتا إلى أن "الجيش ربما لا يكون مؤمنا ببعض الأمور ولهذا نرى أن هناك انسحابات من الأرض".

وسيطرت جماعات مسلحة بينها مصنفة بالإرهاب مثل "جبهة النصرة"، على أجزاء ومناطق في محافظتي حلب وإدلب في شمال غرب سوريا خلال الأيام القليلة الماضية.

ويعلن الجيش السوري عن مقتل المئات في حصيلة شبه يومية بدعم وإسناد من الطيران الروسي.

وكان المتحدث الإعلامي باسم وزارة الدفاع الامريكية (البنتاغون) باتريك رايدر، دعا الإثنين (2 كانون الأول 2024)، الأطراف المتنازعة في سوريا لخفض التصعيد المستمر منذ الأربعاء الماضي، بعد شن فصائل معارضة مدعومة من تركيا وهيئة تحرير الشام، هجوماً مزدوجاً على قوات النظام السوري.

وأكد رايدر في إحاطة صحفية، أنه "لا علاقة للولايات المتحدة بما يجري في سوريا"، مشيراً إلى أن "قوات أمريكية في المنطقة تعرضت لهجوم صاروخي لكنه لم يوقع أي إصابات".

وأضاف "نحن مستعدون للدفاع عن مصالحنا وقواتنا في المنطقة، لا سيما التي تعمل في سوريا؛ لضمانة هزيمة تنظيم داعش"، لافتاً الى أنه "ليس هناك أي تغيير في انتشار قواتنا في شمال شرق سوريا، ونواصل مراقبة الوضع عن كثب".

 


مقالات مشابهة

  • عاجل- كوريا الجنوبية على شفا أزمة سياسية.. تعرف على أسباب فرض الأحكام العرفية في البلاد
  • ما الفصائل المسلحة التي تهاجم النظام في شمال سوريا؟ وماذا حققت؟
  • ما الفصائل المسلحة التي تهاجم النظام في سوريا؟ وماذا حققت؟
  • أسباب انهيار الجيش السوري في حلب ودير الزور: الامر حصل مع العراق سابقاً
  • هل تفتح التطورات في سوريا الطريق لعودة اللاجئين من تركيا؟
  • خبير عسكري: إسرائيل المحرك الرئيسي لهجمات الجماعات المسلحة في سوريا
  • هل هذا هو التوقيت الصحيح؟
  • هذا ما نعرفه عن ردع العدوان والإنجازات التي حققتها حتى الآن (شاهد)
  • هذا ما نعرفه عن ردع العدوان والإنجازات التي حققها حتى الآن (شاهد)