حكم نقض الوتر وكيفية الصلاة بعده
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية إن صلاة الوتر سنةٌ مؤكدةٌ عند جمهور الفقهاء، وسمِّيت بـ"الوتر" لأنها تصلَّى بعددٍ فردي أي ركعةً واحدةً، أو ثلاثًا، أو أكثر، وتؤدى بين صلاة العشاء وطلوع الفجر.
بيان اختلاف الفقهاء في حكم نقض الوتر وكيفية الصلاة بعدهوأوضحت الإفتاء أن جمهور الفقهاء من الحنفيّة، والمالكيّة، والشافعية، والحنابلة، والظاهرية، يروا أنَّ مَن صلى الوتر، ثم أراد أن يصلي مِن ليلته ما كُتب له، أنَّه يجوز له ذلك، مِن غير حاجة إلى أن يأتي بركعة منفردة يشفع بها وتره، وهو المروي عن جماعة من الصحابة؛ منهم: أبو بكر الصّديق، وأم المؤمنين عائشة، وابن عباس في المشهور عنه، وسعد بن وقاص، وعمّار بن ياسر، وعائذ بن عمرو رضوان الله عليهم أجمعين، وجماعة من التابعين؛ منهم: الأزواعيّ، والنخعيّ، وعلقمة، وطاووس، وأبو ثور.
فعَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ قَالَ: زَارَنَا أَبِي فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَأَمْسَى عِنْدَنَا وَأَفْطَرَ، وَقَامَ بِنَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَأَوْتَرَ بِنَا، ثُمَّ انْحَدَرَ إِلَى مَسْجِدِهِ فَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ، حَتَّى بَقِيَ الْوِتْرُ، ثُمَّ قَدَّمَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: أَوْتِرْ بِأَصْحَابِكَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ» أخرجه الأئمة: أبو داود والترمذي والنسائي في "السنن".
وعَنْ أَبِي عَطِيَّةَ، عَنْ أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَ: ذُكِرَ لَهَا الرَّجُلُ يُوتِرُ، ثُمَّ يَسْتَيْقِظُ فَيَشْفَعُ بِرَكْعَةٍ، قَالَتْ: "ذَاكَ الَّذِي يَلْعَبُ بِوِتْرِهِ" أخرجه البيهقي في "سننه"، وعبد الرزاق وابن أبي شيبة في "مصنفيهما".
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: "مَنْ أَوْتَرَ أَوَّلَ اللَّيْلِ ثُمَّ قَامَ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ" أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف".
وقد تواردت نصوص الفقهاء على عدم مطلوبية إعادة الوتر لمن أوتر ثمَّ أراد أن يصلي من ليلته بعد ذلك، قال العلَّامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار" (1/ 369، ط. دار الفكر): [(قوله: فإن فاق إلخ) أي: إذا أوتر قبل النوم، ثم استيقظ: يصلي ما كُتب له، ولا كراهة فيه، بل هو مندوب، ولا يعيد الوتر] اهـ.
وقال الشيخ الخرشي المالكي في "شرحه على مختصر خليل" (2/ 10، ط. دار الفكر): [وإذا قدَّم الوتر ثم صلى نافلة فإنه لا يعيد الوتر؛ لخبر: «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ»] اهـ.
وقال الإمام ابن عبد البر المالكي في "الاستذكار" (2/ 118، ط. دار الكتب العلمية) موضحًا عدم تشفيع الوتر بركعة ثانية: [محال أن يشفع ركعة قد سلم منها، ونام مصليها، وتراخى الأمر فيها، وقد كتبها الملك الحافظ وترًا، فكيف تعود شفعًا؟! هذا ما لا يصح في قياس ولا نظر] اهـ.
وقال الإمام محيي الدين النووي الشافعي في "المجموع" (4/ 15، ط. دار الفكر): [إذا أوتر قبل أن ينام، ثم قام وتهجد: لم ينقض الوتر على الصحيح المشهور، وبه قطع الجمهور، بل يتهجد بما تيسر له شفعًا.. لحديث طلق بن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ» رواه أبو داود والترمذي والنسائي: قال الترمذي: "حديث حسن"] اهـ.
وذهب الشافعية في وجه إلى أن مَن صلَّى الوتر، ثم أراد أن يصلي مِن ليلته ما كُتب له، فإنه يأتي بركعة منفردة يشفع بها وتره، ثم يصلي بعد ذلك ما شاء من الصلوات، ثم يوتر ثانيًا حتى تكون آخر صلاته من ليله وترًا، وعبروا عن ذلك بـ"نقض الوتر".
قال الإمام محيي الدين النووي في "المجموع" (4/ 15): [إذا أوتر قبل أن ينام ثم قام وتهجد... فيه وجه حكاه إمام الحرمين وغيره من الخراسانيين أنه يصلي من أول قيامه ركعة يشفعه، ثم يتهجد ما شاء، ثم يوتر ثانيًا، ويسمى هذا نقض الوتر] اهـ.
المختار للفتوى في كيفية الصلاة بعد نقض الوتر
وأضافت الإفتاء قائلو: والمختار للفتوى ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من أن مَن صلَّى الوتر في أول ليله ثم أراد أن يتنفل بعده؛ فإنه يصلي ما شاء من الصلوات من غير أن يأتي بركعة أخرى مع هذا الوتر يشفعه بها، وليس عليه أن يأتي في نهاية صلاته بوتر آخر؛ لكونه قد أداه سابقًا، ولأن نقضه مفضٍ لتعدد الأوتار وهو منهيٌّ عنه، فضلًا عن أن الوتر الأول قد مضى على الصحة فلا يتوجه إبطاله بعد تمامه صحيحًا، وهذا القول فيه جمع بين النصوص، والمقرر أن "الجمع أولى من الترجيح"، و"الإعمال أولى من الإهمال" كلٌّ عند الإمكان؛ كما في "إرشاد الفحول" للإمام الشوكاني (1/ 401، ط. دار الكتاب العربي)، و"الأشباه والنظائر" لتاج الدين السبكي (1/ 174، ط. دار الكتب العلمية).
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: صلاة الوتر أداء صلاة الوتر سنة صلاة الوتر الوتر الصلاة أراد أن یصلی م
إقرأ أيضاً:
من قربات يوم الجمعة: فرصة للتقرب إلى الله وزيادة الأعمال الصالحة
يوم الجمعة هو سيد الأيام وأفضلها عند الله عز وجل، وهو يوم مبارك يحمل معه فضائل عظيمة ويفتح أبواب الرحمة للمسلمين. ومن أبرز القربات التي يوصى بها في هذا اليوم الإكثار من الصلاة على النبي ﷺ، وقراءة سورة الكهف، والإلحاح بالدعاء، هذه الأعمال ليست مجرد عبادات، بل هي فرص لتزكية النفس وتقوية الروح.
الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله ﷺمن أعظم القربات في يوم الجمعة الإكثار من الصلاة والسلام على النبي ﷺ. فقد ورد في الحديث الشريف أن النبي ﷺ قال:
"إنَّ مِن أفضلِ أيَّامِكُمُ الجمعةَ، فيهِ خُلِقَ آدمُ، وفيهِ قُبِضَ، وفيهِ نَفخةُ الصُّورِ، وفيهِ الصَّعقةُ، فأَكْثروا عليَّ منَ الصَّلاةِ فيهِ، فإنَّ صَلاتَكُم معروضةٌ عليَّ" [أخرجه الحاكم].
الصلاة على النبي ﷺ في هذا اليوم تجمع بين الطاعة والبركة، وتذكر المسلمين بفضل النبي ﷺ ومكانته العظيمة. وهي أيضًا سبب في تقريب القلوب إلى الله، ووسيلة لنيل شفاعة النبي يوم القيامة.
قراءة سورة الكهفقراءة سورة الكهف يوم الجمعة من السنن المؤكدة التي أوصى بها النبي ﷺ. فقد قال:
"من قرأ سورةَ الكهفِ في يومِ الجمعةِ أضاء له من النورِ ما بين الجمُعَتَين" [أخرجه الحاكم وغيره].
سورة الكهف تحمل معاني عميقة ودروسًا عظيمة مثل الثبات على الإيمان، وقوة التوكل على الله، والصبر في مواجهة الفتن. وقراءة هذه السورة يوم الجمعة تجعل المسلم يتزود بالنور والهداية طوال الأسبوع.
الإكثار من الدعاءيوم الجمعة يحمل ساعة استجابة عظيمة، فقد قال النبي ﷺ:
"إنَّ في الجُمُعَةِ لَساعَةً، لا يُوافِقُها مُسْلِمٌ، يَسْأَلُ اللَّهَ فيها خَيْرًا، إلَّا أعْطاهُ إيَّاهُ، قالَ: وهي ساعَةٌ خَفِيفَةٌ" [متفق عليه].
الإكثار من الدعاء في يوم الجمعة يعكس يقين المسلم برحمة الله واستجابته. سواء كنت تدعو لنفسك أو لغيرك، فإن هذا الوقت المبارك فرصة للتعبير عن حاجاتك لله والتقرب إليه.
يوم الجمعة هو فرصة متجددة للمسلمين للتقرب إلى الله والإكثار من الأعمال الصالحة، الصلاة على النبي ﷺ، وقراءة سورة الكهف، والدعاء هي أعمال بسيطة لكنها تحمل بركات عظيمة.