باريس – لا تزال أخبار الصحفية الفرنسية مارين فلاهوفيتش تتصدر عناوين الأخبار المحلية والدولية بعد العثور على جثتها في شرفة شقتها بمدينة مرسيليا جنوبي فرنسا، الاثنين 25 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وبينما لا يزال التحقيق مستمرا للكشف عن ملابسات القضية، تتزايد التساؤلات والفرضيات بشأن سبب الوفاة إذ يرجح كثيرون أن ذلك يرتبط بنضالها من أجل إيصال صوت الفلسطينيين في قطاع غزة.

وقد كانت فلاهوفيتش تحضّر فيلما وثائقيا عن الإبادة الجماعية الحالية التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في القطاع المحاصر، كما أشارت في مناسبات مختلفة إلى محاولاتها اليائسة للوصول إلى غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

إزالة الشكوك

وأكدت النيابة العامة في مرسيليا، في بيان موجز أرسلته للجزيرة نت، أنها فتحت تحقيقا "للبحث في أسباب الوفاة" عقب العثور على جثة الصحفية البالغة من العمر 39 عاما.

وأضافت النيابة أن تشريح جثة الضحية يجعل من الممكن استبعاد تدخل طرف ثالث في هذه المرحلة، مؤكدة أن التحليلات المتعلقة بالتسمم لا تزال جارية.

وعلق الصحفي الفرنسي المخضرم جاك ماري بورجيه على تصريح النيابة العامة بشأن إجراء تحليل سموم بالقول إن ذلك "يدل على محاولة معرفة سبب الوفاة، إذا كانت قد تسممت أو انتحرت أو تناولت كثيرا من الأدوية، وما إلى ذلك. ولكن يمكن أيضا الموت بسبب سكتة قلبية أو دماغية، وفي هذه الحالة تكون الوفاة طبيعية".

إعلان

كذلك أوضح بورجيه -في حديثه للجزيرة نت- أن الادعاء يستبعد بوضوح المسار الإجرامي للواقعة أو احتمال تعرض الصحفية للقتل أو الضرب على يد شخص ما، لكن تشريح الجثة لا يتعلق فقط بعلم السموم وإنما بمعرفة سبب الوفاة.

وأضاف "أرغب في التمسك بما يقوله العلم حتى النهاية، فربما توفيت لأنها تعاني من مشكلة صحية، وإذا كان الأمر يتعلق بالسموم فهناك احتمالان: سممت نفسها لأنها أرادت الانتحار، أو تم تسميمها بوضع شيء ما في شرابها مثلا".

موت الصحفية الفرنسية مارين فلاهوفيتش ربما يكون جريمة اغتيال لأنها كانت تعمل على فيلم وثائقي عن الإبادة الجماعية في غزة

كانت مارين مراسلة للعديد من الإذاعات الناطقة بالفرنسية، وخاصة RFI وراديو فرنسا، في رام الله بالضفة الغربية، من عام 2016 إلى عام 2019. pic.twitter.com/792vSAnR9B

— MAZIN HASSAN (@Hmazinh) November 30, 2024

ناشطة وصحفية

عملت فلاهوفيتش مراسلة في رام الله بين عامي 2016 و2019، لتغطية أخبار الشرق الأوسط للإذاعة العامة الناطقة بالفرنسية فروت الأوضاع هناك في سلسلة بودكاست تحت عنوان "دفاتر مراسلة" من إنتاج "إذاعة آرتي"، والتي توّجت بجائزة "سكام" لأفضل فيلم وثائقي صوتي لعام 2021.

وبين صرامة المهنة والعاطفة الإنسانية، تحدثت الصحفية الفرنسية في عملها الأخير الذي حمل عنوان "نداء غزة" عن محاولاتها اليائسة للوصول إلى قطاع غزة.

كذلك انتقدت تعرض زملائها وعائلاتهم لخطر القتل على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي، قائلة في إحدى الحلقات إن "إنشاء بودكاست عن الأشخاص الذين يمكن أن يموتوا في أي لحظة أمر صعب للغاية"، وشددت على أهمية منحهم صوتا.

وأشارت فلاهوفيتش آنذاك إلى أنها بقيت على اتصال بالصحفيين في غزة بعد أن تقطعت بها السبل في القاهرة طوال أسابيع، وكانت ترسل لهم عبارات التعزية ومساعدات وأدوية.

إعلان

وبعد 15 عاما من عملها الصحفي، لم تطلب فلاهوفيتش تجديد بطاقتها الصحفية في الفترة الأخيرة بسبب عدم رضاها عن الطريقة التي تعالج بها وسائل الإعلام الفرنسية الحرب في غزة، وفق صحيفة "تيليراما".

وحتى يوم وفاتها، كانت تستقر الصحفية الراحلة في مرسيليا، وانغمست في الكتابة وإخراج الأفلام الوثائقية في مصر ولبنان، فضلا عن انخراطها في الأعمال الإنسانية مثل إرسال المساعدات إلى القطاع الفلسطيني المحاصر.

فرنسا I اغتيال الصحفية مارين فلاهوفيتش .. قتل شهود الابادة يطال أوروباhttps://t.co/4BiEOd7zdO

— AL24news – قناة الجزائر الدولية (@AL24newschannel) November 30, 2024

فرضيات الاغتيال

ورغم تأكيد مصادر في الشرطة عدم وجود أي دليل يشير إلى وقوع جريمة، لا تزال الفرضيات والشبهات تحوم حول احتمال تعرض الصحفية مارين فلاهوفيتش للاغتيال في ظل الغموض الذي لا يزال يكتنف ظروف وأسباب الوفاة.

وفي هذا الإطار، يعتقد بورجيه أن فرضية اغتيالها على يد الموساد بسبب نشاطها المرتبط بفلسطين "غير قابلة للتصديق على الإطلاق" لأنها "لم تكن عنصرا مركزيا في النظام المناهض للصهيونية، على المستوى الفرنسي أو الدولي. ولا يمكن الحكم عليها بالقتل لأنها ناشطة داعمة لغزة، وإلا سيكون كثير من الأشخاص مهددين بالاغتيال".

ويرى بورجيه أن من المحزن العثور على جثة ناشطة داعمة لفلسطين بهذه الطريقة الغامضة، معتبرا في الوقت ذاته أن الإسرائيليين منشغلون بأمور أخرى أكبر من اغتيال صحفية "إلا إذا كانت لديها بعض الأنشطة السرية التي لا نعرفها، مثل أن تكون تابعة لحزب الله أو حركة حماس"، على حد تعبيره.

الصحفي الفرنسي جاك ماري بورجيه عند إصابته برصاصة إسرائيلية في رام الله في 21 أكتوبر/تشرين الأول 2000 (الجزيرة)

وأضاف الصحفي "عندما حاولت إسرائيل اغتيالي في رام الله منذ أكثر من 20 عاما أخبرني الجميع أن السبب هو علاقتي الوطيدة بالرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ودعمي للفلسطينيين، لكنني أعلم أن ذلك لا يمتّ إلى الحقيقة بصلة لأن طبيعة التحقيق الذي كنت أعمل عليه آنذاك كان السبب الرئيسي لمحاولة تصفيتي".

إعلان

وفي سياق متصل، أشارت رئيسة الاتحاد الدولي للصحفيين دومينيك برادالي -في حديث للجزيرة نت- إلى أنهم على اتصال منتظم مع الشرطة "لكننا نقوم بجمع المعلومات عندما تكون الوفاة متعلقة بصحفي شاب وفي ظروف غامضة، وبعد ذلك نتصل بالشرطة أو المدعي العام الإقليمي، وهذه هي الطريقة التي نتبعها وبهذا الترتيب".

وعند سؤالها عن الفرضيات التي يتم تداولها، أكدت برادالي أن "هناك صحفيين آخرين يعملون في المجال نفسه وليسوا مهددين بالقتل بأي حال من الأحوال، لحسن الحظ. لذلك ليس لدينا أي تعليق على التحقيق الجاري ونحن بحاجة إلى مزيد من المعلومات".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی رام الله

إقرأ أيضاً:

صحفية أمريكية: 4 أولويات على أجندة نتنياهو في واشنطن

حددت الصحفية الأميركية الإسرائيلية معيان هوفمان في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية 4 أولويات ينبغي على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التركيز عليها في لقائه مع الرئيس الأميركي في واشنطن:

1. التوافق على إستراتيجية مواجهة إيران

وأكدت هوفمان أن إيران لا تزال تعتبر التهديد الأمني الرئيسي لإسرائيل، ولا سيما بسبب طموحاتها النووية، والجدل الدائر بشأن ما إذا كان على إسرائيل ضرب المنشآت النووية الإيرانية أو استهداف بنيتها التحتية للطاقة أو الاعتماد على الضغط الاقتصادي والسياسي لزعزعة استقرار نظامها.

ونظرا لتردد ترامب إزاء الانخراط في صراعات جديدة شددت هوفمان على ضرورة تنسيق أي تحرك إسرائيلي بعناية مع الولايات المتحدة.

2. ضمان التنفيذ الكامل لصفقة المحتجزين

وأضافت هوفمان أنه من المهم لنتنياهو ضمان إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين، وأشارت إلى أن عائلات الأسرى الأميركيين ناشدت ترامب بشكل مباشر، مما جعل القضية -برأيها- ذات أهمية شخصية لإدارته.

وترى أن على نتنياهو أن يحث على استمرارية دور الولايات المتحدة في ضمان تنفيذ الصفقة بشكل كامل.

3. ضمان استمرارية الهجمات الأميركية على الحوثيين

ووفقا لهوفمان، تشكل هجمات جماعة الحوثيين في البحر الأحمر تهديدا أمنيا واقتصاديا لإسرائيل.

وفي حين أن الولايات المتحدة قد اتخذت بالفعل إجراءات عسكرية ضد الجماعة فإن الكاتبة تصر على ضرورة أن يضمن نتنياهو التزام الولايات المتحدة بمواصلة الضغط العسكري والسياسي وتعطيل ما وصفتها بـ"شبكة الدعم الإيرانية" للحوثيين.

4. تعزيز الدعم المسيحي الإنجيلي لإسرائيل

وقالت هوفمان إن على نتنياهو تعزيز "الانحياز الأيديولوجي الإنجيلي لإسرائيل" الذي أظهرته إدارة ترامب حتى الآن، مع الاستمرار برفض قيام دولة فلسطينية.

وذكرت مشروع قانون النائبة الجمهورية كلوديا تيني في ديسمبر/كانون الأول 2024 لإعادة تسمية الضفة الغربية بـ"يهودا والسامرة" في الوثائق الحكومية الأميركية، وبدورها أكدت تيني دعم ترامب للمشروع.

وأكملت الكاتبة بذكر أمثلة شجعت بها نتنياهو على استجداء دعم "المسيحيين الإنجيليين" في ساحة السياسة الأميركية، إذ رشح ترامب حاكم ولاية أركنساس السابق والمؤيد القوي لإسرائيل مايك هاكابي سفيرا للولايات المتحدة في إسرائيل، وقد أيد هاكابي ضم الضفة سابقا.

 

مقالات مشابهة

  • بسبب المخدرات.. أربعة مدمنين يقتلون صديقهم داخل شقة بمصر القديمة
  • لماذا تعتبر إسرائيل حركة بي دي إس خطرا وجوديا؟
  • أزمة قلبية مفاجئة.. الكشف عن ملابسات وفاة مدرب كرة في الإسكندرية
  • أزمة قلبية تتسبب في وفاة المدرب المساعد لفريق كرة اليد بنادي شركة النحاس بالإسكندرية
  • غزة تنتصر على الإبادة والتهجير
  • أكثر من 61 ألف شهيد.. الإعلام الحكومي بغزة يكشف أرقاما  لخسائر حرب الإبادة الإسرائيلية
  • حكم زواج الأب من زوجة ابنه بعد الطلاق أو الوفاة: إيمان أبوقورة توضح
  • الإعلام الحكومي بغزة: أكثر 61 ألف شهيد وخسائر تجاوزت 50 مليار دولار في إحصائية رسمية جديدة لحرب الإبادة
  • لماذا تجذبك الأشياء الغالية؟
  • صحفية أمريكية: 4 أولويات على أجندة نتنياهو في واشنطن