بعد إقفال الباب الجنوبي هل تأتي الريح من الشرق الشمالي؟
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
لم تكد جبهات القتال في لبنان تهدأ بعد التوصّل إلى توافق لبناني – إسرائيلي، وبرعاية أميركية، على عدد من الإجراءات لوقف إطلاق النار، حتى اشتعلت الجبهة الداخلية في سوريا. وعلى رغم هشاشة الهدنة في لبنان فإن ثمة محللين في الاستراتيجيات العسكرية لا يستبعدون الارتباط بين أحداث الداخل السوري بما سبق أن تحدّث عنه رئيس حكومة الحرب الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عندما كان يدّك الجنوب اللبناني والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت عن "شرق أوسط جديد"، الذي لن يكون جديدًا إن لم تطرأ عليه تغييرات في بنية الأنظمة القائمة في هذا الشرق، بدءًا بلبنان ومرورًا بسوريا وانتهاء بالعراق، ومن دون أن ينسى هؤلاء المحللون الحديث عن وضع الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية بعدما سقطت المبادرة العربية القائمة على معادلة "حل الدولتين".
فما يحصل في الداخل السوري قد يكون أخطر من الأحداث التي شهدتها الساحتان اللبنانية والفلسطينية، خصوصًا بعد تدّخل سلاح الجو الروسي لردّ هجمات فصائل هيئة "تحرير الشام" ووقف تقدّمها في حلب وحماة. ويخشى المراقبون أن يكون لتزامن اشتعال الجبهة السورية بعد الهدوء الهش الذي ينعم به لبنان بعد أربعة وستين يومًا من العنف غير المسبوق تأثيرات جديدة على الوضع اللبناني المعقد، مع العلم أن "حزب الله" الذي قاتل في سوريا لكي يحول دون سقوط النظام السوري يبدو غير قادر مرحليًا على إعادة الكرة، مع ما يستتبع ذلك من نتائج قد تستجلب ردّات فعل غير محسوبة لدى فصائل ما كان يُعرف في السابق بـ "النصرة" المرادفة لـ "داعش" من حيث وحدة الأهداف.
ولذلك فإن تحصين الداخل اللبناني يجب أن يُعطى الأولوية قبل أي أمر آخر. وهذا التحصين لن تُتمّ مفاعيله إن لم يتوج بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وذلك بعدما تبيّن للجميع، معطلين ومسهّلين، أهمية هذا الموقع في التركيبة اللبنانية المدوزنة على أوتار الطوائف، التي أطلق عليها الرئيس نبيه بري صفة لم يسبقه إليها أحد، وهي صفة "النعمة"، خصوصًا إذا ما تم استثمار ما لدى هذه الطوائف من إيجابيات لا بدّ من أن تصب في النهاية في بوتقة الوحدة الوطنية. وهذه الوحدة لا يمكن أن تكتمل فصولها إن لم تنتظم الحياة السياسية في لبنان المشرف على الانهيار بعد كل ما تعرّض له من محن وزلازل مدّمرة من كل النواحي، الأمني منها والاقتصادي والاجتماعي والبنيوي، وهي على شاكلة كرة من نار ستوضع بين أيدي الرئيس الجديد والحكومة الجديدة، مع تفعيل للدور التشريعي لمجلس النواب بعد تحريره من الروتين والرتابة لكي يكون مواكبًا لورشة إصلاحية لها أول وليس لها آخر.
وهذه الوحدة كما ينظر إليها المراقبون شرط أساسي لحماية لبنان من أي تأثيرات خارجية، سواء أكانت آتية من حدوده الجنوبية أو من حدوده الشمالية والشرقية. فإذا لم يكن اللبنانيون موحدّين حول فكرة تقوية الدولة ومؤسساتها الدستورية فإن الآتي قد يكون أشد وطأة مما سبق. وهذه الوحدة لن تكون مكتملة عناصر القوة فيها إن لم ينتخب رئيس في 9 كانون الثاني، واستتباعًا الإسراع في تكليف رئيس حكومة جديد والانطلاق مع حكومته في ورشة إعادة بناء ما تهدّم، ومن ثم المضي قدمًا في تحصين الساحة الداخلية عبر مؤتمر وطني توكل مسؤوليته والدعوة إليه للرئيس الجديد.
ولكن ثمة خشية مزدوجة من أن تنهار الهدنة الهشة، التي تم التوافق عليها بين لبنان وإسرائيل، وذلك استنادًا إلى الخروقات المتكررة التي تقوم بها إسرائيل بحجة رصد بعض الحركات المشكوك بأمرها في الداخل اللبناني. أمّا الخشية الثانية فهي تلك الآتية من خلف الحدود الشرقية والشمالية عبر التهديدات المتكررة لهيئة "تحرير الشام". ولكن يبقى الرهان على الجيش المنوطة به مهمة حفظ الأمن في كل المناطق اللبنانية، وبالأخص على طول الحدود الجنوبية والشرقية والشمالية، خصوصًا أن البعض يخشى من أن تأتي الريح من هذه الناحية بعدما تمّ إقفال البوابة الجنوبية.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
الجيش اللبناني: الاحتلال الإسرائيلي أدخل مستوطنين للأراضي اللبنانية في انتهاك سافر للسيادة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أعلنت قيادة الجيش اللبناني في بيان أن جيش الاحتلال الإسرائيلي أدخل مستوطنين إسرائيليين إلى الأراضي اللبنانية في سياق مواصلة اعتداءاته وخروقاته لسيادة لبنان، معتبرة أنه خرق للقوانين والقرارات الدولية والاتفاقيات ذات الصلة.
وأعلنت قيادة الجيش في بيانها اليوم الجمعة أنه "في سياق مواصلة العدو الإسرائيلي اعتداءاته وخروقاته لسيادة لبنان، عمد عناصر من القوات المعادية إلى إدخال مستوطنين لزيارة مقام ديني مزعوم في منطقة العباد - حولا في الجنوب، ما يمثل انتهاكا سافرا للسيادة الوطنية اللبنانية".
وأضافت "إن دخول مستوطنين من الكيان الإسرائيلي إلى الأراضي اللبنانية هو أحد وجوه تمادي العدو في خرق القوانين والقرارات الدولية والاتفاقيات ذات الصلة، ولا سيما القرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار".
وأشارت إلى أن قيادة الجيش تتابع "الموضوع بالتنسيق مع اللجنة الخماسية للإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان - اليونيفيل."
يذكر أنه كان تمّ الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل في 26 نوفمبر الماضي، على أن تنسحب إسرائيل بعد ستين يومًا من الأراضي اللبنانية. ومُدّدت مهلة تنفيذ الاتفاق حتى 18 فبراير الحالي. ولم تلتزم إسرائيل ببنود الاتفاق. ولا تزال قواتها متواجدة في عدد من النقاط في جنوب لبنان.