لم تكد جبهات القتال في لبنان تهدأ بعد التوصّل إلى توافق لبناني – إسرائيلي، وبرعاية أميركية، على عدد من الإجراءات لوقف إطلاق النار، حتى اشتعلت الجبهة الداخلية في سوريا. وعلى رغم هشاشة الهدنة في لبنان فإن ثمة محللين في الاستراتيجيات العسكرية لا يستبعدون الارتباط بين أحداث الداخل السوري بما سبق أن تحدّث عنه رئيس حكومة الحرب الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عندما كان يدّك الجنوب اللبناني والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت عن "شرق أوسط جديد"، الذي لن يكون جديدًا إن لم تطرأ عليه تغييرات في بنية الأنظمة القائمة في هذا الشرق، بدءًا بلبنان ومرورًا بسوريا وانتهاء بالعراق، ومن دون أن ينسى هؤلاء المحللون الحديث عن وضع الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية بعدما سقطت المبادرة العربية القائمة على معادلة "حل الدولتين".


فما يحصل في الداخل السوري قد يكون أخطر من الأحداث التي شهدتها الساحتان اللبنانية والفلسطينية، خصوصًا بعد تدّخل سلاح الجو الروسي لردّ هجمات فصائل هيئة "تحرير الشام" ووقف تقدّمها في حلب وحماة. ويخشى المراقبون أن يكون لتزامن اشتعال الجبهة السورية بعد الهدوء الهش الذي ينعم به لبنان بعد أربعة وستين يومًا من العنف غير المسبوق تأثيرات جديدة على الوضع اللبناني المعقد، مع العلم أن "حزب الله" الذي قاتل في سوريا لكي يحول دون سقوط النظام السوري يبدو غير قادر مرحليًا على إعادة الكرة، مع ما يستتبع ذلك من نتائج قد تستجلب ردّات فعل غير محسوبة لدى فصائل ما كان يُعرف في السابق بـ "النصرة" المرادفة لـ "داعش" من حيث وحدة الأهداف.
ولذلك فإن تحصين الداخل اللبناني يجب أن يُعطى الأولوية قبل أي أمر آخر. وهذا التحصين لن تُتمّ مفاعيله إن لم يتوج بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وذلك بعدما تبيّن للجميع، معطلين ومسهّلين، أهمية هذا الموقع في التركيبة اللبنانية المدوزنة على أوتار الطوائف، التي أطلق عليها الرئيس نبيه بري صفة لم يسبقه إليها أحد، وهي صفة "النعمة"، خصوصًا إذا ما تم استثمار ما لدى هذه الطوائف من إيجابيات لا بدّ من أن تصب في النهاية في بوتقة الوحدة الوطنية. وهذه الوحدة لا يمكن أن تكتمل فصولها إن لم تنتظم الحياة السياسية في لبنان المشرف على الانهيار بعد كل ما تعرّض له من محن وزلازل مدّمرة من كل النواحي، الأمني منها والاقتصادي والاجتماعي والبنيوي، وهي على شاكلة كرة من نار ستوضع بين أيدي الرئيس الجديد والحكومة الجديدة، مع تفعيل للدور التشريعي لمجلس النواب بعد تحريره من الروتين والرتابة لكي يكون مواكبًا لورشة إصلاحية لها أول وليس لها آخر.
وهذه الوحدة كما ينظر إليها المراقبون شرط أساسي لحماية لبنان من أي تأثيرات خارجية، سواء أكانت آتية من حدوده الجنوبية أو من حدوده الشمالية والشرقية. فإذا لم يكن اللبنانيون موحدّين حول فكرة تقوية الدولة ومؤسساتها الدستورية فإن الآتي قد يكون أشد وطأة مما سبق. وهذه الوحدة لن تكون مكتملة عناصر القوة فيها إن لم ينتخب رئيس في 9 كانون الثاني، واستتباعًا الإسراع في تكليف رئيس حكومة جديد والانطلاق مع حكومته في ورشة إعادة بناء ما تهدّم، ومن ثم المضي قدمًا في تحصين الساحة الداخلية عبر مؤتمر وطني توكل مسؤوليته والدعوة إليه للرئيس الجديد.
ولكن ثمة خشية مزدوجة من أن تنهار الهدنة الهشة، التي تم التوافق عليها بين لبنان وإسرائيل، وذلك استنادًا إلى الخروقات المتكررة التي تقوم بها إسرائيل بحجة رصد بعض الحركات المشكوك بأمرها في الداخل اللبناني. أمّا الخشية الثانية فهي تلك الآتية من خلف الحدود الشرقية والشمالية عبر التهديدات المتكررة لهيئة "تحرير الشام". ولكن يبقى الرهان على الجيش المنوطة به مهمة حفظ الأمن في كل المناطق اللبنانية، وبالأخص على طول الحدود الجنوبية والشرقية والشمالية، خصوصًا أن البعض يخشى من أن تأتي الريح من هذه الناحية بعدما تمّ إقفال البوابة الجنوبية.
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

فوكس نيوز: دعوات لإدارة ترامب بوقف تمويل الجيش اللبناني على خلفية تعاونه مع حزب الله

بغداد اليوم - متابعة

كشفت شبكة فوكس نيوز الأمريكية، اليوم الاثنين (3 شباط 2025)، أن هناك دعوات داخل الولايات المتحدة لبحث إيقاف المساعدات للجيش اللبناني، بعد معلومات عن تعاون الأخير مع حزب الله.

وقال إيدي كوهين، الباحث الإسرائيلي من أصل لبناني، لقناة فوكس نيوز ديجيتال: إن "حزب الله والجيش اللبناني هما الشيء نفسه". وأضاف كوهين، وهو باحث في مركز إيتان: "يجب ألا يمول ترامب اللبنانيين". وأشار إلى أن الجيش اللبناني قدم لحزب الله معلومات استخباراتية عن إسرائيل. 

وذكرت صحيفة التايمز اللندنية الأسبوع الماضي أن قائدا في القوات المسلحة اللبنانية أرسل وثيقة سرية إلى حزب الله. وذكرت الصحيفة أن سهيل بهيج حرب، الذي يشرف على الاستخبارات العسكرية في جنوب لبنان، حصل على المواد السرية من منشأة عسكرية تديرها الولايات المتحدة وفرنسا وقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل).

وفي يوم تنصيب الرئيس دونالد ترامب، نشرت وزارة الخارجية الأمريكية ورقة حقائق حول التعاون بين الولايات المتحدة والقوات المسلحة اللبنانية. وجاء في الوثيقة: "منذ عام 2006، مكّنت الاستثمارات الأمريكية التي تجاوزت 3 مليارات دولار الجيش اللبناني من أن يكون قوة استقرار ضد التهديدات الإقليمية".

وتأتي التساؤلات المتزايدة حول الشراكة بين الولايات المتحدة والجيش اللبناني في وقت وافقت فيه الولايات المتحدة على طلب إسرائيل بتمديد اتفاق وقف إطلاق النار بين القدس وحزب الله حتى 18 شباط/ فبراير. وقالت الحكومة الأمريكية في بيان "إن حكومة لبنان وحكومة إسرائيل وحكومة الولايات المتحدة ستبدأ أيضا مفاوضات لإعادة الأسرى اللبنانيين الذين تم أسرهم بعد 7 تشرين الاول/ أكتوبر 2023".

وفي الشأن ذاته، قال وليد فارس، الخبير البارز في شؤون حزب الله ولبنان، لفوكس نيوز ديجيتال: "يتمتع حزب الله بنفوذ كبير في الجيش اللبناني. يريد بعض المشرعين الأمريكيين وقف الدعم للجيش، بينما يبشر آخرون بأن الحفاظ على هذا الدعم سيبقيه بعيداً عن حزب الله". 

وأوصى فارس بسياسة جديدة: "إعادة توجيه الأموال إلى وحدات جديدة في الجيش اللبناني مخصصة فقط لنزع سلاح حزب الله. ويجب أن تكون هذه الوحدات تابعة لقيادة الجيش ورئيس الجمهورية ويجب تمويلها على أساس المشاريع فقط".

وقال فارس: "عندما قضت إسرائيل على قيادة حزب الله، كان معظم اللبنانيين يأملون أن تكون هذه هي اللحظة المناسبة لإنهاء الحزب. كان الناس يأملون أن يتمكن لبنان من تحرير نفسه والانضمام إلى  اتفاقيات إبراهيم . ولكن مرة أخرى، لم تساعد إدارة بايدن بسبب الاتفاق النووي مع إيران".

مقالات مشابهة

  • رئيس الوزراء القطري يصل بيروت لبحث العلاقات الثنائية مع الرئيس اللبناني
  • الجيش اللبناني يدخل بلدة حدودية مع إسرائيل
  • على بعد أسبوعين.. هل تنسحب إسرائيل من الجنوب اللبناني كما هو متفق عليه؟
  • بعد تحريرها بشكل كامل.. الجيش اللبناني ينشر عناصره في بلدة الطيبة
  • الجيش اللبناني ينتشر في بلدة الطيبة بعد انسحاب إسرائيل
  • عون امام وفد الاتحاد اللبناني لكرة السلة: أنا ملتزم بدعمكم
  • فوكس نيوز: دعوات لإدارة ترامب بوقف تمويل الجيش اللبناني على خلفية تعاونه مع حزب الله
  • السفير نبيل فهمي: يجب أن يكون هناك خطط لمواجهة مقترح ترامب بتهجير الفلسطينيين
  • إسرائيل: "لن يكون هناك حزب الله" في هذه الحالة
  • بعد طول انتظار منخفض جويّ يصل إلى لبنان.. أمطار غزيرة وثلوج ورياح ناشطة