معهد أمريكي: ترسانة الحوثيين تستمر في التطور والتوسع والغرب بحاجة لإعادة تقييم استراتيجيته تجاه الجماعة (ترجمة خاصة)
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
سلط معهد أمريكي الضوء على تطور هجمات الحوثيين على سفن الشحن والسفن الحربية الغربية في البحر الأحمر وخليج عدن، على مدى عام كامل.
وتناول المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS) في بحث مطول تطور استراتيجية الحوثيين في البحر على مدى الاثني عشر شهراً منذ بدء الحملة، وخاصة فيما يتصل بمعايير الاستهداف والنطاق الجغرافي وأنظمة الأسلحة المستخدمة.
وتطرق البحث إلى هجمات الحوثيين على السفن منذ نوفمبر 2023 والاستجابات العسكرية الدولية، فضلاً عن التأثير الاقتصادي للأزمة، كما تتناول ترسانة الحوثيين وتهريب الأسلحة ومكوناتها إلى اليمن.
وحسب البحث فإنه قبل الهجمات التي قادتها حماس في 7 أكتوبر 2023 ضد إسرائيل، كان معظم المراقبين الدوليين ينظرون إلى الحوثيين وهي جماعة مسلحة ذات أغلبية شيعية زيدية لها جذور في شمال اليمن، على أنها تهديد محلي في المقام الأول، على الرغم من انتمائها إلى "محور المقاومة" الإيراني.
وقال المعهد "تغير هذا في أكتوبر 2023، عندما أطلق الحوثيون موجة أولى من الصواريخ والطائرات بدون طيار ضد أهداف في إسرائيل، ظاهريًا تضامنًا مع الفلسطينيين في غزة.
وأضاف "بعد أن أدركوا أن معظم الهجمات فشلت في إحداث أضرار كبيرة، تحرك الحوثيون في نوفمبر 2023 لمهاجمة السفن التجارية التابعة لإسرائيل وحلفائها الغربيين في البحر الأحمر والمحيط الهندي، مما أدى إلى تحقيق نصر دعائي للجماعة وإرسال موجات صدمة عبر صناعة الشحن.
وأشار إلى أن الجماعة استهدفت أكثر من 300 سفينة، باستخدام مجموعة واسعة من أنظمة الأسلحة. وعلى الرغم من أن معظم الهجمات أخطأت أو أحدثت أضرارًا طفيفة، فقد أغرق الحوثيون سفينتين وفقد أربعة بحارة حياتهم.
ويحلل هذا التقرير الاستجابة العسكرية الدولية، التي تشمل عدة مهام بحرية متعددة الجنسيات، فضلاً عن الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل والمملكة المتحدة والولايات المتحدة ضد أهداف برية في اليمن.
ويوضح أن هذه الضربات، على الرغم من تدهور قدرات الحوثيين مؤقتًا، لم تنجح في الحد بشكل كبير من العدد الإجمالي للهجمات على السفن.
يتابع "في الوقت نفسه، تستمر ترسانة الحوثيين في التطور والتوسع. وتستمر المجموعة، التي تتكون في المقام الأول من الصواريخ الباليستية والصواريخ المجنحة المصممة إيرانيًا، فضلاً عن الطائرات بدون طيار والسفن السطحية غير المأهولة، في تحسين مدى أنظمة أسلحتها ودقة استهدافها.
وفي تحليله لكيفية تمكن الحوثيين، الذين يخضعون لحظر الأسلحة الذي فرضه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة منذ عام 2015، من تهريب الأسلحة ومكوناتها إلى اليمن، يوضح التقرير الدور الحاسم الذي يلعبه التهريب البحري باستخدام المراكب الشراعية التقليدية، وخاصة أهمية موانئ البحر الأحمر الحديدة والصليف، التي ظلت تحت سيطرة الحوثيين. كما يناقش التقرير الثغرات في تطبيق نظام العقوبات والدور المهم لجيران اليمن في هذا الصدد.
وفيما يتعلق بالتأثير الاقتصادي للأزمة، كان التأثير على خطوط الإمداد العالمية أكثر محدودية مما كان متوقعًا في البداية. فقد انخفض عدد عمليات العبور الأسبوعية للسفن التجارية عبر البحر الأحمر اعتبارًا من أوائل نوفمبر 2024 بنحو النصف منذ نوفمبر 2023.
وقررت العديد من شركات الشحن الغربية الكبرى تحويل سفنها حول رأس الرجاء الصالح، مما أدى إلى زيادة مدة وتكلفة الرحلات من الشرق الأقصى إلى أوروبا، ولكن مع توفير أقساط التأمين وتجنب رسوم عبور قناة السويس. وبشكل عام، لم يكن لهذا سوى تأثير هامشي على خطوط الإمداد العالمية والضغوط التضخمية.
وأكد أن التأثير على الدول الساحلية للبحر الأحمر أكثر أهمية. فقد شعرت مصر، التي تعتمد بشكل كبير على العائدات من عبور قناة السويس، بتأثيرات الأزمة بشكل حاد بشكل خاص، في حين تأثرت الموانئ في إسرائيل والأردن والمملكة العربية السعودية والسودان أيضا.
وأشار إلى أن معظم الدول الساحلية ظلت سلبية فيما يتعلق بالأزمة، وهو انعكاس لحقيقة مفادها أن سفنها لم تتعرض للهجوم وأن تضامن الحوثيين مع الفلسطينيين يحظى بشعبية بين سكان العديد من الدول في المنطقة.
وقال المعهد الأمريكي "بعد اثني عشر شهرا من الهجمات المستمرة على الشحن الغربي، يبدو من الواضح أن الاستجابة الحالية من جانب المجتمع الدولي فشلت في تحقيق أهدافها المعلنة. فعلى الرغم من تفوقهم العسكري، لم تعمل الولايات المتحدة وحلفاؤها على تدهور قدرة الحوثيين على شن الهجمات، ولا قدرتهم على إعادة إمداد ترساناتهم.
وأردف "في الوقت نفسه، لم يطمئن وجود البعثات البحرية الدولية معظم خطوط الشحن الغربية الكبرى بما يكفي لعودتها إلى البحر الأحمر".
واستدرك المعهد الأمريكي "في اليمن والمنطقة، أدى "نجاح" الهجمات إلى رفع مكانة الحوثيين بشكل كبير. ومن المثير للاهتمام أنه في حين تشارك الحكومات الغربية في عمليات عسكرية محدودة ضدهم، يبدو أنه لا توجد استراتيجية سياسية تكميلية.
وخلص المعهد الأمريكي في بحثه إلى القول "بدلاً من محاولة احتواء طموحاتهم العسكرية، يظل المجتمع الدولي يركز على الوضع الإنساني في اليمن وعلى تطبيع علاقاته مع الجماعة. وفي ضوء التكاليف المتزايدة للانتشار العسكري، تحتاج العواصم الغربية إلى إعادة تقييم استراتيجيتها تجاه الحوثيين".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن أمريكا البحر الأحمر الحوثي الملاحة الدولية البحر الأحمر على الرغم من
إقرأ أيضاً:
تقرير حقوقي يوثق انتهاكات الحوثيين ضد سكان وقرى "حنكة آل مسعود" بالبيضاء
كشفت منظمة حقوقية حجم الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها جماعة الحوثي ضد سكان منطقة حنكة آل مسعود في محافظة البيضاء خلال يناير 2025.
وقالت منظمة سام للحقوق والحريات في تقرير حديث لها إن محافظة البيضاء شهدت تصعيدًا عسكريًا متكررًا من قبل جماعة الحوثي منذ عام 2014، حيث نفذت الجماعة حملات عسكرية ضد قرى قيفة، من بينها قرية خبزة والزوب وحمة صرار، ما أدى إلى سقوط مئات الضحايا المدنيين وتدمير عشرات المنازل.
وأضاف التقرير "في يناير 2025، استهدفت جماعة الحوثي منطقة حنكة آل مسعود، التي تعد واحدة من أكبر التجمعات السكانية في مديرية القريشية، حيث يسكنها حوالي 10,000 نسمة، ويبلغ عدد المباني السكنية فيها نحو 1,800 منزل".
وذكر أن دوافع الحملة العسكرية لجماعة الحوثية على المنطقة يأتي في إطار محاولة الجماعة فرض سيطرتها المطلقة على البيضاء، بعد رفض السكان تنفيذ مطالبها بتسليم أشخاص وصفتهم الجماعة بـ"المطلوبين".
وحسب التقرير، استخدمت الجماعة ذريعة مكافحة الإرهاب لتبرير عمليتها العسكرية، متهمةً السكان المحليين بإيواء عناصر متطرفة، مشيرا إلى أن الحوثيين صعّدوا من استهداف المساجد والمدارس الدينية، حيث طالبوا بإغلاق مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم واستبدال خطباء المساجد بأئمة موالين للجماعة.
وأورد تفاصيل أيام الحملة العسكرية التي بدأت يوم 5 يناير 2025، حيث فرضت جماعة الحوثي حصارًا مشددًا على المنطقة، ومنعت دخول المواد الغذائية والدوائية، وقطعت الاتصالات والإنترنت، مما جعل السكان في عزلة تامة.
وفي 9 يناير، قصفت الجماعة المنطقة بالطائرات المسيّرة والأسلحة الثقيلة، مما أدى إلى احتراق منزل بالكامل وتضرر عشرات المنازل الأخرى، إضافة إلى إحراق مسجد القرية. وأسفر القصف عن مقتل شخصين وإصابة 11 آخرين، بينهم ثلاث نساء.
وفي 10 يناير، أرسلت جماعة الحوثي تعزيزات عسكرية ضخمة، شملت دبابات وعربات مدرعة، كما قامت بإحكام السيطرة على مداخل المنطقة لمنع أي محاولة للهروب أو تلقي مساعدات من القرى المجاورة.
وفي 11 و12 يناير، نفذت الجماعة حملة اعتقالات واسعة طالت أكثر من 500 مدني، بينهم أطفال وكبار سن، وتم نقل المعتقلين إلى سجون في رداع وصنعاء وسط تقارير عن تعرضهم لسوء المعاملة والتعذيب.
وصف التقرير ما جرى في حنكة آل مسعود بأنه جرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، حيث تم توثيق عدة انتهاكات رئيسية، منها:
القتل العشوائي: أسفرت الحملة عن مقتل أكثر من 15 مدنيًا، بينهم نساء وأطفال، وإصابة العشرات بجروح بليغة.
القصف العشوائي والتدمير الممنهج: تم تدمير 10 منازل بشكل كامل، إضافة إلى إحراق مسجد ومدرسة لتحفيظ القرآن.
نهب الممتلكات: وثّق التقرير حالات نهب لممتلكات المدنيين، شملت أموالًا ومجوهرات ومقتنيات ثمينة تقدر بعشرات الملايين من الريالات اليمنية.
الاعتقالات التعسفية: اعتُقل أكثر من 500 مدني، بينهم كبار سن وأطفال، ونُقل بعضهم إلى سجون مجهولة دون أي مسوغات قانونية.
كما طالبت منظمات حقوقية دولية، بينها العفو الدولية ومنظمة سام، بفتح تحقيق مستقل في الجرائم المرتكبة، مشددة على ضرورة ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المتضررين.
ودعت منظمة "سام" المجتمع الدولي إلى رفع الحصار فورًا عن منطقة حنكة آل مسعود، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، وفتح تحقيق دولي شفاف في الجرائم المرتكبة، وإحالة المسؤولين عنها إلى المحكمة الجنائية الدولية.
كما دعت إلى ممارسة ضغوط دبلوماسية على جماعة الحوثي لإجبارها على احترام القانون الدولي، ودعم جهود توثيق الانتهاكات، وتكثيف حملات المناصرة لحماية المدنيين في اليمن.
واختتمت المنظمة بالتأكيد على أن ما جرى في حنكة آل مسعود يعد واحدة من أسوأ الجرائم التي شهدتها اليمن في السنوات الأخيرة، وسط صمت دولي مقلق. ومع استمرار المعاناة الإنسانية، يظل السؤال مطروحًا: إلى متى ستظل الانتهاكات ضد المدنيين بلا محاسبة؟