نيزك من الجزائر يكشف أسرار القمر ويعيد كتابة ماضيه
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
في عالم الفضاء الواسع، حيث تهيمن النجوم والكواكب على الكون، يبقى القمر هو الجرم السماوي الأكثر إثارة لاهتمام سكان الأرض، ليس فقط، لأنه الأقرب لكوكبنا، ولكن لوجود تاريخ مشترك يجمعهما، وهو ما دفع فريقا بحثيا دوليا لمحاولة قراءة بعض من فصول هذا التاريخ المسجلة على نيزك اكتشف في صحراء الجزائر عام 2005.
ومثل الأرض، تعرض القمر على مدار تاريخه لقصف مستمر من الكويكبات والمذنبات، التي تركت وراءها حفرا ضخمة على سطحه، وإحدى هذه الحفر هي "حوض القطب الجنوبي-أيتكين"، وهو أضخم وأقدم حوض تصادم مؤكد على القمر، ويمتد لأكثر من 2000 كيلومتر على الجانب البعيد من القمر.
وظل العلماء لسنوات غير قادرين على تحديد الزمن الدقيق لتشكل هذه الحفرة القمرية، وكان هناك اعتقاد أنها تنتمي لأكثر الفترات كثافة من القصف، والتي حدثت ما بين 4.2 و3.8 مليارات سنة مضت، ولكن التحليل الذي أجري على النيزك القمري الجزائري، والذي يعرف باسم "شمال غرب أفريقيا 2995″، كشف عن أن عمر الحفرة يتجاوز 4.32 مليار سنة، أي أقدم بحوالي 120 مليون سنة من أكثر الفترات التي كان يعتقد أنها شديدة التأثيرات.
وانطلقت الدراسة المنشورة بدورية "نيتشر أسترونومي" من حقيقة، أن هذا النيزك الجزائري، هو أحد النيازك القمرية، حيث خضع للعديد من الدراسات السابقة التي حددت انتماءه القمري، ورسمت مسار رحلته الطويلة والمثيرة، التي انتهت في صحراء الجزائر.
ومنذ مليارات السنين، تعرض القمر لعدد كبير من الاصطدامات مع الكويكبات والمذنبات، تسبب أحدها في تحطيم وسحق الصخور على سطح القمر، وخلق كميات هائلة من الحطام، بما في ذلك شظايا صخور انطلقت في الفضاء نتيجة للقوة الهائلة الناتجة عن الاصطدام.
وبدأت هذه الشظايا الصخرية رحلة طويلة عبر الفضاء، نظرا لعدم وجود غلاف جوي أو جاذبية كبيرة للقمر لتحتفظ بها، واستمرت في التحرك عبر الفضاء لآلاف أو ربما ملايين السنين، وخلال هذه الرحلة، تحركت بشكل عشوائي عبر النظام الشمسي، متأثرة بجاذبية الكواكب والنجوم.
إعلانوفي وقت ما في التاريخ القريب نسبيا، اقتربت هذه الشظية الصخرية من الأرض بدرجة كافية لتتأثر بجاذبيتها، ودخلت الغلاف الجوي للأرض بسرعة كبيرة، وهو ما تسبب في تسخينها وتحولها إلى نيزك متوهج، ومع ذلك، لم تكن سرعتها كافية لتدميرها بالكامل أثناء الدخول، وتمكنت من الوصول إلى سطح الأرض كجزء من نيزك.
وبعد دخول الغلاف الجوي، سقطت الشظية الصخرية في منطقة شمال غرب أفريقيا، وتحديدا في صحراء الجزائر، وهذه المنطقة الجافة والمعزولة وفرت الظروف المثالية للحفاظ على النيزك بعد سقوطه، حيث قللت الظروف القاسية من التعرض للعوامل البيئية التي قد تؤدي إلى تآكله، وفي عام 2005، تم اكتشاف هذا النيزك، وأصبح يُعرف باسم "نيزك شمال غرب أفريقيا 2995″، نسبة لمكان العثور عليه.
تأكيد الانتماء وتحديد العمروباستخدام مجموعة من التحليلات الجيولوجية والكيميائية، أمكن للدراسة الجديدة التي أجراها فريق بحثي ضم جامعة مانشستر، ومعهد الجيولوجيا والجيوفيزياء بأكاديمية العلوم الصينية في بكين، والمتحف السويدي للتاريخ الطبيعي في ستوكهولم، وجامعة بورتسموث، تأكيد انتماء النيزك لأقدم الحفر القمرية، وهي "حوض القطب الجنوبي-أيتكين"، وتحديد عمر الحوض، وذلك من خلال تحليل مكونات النيزك وعلاقتها بالبيانات المتاحة من بيانات سابقة للمهام القمرية.
وشملت التحليلات التي أجريت خلال الدراسة، تحليلا دقيقا للتركيب الكيميائي للنيزك باستخدام تقنيات مثل الطيف الضوئي للكتلة والتحليل الطيفي بالأشعة السينية، وهذه الأدوات سمحت للعلماء بدراسة المعادن والمركبات الموجودة في النيزك وتحديد تركيباته الكيميائية.
ومن خلال مقارنة هذه البيانات الكيميائية مع المعلومات المتاحة عن سطح القمر من خلال بعثات لونا، أبولو، و مهمة ( المنقب القمر)، التي قامت بدراسة تكوين سطح القمر، وجد العلماء أن النيزك يشترك في تركيبات كيميائية مع الصخور الموجودة في حوض القطب الجنوبي-أيتكين، وهو ما يشير إلى أنه جاء من هذا الحوض بالذات.
إعلانكما تم استخدام طريقة التحليل الجيوكيميائي باستخدام اليورانيوم والرصاص لتحديد عمر النيزك، وفي هذه الطريقة، تم قياس النسب بين اليورانيوم و الرصاص في المعادن المختلفة داخل النيزك، حيث إن اليورانيوم يتحلل بمرور الزمن إلى رصاص بنسب يمكن قياسها بدقة، وهذا التحليل سمح بتحديد الوقت الذي مر على النيزك بعد وقوع الاصطدام.
وأظهرت النتائج أن المواد الموجودة في النيزك تعود إلى حوالي 4.32 إلى 4.33 مليار سنة، وهذا يعني أن الحوض تشكل قبل حوالي 120 مليون سنة من تشكّل معظم الأحواض الاصطدامية الأخرى على القمر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يجدد مسجد الفويهي بسكاكا ويعيد تظليله بخشب الأثل وجريد النخل
يُعد مسجد الفويهي بمدينة سكاكا بمنطقة الجوف، أحد مساجد المرحلة الثانية لمشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية، والذي سيخضع للترميم وفق مجموعة من التدخلات المعمارية المخطط لها بعناية، لتعيده إلى صورته الأصلية التي تكونت عند بنائه عام 1380هـ، وتحافظ على أسلوب التظليل التقليدي في سرحة المسجد، باستخدام مواده الأصلية المكونة من خشب الأثل وجريد النخيل، في خطوة تعكس مقاصد عدة منها المحافظة على الهوية العمرانية للمسجد، والاهتمام بتعزيز الحضارة الإسلامية للمملكة، وتطوير المدن والقرى التاريخية.
وتعود أهمية المسجد إلى كونه أحد أقدم المباني التراثية بمدينة سكاكا، ويعرف باسم مسجد شامان نسبة إلى صاحب المسجد الذي قام بإنشائه شامان خلف الفويهي، وكان المسجد قد تعرض للضرر؛ نتيجة حادثة سير عام 1430هـ، وأعيد صيانته والمحافظة على وضعه القديم، ويستخدم لإقامة الصلوات الخمس منذ إنشائه حتى اليوم.
وسيجدد مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية مسجد الفويهي “https://maps.app.goo.gl/fWifj85eJiiJjALK8“، ليزيد مساحته من 72.33 م2، إلى 93.98 م2، فيما ستبقى طاقته الاستيعابية عند 28 مصليًا، وذلك على طراز المنطقة التراثي، باستخدام تقنيات البناء بالطين وتوظيف المواد الطبيعية، حيث يعد الطراز المعماري للمنطقة فريدًا في فن العمارة ويتميز بقدرته على التعامل مع البيئة المحلية والمناخ الصحراوي الحار.
وفي الوقت الذي يمثّل فيه طراز منطقة الجوف التراثي انعكاسًا لمتطلبات الثقافة المحلية، يُعد المسجد النواة الرئيسة في مكونات العمران وبناء الهوية المعمارية للمنطقة، وسيعمل مشروع الأمير محمد بن سلمان على معالجة العناصر والمكونات المعمارية للمسجد واستبدالها بعناصر تراثية، فيما سيبقى على ما يميزه مثل السرحة التي بنيت بأسلوب تظليل تقليدي مكون من خشب الأثل وجريد النخيل، إذ يسمح أسلوب التظليل التقليدي بمرور الضوء الطبيعي والتهوية، وكذلك السماح بالامتداد البصري من سرحة المسجد، فيما سيتم تطوير سقف السرحة وكل عناصر المسجد من مواد طبيعية من البيئة المحيطة بالمسجد.
ويعمل مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية على تحقيق التوازن بين معايير البناء القديمة والحديثة بطريقة تمنح مكونات المساجد درجة مناسبة من الاستدامة، وتدمج تأثيرات التطوير بمجموعة من الخصائص التراثية والتاريخية، في حين يجري عملية تطويرها من قبل شركات سعودية متخصصة في المباني التراثية وذوات خبرة في مجالها.
اقرأ أيضاًالمجتمع“السياحة” تطلق خدمة التحقق من تراخيص مرافق الضيافة عبر موقعها الإلكتروني
ويأتي مسجد الفويهي ضمن مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية في مرحلته الثانية التي شملت 30 مسجدًا في جميع مناطق المملكة الـ13، بواقع 6 مساجد لمنطقة الرياض، و5 مساجد في منطقة مكة المكرمة، و4 مساجد في منطقة المدينة المنورة، و3 مساجد في منطقة عسير، ومسجدين في المنطقة الشرقية، ومثلهما في كل من الجوف وجازان، ومسجد واحد في كل من الحدود الشمالية، وتبوك، والباحة، ونجران، وحائل، والقصيم.
يذكر أن إطلاق المرحلة الثانية من مشروع تطوير المساجد التاريخية أتى بعد الانتهاء من المرحلة الأولى، التي شملت إعادة تأهيل وترميم 30 مسجدًا تاريخيًا في 10 مناطق.
وينطلق المشروع من أربعة أهداف إستراتيجية، تتلخص بتأهيل المساجد التاريخية للعبادة والصلاة، واستعادة الأصالة العمرانية للمساجد التاريخية، وإبراز البعد الحضاري للمملكة العربية السعودية، وتعزيز المكانة الدينية والثقافية للمساجد التاريخية، ويسهم في إبراز البُعد الثقافي والحضاري للمملكة الذي تركز عليه رؤية 2030 عبر المحافظة على الخصائص العمرانية الأصيلة والاستفادة منها في تطوير تصميم المساجد الحديثة.