خالد عياصرة يكتب .. القوقعة و أحمد حسن الزعبي
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
القوقعة و أحمد حسن الزعبي
خالد عياصرة
في روايته السوداوية المتعبة يتحدث الكاتب مصطفى خليفة عن البطل الرواية مصطفى، المسيحي الذي سجن 15 عشر عامًا بحجة انتمائه للإخوان المسلمين ، وعندما انتهى الّا امل السجين قام بحفر قبر في غرفة السجن ليضم جثته حال موته أي لحظة ولأي سبب، مقابل سجين آخر أجبر على ابتلاع فأر، ومساجين بعد اليأس صاروا أدوات تعذيب للآخرين لأن السلطة تريد ذلك، حيث يحب الضحية الجلاد ويصير متعلقا به، في تطبيق عملي ل ” عقدة ستوكهولم “
تذكرت الرواية اليوم، إذ أتذكر الصديق الكاتب الصحفي أحمد حسن الزعبي السجين في أحد الغرف البعيدة بعد حكم غريب جعل منه عدو للدولة والنظام في لحظة تناسى بها الجلاد أحمد بكل لغته وطيبته و أردنيته وعاطفته كانت تهتز إذ أصاب الدولة مكروه ….
في الأدب، كما في التاريخ، هناك ما يمكن اعتباره قاعدة جيدة يعتمد عليها الأذكياء في السلطة: هذه القاعدة تقول: لا تعادي كاتباً ” ساخراً ” لانه وإن طال السجن لابد أن يخرج من سجنه حيث حريته والفضاء، الفضاء الذي يصعب السيطرة عليه من قبل الحكومات مهما امتلكت من أدوات وقوانين.
نصيحة من بعيد للسيد دولة رئيس الوزراء جعفر حسان، إن أردت الحقيقة لا تستمع الى من يطالبون لك ” العطوة والمهلة ” دعك من الذين لا يعرفونك إلا أن جلسوا معك او اقتربوا منك، فتصير بالنسبة لهم ” سوبر رئيس وزراء ” قادر على اختراع الأفكار والمشاريع من العدم إن توفرت لك فرصة الرضا بالأمر الواقع الشعبي، دون سؤال وجواب، دعك من المداحين أثناء شروق الشمس واثناء اطلالة القمر، لقد فعلوا ذلك مع كل رئيس وزراء سبقك، فنسوه ما إن رحل.
الذي اعرفه أنت رجل تقرأ كثيراً، لذا ارجع إلى بعض ما كتبه أحمد حسن الزعبي، اتخذ قرار الافراج عنه، وبما أننا جميعاً تحت مظلة الدولة ونحب الملك عبد الله الثاني، فالأصل أن تصيروا مثل الملك.
وهاك هذه القصة التي تعرفها انت جيدًا بحكم قربك من الملك، في عام 2021 حصلت مشكلة مع الفتاة الأردنية آثار الدباس بعد مشادة كلامية مع فتاة أخرى، أساءت فيها إلى أبو آثار المتوفى، قائله: ” ابوك مش أحسن من الملك، لترد آثار: لا ابوي احسن من الملك.
انتقلت الحكاية إلى القضاء الذي اعتبر دفاع الفتاة عن أبيها إساءة لشخص الملك، حوكمت بالسجن مع وقف التنفيذ لمدة عام، عرف الملك بالقصة وغضب، فماذا فعل ؟
اتصل بالفتاة وشكرها، استخطى أفعال الآخرين، أُسقط الحكم، و وعدها خلال المكالمة الهاتفية بأنها ستكون بخير وأنه سيطمئن عليها لاحقًا أيضًا بشكل شخصي، قائلا لها إن من حق كل إنسان أن يفتخر بأبيه، وأنه طلب منها أن تحافظ على معنوياتها .
دولة الرئيس، لو كنت قريباً منك اليوم، راح ” اوشوشك ” وأقول استبدل كل الطاقم الإعلامي حولك – لا ترضخ لمركز القوى التي تشكلت في السابق – وكل المستشارين، اجعل الذين تتخذهم أرباب نقاش ومشورة صورة مطبوعة في عقلك وحدك، لا يعرفهم أحد.
دولة الرئيس ليكون الملك القدوة في التعامل مع ملف الكاتب الصحفي أحمد حسن الزعبي، وزنت تعلم أن الكاتب القابع في السجن، يتحول إلى سلاح لا يمكن احتمال تأثيره لاحقاً، حتى وأن سجن ألف مرة بعد ذلك.
لماذا تريدون للكاتب أن يخط روايته من هناك بأدق تفاصيلها، لماذا تريدون قتل قلبه الساخر بسحركم ؟ مقالات ذات صلة طقس العرب: هذا الموعد المتوقع لعودة هطول الأمطار في الأردن 2024/12/03
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: أحمد حسن الزعبی
إقرأ أيضاً:
أنشودة البساطة.. أحمد فضل شبلول يكتب: وجوه يحيى حقي تخايلني من 20 سنة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
كلما ذُكر اسم يحيى حقي، تذكرت الاحتفالية الكبرى التى اقترحتها منظمة اليونسكو، ونظمها المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة من عشرين سنة، وعلى وجه الدقة خلال الفترة ١٢ ـ ١٤ يناير ٢٠٠٥، وكانت بمناسبة مرور مائة عام على ميلاده (١٩٠٥ ـ ١٩٩٢) وحضرها عشرات الأدباء والمثقفين والإعلاميين الذين أسهموا بتعليقاتهم ومداخلاتهم وأسئلتهم فى إثراء الحوار والجدل حول هذا الرمز الأدبي.
كانوا خمسةً وأربعين أديبًا وباحثًا وناقدًا مصريًّا وعربيًّا وأجنبيًّا، يتقدمهم الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة المصرى وقتذاك، تحلَّقوا حول وجوه يحيى حقى المتعددة.
شملت الافتتاحية ـ التى أُقيمت بالمسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية، وقدمها د. عماد أبو غازى صباح اليوم الأول ١٢/١/٢٠٠٥ ـ عرض فيلم تسجيلى قصير مدته ثمانى دقائق عن يحيى حقي، من خلال بعض المقابلات التليفزيونية واللقطات الفيديوية، التى سجلت معه، ومنها برنامج "أمسية ثقافية" الذى كان يقدمه الشاعر فاروق شوشة.
أعقب ذلك كلمة وزير الثقافة المصرى الذى قال إن حفاوتنا بيحيى حقى اليوم تقديرٌ لأنفسنا.
ثم ألقت مريام كوك صاحبة كتاب "يحيى حقى تشريح مفكر مصري" كلمة الضيوف الأجانب، وفيها قالت إن القيم الإنسانية توحد الشرق والغرب، وهو ما يعتقده يحيى حقي.
ثم أضافت إن جوهر المشكلة هو الإنسان الذى يجب أن يتصالح مع أخيه الإنسان حيثما كان. ثم حيت الروح النبيلة التى تحلَّى بها حقى طوال حياته، ووجهت الشكر لمنظمة اليونسكو التى تحتفى بالقيم الإنسانية النبيلة، ولوزارة الثقافة المصرية التى نفَّذتْ هذه الاحتفالية.
كلمة الضيوف العرب ألقاها الروائى العراقى المعروف فؤاد التكرلي، فتحدث عن ذكرياته مع يحيى حقي، وأول عمل قصصى ينشر له فى مجلة "المجلة" التى كان يرأس تحريرها الراحل الكبير.
كلمة اللجنة العلمية المنظِّمة للاحتفالية التابعة للمجلس الأعلى للثقافة، ألقاها الروائى المعروف خيرى شلبي، فتحدث عن الجهود التى بُذلت لكى ترقى هذه الاحتفالية إلى اسم يحيى حقي، وذكرياته مع الراحل الكبير، وجهود الرجل وجهاده فى الفن والأدب.
أعقب ذلك كلمة السيدة نهى يحيى حقي، وكانت بعنوان "أبي: يحيى حقي".
ثم تحدث د. جابر عصفور ـ أمين عام المجلس الأعلى للثقافة وقتها ـ فى كلمته التى أخذت روح البحث العلمى الرصين، عن يحيى حقى باعتباره أحد الليبراليين العظام، فكان فى جسارته الفكرية مثلما كان فى جسارته الإبداعية على السواء، وكان منحازًا إلى أهل الحارة منذ مولده فى حى السيدة زينب، كما أنه كان منحازًا للحرية، وكان يناوش بقلمه كل أشكال الفساد والظلم، وكان يمارس النقد السياسي، وخاصة بعد أزمة الديمقراطية عام ١٩٥٤، وكان لكتابه "صحّ النوم" مغزاه السياسي، وليس الجمالى فحسب.
أعمال يحيى حقى تمثل الخطوات الأولى للحداثة
وذهب د. جابر عصفور إلى أن أعمال يحيى حقى تمثل الخطوات الأولى للحداثة، وأن كل التقنيات الجديدة ترجع إلى يحيى حقي.
ومن صفاته الأخرى التى خلعها عصفور، صفة الساخر، أو الماكر إذا شئنا الدقة، وهذا المكر الطيب دفعه إلى استخدام الرموز، وأن معظم عناوين قصصه تلعب دورا رمزيا يثير الابتسامة التى تدفع إلى التأمل. أيضا هناك صفة الأبوة الحانية، فقد كان حقى أبًا حانيًا للأدباء والمثقفين الشبان، وكتب كثيرا من المقدمات لأعمال الشبان على مستوى الوطن العربي، وربما يكون أكثر أديب كتب مقدمات لأعمالهم. ويتذكر عصفور أن يحيى حقى هو أول من نشر له مقالا، وكان ذلك عام ١٩٦٨، دون أن يذهب إليه بواسطة.