معتصم اقرع: مقلوب الاتجار بالدين
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
يتبدى الافلاس الكامل لشرائح هامة من الطبقة السياسية في كونها لا تملك اي خطاب او تحليل عدا هجاء الكيزان بنفس الردحة المكررة.
خطاب المتاجرة بكراهية الكيزان كرت هذه الشريحة الوحيد لاستجداء الدعم الخارجي وتاسيس مشروعية في الداخل بتملق واستحلاب معاناة الشعب تحت حكم الاخوان ثلاثين عاما. حتي فاق الاتجار بكراهية الاخوان فداحة الاتجار بالدين كما وكيفا واثرا.
ومع تعمق الادقاع السياسي افرغت اللغة من محتواها. فلم تعد الكوزنة او الاخونة تعني دلالتها المنطقية كانتماء سياسي او تنظيمي او ايديلوجي بل صارت تهمة مجانية تطلق ضد الماركسي والدهري والعلماني والسلفي والمسيحي الروسي. وفي هذا خم وتكسب سياسي غير مشروع وفيه طفيلية فكرية ماثل فيها راس المال السياسي افاعيل راس المال الاقتصادى في اسواق التشاشة.
لذا تراهم يفرحون حد النشوة كلما ظهر واعظ او رمز كيزانى ونصبوا قوله مرجعية لإثبات مقولات السياسة والتاريخ.
وما كنت اتصور ان يتسع خيال فوق زعمهم بان روسيا البوتينية الدوغينية كوزة كلبة. ولكن فعلها المستشار يوسف عزت اذ أخون النسخة الحالية من الدعم السريع ونسبهم للكيزان.
وهذاويعني ان الدعم السريع كان ديمقراطيا مدنيا حين كان عزت هو المستشار ولكنه تكوزن بعد خروجه او بعد ان دخل فيه القوني قون وانا لا ادري.
وترتب علي ذلك القول براءة هذا المستشار من كل الدماء والأعراض التي سفكها الجنجويد حين كان ممثلهم وتحميل الكيزان نجاسة الاثم مع ان الارواح ازهقت حين كانوا في الطرف الآخر من معادلة الحرب يناصرون الجيش الذي يحارب الجنجويد.
كما يترتب على مقال المستشار انني انا شخصيا جنجويد اشوس بما انني كوز في رواية كتاب تقدم والكيزان جنجويد والجنجويد كيزان.
الاستنتاج الأخير من عبقرية المستشار هو ان تقدم مجرد “مغفل نافع” للكيران لانها دخلت في اتفاق اديس مع الجنجويد الذين اتضح انهم كيزان.
كما يترتب عليه ان الكيزان الذين سلموا السلطة مع سقوط البشير ولم يشعلوا حربا ولم يحركوا كتائب ظل قرروا بعد أربعة اعوام من حكم قحت ان يقبروا الثورة باشعال حرب اهلية بين جيشهم وجنجويدهم بدلا من ان يحاربوا عدوهم المدني مباشرة. حتي صاروا في حماقة رجل انتبه منتصف الليل بسبب تسلل عصابة من اللصوص همت باغتصاب داره فقرر ان أفضل طريقة للتصدي لها هى ان يفتعل مشاجرة مع ابنه الاحب الي قلبه وان يبادر بشج رأسه بفأس. وفي هذا معني ان الحرب اشعلها الكيزان داخل دارهم لهزيمة الثورة.
وهكذا في مسرح عبث الملهاة المأساوية.
معتصم اقرع
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
نساء في حواضن الدعم والجيش!
يا لهول العنف الواقع على كاهل المرأة في بلاد تشهد أكبر كارثة إنسانية، حيث أصبحت أجسادهن مسرحاً لمعارك بطولاتها المتوهمة وخساراتها المبينة! تُستهدف النساء والفتيات كأدوات ضغط ميداني وإعلامي، بينما تحتفل الأمم المتحدة بحملة "16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة" تحت شعار "لا عذر" في الوقت ذاته، يجتهد المتقاتلون في السودان لاختلاق الأعذار لاستمرار الحرب تحت دعاوى "الكرامة"، التي يبدو أنها تخص الجنرالات وطلاب السلطة وحدهم، إذ لا كرامة للمرأة فيها.
لم تجد النساء خياراً سوى الفرار من مناطق سيطرة وحواضن مليشيات الدعم السريع، التي ولغت في الانتهاكات الإنسانية، من اغتصاب وعنف وتشريد ونهب وتهجير. كيف لا؟ وهناك تاريخ طويل لاستخدام سلاح الاغتصاب لحسم المعارك وإذلال الرجال عبر إذلال نسائهم. كانت نساء دارفور أول ضحايا هذه الظاهرة، وما كانت نساء المركز بمأمن من هذا العنف. فقد شاطر الجنرالات - أشقاء الأمس وخصوم اليوم - أدوات القمع ذاتها، ملاحقين النساء بسبب مطالبتهن بالحقوق، ورفع التمييز، والدفاع عن المهمشات والمستضعفات، مثل بائعات الشاي والنازحات من مناطق النزاعات.
أثناء الحرب، تصاعد مدّ عسكرة الدولة وويلات العنف الجنسي، ما دفع الأمهات للتضحية بأنفسهن لحماية بناتهن من الاغتصاب، واختيار الموت على وصمة العار المجتمعي التي لا ترحم الناجيات. فررن بحثاً عن الأمان لهن ولأطفالهن، مشياً على الأقدام لأيام، محفوفات بالرعب والمجهول وخطر الاختطاف. تشتتت الأسر وانقطعت السبل، كأنهن في يوم الحشر: (يوم يفر المرء من أخيه * وأمه وأبيه * وصاحبته وبنيه) سورة عبس: 34-36
ما إن يحططن الرحال في مكان اعتقاداً منهن بأنه آمن، حتى تطاردهن المليشيات بلا رحمة من قرية إلى أخرى، فلا يجدن بدًّا من مواصلة الهروب. وبينما يُقدر لبعضهن اللجوء خارج البلاد، فإنهن يواجهن هناك شقاءً آخر، بلا دعم مادي أو معنوي، ما اضطر الكثيرات منهن إلى التسول في شوارع عواصم الغربة، بعدما دفعتهن حرب "الكرامة"، وهن الكريمات، إلى هذه المهانة.
أما المواطنات اللواتي لجأن إلى مناطق الجيش بحثاً عن الأمان، فقد واجهن قدراً لا يقل قسوة. استُقبلن بالشكوك والاتهامات من مليشيات الجيش والفلول وأجهزة الاستخبارات، التي مارست عليهن قانون "الوجوه الغريبة" والانتماء القبلي، موجهة إليهن تهماً واهية بالخيانة الوطنية لمجرد صور أو تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي تخص معارك الدعم السريع أو قياداته. وُضعن في السجون ليواجهن أحكاماً بالإعدام، بينما يُطلق سراح قادة الدعم السريع ويُستقبلون كفاتحين في مؤسسات الجيش. استبدلت هؤلاء النساء رعب القصف الجوي بأزيز الطائرات المسيرة، مجهولة المصدر.
حتى المدافعات عن حقوق الإنسان والقانونيات لم يسلمْنَ من الاختطاف والضرب والتهديد في مناطق سيطرة الجيش، بسبب دفاعهن عن المظلومين المسجونين بتهم واهية كالخيانة الوطنية فقط لانتمائهم العرقي. وفي محاكم بورتسودان، تنحاز السلطة القضائية الفاسدة إلى منطق القوة، مغلقة أعينها عن إقامة العدالة.
أعباء الحرب على النساء
أولئك الذين يروجون لاستمرار الحرب، ويستخدمون النساء كأدوات إرهاب، لا يكترثون لمعاناتهن. هؤلاء النساء يتحملن بشجاعة كلفة الحياة الباهظة، ويحافظن على أبنائهن، حتى وهن يقفن لساعات في صفوف "التكية" ومطابخ الدعم للحصول على وجبة قد تنقطع قبل أن يصل دورهن. في معسكرات اللاجئين، لا يجدن إلا انتهاكات إضافية لإنسانيتهن، في ظروف تفتقر لأدنى مقومات العيش الكريم. يواجهن الجوع، والأوبئة مثل الكوليرا وحمى الضنك، في غياب الرعاية الصحية والنفسية التي لا تتوفر إلا في ظل سلام يعيد لهن جزءاً من كرامتهن ويتيح التعافي من تلك الانتهاكات المريرة.
النساء عماد التغيير
رغم هذه المآسي، فإن النساء السودانيات يمتلكن تاريخاً مشرفاً من النضال النسوي، مقارنة بنظيراتهن في دول الإقليم. لديهن رصيد ضخم من التجارب في العمل المدني والتوعوي، ما يؤهلهن لقيادة مسيرة التغيير وانتزاع الحقوق، مستندات إلى ثقافاتهن وأديانهن وعاداتهن. لهن دور مشهود في فض النزاعات وتحقيق السلم والتعايش المجتمعي، إذ أنهن، في جوهرهن، داعيات للحياة ومبدعات في صنع واقع جديد، مهما كان المحيط قاسياً.
بالرغم من كل المعوقات، تعرف السودانيات جيداً كيفية تحقيق أهدافهن. لن تعجزهن الحروب عن الوقوف مجدداً كـ"كنداكات" لهزيمة القبح والمساهمة في إعادة إعمار هذا الوطن، إذا حافظ أبناؤه على وحدته وأعلوا قيمة السلام!
tina.terwis@gmail.com