بالقانون تحيا الأمم.. أو تندثر
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
القانون هو العدالة والمساواة، وهو أساس الحكم.. وبه تحيا الأمم والشعوب، ولذلك فالعدالة شعارها، هو الميزان متكافئ ومتساوي الكفتين، تحمله امرأة معصوبة العينين دلالة على المساواة بين كلا المتنازعين أو الخصوم دون النظر إليهم أو من هم.
وقد طالعتنا الصحافة ووسائل الإعلام المختلفة، بقيام الرئيس الأمريكي بإصدار قرار عفو رئاسي عن ابنه المتهم والمتورط في قضايا تهرب ضريبي وسلاح.
وذكر السيد/ بايدن في بيان نشره البيت الأبيض: "منذ اليوم الذي توليت فيه منصبي، أكدت أنني لن أتدخل في قرارات وزارة العدل، وقد التزمت بوعدي حتى وأنا أشاهد ابني يحاكم بشكل انتقائي وغير عادل".
وأضاف: “لا يمكن لأي شخص عاقل ينظر إلى وقائع قضايا هانتر أن يصل إلى نتيجة أخرى سوى أنه استهدف فقط لأنه ابني – وهذا خطأ”، وتابع بايدن: "آمل أن يفهم الأمريكيون السبب الذي جعل أبًا ورئيسًا يتخذ هذا القرار".
وقال إن "هانتر تعرض لمحاولات لكسر عزيمته رغم أنه ابتعد عن الإدمان لمدة خمس سنوات ونصف حتى في ظل تعرضه لهجمات مستمرة وملاحقات قضائية انتقائية".
وعلى الجانب الآخر، سارع الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب بانتقاد فرار الرئيس جو بايدن، العفو عن نجله هانتر بايدن المتهم في قضايا سلاح وضرائب، ووصف القرار بـ"الانتهاك الفاضح والتحريف للعدالة"، وتساءل ترامب على حسابه الخاص، لماذا لم يشمل العفو الرئاسي الذي أصدره سلفه الأشخاص الذين تم سجنهم عقب أحداث اقتحام مبنى الكابيتول في يناير 2021؟.
وعلق ترامب: "هل يشمل العفو الذي منحه جو لهانتر، الأشخاص الذين تم احتجازهم في أحداث السادس من يناير، والذين تم سجنهم الآن لسنوات؟ إنه انتهاك فاضح وتحريف للعدالة"!.
إن هذا القرار والتعليق عليه يجعلنا نتوقف ونتأمل كثيرا، إلى فلسفة ومنطق من يحكمون أكبر وأقوى دولة أقتصاديا وماليا وتجاريا في العالم الحديث، والمهيمنة على مجريات أغلب القضايا والملفات الدولية.
معهم فقد القانون قدسيته وهيبته، وأصبح دمية يتلاعبون بها، وهو الأمر الذي سيكون له عواقب وخيمة قريبًا وبعيدًا على القانون والعدالة والمساواة.
وللأسف فهذا الأمر رأيناه، يحدث كثيرا تمثل في تدخل رجال الحكم واستخدامهم صلاحياتهم الممنوحة لهم بحكم منصبهم السياسي، في إصدار قرارات عفو عن مدانين في جرائم يعاقب عليها القانون، وهو الأمر الذي يطرح طلبًا عاجلًا بضرورة إعادة النظر في تلك الصلاحيات القانونية التي تخل بالعدالة والمساواة وتضر بالأمن القومي الوطني والعالمي، أو علي الأقل الحد من استخدامها.
إن الاستخدام غير الرشيد للقوانين لمصلحة افراد بعينهم، يصيب الرأي العام بعدم الرضا وفقد الثقة والشك والريبة في القانون والعدالة، ويساعد في نشر السلبية لدى المواطنين، وهو أمر شديد الخطورة، على استقرار الأمن والسلم الاجتماعي وطنيا وعالميًا، وهو الأمر المتوقع أن يحدث في المدى القريب والبعيد.
ونذكر هؤلاء الذين تحركهم أهواؤهم ونفوسهم الضعيفة، أن يسترجعوا التاريخ وقراءته، وكيف كانت عاقبة هؤلاء، وكيف كانوا سببا في سقوط واندثار أمم وشقاء شعوب.
فالعَدلِ والقِسطِ في تطبيقِ أحكام القانون، وعدمِ مُحاباةِ أحدٍ على حسابِ أحدٍ آخر.
وذكرت كتب السنة النبوية قصة عن امرأةٍ مِن بني مخزوم سرقَت في عهدِ رسولِ الله (ص)، ولمّا كانَت هذهِ المرأةُ مِن قبيلةٍ معروفةٍ وذاتِ شأنٍ في قريش، أرادَ جماعةٌ مِن كُبراءِ قريش ورجالاتِها أن يشفعوا لهذه المخزوميّة، حتّى لا يُقامَ عليها حدُّ السرقة، فلم يجرؤ أحدٌ مِن قُريش أن يُكلّمَ رسولَ اللهِ (ص) في هذهِ القضيّةِ، فالتمسوا مِن أسامةَ بنِ زيدٍ أن يشفعَ لها عندَ رسولِ اللهِ (ص)، فلمّا كلَّمَه أسامةُ في ذلكَ، قالَ له رسولُ اللهِ (ص) أتشفعُ في حدٍّ من حدودِ اللهِ؟
ثمَّ قامَ فخطبَ، فقالَ (ص): إنمّا هلكَ الذينَ قبلَكم، أنّهم كانوا إذا سرقَ فيهم الشريفُ تركوه، وإذا سرقَ فيهم الضعيفُ أقاموا عليهِ الحدَّ، وأيمُ اللهِ لو أنَّ فاطمةَ بنتَ محمّدٍ سرقت لقطعتُ يدَها. فالحديثُ فيه تحذيرٌ صريحٌ وبيانٌ لأحدِ الأسبابِ الرئيسةِ في هلاكِ الأممِ السابقةِ التي ما كانَت تُطبّقُ أحكامَ اللهِ تعالى بينَ الناسِ على السواء، وإنّما كانَت تُحابي بينَهم على حسبِ المصلحةِ، والمكانة والوجاهة الاجتماعية.
ومن أجمل ما قيل في القانون والعدل والإنصاف، قول أبي بكر الصدّيق: "القويّ فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحقّ منه.. والضّعيف فيكم قويّ عندي، حتّى آخذ الحقّ له".
انتبهوا أيها السادة، احترام القانون والعدالة والمساواة وعدم المحاباة أساس الحكم والاستقرار والسلام الاجتماعي.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: بايدن
إقرأ أيضاً:
د.حماد عبدالله يكتب: (أيام وذكريات فى بيت الله الحرام)
فى حديث مع أصدقاء أعزاء،لبيت دعوة لزيارة رسول الله(صلى الله عليه وسلم) فى المدينة المنورة،وكذا بيت الله الحرام فى الكعبة المشرفة.
ولم يأخذ منى القرار وقتًا فورًا قررت الذهاب،خاصة وأن نظام الزيارة يتطلب حيازتي (لفيزا الولايات المتحدة الأمريكية)،فيزا "تشنجن" لدول الإتحاد الأوربي والحمد لله متيسر لدى تلك الشروط.
وفى طائرة الخطوط السعودية كانت رحلتى إلى "المدينة المنورة" والتى وصلت إليها قبل صلاة الظهر حيث نزلت (بفندق أوبروى) وهو الذى تعودت أن أقيم فيه منذ عرفت طريقي إلى بيت رسول الله "عليه أفضل الصلاة والسلام"، وفورًا توجهت إلى المسجد النبوي ومكثت ضمن حشود الزائرين،وكانت الدعوات والتوجهات إلى رسول الله "صلى الله عليه وسلم "بالشكر على قبول دعوتنا للزيارة.
والدعاء للبنات والحفيدات والأصدقاء الأحياء منهم والأموات، وللمصريين ولبلادنا بأن يديم علينا الستر والإستقرار والتوفيق.
ومضى اليوم الأول فى صلوات مستمرة، وكذلك ما تسنى لى أثناء زيارة "قبر الرسول عليه الصلاة والسلام" (ومابين قبره ومنبره) فى الروضة والحنين الدائم إلى هذا المكان لا ينقطع أبدًا، فرغم تعدد الزيارات إلا أن الإحساس بالإنتماء إلى المكان والإرتياح لقضاء أكبر وقت بين جنباته لا ينقطع أبدًا.
"يا حبيبى يا رسول الله" فى هذا المكان كان وجودك وحياتك وكنت تحب هذا المكان وتعشقه،وإنتقل هذا العشق وهذا الحب إلينا إلى محبيك، ما أجمل أن تقضى فى روضة "رسول الله عليه الصلاة والسلام" ساعات نقرأ ما تيسر من أيات القرأن الكريم شيىء من الخيال الرائع، أدعوا الله أن يرزق المسلمين جميعًا بهذه الزيارة.
وبعد صلاة الفجر، والإحرام وصلاة الجمعة كان طريقى إلى (قطار المدينة-مكة السريع) والذى لآول مرة أستخدمه فى الإنتقال من "المدينة المنورة" إلى "مكة المكرمة".
محطة القطار على أحدث الطرز المعمارية وأعتقد أن تصميمها للمرحومة المعمارية (زها حديد).
والقطار شيىء رائع لا يقل عن مثيله فى أوربا،وخاصة(الريشة الحمراء) خطوط تربط ما بين الدول الأوربية الغربية، وسرعة تجاوزت ال 300 كيلومتر فى الساعة، وضيافة فى القطار على مستوى جيد، وصلت مكة خلال ساعتين ودقائق.
وفى المسجد الحرام حيث وصلت قبل صلاة العشاء وفورًا بعد أن تجدد (الوضوء) فى فندق الساعة الشهير(بفيرمونت)أخذت طريقى لقضاء العمرة، طوافًا وسعيًا وأن (للأسف الشديد)لم إحتمل إستكمال الطوفان سعيًا على الأقدام !! فإتخذت الكرسى المتحرك بسائقه، لكى أقضى خلال ساعتين كل المناسك ما بين طواف وسعي ما بين (الصفا والمروة) (والنظر إلى الكعبة) عبادة وحب فى الله عز وجل.
ولعل ما يشد المسلم فى هذا المكان الشريف هو أن الجميع نساء ورجال وأطفال يسعون فى أرجاء الكعبة المشرفة،وكأنها بيتنا جميعًا بيت الله العلى العظيم، وأخذتنى الذاكرة وأنا متعلق بالنظر للكعبه الشريفه لذكرى دخولها والمشاركة فى غسيلها عام 2012م.
حينما لبيت أيضًا الدعوة إلى المشاركة فى غسيل الكعبة وأذكر حينما مثلت داخل الكعبه، لم أجد شيئًا يفسر هذا التوتر العظيم الذى إجتاحنى، حيث هذه البقعه من الأرض ( تحت العرش العظيم ).
حيث مكثت فى صلاه ركعتين بكل ركن من أركان الكعبه الأربع، وظل شريط من الشخصيات فى حياتى منهم من توفاهم الله وعلى رأسهم "أمي وأبي وزوجتي وأختي وأخي ألف رحمه عليهم وفى رضوان الله مثواهم إن شاء الله.
وأصدقائى الراحلون والذين قضوا معى عمر طويل وتقبلهم الله برحمته الواسعه بإذن الله ،لم أعرف كيف ورد هذا الشريط السينمائي فى عقلي وذهني وأنا(أجهش بالبكاء ) وأنا أسجد لله شاكرًا وحامدًا وداعيًا لمن سبقونا فى رحابه بالرحمه والمغفرة والعفو من الله.
ولم يسعنى فى ذلك الوقت إحساسي وإداركي بالزمن الذى قضيته داخل الكعبه المشرفه ومن (زاملوني) فى هذه اللحظات الرائعة إلا أصوات "الهمهمة والجهش بالبكاء" هو الغالب على جو (الحجرة الإلهية) والتى تميزت بالبساطة فى سماتها حيث غطيت حوائط تلك الحجرة "بالقماش الإسطبرك الأخضر المصنوع بالجاكارد" والمرتفعه حوال مترين وبقيه الحوائط مغطاة بالرخام الأرابيسكاتو) والأرضية من (الكرارة) والوزرات من "الرخام الأخصر الهندي" ،وأعمدة ثلاث(من الخشب الموجنى" ترفع سقف الكعبه ومدلى منها بعض الأواني النحاسية القديمة.
تلك الذكريات الجميله والخالدة والراسخة فى ضميري وذهني وعقلي لم تذهب أبدا.
هكذا وأنا أمام الكعبة تذكرت كل تلك التفاصيل،وأنهيت يومي الثالث فى الزيارة لكي أعود إلى القاهرة المحروسه ،طالبًا من الله أن يرزقنى ويرزق كل من يقرأ هذا المقال بزيارة مماثلة لأقدس الأماكن على سطح الأرض !!
[email protected]