بين التحديات الداخلية والخارجية
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
كتب ناصيف حتي في" النهار": اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل يفترض أن يؤدي تدريجا إلى انسحاب كلي للقوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، في فترة أقصاها ٦٠ يوما من تاريخه. والواقع أننا ما زلنا نشهد أعمالا عسكرية إسرائيلية بوتيرة منخفضة ومتقطعة، فيما تدعو إسرائيل سكان الشمال للعودة إلى منازلهم، وتشجعهم على ذلك عبرمساعدة مالية.
يبدو أن إسرائيل تحاول إرساء واقع جديد على الأرض في بعض المناطق قبل انسحابها. والمطلوب من الطرفين الغربيين في اللجنة الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا) الضغط عليها لوقف هذه الأعمال العسكرية.
على صعيد آخر، تشهد سوريا عودة السخونة العسكرية في لعبة تنشيطالمواجهة بالوكالة التي تقوم بها أطراف خارجية فاعلة على الساحة السورية لتعزيز موقعها ضمن "لعبة الأمم" النشطة مجددا. يحصل ذلك في خضم المتغيرات التي أحدثتها الحرب الإسرائيلية على سوريا التي بقيت كدولة خارج إستراتيجية وحدة الساحات، لكنها استمرت في جزء كبير منها امتدادا للمسرح الإستراتيجي القتالي اللبناني.
ورغم تراجع حدة القتال، تبقى الحرب قائمة على غزة في ظل محاولات التوصل إلى وقف النار، والتي ما زال أمامها الكثير من التعقيدات. وفي الموازاة، يبرز تصاعد السياسة الإسرائيلية النشطة لضم الضفة الغربية وما تشكله من احتمالات انفجار تتخطى تداعياته السياسية جغرافية الضفة.
في خضم هذه السخونة المحيطة بلبنان من جنوب فلسطين إلى شمال سوريا، يبقى الإسراع، ولا نقول التسرع في العمل على انتظام السلطات في لبنان والخروج من حالة الفراغ القاتل أمرا أكثر من ضروري. صحيح أن تحديد موعد للانتخابات الرئاسية في التاسع من كانون الثاني أمر شديد الأهمية ورسالة واضحة حول ضرورة الخروج من هذا الوضع، لكن المهم أيضا إطلاق حوار مضامين لا عناوين كما نذكر دائما. حوار بين مختلف المكونات الفاعلة في لبنان، أيا تكن صيغته للتوصل إلى بلورة تفاهمات ضرورية حول خريطة الطريق التي يجب ولوجها في عملية الإنقاذ الوطني عند إنهاء الفراغ الرئاسي وانتظام السلطات.
صحيح أن العامل الخارجي كان وما زال مؤثرا كثيرا في التعامل مع الأزماتالحادة التي يعيشها لبنان لكن هناك مسؤولية لبنانية وطنية يشارك في تحملها الجميع للتوصل إلى التفاهمات والتسويات المطلوبة. ولا بد من التذكير في ظل الأوضاع التي يعيشها لبنان بأنه إلى جانب الأزمة الخارجية المتعلقة بالحرب، ثمة أزمة بنيوية داخلية خطيرة تزداد تعقيدا وكلفة مع الوقت وتطال الجميع الأزمة الاقتصادية المالية بتداعياتها المتعددة، ومسبباتها المختلفة ومنها السياسية في إدارة شؤون البلاد.
المطلوب استخلاص الدروس والعبر في هذا المجال لولوج باب إصلاح شامل طال انتظاره وازدادت تكلفته مع الوقت. فالحوار العملي والهادف حول هذا الأمر ضروري لبلورة الخطوط العريضة والأفكار الأساسية لعملية الإصلاح المطلوب في حقيقة الأمر الانخراط في مسار حواري هادف يحضر لانتظام السلطات مع انتخاب رئيس وتشكيل حكومة مهمة". ومن الضروري أن يستند برنامج السلطة الجديدة إلى أفكار ومقترحات تكون ثمرة الحوار المطلوب. التحديات الوطنية كثيرة، والمقاربة الشاملة ولو التدريجية في معالجة التحديات أمر أكثر من ضروري.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
2024 كان عام التحديات... هل ينهض القطاع الزراعي مع بدء العام الجديد؟
دفع القطاع الزراعي خلال الأعوام الأخيرة الحيّز الأكبر من الخسائر، إلا أن العام 2024 كان الأكثر قساوةً. فبعد التحديات المتلاحقة منذ العام 2019 وكل الانهيار الاقتصادي وعدم الاستقرار السياسي، ازداد وضع القطاع الزراعي سوءاً بسبب العدوان الإسرائيلي الذي أدى إلى تدمير 68% من الأراضي المزروعة، مما تسبب في نزوح آلاف المزارعين وتعطيل سلاسل الإنتاج الزراعي. فهل من فرص للإصلاح؟
تواجه الزراعة في لبنان العديد من التحديات والمشاكل التي تؤثر على إنتاجية القطاع الزراعي وتنميته بشكل مستدام، ومن أبرز التحديات التي واجهها القطاع الزراعي ومعه المزارعين خلال العام المنصرم، التغير المناخي وتأخر هطول الأمطار، بحسب رئيس حزب البيئة العالمي د. دومط كامل.
تحديات وصعوبات
ووفق ما قاله كامل لـ"لبنان 24"، ليس التغير المناخي وحده على رأس قائمة التحديات، إنما أثّر تحويل معظم الأنهار في لبنان إلى مجارٍ للصرف الصحي والصناعي بشكل مباشر على المزروعات وريّها وخاصة جوانب نهر الليطاني وسواه، ما انعكس سوءاً على الإنتاج والمحاصيل الزراعية وبالتالي تصديرها للخارج.
إلى ذلك، شدد كامل على أن الحرب الإسرائيلية على لبنان أدّت إلى تدمير مناطق زراعية بأكملها، لافتاً إلى أن المزارعين زرعوا أراضيهم هذه السنة حوالى الثلاث مرات، وفي كل مرّة كانت الأراضي تتدمّر إثر العدوان.
وقال: "تمت الزراعة الأولى في شهر أيلول، إلا أن الأمطار لم تتساقط بشكل كافٍ، ومن ثمّ في تشرين الأوّل ثم في تشرين الثاني، وصولاً إلى بداية كانون الثاني حيث لم تتساقط الأمطار أيضاً بشكل وافر، ما أجبر مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان لإعلان خطّة طوارئ لأن المياه لم تكن تصل للمواطنين سوى لساعات معدودة كل 4 أيام".
وأكد كامل أن المزروعات والأشجار المثمرة تكبّدت خسارات كبيرة لأن المحصول تأثر بالحرارة العالية أولاً وانقطاع المياه لمدة 170 يوماً، وبالتالي فقد اضطرّ المواطن لمواجهة إنتاج متدّن وكلفة عالية في السوق.
وفي حين اعتبر كامل أن القطاعات تأثرت بسبب التحديات التي واجهها القطاع الزراعي، ومنها العمالي والصناعي والغذائي، شدّد على أهمية وجود خطط وجهوزية لحماية الإنتاج الزراعي مستقبلاً.
ومن هنا، أكّد وجوب تدخل الوزارات المختصّة لوضع خطط جدية لإصلاح الإنتاج الزراعي برمّته خاصة وأن المنطقة دخلت في التغيّر المناخي من بابه العريض.
ولا يمكن الحديث عن التحديات التي واجهها القطاع الزراعي في لبنان مؤخراً من دون الإتيان على ذكر التهريب عبر الحدود إلى دول مثل سوريا والعراق والأردن وما يسببه من منافسة غير عادلة للمنتجات اللبنانية، وقد انعكس هذا الأمر على الأسعار في السوق المحلي، مما يضر بالمزارعين اللبنانيين.
كما أن عدم توفر الموارد الكافية للاستثمار في البنية التحتية أو لتقديم الدعم المالي والتقني للمزارعين يشكّل أيضاً صعوبة في درب القطاع الزراعي الناجح.
علاوة على ذلك، فقد شكّلت منافسة المنتجات المستوردة بدورها تهديدًا للمزارع المحلي، فهذه المنتجات غالبًا ما تكون أرخص من تلك المحلية بسبب انخفاض تكاليف الإنتاج في بعض الدول.
حلول محتملة
يركن المختصّون في الشأن البيئي والزراعي إلى مجموعة من الحلول للنهوض بالقطاع، ومنها تحفيز الاستثمارات في البنية التحتية الزراعية، مثل تحسين شبكات الري والطرق، وتطوير الأسواق الزراعية.
كما يمكن تحسين إدارة المياه من خلال اعتماد تقنيات الري الحديثة كالري بالتنقيط، وكذلك إنشاء مشاريع لزيادة مخزون المياه وتخزينها.
ويدعو مختصّون لتقديم برامج تدريبية للمزارعين بشأن تقنيات الزراعة الحديثة وإدارة الإنتاج، فضلاً عن إصلاح السياسات الزراعية عبر وضع خطة استراتيجية لدعم القطاع الزراعي، مع زيادة الحوافز المالية للمزارعين.
وفي المحصّلة، إذا تمّت معالجة هذه التحديات بشكل منهجي، فإن القطاع الزراعي يمكن أن يعود كما كان دوماً، ركيزة مهمة في الاقتصاد الوطني، ويسهم في تحقيق الأمن الغذائي والاستدامة البيئية في البلاد.
المصدر: خاص "لبنان 24"