وسط ساحة المحكمة المزدحمة، وقفت أميمة بملامح يكسوها الحزن، تحمل على كتفها طفلها الرضيع الذي لم يكمل شهره الثالث، كانت تنظر إليه وكأنها تحاول أن تجد في وجهه عزاءً لما تمر به، وبصوت منخفض، كانت تحدثه وكأنه يفهمها، وتروي للسيدات اللاتي يجلسن بجوارها أنه أصبح «رجلها الوحيد الآن» وأنه «فرحة العمر»، التي جاءت بعد 15 عامًا من الصبر، حتى حان موعد جلستها.

. فما القصة؟

أميمة ورضيعها في محكمة الأسرة

«قلت للقاضي: أنا عايزة أطلق، مش عايزة حاجة منه»، بهذه الكلمات بدأت أميمة صاحبة الـ33 عامًا حديثها مع «الوطن»، مؤكدة أنها ترغب في الطلاق بأي شكل، لأنها صبرت على مواقف كثيرة خلال زيجتها التي استهلكت روحها، لكن الموقف الأخير قطع آخر سبب للبقاء معه، وكشف جانبًا مظلمًا كانت تحاول أن تتجاهله طوال هذه السنوات، وأصيبَت بصدمة نفسية بعد أن تحققت أمنيتها في الإنجاب.

في البداية، لم تكن «أميمة» تتخيل أن حياتها ستأخذ هذا المسار، كانت مجرد فتاة في العشرين من عمرها عندما وجدت نفسها محور حديث العائلة، فوالدتها وخالتها قررتا أن يكون زواجها من ابن خالتها أفضل حل لضمان صلة الرحم وتقوية الروابط الأسرية بينهما، رغم أنها لم تشعر يومًا تجاهه بأي مشاعر حقيقية، واستسلمت لرغبة الكبار، خاصة بعد أن قال لها الزوج: «إحنا مناسبين لبعض، وكل حاجة مع الوقت هتبقى كويسة»، ولأنه كان يكبرها بـ10 سنوات، اعتقدت أنه على صواب، حسب روايتها.

زواج بأمر عائلي 

وافقت «أميمة» على الزيجة على أمل أن يكون هذا الزواج بداية لعائلة صغيرة سعيدة، لكن بداية الزواج لم تكن سهلة، كانت الحياة بينهما أشبه بشريكين فرضت عليهما الظروف أن يتقاسما نفس الطريق، ولم يكن بينهما حب أو شغف، بل مجرد محاولة للتكيف، وهو ما جعل السنوات تمر ببطء شديد، ثمّ زادت صعوبة الحياة بغياب الأطفال، ليصبح الحلم الذي كان من المفترض أن يجمعهما عبئًا ثقيلًا يحمله كل منهما في صمت، ولمدة 15 سنة، لم يمنحها القدر فرصة الإنجاب، ورغم ذلك، ظل زوجها يدّعي الصبر والرضا، وفقًا لحديثها.

صدمة «أميمة» من زوجها

«بعد 15 عامًا، خلفت ابني بعد سنين من المحاولات، وافتكرت إن الحياة هتبقى هادئة، وحمدت ربنا على رزقه لينا بعدما كنت قربت أفقد الأمل واستسلمت لحياتي من غير أطفال، كنت فاكرة إنه هو كمان مشاعره زيي، والفرحة مش سايعاه، لكن صُدمت بصدمة عمري وضاعت فرحتي وفرحة اللي حوالينا»، هكذا تصف «أميمة» معاناتها التي تفاقمت عندما فوجئت بزوجها يعترف بأنه لم يكن يومًا يحبها، وأنه تزوجها فقط لإرضاء والدته، والأسوأ من ذلك كان عندما قال لها ببرود: «أنتِ خلاص عملتِ اللي كنتِ عايزاه، جبتِ ابني.. مالكيش لازمة تاني».

دعوى خلع بعد 15 سنة

بعد أن تحمّلت خيبة أملها، عادت «أميمة» إلى منزل والدها وطفلها، ولم يمر على ولادته سوى أسابيع قليلة، لتخبر والدتها بردة فعل الزوج، وأنها ترغب في الانفصال بشكل نهائي بعد أن جردها من كبريائها، فتقول «هو قال لي: أنا مش أكتر من أم لابنه، وإنه صبر عليا 15 سنة عشان يحقق حلم أمه ويجيب حفيدها.. لكن أنا؟ مفيش مكان ليا في حياته»، لتكتشف أن زوجها يرى فيها مجرد أم لابنه، ويخطط للانفصال بعدما اعتبر أن دوره تجاهها انتهى.

بعد محاولات عدة للانفصال بشكل ودي، بدأ الأمر يأخذ مسار التهديدات وتعكير صفو حياتها، ولم تجد «أميمة» حلًا لردعه عن تصرفاته سوى باللجوء إلى محكمة الأسرة بزنانيري، وإقامة دعوى خلع حملت رقم 826.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: محكمة الأسرة طلاق دعوى خلع الخلع بعد أن

إقرأ أيضاً:

سياسة تكميم الأفواه في العراق.. من قال إن الدكتاتورية انتهت

آخر تحديث: 4 يناير 2025 - 8:43 صبقلم: سمير داود حنوش هل ثمة إمكانية لأخذ العبرة من التاريخ بعد أن أصبحت الديمقراطية في العراق فضيحة؟ يخبرنا التاريخ السياسي لهذا البلد بأن أصحاب السلطة دائمًا ما كانوا تلاميذ سيئين، بل حمقى في استلهام الدروس من الماضي، ليتحول بعدها الحاضر إلى فصل دراسي مكرر وممل ونسخة مشوهة أو مستنسخة من الماضي بعد أن تتم إعادة تدوير الاستبداد.المعارضون لذلك الماضي وتكراره لمرات عديدة، هل فهموا اللعبة؟ لا نظن ذلك، فما إن يبلغوا مرحلة النضج والحكمة والوعي بحقائق التاريخ حتى تكون الفرصة قد ضاعت من بين أيديهم.الحرية والديمقراطية وحرية الرأي ما هي إلا إكسسوارات ما بعد عام 2003 لكل الحكومات المتعاقبة من أجل تجميل الدكتاتورية الجديدة.ملخص الحكاية أن التاريخ الاستبدادي في العراق يعيد نفسه مرات عديدة، لكن الفرق هو أن قبل 2003 كانت الدكتاتورية تتلخص في الحاكم الأوحد، أما بعد 2003 فقد تعددت الدكتاتوريات وتوزّع الاستبداد والتنكيل ما بين السلطة وأدواتها القمعية وميليشيات مسلحة وسلاحها المنفلت. رأينا ذلك البطش والقتل في ساحة التحرير خلال تظاهرات الشباب المنتفض عام 2019، وكيف اخترقت الدخانيات الحارقة رؤوسهم الطرية وتحولت الرصاصات المطاطية إلى إطلاقات نارية استقرت في قلوب الفتيان والفتيات، حين كانت السلطة تتهم “الطرف الثالث” بالقتل متناسية أنها المسؤول الأول عن حياة أولئك المتظاهرين.الصحافيون في العراق عليهم أن يختاروا بين أن يكونوا مروجين للسلطة ويستفيدوا من مغانمها وهباتها أو مطرودين من نعيمها تلاحقهم الدعاوى القضائية بسبب نقدهم للفساد وطغيان المتنفذين يأتي بعدها سلاح الكاتم للفاسدين وأذرعهم في إسكات أي صوت حر يطالب بالقصاص واجتثاث الفساد، فطوال عقدين من احتلال بغداد كانت وسائل الإعلام المختلفة تضج بقصص ضحاياها من صحافيين وإعلاميين وكتّاب تضرجت شوارع العراق وأرصفته بدمائهم الزكية بعد أن اغتيلوا في لحظة غدر خفافيش الظلام.لا تزال جريمة اغتيال الصحافيين في انتفاضة 2019 التي اندلعت ضد الفساد وسوء الأوضاع الاقتصادية ماثلة، ومنهم الصحافي أحمد عبدالصمد والصحافي رائد الفهد اللذان قُتلا في محافظة البصرة أثناء تغطيتهما للاحتجاجات، وغيرهم من عشرات الناشطين الذين كان من بينهم إيهاب الوزني الذي تم اغتياله في كربلاء 2021، ولا ننسى هشام الهاشمي الخبير في الشؤون الأمنية والإستراتيجية والباحث في قضايا الميليشيات والتنظيمات المسلحة المدعومة من إيران الذي اغتيل أمام منزله في منطقة زيونة في بغداد من قبل مسلحين مجهولين على دراجات نارية، ليكون ذلك الاغتيال رسالة تحذير لكل من يتجرأ على انتقاد تلك الميليشيات وترسيخ مفهوم إسكات الأصوات المعارضة، ولم يغفل سجل الأحداث عن دعوى الكاتب سمير داود حنوش المؤجلة منذ سنين في أروقة القضاء بسبب الفساد وتسلط متنفذين ومحاولات كيدية لمنع القضاء من أخذ دوره بمحاكمة الذين تسببوا في بتر إحدى قدميه. لا يختلف واقع حكومة محمد شياع السوداني عما سبقه من الحكومات سوى أن الأخير بدأ يستخدم سيف القضاء للتنكيل بكل الأصوات المنتقدة والرافضة للسياسات الخاطئة التي تنتهجها الحكومة، بل وصل الحال بالحكومة إلى أنها بدأت تضيّق الخناق إلى درجة قطع أرزاق الصحافيين والإعلاميين على اعتبار أن قطع الأرزاق أفضل من قطع الأعناق، لذلك قامت بطرد الإعلامي والمدرّس قصي شفيق من القناة الفضائية والجامعة التي يعمل بها بدعوى أن منشوراته على مواقع التواصل الاجتماعي تُثير استفزازات السلطة لما تحويه من حقائق ومعلومات، علمًا أن صاحب قرار الفصل هو وزير التعليم العالي الذي ينتمي إلى عصائب أهل الحق. ولم تتوقف سلسلة الفصل والطرد وقطع الأرزاق؛ فقد قامت شبكة الإعلام العراقي، التي من المفترض أن تكون حيادية في عملها وألا تخضع للحكومة، بتوقيف المذيع صالح الحمداني عن العمل في الشبكة بشكل رسمي بعد تدوينة للحمداني فُسّرت على أنها دعوة إلى إسقاط الحكومة العراقية على غرار ما حدث في سوريا. الغريب في سلطة الإسلام السياسي هو وقوفها ندا وخصما للإعلامية زينب ربيع التي تلقّت إشعارا برفع دعوى قضائية بحقها من قبل رئيس الوزراء السوداني، في الوقت الذي تنادي فيه تلك السلطة بحقوق المرأة وضرورة حمايتها. تأكيدًا لما يجري في واقعنا الغارق بالتناقضات، لا تجد الحكومة -حين تشتد الأزمة السياسية في الواقع العراقي- غير الحلقة الأضعف المتمثلة في الإعلاميين والصحافيين والمدونين للضرب بكل قوتها، متناسية هموم البلد ويبدو أن حكومة السوداني لم تتوقف عند الحدود العراقية، بل تخطّت تلك الحدود إلى الكويت حيث شهدت المحاكم دعوى قضائية ضد الإعلامية الكويتية فجر السعيد.وتتناسى السلطة أن حرية الرأي تُعد أحد الحقوق الأساسية التي كفلها الدستور العراقي لعام 2005، حيث جاء في المادة 38 من الدستور: “تكفل الدولة بما لا يخلّ بالنظام العام والآداب حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل وحرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر وحرية الاجتماع والتظاهر السلمي.” وكشفت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة “PFAA” في تقريرها السنوي لعام 2024 عن انتهاكات وصِفت بـ”غير المسبوقة” بحق الصحافيين العراقيين، حيث سجل التقرير وقوع 457 انتهاكا، توزعت بين القتل والاعتقال والاحتجاز والتهديد والاعتداء والإقصاء من العمل والدعاوى القضائية ومنع التغطيات، ويشير التقرير إلى محاولات فرض الوصاية على وسائل الإعلام بالإنذار، وحجب ظهور شخصيات بحسب أهواء وأمزجة المتنفذين، وهو ما يؤكد أن العراق يسير باتجاه الهاوية في سياسة تكميم الأفواه وإعادة سيناريوهات الدكتاتورية والاستبداد. الصحافيون في العراق عليهم أن يختاروا بين أن يكونوا مروجين فاشلين للسلطة ويستفيدوا من مغانمها وهباتها، أو مطرودين من نعيمها بسبب نقدهم للفساد وطغيان المتنفذين، تلاحقهم الدعاوى القضائية والشكاوى وتلك هي أهون المتاعب.يمر على الذاكرة المثل الشعبي القائل “أبوي ما يكدر بس على أمي” كلما مرت بعض المواقف التي تتخذها السلطة في رفع دعاوى قضائية ضد صحافيين ومدونين إعلاميين. وتأكيدًا لما يجري في واقعنا الغارق بالتناقضات، لا تجد الحكومة -حين تشتد الأزمة السياسية في الواقع العراقي- غير الحلقة الأضعف المتمثلة في الإعلاميين والصحافيين والمدونين للضرب بكل قوتها، متناسية هموم البلد ونقص الخدمات وانعدام السيادة وكوارث اقتصادية واجتماعية تحيط بالشعب.الطرافة في ذلك السؤال الساخر الذي يطرحه بعض الصحافيين وهو: هل خصصت الحكومة مكاتب وميزانية مالية وموظفين لمراقبة كل الآراء المنشورة في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وتركت واجباتها الأصلية؟ فإذا كان الأمر كذلك حقًا فـ”شرّ البليّة ما يُضحك.”

مقالات مشابهة

  • المرأة بين مدونة الأسرة ومنظومة التقاعد
  • زواج «الإنتاج المؤقت» ..زنا
  • المعارضة تطلب الفنزويليين بدعم غونزاليس لتنصيبه رئيساً
  • كسبت قضية الخلع .. القصة الكاملة لطلاق رنا سماحة وسامر أبو طالب
  • سياسة تكميم الأفواه في العراق.. من قال إن الدكتاتورية انتهت
  • هل انتهت الحرب في لبنان؟.. هذا ما كشفته وسائل إعلام إسرائيلية
  • زوجة تبحث عن الخلع بسبب استهزاء زوجها بها أمام عائلته.. التفاصيل
  • موسم جدة يناير 2025| ليلة شتوية لـ أميمة طالب وعايض يوسف
  • تصوّر حتى دي باختار يكون شكلها إزاي | مروة تطلب الخلع: معندوش شخصية
  • قصة ممرضة هندية تواجه حكم الإعدام في صنعاء.. الهند تطلب من إيران التوسط