الزراعة التعاقدية.. خطوة نحو التنمية المستدامة في القطاع الزراعي
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
الثورة/ يحيى الربيعي
إن التحول إلى الزراعة التعاقدية هو ضرورة ملحة تستجيب للتحديات البيئية والاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها اليمن. فبالإضافة إلى الظروف المناخية القاسية التي نواجهها، تعاني الزراعة في البلاد من مشكلات متعددة مثل نقص كفاءة أنظمة التسويق يبرز أهمية التعاقدات التي تسهل الوصول إلى الأسواق وتضمن الربح للمزارعين وقلة استخدام المدخلات الزراعية الحديثة تجعل الزراعة بشكل تقليدي غير قادرة على تلبية الطلب المتزايد على الغذاء، وشح الموارد وتآكل الأراضي الزراعية، وارتفاع تكاليف الإنتاج، مما ينذر بوجود خطر حقيقي يهدد الأمن الغذائي.
في هذا السياق، تتحول الأنظار نحو الزراعة التعاقدية كحل مبتكر يفتح آفاقًا جديدة للتنمية الزراعية. فقد بات واضحًا أن هذا النمط من الزراعة ينسجم بشكل كبير مع احتياجات المزارعين الصغار، ويقدم لهم فرصًا واسعة للتطور والنمو، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة. فمع اعتماد الزراعة التعاقدية، يتمكن المزارعون من الحصول على ضمانات لبيع منتجاتهم، مما يساعد في تقليل المخاطر المالية التي قد يتعرضون لها في ظل تقلبات السوق. كما أن الزراعة التعاقدية تلعب دورًا محوريًا في دعم التنمية الاقتصادية من خلال تحسين فرص العمل وتعزيز الأمن الغذائي.
جهود رسمية وشعبية حثيثة
في السياق، نظمت وزارة الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية خلال الأسبوع الماضي مجموعة من ورش العمل حول آلية تنفيذ الزراعة التعاقدية في عدة محافظات يمنية، وذلك بهدف تعزيز القدرات الزراعية وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
ففي محافظة الحديدة، أقيمت ورشة عمل في مديريات المربع الشمالي، حيث تم استهداف 5 جمعيات تعاونية. شارك في الورشة 24 متدرباً من مسؤولي وممثلي الجمعيات التعاونية الزراعية ومدراء المديريات في المربع الشمالي. كانت أهداف الورشة تتمثل في تعريف المتدربين بآليات وإجراءات دعم مشروع الزراعة التعاقدية، بما يتماشى مع رؤية الدولة وترجمة توجيهات القيادة الثورية والمجلس السياسي الأعلى لتعزيز الثورة الزراعية وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
كما عُقدت ورشة عمل أخرى في مديرية بيت الفقيه، وتركزت على التحديات التي تواجه عملية التسويق الزراعي، ودور الدولة في تحسين الإنتاج والتنمية الزراعية. تم التطرق إلى كيفية دعم التعاون بين المزارعين والجمعيات والتجار، من خلال مشروع الزراعة التعاقدية والتسويق. وكانت أهداف الورشة تتضمن تأهيل المزارعين، وتوفير المستودعات والبذور، بالإضافة إلى تفعيل مسؤولي التسويق وإتاحة الفرص الاستثمارية.
على صعيد متصل، دشنت وزارة الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية، بالتعاون مع الاتحاد التعاوني الزراعي، ورش عمل لتطوير آلية تنفيذ الزراعة التعاقدية للموسم الزراعي 1446هـ، وذلك لـ 8 جمعيات تعاونية زراعية في المربع الشرقي لمحافظة الحديدة ومحافظة ريمة. شملت الورش المشاركين من هيئات إدارية لجمعيات السخنة، باجل، المراوعة، برع، الحجيرية بمحافظة الحديدة، وجمعيات الجعفرية، السلفية، بلاد الطعام بمحافظة ريمة، ومدراء عامة المديريات ومكاتب الزراعة.
تهدف الورشة إلى إكساب 38 متدرباً من الهيئة الإدارية للجمعيات معارف وأساسيات الزراعة التعاقدية، بهدف تحسين أداء الجمعيات التعاونية لتكون مهيأة لتنفيذ هذا النوع من الزراعة. كما تم تزويد المشاركين بدليل الزراعة التعاقدية وتحديد المحاصيل، مثل السمسم، الذرة الشامية، التمور، والطماطم، كمحاصيل محورية في البرنامج بمحافظة الحديدة.
وفي الصعيد ذاته، نظمت الوزارة في محافظات الجوف والمحويت وحجة ورشاً خاصة بالزراعة التعاقدية. حيث أقيمت ورشة في محافظة الجوف تحت شعار “التغيير والبناء”، وهدفت إلى تهيئة الجمعيات التعاونية الزراعية وفروع مكاتب الزراعة في المديريات والوحدات الإدارية. كما تم تناول تطوير وتحسين برنامج عمل الزراعة التعاقدية وتعريف المشاركين بدليل الزراعة التعاقدية، إضافة إلى تحديد المحاصيل المختلفة المعتمدة في هذا البرنامج.
أما في محافظة المحويت، فقد عُقدت ورشة عمل يوم الاثنين شارك فيها 45 متدرباً من مدراء مديريات جبل المحويت، ملحان، الرجم، والخبت، ومدراء فروع مكتب الزراعة بالمديريات، وأعضاء الهيئة الإدارية لعدة جمعيات. كانت الورشة مخصصة لتطوير آلية تنفيذ الزراعة التعاقدية، ودعم الجمعيات في اختيار منسقي زراعة تعاقدية على مستوى المديريات، وتحديد أنواع المحاصيل التي سيتم إدخالها في برنامج الزراعة التعاقدية.
ودشنت الوزارة والاتحاد التعاوني الزراعي ورشة متعلقة بتطوير آلية تنفيذ الزراعة التعاقدية للموسم الزراعي 1446هـ أيضًا، لنحو 8 جمعيات تعاونية من محافظتي إب وتعز. هدفت الورشة إلى إكساب 46 متدرباً من الهيئة الإدارية لجمعيات مقبنة، خدير من محافظة تعز، وجمعيات حبيش، السدة، يريم، القفر، حزم العدين، وبعدان من محافظة إب، معارف وأساسيات لتطوير وتحسين برنامج عمل الزراعة التعاقدية ليتم تنفيذها عبر الجمعيات. كما تم اختيار منسقي زراعة تعاقدية على مستوى المديريات.
وقد قدمت كل ورشة في مقدمتها شرحًا عن مفهوم الزراعة التعاقدية وأهميتها، كما قدمت توضيحاً للدليل الخاص بالزراعة التعاقدية، والنماذج والجداول الملحقة به بجانب تفاصيل العقود بين المزارعين والمشترين لشراء المنتجات الزراعية. كل هذه الجهود تؤكد العزم على تعزيز القدرة الإنتاجية الزراعية ودعم المجتمع الزراعي في اليمن.
الفرصة الكبرى: الزراعة التعاقدية
تمثل الزراعة التعاقدية استراتيجية طموحة لتحقيق نهضة زراعية شاملة. تشير الدراسات الصادرة عن القطاعات الزراعي على المستوى المحلي والعالمي إلى أن الزراعة التعاقدية يمكن أن تكون المحرك الرئيسي للتنمية الريفية، حيث تستثمر في تمكين صغار المزارعين وزيادة دخولهم.
تأكيدًا لذلك، تشير الأبحاث إلى أن استثمار الدولار الواحد في الزراعة يحمل تأثيراً أكبر بمقدار ثلاث مرات مقارنة بالاستثمارات في القطاعات الأخرى من حيث تخفيض نسبة الفقر. إن الزراعة التعاقدية تمثل مدخلاً حيويًا لتطوير اقتصادات الريف المستدامة، فهي تعزز من دور الزراعة العائلية التي تُساهم في إنتاج قدر كبير من الغذاء.
وفقًا لدراسات أخرى، فإن المزارعين الذين يشاركون في برامج الزراعة التعاقدية يسجلون زيادات في دخلهم بنسبة تتراوح بين 25 % و75 % مقارنة بنظرائهم الذين لا يشاركون. وفي سياق عالمي، تصل نسبة الزراعة التعاقدية إلى 15 % من الناتج الزراعي في الدول المتقدمة، بينما تنمو بشكل أسرع في البلدان النامية.
أمثلة ملهمة عالمياً
– في زامبيا، تصل الزراعة التعاقدية إلى 100 % من إنتاج القطن.
– في البرازيل، تمثل التعاقدات 75% من سوق الدواجن.
– في كينيا، تشكل التعاقدات أكثر من 60 % من مبيعات الشاي والقهوة.
إن التعثر الذي يعاني منه القطاع الزراعي في اليمن يستدعي وضع استراتيجيات شاملة ومتناسقة تجمع بين كافة الجهات المعنية بالتحول نحو الزراعة التعاقدية كخيار فعّال يدعم المزارعين ويحقق الأمن الغذائي.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
مصر تتوسع في زراعة 9 أصناف من القطن لتعزيز الإنتاجية ودعم الصناعة.. وخبراء: الأصناف الجديدة تحقق التوازن بين الجودة والإنتاج.. والتوسع في زراعة القطن يعزز دخل المزارعين ويعيد إحياء الصناعات النسجية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يعد القطن المصري من أهم المحاصيل الاستراتيجية التي تتميز بها مصر عالميًا، لما له من سمعة طيبة وجودة فائقة تعود إلى خصائصه الطبيعية الفريدة وفي إطار سعي الدولة للنهوض بهذا القطاع الحيوي، تتواصل الجهود لتطوير زراعة القطن وتعزيز قدراته التصنيعية بهدف تحقيق قيمة مضافة أكبر، وزيادة تنافسيته في الأسواق المحلية والعالمية.
جودة القطن المصري وتطوير زراعته
حيث أكد ممدوح حنا، عضو شعبة القطن باتحاد الغرف التجارية، أن القطن المصري من أجود أنواع القطن عالميًا بفضل أليافه الطويلة والناعمة وتسعى الدولة حاليًا لاستعادة مكانته من خلال التوسع في الزراعة وتحسين الإنتاج والتصنيع المحلي لزيادة القيمة المضافة.
أصناف جديدة ومنع القطن الأمريكي
وأوضح حنا أن الحكومة وفرت 9 أصناف جديدة عالية الإنتاجية، أبرزها "جيزة 86" وجيزة 94" و"جيزة 98"، ضمن خطة لدعم الصناعة المحلية كما تم حظر زراعة القطن الأمريكي والأنواع قصيرة التيلة للحفاظ على نقاء القطن المصري وجودته.
تحفيز المزارعين ورفع الإنتاجية
وتعمل وزارة الزراعة على تحفيز الفلاحين من خلال توفير التقاوي المعتمدة وتنظيم ندوات إرشادية، ما ساهم في رفع الإنتاجية وزيادة دخل المزارعين.
تحسن المبيعات وزيادة التصدير
بلغت المبيعات المحلية هذا الموسم نحو 1.1 مليون قنطار، وتصدّر الشركات 65-70% من إنتاجها لأسواق مثل الهند وباكستان وإيطاليا وإسبانيا ويعد تصدير الغزول النهائية مصدرًا مهمًا للنقد الأجنبي.
تحديد أسعار الضمان وتحسين الحليج
ساهم تحديد سعر ضمان يتراوح بين 10 و12 ألف جنيه للقنطار في تعزيز ثقة المزارعين وزيادة المساحات المزروعة كما ساعدت الاستثمارات في مصانع الحليج المطورة على تحسين جودة الأقطان وتقليل الفاقد.
التكامل بين الزراعة والصناعة
أكد حنا أن التكامل بين الزراعة والتصنيع هو السبيل لتعظيم الاستفادة من القطن، مشيرًا إلى أن إنشاء مصانع جديدة في مناطق مثل المحلة ودمياط يعزز الإنتاج المحلي ويوفر فرص عمل، مما يدعم تنافسية الصناعة المصرية عالميًا.
تعزيز الإنتاجية
وفي هذا السياق يقول الدكتور خليل المالكي الخبير الزراعي، تشهد الزراعة المصرية في الآونة الأخيرة طفرة نوعية في قطاع زراعة القطن، حيث أعلنت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي عن التوسع في زراعة تسعة أصناف جديدة من القطن، في خطوة تهدف إلى تعزيز الإنتاجية وتحسين جودة الألياف بما يلبي احتياجات الصناعة المحلية والعالمية يأتي هذا التوجه ضمن استراتيجية الدولة لتطوير منظومة القطن المصري، الذي يُعرف بجودته العالية عالميًا.
وأضاف المالكي، تركز الأصناف الجديدة على التوازن بين الإنتاج الوفير والجودة الفائقة، حيث تم اختيارها بناءً على نتائج أبحاث علمية دقيقة أجرتها مراكز البحوث الزراعية وتشمل هذه الأصناف سلالات طويلة التيلة ومتوسطة التيلة، لتتناسب مع متطلبات الأسواق المختلفة، وتوفر مرونة في الاستخدام الصناعي سواء في الغزل والنسيج أو في التصدير.
إحياء الصناعات النسجية
وفي نفس السياق يتوقع الدكتور علي الإدريسي الخبير الاقتصادي، أن تسهم هذه الخطوة في زيادة العائد الاقتصادي للمزارعين، خاصة مع توفير التقاوي المعتمدة والإشراف الفني من قبل المهندسين الزراعيين في مراحل الزراعة المختلفة، كما تحرص الدولة على تسويق المحصول بأسعار عادلة تضمن تحقيق أرباح مجزية للمزارعين، ما يشجعهم على التوسع في زراعته مجددًا بعد سنوات من التراجع.
وأضاف الإدريسي، من جهة أخرى، يأتي هذا التطوير في إطار خطة الدولة لإحياء الصناعات النسجية، إذ يعد القطن المادة الخام الأساسية التي تقوم عليها صناعة الغزل والنسيج وتعمل الحكومة على ربط الزراعة بالصناعة عبر سلسلة متكاملة تبدأ من التقاوي وتنتهي بالمنتج النهائي، بما يحقق قيمة مضافة عالية ويعزز من تنافسية المنتج المصري عالميًا.