بايدن وبلينكن يحاولان بناء إطار عمل للسياسة الخارجية
تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT
في اليوم الذي وُجِّهت فيه اتهامات إلى المرشح الجمهوري البارز للرئاسة دونالد ترامب للمرة الرابعة، كان وزيرَ الخارجية أنتوني بلينكن يحاول شرح ركائز السياسة الخارجية الأمريكية التي من المفترض أن تستمر وتدوم طويلاً، بغض النظر عن أي اعتبارات راهنة.
هذا التحالف الثلاثي يُعدُّ معجزة صغيرة اجترحتها الولايات المتحدة
ويقول الصحفي ديفيد أغناثيوس في مقاله بصحيفة "واشنطن بوست" إن وصف بلينكن للدبلوماسية الأمريكية خلال مقابلة أُجريت له يوم الاثنين قد يصدم البعض باعتباره محاولةً لإظهار الشجاعة والجسارة في خضم وضع متأزم، "إلا أنها بالنسبة إلي هو بمثابة تبني لإجراءات احترازية لضمان الأمن والنجاح".
ويضيف إن إدارة الر بايدن تحاول على الأقل تعزيز الشراكات في تعاملها مع الصين وروسيا وأوكرانيا، فضلاً عن التحديات الجديدة، كالذكاء الاصطناعي، التي تستند إلى قاعدةٍ كبيرة، على أمل أن تكون مُستدامة. ناتو آسيوي
استهلَّ بلينكن حديثه بالإشارة إلى القمة الثلاثية التي سيستضيفها الرئيس بايدن مع زعيمي اليابان وكوريا الجنوبية في نهاية الأسبوع الجاري في كامب ديفيد.
وبالنظر إلى العداوة السابقة بين طوكيو وسيول، فإن هذا التحالف الثلاثي يُعدُّ معجزة صغيرة اجترحتها الولايات المتحدة، على حد وصف الكاتب.
Good to see people starting to realize how great the Biden administration is at foreign policy.https://t.co/rVM2I8YFD9
— Noah Smith ???????????????????? (@Noahpinion) August 17, 2023
وقال بلينكن إن التحالف بمنزلة "ناتو آسيوي"، غير أنه يمثل قاعدةً للردع النووي الأمريكي ضد التهديدات الصادرة من كوريا الشمالية والصين كي لا تضطر طوكيو وسيول إلى بناء قنابلهما الخاصة، معتبراً أن هذا التحالف هو ركيزة الجهود الأمريكية في قارة آسيا برمتها.
وانتقل بلينكن بعد ذلك إلى الحديث عن الصين التي تمثل المشكلة الكبرى المنسيّة في أروقة السياسة الخارجية الأمريكية، قائلاً إن "التعامل مع الصين بالغ الأهمية لبيان نيتنا تجاهها، وما نفعله وما نُحجم عن فعله، وبذلك نتفادى الصراع الكارثيّ بين البلدين".
Blinken and Biden are building a foreign policy framework to last https://t.co/KL4vfGAbGY
— Joe Scarborough (@JoeNBC) August 16, 2023
لكنه أشارَ أيضاً إلى أن هناك "طلباً واضحاً على حضور بلدينا" في منطقةٍ لا تريد أن تندلع حرب مُدمرة اقتصاديّاً، مضيفاً أنه ما زال في علم الغيب ما إذا كانت العودة للتعامل مع الصين ستُسفِر عن تعاونٍ حقيقي بين البلدين على أرض الواقع.
ونوّه على سبيل المثال إلى أنّ الصين لم تُقدِّم أي مساعدات محددة بشأن ملف كوريا الشمالية، قائلاً: "لقد كانوا منفتحين عموماً على إجراء المحادثات، لكنهم لم يتخذوا أي إجراء "أسفر عن نتائج حقيقية".
اهتمام بالذكاء الاصطناعي
ومن بين مجالات التعاون المثيرة للاهتمام بين الولايات المتحدة والصين الحوار المتعلق بالذكاء الاصطناعي. فقد ذكر بلينكن أنه ناقش هذا الموضوع أثناء تواجده في بكين، وبدا "أن هناك اهتماماً واضحاً في الصين بالحديث عنه في مرحلةٍ ما".
وتُناقش إدارة بايدن بالفعل معايير الذكاء الاصطناعي مع الشركات الخاصة وجِهَات التنظيم الدولية. وقال بلينكن: "في مرحلةٍ ما، وبطريقةٍ ما، ستود الصين أن تكون جزءاً من هذا الحوار".
وكلما استطاعت إدارة بادين أن تنجز المزيد حاليّاً في إطار إنشاء إطار سياسي دائم، كان ذلك أفضل للجميع، حسب الكاتب.
مخاوف من إطالة الحرب
وعلى صعيد آخر، تُعدُّ أوكرانيا المكان الأكثر جلاءً الذي تحتاج إدارة بايدن إلى وضع سياسات متعددة الأطراف حياله من الحزبين؛ وتحديداً سياسات بوسعها تجاوُّز تقلبات منظومتنا الانتخابية.
ويخشى خبراء السياسة الخارجية في الولايات المتحدة وأوروبا أن يحاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يطيل أمد الحرب على أمل إعادة انتخاب الرئيس السابق دونالد ترامب العام المقبل وإبرام صفقة معه تضر بأوكرانيا وتصبُّ في صالح روسيا.
وقد قدِّمَ بلينكن تقييماً حذراً للرد الأوكرانيّ المُضاد على هذا المخطط. وقال: "في الوقت الراهن، لا ألمس أي نوع من الانفتاح الحقيقي لأن بوتين لم يُبدِ أي اهتمام حتى الآن بالمشاركة بشكلٍ هادف في المفاوضات أو الجهود الدبلوماسية". ولكن، بعيداً عن الأجواء اليومية للمعارك، "نعمل جاهدين على تأهيل أوكرانيا ودعمها على المدى المتوسط إلى البعيد".
وأضاف قائلاً: "إننا بحاجة إلى إجراءٍ فعال ومُستدام للانتقال إلى وضعٍ بعيد الأجل وأكثر استدامة في مساعدتهم على بناء جيش على مستوى عالمي"، لافتاً إلى أن إحدى منافع هذه "الضمانات الأمنية بعيدة الأجل" هي أنها ستسلب بوتين "قناعته بأنه قادر على الصمود أكثر من أوكرانيا والبقاء إلى ما بعد زوال إدارتنا".
ثبات السياسة الخارجية
ويقول إغناثيوس إنّ بلينكن يعرف نقاط قوة بايدن وضعفه كغيره من السياسيين المخضرمين الذين لازموه منذ أن كان عضواً في مجلس الشيوخ الأمريكي، وهو على دراية بالمبادرات السياسية كقمة اليابان وكورريا الجنوبية في نهاية الأسبوع الجاري، التي تُعدُّ عناصر موروثة لدى الرئيس الأمريكيّ.
ويخلص الكاتب إلى القول بأنه حتى في الفترة التي يبدو فيها أنّ السياسة الأمريكية تتهاوى، حافظت هذه الإدارة الأمريكية على ثباتها واستقرارها في ميدان السياسة الخارجية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الانتخابات الأمريكية السیاسة الخارجیة الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
إلى أين تتجه بوصلة السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط؟
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
مع التغيرات السياسية التي يشهدها العالم، تظل السياسة الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط، واحدة من أبرز القضايا التي تشغل بال المحللين السياسيين وصناع القرار على مستوى العالم، فالتوقعات بشأن التوجهات الأمريكية المستقبلية في المنطقة تثير العديد من التساؤلات، خاصة بعد التغيرات التي قد تطرأ على إدارة البيت الأبيض عقب الانتخابات الأمريكية القادمة.
الشرق الأوسط في حسابات واشنطن.. أولويات متغيرة
منذ فترة طويلة، كانت السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط محكومة باعتبارات أمنية واقتصادية تتمثل في ضمان أمن حلفائها الرئيسيين مثل إسرائيل والسعودية، والتحكم في منابع الطاقة، غير أن الأوضاع الحالية قد تفرض تعديلات على هذه الاستراتيجيات، وسط التحديات المتزايدة التي تشهدها المنطقة من الحروب والصراعات والتنافس الجيوسياسي بين القوى الكبرى.
التقارير السياسية تؤكد أن السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط قد تتجه نحو مزيد من التركيز على ملفات معينة، مثل الملف النووي الإيراني، والتحولات في العلاقات مع القوى الإقليمية مثل تركيا وقطر، فضلاً عن تجنب الانزلاق في مستنقع الصراعات الإقليمية التي تكبد واشنطن خسائر ضخمة على المستوى العسكري والاقتصادي.
فوز ترامب.. تغيير معادلة الشرق الأوسط
تزامنًا مع الانتخابات الرئاسية الأمريكية، عبّرت النائبة غادة عجمي، عضو مجلس النواب، عن توقعاتها بشأن فوز محتمل للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والذي قد يغير مجرى الأحداث في الشرق الأوسط بشكل جوهري.
النائبة غادة عجمي رأت أن فوز ترامب قد يعيد تشكيل معادلة السياسة الأمريكية في المنطقة، ويؤدي إلى استعادة الأمن والاستقرار في العديد من دول الشرق الأوسط.
وقالت في تصريحاتها: "إن فوز ترامب قد يساهم بشكل كبير في إنهاء العديد من الصراعات الدائرة في المنطقة، مثل الحرب في قطاع غزة والأزمة في أوكرانيا، وهو ما سيسهم في وقف نزيف الدم الذي استمر لفترات طويلة".
ترامب والفرص السياسية في الشرق الأوسط
من الجدير بالذكر أن ترامب كان قد تبنى سياسة خارجية تميل إلى إعلاء مصالح بلاده من خلال تقليص التدخل العسكري المباشر في المناطق الساخنة مثل سوريا والعراق.
وقد أعلن في فترة ولايته الأولى عن رغبته في تقليص الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط، والتفاوض على اتفاقيات سلام تضمن مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة دون الدخول في صراعات مكلفة.
ويعتقد البعض أن فوز ترامب مجددًا قد يحمل في طياته رغبة في تعزيز هذا الاتجاه، مع التركيز على الحلول السياسية للأزمات الإقليمية عبر الضغط على الأطراف المتنازعة لالتزام بتسوية سلمية.
ومن المحتمل أن يشهد الشرق الأوسط فترة من الاستقرار النسبي، إذا نجح ترامب في تبني سياسة تضمن وقف الحرب في غزة وتخفيف الأزمات المستمرة في ليبيا واليمن.
القيادة الأمريكية والتحولات العالمية
لكن بعض المراقبين يعتقدون أن السياسة الأمريكية قد تتأثر أيضًا بتغيرات عالمية أخرى، مثل التحولات في توازن القوى بين الصين وروسيا من جهة، والغرب من جهة أخرى.
قد تضطر الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في أولوياتها، خاصة إذا استطاعت القوى الكبرى مثل الصين وروسيا زيادة نفوذها في الشرق الأوسط.
في هذا السياق، يشير خبراء إلى ضرورة استعادة واشنطن توازنها الإستراتيجي في المنطقة لتجنب تمدد النفوذ الروسي والصيني.
آراء السياسيين المصريين: التحولات المنتظرة في العلاقات
في إطار التوقعات بشأن السياسة الأمريكية، أكد العديد من السياسيين المصريين أن المنطقة بحاجة إلى حلول سياسية مستدامة تركز على الأمن والاستقرار، بعيدًا عن التدخلات العسكرية التي تترك آثارًا سلبية على الشعوب.
في هذا السياق، يرى أعضاء مجلس النواب المصري أن التحولات في السياسة الأمريكية قد تساهم في دعم استقرار الدول العربية، خاصة في ملف الأمن القومي العربي.
النائب أحمد فؤاد، عضو مجلس النواب المصري، أكد في تصريحات له أن "واشنطن ينبغي أن تدرك أن المنطقة لم تعد تحتمل المزيد من السياسات المبنية على التدخل العسكري المباشر، وأن الحلول السياسية أصبحت أولوية".
وأضاف: "نتمنى أن يكون هناك تركيز أكبر على التعاون مع الدول العربية لتحقيق الأمن والاستقرار".
من جانبه، أشار النائب هشام الحاج علي إلى ضرورة أن توازن الولايات المتحدة بين دعم حلفائها التقليديين في المنطقة، وبين التفاعل بشكل أكبر مع المتغيرات الإقليمية الجديدة، مثل التعاون بين الدول العربية الكبرى في مواجهة التحديات الإقليمية.
مستقبل العلاقات مع إسرائيل: تواصل أم تحولات؟
على الرغم من التحديات، يظل الملف الإسرائيلي الفلسطيني من أهم الملفات التي تؤثر بشكل كبير في السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، وفي هذا السياق، يتوقع البعض أن تسعى الإدارة الأمريكية المقبلة، سواء كانت بقيادة ترامب أو غيره، إلى دفع عملية السلام، خاصة في ظل الضغوط الدولية المتزايدة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
لكن تبقى الرؤية المستقبلية لهذا الملف غير واضحة، خاصة في ظل التطورات الإقليمية والتحولات في السياسة الإسرائيلية، ومع ذلك، فإن استمرار المواقف الأمريكية المؤيدة لإسرائيل قد يؤدي إلى مزيد من التوتر في العلاقات بين واشنطن والدول العربية، التي تواصل الضغط من أجل حل عادل للقضية الفلسطينية.
وتبقى السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط محط اهتمام كبير في ظل التحديات المستمرة التي تواجهها المنطقة، والتي تتطلب حلولاً سياسية تضمن تحقيق الأمن والاستقرار على المدى الطويل. إن أي تحول في استراتيجية الولايات المتحدة سيكون له تأثيرات عميقة على الوضع الإقليمي والعالمي، بما يتطلب توافقًا بين مختلف القوى الإقليمية والدولية لتحقيق المصالح المشتركة.