في اليوم الذي وُجِّهت فيه اتهامات إلى المرشح الجمهوري البارز للرئاسة دونالد ترامب للمرة الرابعة، كان وزيرَ الخارجية أنتوني بلينكن يحاول شرح ركائز السياسة الخارجية الأمريكية التي من المفترض أن تستمر وتدوم طويلاً، بغض النظر عن أي اعتبارات راهنة.

هذا التحالف الثلاثي يُعدُّ معجزة صغيرة اجترحتها الولايات المتحدة


ويقول الصحفي ديفيد أغناثيوس في مقاله بصحيفة "واشنطن بوست" إن وصف بلينكن للدبلوماسية الأمريكية خلال مقابلة أُجريت له يوم الاثنين قد يصدم البعض باعتباره محاولةً لإظهار الشجاعة والجسارة في خضم وضع متأزم، "إلا أنها بالنسبة إلي هو بمثابة تبني لإجراءات احترازية لضمان الأمن والنجاح".

 
 ويضيف إن إدارة الر بايدن تحاول على الأقل تعزيز الشراكات في تعاملها مع الصين وروسيا وأوكرانيا، فضلاً عن التحديات الجديدة، كالذكاء الاصطناعي، التي تستند إلى قاعدةٍ كبيرة، على أمل أن تكون مُستدامة.

ناتو آسيوي

استهلَّ بلينكن حديثه بالإشارة إلى القمة الثلاثية التي سيستضيفها الرئيس بايدن مع زعيمي اليابان وكوريا الجنوبية في نهاية الأسبوع الجاري في كامب ديفيد.


وبالنظر إلى العداوة السابقة بين طوكيو وسيول، فإن هذا التحالف الثلاثي يُعدُّ معجزة صغيرة اجترحتها الولايات المتحدة، على حد وصف الكاتب.

Good to see people starting to realize how great the Biden administration is at foreign policy.https://t.co/rVM2I8YFD9

— Noah Smith ???????????????????? (@Noahpinion) August 17, 2023


وقال بلينكن إن التحالف بمنزلة "ناتو آسيوي"، غير أنه يمثل قاعدةً للردع النووي الأمريكي ضد التهديدات الصادرة من كوريا الشمالية والصين كي لا تضطر طوكيو وسيول إلى بناء قنابلهما الخاصة، معتبراً أن هذا التحالف هو ركيزة الجهود الأمريكية في قارة آسيا برمتها.
وانتقل بلينكن بعد ذلك إلى الحديث عن الصين التي تمثل المشكلة الكبرى المنسيّة في أروقة السياسة الخارجية الأمريكية، قائلاً إن "التعامل مع الصين بالغ الأهمية لبيان نيتنا تجاهها، وما نفعله وما نُحجم عن فعله، وبذلك نتفادى الصراع الكارثيّ بين البلدين".

Blinken and Biden are building a foreign policy framework to last https://t.co/KL4vfGAbGY

— Joe Scarborough (@JoeNBC) August 16, 2023


لكنه أشارَ أيضاً إلى أن هناك "طلباً واضحاً على حضور بلدينا" في منطقةٍ لا تريد أن تندلع حرب مُدمرة اقتصاديّاً، مضيفاً أنه ما زال في علم الغيب ما إذا كانت العودة للتعامل مع الصين ستُسفِر عن تعاونٍ حقيقي بين البلدين على أرض الواقع.
ونوّه على سبيل المثال إلى أنّ الصين لم تُقدِّم أي مساعدات محددة بشأن ملف كوريا الشمالية، قائلاً: "لقد كانوا منفتحين عموماً على إجراء المحادثات، لكنهم لم يتخذوا أي إجراء "أسفر عن نتائج حقيقية".


اهتمام بالذكاء الاصطناعي

ومن بين مجالات التعاون المثيرة للاهتمام بين الولايات المتحدة والصين الحوار المتعلق بالذكاء الاصطناعي. فقد ذكر بلينكن أنه ناقش هذا الموضوع أثناء تواجده في بكين، وبدا "أن هناك اهتماماً واضحاً في الصين بالحديث عنه في مرحلةٍ ما".
وتُناقش إدارة بايدن بالفعل معايير الذكاء الاصطناعي مع الشركات الخاصة وجِهَات التنظيم الدولية. وقال بلينكن: "في مرحلةٍ ما، وبطريقةٍ ما، ستود الصين أن تكون جزءاً من هذا الحوار".
وكلما استطاعت إدارة بادين أن تنجز المزيد حاليّاً في إطار إنشاء إطار سياسي دائم، كان ذلك أفضل للجميع، حسب الكاتب.


مخاوف من إطالة الحرب

وعلى صعيد آخر، تُعدُّ أوكرانيا المكان الأكثر جلاءً الذي تحتاج إدارة بايدن إلى وضع سياسات متعددة الأطراف حياله من الحزبين؛ وتحديداً سياسات بوسعها تجاوُّز تقلبات منظومتنا الانتخابية.
ويخشى خبراء السياسة الخارجية في الولايات المتحدة وأوروبا أن يحاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يطيل أمد الحرب على أمل إعادة انتخاب الرئيس السابق دونالد ترامب العام المقبل وإبرام صفقة معه تضر بأوكرانيا وتصبُّ في صالح روسيا.
وقد قدِّمَ بلينكن تقييماً حذراً للرد الأوكرانيّ المُضاد على هذا المخطط. وقال: "في الوقت الراهن، لا ألمس أي نوع من الانفتاح الحقيقي لأن بوتين لم يُبدِ أي اهتمام حتى الآن بالمشاركة بشكلٍ هادف في المفاوضات أو الجهود الدبلوماسية". ولكن، بعيداً عن الأجواء اليومية للمعارك، "نعمل جاهدين على تأهيل أوكرانيا ودعمها على المدى المتوسط إلى البعيد".
وأضاف قائلاً: "إننا بحاجة إلى إجراءٍ فعال ومُستدام للانتقال إلى وضعٍ بعيد الأجل وأكثر استدامة في مساعدتهم على بناء جيش على مستوى عالمي"، لافتاً إلى أن إحدى منافع هذه "الضمانات الأمنية بعيدة الأجل" هي أنها ستسلب بوتين "قناعته بأنه قادر على الصمود أكثر من أوكرانيا والبقاء إلى ما بعد زوال إدارتنا".


ثبات السياسة الخارجية

ويقول إغناثيوس إنّ بلينكن يعرف نقاط قوة بايدن وضعفه كغيره من السياسيين المخضرمين الذين لازموه منذ أن كان عضواً في مجلس الشيوخ الأمريكي، وهو على دراية بالمبادرات السياسية كقمة اليابان وكورريا الجنوبية في نهاية الأسبوع الجاري، التي تُعدُّ عناصر موروثة لدى الرئيس الأمريكيّ.
ويخلص الكاتب إلى القول بأنه حتى في الفترة التي يبدو فيها أنّ السياسة الأمريكية تتهاوى، حافظت هذه الإدارة الأمريكية على ثباتها واستقرارها في ميدان السياسة الخارجية.
 

 

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الانتخابات الأمريكية السیاسة الخارجیة الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

إيران والعالم.. هل تشهد السياسة الخارجية تغييرًا مع بزشكيان؟

سرعان ما أثار الإعلان عن فوز المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان، في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، تساؤلات عن المسار الذي سيسلكه في العلاقات الخارجية، خلال السنوات الأربع المقبلة، في خضم تصاعد الخلاف بين طهران والغرب.

وعزز فوز بزشكيان بالرئاسة الإيرانية بعد حصوله على نحو 54 بالمئة من أصوات الناخبين خلال الجولة الثانية، آمال الكثير من الإصلاحيين بالبلاد بعد سنوات من هيمنة المحافظين على الرئاسة، وسط تطلعات بإحداث تغيير يساهم في خروج إيران من قبضة العقوبات الأميركية، وتحسين العلاقات مع الغرب، مما قد يوجِد مجالا لتسوية خلافاتها مع القوى العالمية حول أنشطتها النووية.

ويعتقد محللون ومختصون في الشأن الإيراني في حديثهم لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن بزشكيان سيسعى جاهدًا لفتح حوار مع الغرب، ومن ثمّ التخفيف من وطأة العقوبات على بلاده، إذ من شأن ذلك أن يحدث حراكًا للاقتصاد الإيراني، ويدعم أسهمه محلياً، في حين ستواجهه الكثير من التحديات على رأسها أن "الكلمة الحاسمة" في الاتفاق مع الغرب لن تكون له بل للمرشد الإيراني ذاته، فضلًا عن الموقف في الانتخابات الأميركية المقبلة، وكذلك صعود اليمين المتطرف بأوروبا.

 رؤية بزشكيان الخارجية

تعهد جراح القلب البالغ من العمر 69 عاما بتبني سياسة خارجية عملية وتخفيف التوتر المرتبط بالمفاوضات المتوقفة الآن مع القوى الكبرى لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015، وتحسين آفاق الحريات الاجتماعية والتعددية السياسية. سرعان ما أكد بزشكيان في أول تصريحاته، أنه "سيمد يد الصداقة للجميع". وخلال حملته الانتخابية، أشار الرئيس الإيراني لسعيه لتحسين العلاقات مع الغرب ومن بينها استئناف المحادثات النووية مع القوى العالمية.

واعتبرت وكالة "رويترز" بزشكيان، الذي هزم سعيد جليلي المتشدد في الجولة الثانية، هو شخص من المرجح أن ترحب به القوى العالمية، على أمل أن يبحث عن طرق سلمية للخروج من المواجهة المتوترة مع إيران بشأن برنامجها النووي سريع التقدم.

وحظيت حملة بزشكيان بدعم كبير من الإصلاحيين، حيث عمل محمد جواد ظريف، الذي كان وزيرا للخارجية في حكومة حسن روحاني المعتدلة من 2013 إلى 2021، كمستشار للسياسة الخارجية، في حين اعتبر كثيرون أن ذلك يمثل "نقطة تحول ودعم قوي" للإصلاحي الوحيد بالانتخابات، ورسالة للغرب بشأن الموقف المحتمل للسياسة الخارجية الإيرانية مع بزشكيان، والتغيير الذي قد يطرأ عليها.

وتزامنت الانتخابات مع تصاعد التوتر في المنطقة بسبب الحرب في غزة وتبعاتها في لبنان، وهما من حلفاء إيران، فضلا عن زيادة الضغوط الغربية على إيران بشأن برنامجها النووي سريع التقدم.

وفي ظل النظام الإيراني المزدوج الذي يجمع بين الحكم الديني والجمهوري، لا يستطيع الرئيس إحداث أي تحول كبير في السياسة بشأن البرنامج النووي أو دعم الجماعات المسلحة في مناطق مختلفة بالشرق الأوسط، إذ أن المرشد الإيراني علي خامنئي هو من يتولى كل القرارات المتعلقة بشؤون الدولة العليا.

بيد أن الرئيس يمكنه التأثير من خلال ضبط إيقاع السياسة الإيرانية، وسيشارك بشكل وثيق في اختيار خليفة خامنئي، الذي يبلغ من العمر حاليا 85 عاما.

 هل تتغير السياسة الخارجية الإيرانية؟

من واشنطن، يقول مدير شؤون إيران في مجموعة الأزمات الدولية علي فايز، في حديث خاص لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن الرؤساء الإيرانيين محصورون بين مكتب المرشد الأعلى، والبرلمان، ومجلس صيانة الدستور، وهذه المؤسسات معًا لها رأي مباشر وتمارس حق النقض على السياسات الرئاسية والتعيينات الرئيسية.

ومع ذلك، فإن أسلوب الرئيس بزشكيان ولهجته، سواء في الأمور المحلية أو الأجنبية، سيكون أمرا مهما، وفق فايز.

ويرى فايز أن بزشكيان سيعمل على تمكين الدبلوماسيين الأكثر خبرة في إيران، خاصة أن هذا الفريق لديه كفاءة أكبر في التعامل مع العالم الخارجي.

وأضاف: "الغرب لديه الآن تطلعات قابل للتطبيق في إيران، لكن تحقيقها على أرض الواقع يعتمد بشكل كبير على نتيجة الانتخابات الأمريكية المقبلة (بين بايدن وترامب)".

الثابت والمتغير في إيران

ومن طهران، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران حسين رويران، إن "في إيران كما في باقي الدول هناك الثابت والمتغير".

وأوضح رويران في تصريحاته لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الثابت في إيران هو هوية النظام الأيديولوجية، بيد أن هناك مساحة متغيرة تسمح لأي رئيس أن يترك بصمة مهمة في الحياة السياسية بالبلاد.

وأشار إلى أن الرئيس الإيراني الجديد سيعمل جاهدًا لإحداث تغيير في الملفات السياسية الإيرانية وعلاقاتها الإقليمية والدولية؛ لأنه وعد بالانفتاح على المنطقة والجوار، كما أعلن أنه سيخوض مفاوضات مع الغرب لحل الملف النووي ورفع العقوبات دون أن يرهن مستقبل النظام بهذه المفاوضات.

وشدد رويران على أن "بزشكيان سيحاور الغرب، ولكن ليس من موقع المنتظر لقبول الولايات المتحدة باتفاق جديد من عدمه"، لكنه عاد للتأكيد على أن "هناك ملفات داخلية بإيران يجب أن يتعامل معها باعتبار أنه طرح وعودا كثيرة للشباب ويجب أن يبدأ بتنفيذها وخاصة ملف الحريات".

3 تحديات رئيسية

ومن لندن، حدد الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، وجدان عبد الرحمن، في حديث لـ"سكاي نيوز عربية"، 3 تحديات مباشرة ستواجه الرئيس الإيراني الجديد في ملف السياسة الخارجية، والتي تشمل:

أولًا: الملف النووي الإيراني، إذ أن النظام الإيراني أصبح في عزلة دولية وتدهور اقتصاده بسبب هذا الملف، كما أنه ازداد تعقيدًا في الآونة الأخيرة، وبات هناك ضغوط داخلية للمساهمة في رفع العقوبات، لكن هذا يحتاج إلى تقديم تنازلات لصالح الدول الغربية والولايات المتحدة والمرشد الإيراني وأتباعه لن يسمحون بذلك.

ثانياً: الخطوات التي اتخذتها الدول الأوروبية تجاه إدراج الحرس الثوري الإيراني على قائمة الإرهاب، وهذا يعيق عمل بزشكيان بشكل كبير لتحسين العلاقات بين طهران والدول الغربية، فضلًا عن صعود تيار اليمين المتطرف في أوروبا وخاصة فرنسا وإيطاليا وهولندا وبلجيكا، وكذلك فوز حزب العمال في بريطانيا، وهم على خلاف كبير مع النظام الإيراني.

ثالثاً: الانتخابات الأميركية واحتمال فوز ترامب بها، وهذا سيمثل ضغطًا على تعامل بزشكيان في علاقاته الخارجية، وإمكانية الوصول إلى توافق مع الولايات المتحدة، خاصة مع تشدد ترامب تجاه إيران.

ويعتقد "عبد الرحمن" أن بزشكيان يفتقد للدعم من المؤسسات الإيرانية الراسخة وخاصة الأمنية، وبالتالي سيحاول أولًا كسب ثقتها لدعمه في الخطوات التي سيتخذها خلال المرحلة المقبلة.

وقال القائد العام للحرس الثوري الايراني اللواء حسين سلامي، في رسالة تهنئة بمناسبة انتخاب مسعود بزشكيان رئيسًا لإيران، على "الاستعداد الشامل لمواصلة وتعزيز التفاعل والتعاون بين حرس ثورة والحكومة".

مقالات مشابهة

  • إيران والعالم.. هل تشهد السياسة الخارجية تغييرًا مع بزشكيان؟
  • وزير الخارجية يحذر من مجاعة وشيكة في السودان
  • الولايات المتحدة ترسل العشرات من الطائرات المقاتلة الجديدة إلى قواعد اليابان في إطار تحديث القوة بقيمة 10 مليارات دولار
  • وزير الخارجية الأسبق: ترشح بايدن وترامب للانتخابات الأمريكية مؤسف
  • الخارجية الأمريكية: بلينكن ونظيره البريطاني أكدا أهمية التوصل لوقف إطلاق النار في غزة
  • باحث: موقف الشباب الأمريكي ضد السياسة المنحازة بشكل أعمى لإسرائيل
  • بلينكن يشكر سامح شكري هاتفيا على دوره تعزيز الشراكة بين مصر والولايات المتحدة
  • واشنطن: بلينكن شكر سامح شكري على جهوده لتعزيز العلاقات بين الشعبين الأمريكي والمصري
  • الشروع في بناء وتجهيز مركز للفحوصات الخارجية بمستشفى محمد السادس إقليم الحوز
  • بلينكن والصفدي يبحثان هاتفيا مرحلة ما بعد الحرب في غزة