التعليم هو الركيزة الأساسية لبناء مستقبل الأمم، وتحقيق طموحاتها التنموية. فهو ليس فقط وسيلة لنقل المعرفة، بل أداة لتحّفيز الإبداع، وتعّزيز القُدرات، وتهيئة الأفراد لمواجهة تحدّيات المستقبل. من هذا المنطلق، تُخصص الحكومات ميزانيات ضخمة لدعم قطاع التعليم، إدراكاً منها لدوره المحوري في تحقيق التنمية المستدامة.

فعلى سبيل المثال، خصصت المملكة العربية السعودية 201 مليار ريال لقطاع التعليم، ممّا يعكس رؤية استراتيجية، تستهدف بناء منظومة تعليمية متكاملة، تدعم الاقتصاد الوطني، وتُسهم في تنمية رأس المال البشري.

مرتكزات تطوير منظومة التعليم:
ضمن جهود تطوير قطاع التعليم، أطلقت المملكة العديد من المبادرات التي تستهدف تعزيز كفاءة النظام التعليمي، وربطه باحتياجات المجتمع وسوق العمل. وأبرز هذه المبادرات تتمحور حول أربع ركائز رئيسية:
– إنشاء المركز الوطني لتطوير المناهج
يمثل هذا المركز خطوة استراتيجية تهدف إلى تحديث المناهج التعليمية بما يواكب المتغيرات العالمية ومتطلبات التنمية المستدامة. يعمل المركز على تطوير مناهج تعليمية تركّز على تعزيز التفكير النقدي، الإبداع، وحل المشكلات. هذا التطوير ليس فقط لتحسين جودة التعلم، بل أيضاً لإعداد الطلاب ليكونوا منافسين على الصعيدين المحلي والعالمي.

– برنامج ريادة الجامعات
يُعد هذا البرنامج نقلة نوعية تهدف إلى تحويل الجامعات إلى مراكز ريادية تُسهم في تعزيز البحث العلمي والابتكار، ومن خلال هذا البرنامج، تُصبح الجامعات مراكز للإنتاج المعرفي والتطوير التكنولوجي، مما يُسهم في تلبية احتياجات التنمية الوطنية. كما يدعم البرنامج الشراكات بين الجامعات وقطاعات الأعمال لتوفير حلول عملية للتحديات الاقتصادية والاجتماعية.
– إعادة هيكلة وحوكمة المؤسسة العامة للتعليم التقني والمهني
يُعتبر التعليم التقني والمهني، أحد أهم محرِّكات النمو الاقتصادي، إذ يوفر المهارات اللازمة لتلبية احتياجات القطاعات الإنتاجية. تسعى هذه المبادرة إلى تعزيز الحوكمة وتحسين أداء المؤسسات التقنية والمهنية بما يضمن توافق مخرجاتها مع احتياجات السوق، إضافة إلى دعم التوسع في التخصصات الحديثة التي تُسهم في دعم الاقتصاد المعرفي.

– مبادرات تنمية القدرات البشرية
تأتي هذه المبادرات ضمن رؤية المملكة 2030، حيث تستهدف تنمية المهارات الشخصية والمهنية للأفراد من خلال برامج تدريبية وتعليمية متخصصة. تهدف المبادرات إلى تحسين جودة التعليم على مختلف المستويات وتعزيز الابتكار وريادة الأعمال، ممّا يضمن استمرارية التنمية وتحقيق الاستدامة.
الأثر التنموي للاستثمار في التعليم:
إن الاستثمار في التعليم يمتد أثره ليشمل جميع أبعاد التنمية.:على المستوى الاقتصادي، يُسهم التعليم في رفع إنتاجية الأفراد وتحقيق التنويع الاقتصادي من خلال تأهيل كوادر وطنية قادرة على الابتكار والقيادة في مختلف المجالات. كما أن تطوير التعليم يعزّز من جاهزية القوى العاملة، ممّا يُسهم في جذب الاستثمارات وتوسيع الفرص الاقتصادية.

أما على المستوى الوطني، فإن التعليم يعزِّز من قدرة المجتمعات على مواجهة التحديات المستقبلية من خلال بناء أجيال تتمتع بالمهارات والمرونة اللازمة للتكيُّف مع التحولات العالمية. كما يُسهم التعليم في دعم الهوية الوطنية وتعزيز الإنتماء من خلال إعداد أفراد واعين بأدوارهم ومسؤولياتهم تجاه مجتمعهم ووطنهم.
خاتمة:
تُظهر الاستثمارات الضخمة في قطاع التعليم، مثل تلك التي قامت بها المملكة العربية السعودية، أهمية التعليم كوسيلة لتحقيق التنمية المستدامة وصناعة المستقبل. المبادرات التي تركز على تطوير المناهج، ريادة الجامعات، وتعزيز التعليم التقني والمهني تمثل استراتيجيات شاملة تستهدف بناء منظومة تعليمية متكاملة تُسهم في تحقيق الأهداف الوطنية.
التعليم ليس مجرد أداة للنمو الاقتصادي، بل هو استثمار طويل الأمد في بناء الإنسان، الذي يُعدّ الثروة الحقيقية لأي أمة.

drsalem30267810@

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: ت سهم فی من خلال

إقرأ أيضاً:

فوز 8 محافظات بحوافز تميز الأداء في إدارة الاستثمار العام

اعتمدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، نتائج مُبادرة"حوافز تميز الأداء في إدارة الاستثمار العام على المستوى المحلي" للعام المالي (24/2025)، والتي أسفرت عن فوز 8 محافظات هي:بني سويف، أسوان، المنوفية، الشرقية، الجيزة، الإسكندرية، قنا، البحر الأحمر)،بإجمالي حافز أداء بلغ 300 مليون جنيه، بمشاركة 22 محافظة.  

وأشارت رانيا المشاط، إلى أن المُبادرة تستهدف تحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية، أهمها تعزيز دور الاستثمار العام في توطين أهداف التنمية المستدامة، وتحسين كفاءة وفاعلية الإنفاق العام على المستوى المحلي، وتطوير آليات تخصيص الاستثمارات العامة على المستوى المحلي في إطار من الشفافية والمُساءلة، وتشجيع المٌحافظات على تطبيق أفضل المُمارسات الدولية في مجالات التخطيط والمتابعة وتقييم الأداء، والارتقاء بجودة الخدمات المحلية المُقدمة للمواطنين، اتساقاً مع رؤية مصر 2030، وتفعيلاً لقانون التخطيط العام للدولة رقم 18 لسنة 2022.

وتتضمن المُبادرة منح حافز مالي إضافي من الاستثمارات الحكومية المُعتمدة لكل مُحافظة، من خلال تحقيق 26 شرطًا ضمن 8 معايير أساسية، هي التخطيط التشاركي من خلال تحفيز المُحافظات على إعداد الخطة الاستثمارية بشكل تشاركي لمراعاة أولويات المواطنين، وإعداد دراسات جدوى للمشروعات الاستثمارية وبالتالي تحسين كفاءة الاستثمار، علاوةً على تخطيط الاستثمارات من خلال تحفيز المُحافظات على الالتزام بمتطلبات إعداد الخطة الاستثمارية وتطبيق منهجية البرامج والأداء، ومتابعة تنفيذ الخطة الاستثمارية بهدف تقييم الأداء، فضلاً عن الشفافية والإفصاح وإتاحة المعلومات التخطيطية لكافة المواطنين، وبناء القدرات التخطيطية من خلال تعزيز قدرات العاملين بهدف تحسين الأداء الحكومي، وتخضير الخطة الاستثمارية ودمج البعد البيئي، وتنمية الموارد الذاتية.


 

مقالات مشابهة

  • تفقد سير العمل بمشاريع المبادرات المجتمعية في حجة
  • تفقد عدد من مشاريع المبادرات المجتمعية في إب
  • أمانة الرياض تعزز من مشاركتها في المبادرات المجتمعية خلال شهر رمضان
  • الاطلاع على مشاريع المبادرات المجتمعية في مديرية جبل المحويت
  • رئيس الوزراء: منظومة الشكاوى الحكومية جسر يربط بين الشرائح المجتمعية والجهات المعنية
  • إماراتيات: الاستثمار في المرأة يعزز دورها في مسيرة التنمية المستدامة
  • تفقد عددا من مشاريع المبادرات المجتمعية في جبلة بإب
  • التعليم العالي تؤجل امتحان الكيمياء لطلاب السنة التحضيرية المقرر يوم غد في كل الجامعات
  • جمعية البر والخدمات الاجتماعية في درعا تطلق مبادرات رمضانية
  • فوز 8 محافظات بحوافز تميز الأداء في إدارة الاستثمار العام