سامح قاسم يكتب: "البوابة نيوز".. الامتنان
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في حياة الكاتب الصحفي، تكون الكلمات جسورًا تحمل الأفكار والآمال، وتنقلها إلى العالم بمزيج من الإلهام والجدية. إن هذا السعي المستمر للغوص في أعماق الواقع واستجلاء الحقائق يحتاج إلى يدٍ تُعين وقلبٍ يتّسع للنقاش والتقدير. وهنا يكمن الامتنان الذى يشعر به الكاتب نحو مؤسسته الصحفية وزملائه، أولئك الذين يرسمون معه فصول الحكاية اليومية.
حين تخطو قدما الكاتب أول مرة إلى صرح المؤسسة الصحفية، تملؤه رهبة المكان وشموخه. هو يدرك أن هذه الأرض، التي يخطو عليها، هي ساحة الأفكار والمواجهة، حيث يتجاذب الفكر مع القلم ويغزل الاثنان نسيج الحقيقة. ومع كل يوم يمر، يكتشف أن هذه المؤسسة ليست مجرد جدران ومكاتب، بل هي كيان ينبض بالحياة بفضل زملاء يملكون شغفًا لا ينضب وحماسة لا تعرف الملل.
وفي رحلته اليومية بين المقالات والتقارير، يجد الكاتب أن زملاءه هم أكثر من شركاء عمل؛ هم أسرة فكرية، كل منهم يحمل رؤية فريدة. هناك من يضيف لمسةً إبداعية في الأسلوب، وآخر يضفي عمقًا بالتحليل والبحث. وبين هؤلاء، تترسخ فكرة أن الصحافة هي عمل جماعي يتطلب تضافر العقول والجهود. هنا، يصبح الامتنان طيفًا يمر عبر الكلمات، ويتراءى في لحظات الصمت عندما يُنصت الجميع لرأى واحد منهم، أو في تلك الابتسامة المقتضبة التي تُطلقها العيون المتعبة بعد إنجاز عمل طويل.
لا تكتمل رحلة الكاتب دون تقدير للمؤسسة التي تمنحه المساحة ليكون الصوت الذى يصدح في وجه الرياح. إنها الحاضنة التى تحمي استقلاليته وتمنحه القوة لمواصلة الكتابة رغم التحديات. تظل المؤسسة، بحضورها الراسخ، كالسند الذي يقف خلف كاتبها، ويشعره بأن ما يخطه قلمه ليس مجرد كلمات عابرة، بل حروف لها صدى وأثر.
وإذ يستشعر الكاتب الصحفي هذا الامتنان، يدرك أنه ليس شعورًا لحظيًّا، بل هو نبض دائم يرافق كل مقال يكتبه وكل قضية ينقلها. إنه امتنان لكل لحظة دعم ومشورة، لكل ابتسامة صادقة وملاحظة بنّاءة. في النهاية، هو امتنان يضيء مسيرته ويجعله يواصل بكل حب وشغف، مدركًا أنه جزء من منظومة تتكامل فيها الأصوات، وتبقى الحقيقة غايتها الأسمى.
إن في حياة الكاتب الصحفي لحظات تتجلى فيها معاني العرفان والتقدير، خصوصًا عندما يتأمل في مسيرته ويتذكر أولئك الذين كانوا رفقاء دربه وأعمدة يستند إليها في كل منعطف. ومن بين هؤلاء يبرز الأستاذ والصديق والكاتب الصحفي عبد الرحيم على رئيس مجلس إدارة جريدة البوابة، ذلك المعلم الذى ليس فقط يدير دفة الصحيفة بحكمة وحنكة، بل يغرس في نفوس كُتّابه شعورًا بالثقة والمسؤولية. وكما قال أحد الأدباء: "القيادة ليست فى إصدار الأوامر فحسب، بل فى أن تكون قدوة تفتح أمام الآخرين أبواب الإبداع."
منذ أن وطأت قدماى هذه الصحيفة، كان الأستاذ عبد الرحيم علي هو الضوء الذى يضيء دربونا وسط زحام الحروف والأفكار. بصرامته الحكيمة وابتسامته المشجعة، كان دائمًا هناك ليشير إلى مكامن القوة ويُنبّه إلى مواطن الضعف، دون أن يُشعرنا يومًا بأن الفشل نهاية المطاف. بل كان يردد دائمًا: "الخطأ هو بداية كل تصحيح، والمهم أن نكتب بقلب ينبض بالصدق."
لا يمكنني نسيان تلك اللحظات التي شعرنا فيها بثقل الزمن وضغط المواعيد، حين كان يمر بيننا بروحه المتفائلة ويهمس لنا: "الصحافة رسالة، ومن يحمل الرسالة لا ينحني لعقبات الطريق." كانت كلماته كالريح الدافعة لأشرعتنا، تحفز فينا الأمل وتعيد إلينا عزيمتنا.
إنه ليس مجرد رئيس مجلس إدارة وتحرير للجريدة، بل رفيق الطريق الذى نلجأ إليه في لحظات الشك، ويُرشدنا في دروب الكتابة المتشعبة. كان دائما يردد أن الكتابة ليست مجرد مهنة، بل هي عهد مع القارئ، عهد يقتضى الأمانة والشجاعة. وكما قال أحد الحكماء: "الكلمة التي تكتبها هي مرآة لروحك، فإن لم تُشرق بالحق، فلن تكون إلا ظلًا باهتًا."
أشعر بالامتنان لرئيسي، ليس لأنه منحني الفرص فحسب، بل لأنه علمني أن أواجه الحياة بحروف لا تخشى الصدق وصوت لا يخاف التحديات. بفضل توجيهاته، أصبحت أرى أن الصحافة ليست مسألة صفحات تُملأ، بل قلوب تُحركها كلماتنا وتفتح لها الأفق.
وفى الختام، أتوجه إليه بكامل التقدير والعرفان، متذكرا كلماته الحية: "لا تخافوا من الحبر الذى يُهدر، فكل قطرة منه تُسهم في رسم لوحة الحقيقة التي تستحق أن تُروى".
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الکاتب الصحفی التی ت
إقرأ أيضاً:
الهلال الأحمر: الأزمة في غزة ليست مجرد كارثة إنسانية بل أمر دبلوماسي عميق يتطلب اهتمامًا عاجلًا
قالت المدير التنفيذي للهلال الأحمر المصري الدكتورة آمال إمام إن الأزمة في غزة ليست مجرد كارثة إنسانية بل إنها أمر دبلوماسي عميق يتطلب الاهتمام العاجل والمركز، ولا يمكن أن ننسى معاناة المدنيين، بل لابد من معالجة احتياجاتهم وحمايتهم.
جاء ذلك خلال مشاركة المدير التنفيذي للهلال الأحمر المصري في فعاليات مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة، الذي عقد اليوم /الاثنين/ تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي وبمشاركة دولية واسعة.
وأضافت الدكتورة آمال إمام "أنه من غير المقبول أن يستمر هذا الكابوس المدمر لأكثر من عام، ما يقرب من 14 شهرًا، وأن يستمر في التصاعد، وأن تزداد المعاناة قسوة، وأن يزداد الوضع يأسًا يومًا بعد يوم".
وتابعت "نشهد كارثة إنسانية غير مسبوقة النطاق، ولكن من المهم أن نتذكر أن هؤلاء المتضررين ليسوا مجرد مسألة أرقام إحصائية، ولكن هؤلاء أناس حقيقيون لديهم احتياجات حقيقية ويستحقون دعمنا الثابت".
وأوضحت أنه لا بد من القول إن المساعدات الإنسانية لا ينبغي أن تُستخدم كذريعة للفشل في حماية أرواح المدنيين؛ لأنهم يستحقون أكثر من تعاطفنا بل يستحقون عملنا الجماعي المستمر.
وشددت على أن الهلال الأحمر المصري بدعم من الحكومة المصرية كان في طليعة الجهود المبذولة لتقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة بصفته جهاز مساند للحكومة وممثلًا مفوضًا من قبل الحكومة المصرية كمستلم لجميع المساعدات التي تذهب إلى غزة عبر مصر، وتنسيق المساعدات الإنسانية وإدارة الخدمات اللوجستية لتسليمها إلى غزة خاصة من خلال مراكز الخدمات اللوجستية في العريش.
وأشارت إلى أن فرق الهلال المدعومة بأكثر من 50 ألف متطوع عملت مخلصة بلا كلل على الأرض بالمعدل المطلوب؛ لتوفير الوصول إلى الإمدادات المنقذة للحياة والضروريات الأساسية ودعم خدمات الطوارئ الأساسية على الرغم من كل التحديات والاختناقات من الجانب الآخر في إدخال المساعدات إلى غزة وحجم القيود التشغيلية التي تتجاوز التوقعات.
وأكدت أنه وبدعم من الحكومة المصرية، تعمل جمعية الهلال الأحمر المصري بالتعاون الوثيق مع الشركاء من الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، ولاسيما جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، ووكالات الأمم المتحدة، والمنظمات غير الحكومية الدولية؛ لضمان وصول المساعدات إلى أولئك الذين هم في أمس الحاجة إليها وعدم نسيان الفئات الأكثر ضعفًا.
وأشارت المدير التنفيذي للهلال الأحمر المصري إلى أنه بهذه اللحظات الصعبة، كعاملين في المجال الإنساني نؤكد من جديد التزامنا بمبادئ الحياد والنزاهة والإنسانية، كما تم تكليف جمعية الهلال الأحمر المصري بتقديم الدعم للأفراد الذين يعبرون من غزة؛ بما في ذلك المصابين الذين تم إجلاؤهم طبيًا وأسرهم، وذلك بالتنسيق مع وزارتي الصحة والتضامن الاجتماعي، ويشمل مجموعة من الخدمات؛ بما في ذلك تقديم الرعاية الطبية، واستعادة الروابط الأسرية، وخدمات الصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي، وتوزيع المواد الغذائية وغير الغذائية، ومستلزمات النظافة، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والنقل، وما إلى ذلك.
وقالت "إن مهمة الهلال الأحمر المصري هي ضمان، عندما تسمح الظروف، تقديم المساعدات المنقذة للحياة والتي القطاع في أمس الحاجة إليها..لذلك نحث هذا الجمع على استخدام نفوذه وتكثيف جهوده الدبلوماسية؛ لتأمين وصول إنساني آمن وغير مشروط وغير معوق إلى غزة، حتى يصبح تدفق المساعدات المسموح بها إلى غزة مسارًا ثابتًا وقويًا".
وأضافت "أن وصول المساعدات مطلوب بشكل عاجل لإنقاذ الأرواح ويجب إعطاء الأولوية للغذاء والمياه الصالحة للشرب ومستلزمات النظافة والأدوية ومواد الصرف الصحي الأساسية والسماح بالمأوى المناسب كأولوية لإنقاذ الأرواح، دون أن يتم مهاجمتها قبل وصولها للمستفيدين، كما يجب رفع القيود المفروضة على تسليم مواد مثل: قطع الغيار للبنية التحتية للصرف الصحي، والألواح الشمسية، والمولدات، والمعدات الطبية والمواد اللازمة لإنتاج الغذاء على الفور".
وتابعت المدير التنفيذي للهلال الأحمر "أننا ندرك أن المساعدات الإنسانية وحدها ليست حلاً لهذه الأزمة، لذلك نكثف جهودنا لتلبية الاحتياجات الهائلة والعاجلة على الأرض، فإننا نفكر في المستقبل، والانتقال من الاستجابة للطوارئ للتعافي المبكر، وهو مرحلة حرجة تتطلب التخطيط والتنسيق الدقيقين".
وشددت على أن الهلال الأحمر المصري بالشراكة مع الأمم المتحدة والحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر وغيرها من المنظمات الإنسانية الدولية والمحلية، ملتزم بتقديم الدعم المستدام؛ لتتمكن المجتمعات الفلسطينية من البدء في إعادة بناء حياتها بأمان وكرامة.
وحثت جميع الشركاء والحكومات والوكالات الإنسانية على التكاتف والمساهمة في استجابة منسقة وفعالة لمعالجة الاحتياجات المتزايدة الفورية، مع وضع الأساس للانتقال إلى مرحلة التعافي المبكر.
وقالت "إن الطريق إلى التعافي لا يزال طويلاً وغير مؤكد، كما أن دعم المجتمع الدولي، وتعاون جميع الجهات الفاعلة الإنسانية، والالتزام المستمر من جانب مصر والهلال الأحمر المصري، كلها أمور ضرورية لجعل هذا التعافي ممكنًا".
ولفتت إلى أن أولويات الهلال الأحمر المصري تتمثل في تعزيز إدارة المستودعات وسلسلة التوريد لاستيعاب المساعدات وضمان مساحة كافية لكميات كافية على مخزون يكفي باحتياجات فترات زمنية أطول.
وأضافت أنه في هذا الصدد، يشار إلى أن الحكومة المصرية قدمت دعمًا كبيرًا للهلال الأحمر المصري في تنفيذ عمله الإنساني، ويشمل ذلك قرار رئيس الوزراء بإعلان مستودعات الهلال الأحمر بالعريش كمستودعات جمركية؛ مما يسمح لها باستيعاب شحنات المساعدات العابرة المعفاة بالكامل من الضرائب، حيث أن هذا التسهيل يبسط عملية تقديم المساعدات مما يدل على التزام الحكومة بدعم الجهود الإنسانية.
وأشارت إلى أنه يتم أيضًا توسيع إنشاء نقاط الخدمة الإنسانية والحفاظ على الخدمات بالنقاط القائمة بالفعل؛ مما يسمح بقدر أكبر من الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل: الرعاية الطبية، والمساعدات الغذائية، والمياه والصرف الصحي، وإعادة الروابط العائلية، والدعم النقدي، والمأوى، وتعزيز قدرتنا على الاستجابة للطوارئ؛ لتعزيز جاهزية الاستجابة لسيناريوهات مختلفة للأزمة.
ووجهت المدير التنفيذي للهلال الأحمر المصري - في ختام كلمتها - الشكر للحكومة المصرية على دعمها وثقتها في الهلال الأحمر وعلى عقد هذا المؤتمر، مؤكدة أن الهلال الأحمر المصري بدعم من الحكومة يقف في تضامن ثابت مع المدنيين في غزة.
وأضافت "سوف نستمر في بذل كل ما في وسعنا لتوفير الإغاثة الفورية ودعم التعافي الطويل الأجل لهذا الشعب الفلسطيني الصامد..فالطريق أمامنا سيكون صعبًا، لكننا نعتقد أنه من خلال القوة الجماعية للمجتمع الدولي، يمكننا التغلب على بعض هذه التحديات".