تحليل: هل بات التوافق بين هذه الشرعية والانتقالي مستحيلًا وكيف يستطيع التحالف أن ينهي الصراع بين الطرفين؟
تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT
(عدن الغد)خاص:
قراءة في طبيعة وواقع ومستقبل الصراع بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة الشرعية..
ما انعكاسات هذا الصراع على الدولة ومؤسساتها.. وهل أضر بالوضع المعيشي للمواطنين؟
كيف استفاد الحوثيون من الصراع بين الانتقالي والشرعية؟
هل يتوج هذا الصراع بفشل التحالف والشرعية والانتقالي في تحقيق أهدافهم؟
ما الحل لوقف الصراع بين الحكومة الشرعية والانتقالي؟
(عدن الغد) القسم السياسي:
تتصف العلاقة بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة الشرعية بأنها علاقة "جدلية"، فالتداخل الذي تمثله الشخصيات المنتمية لكلا الطرفين هو سبب هذا الجدل، وهو جدل يكاد يحظى بطابع "بيزنطي"، لا يصل في نهاية الجدال إلى أي نتيجة ولا يظهر أي منتصر من وراء كل هذا المراء.
فبعض أفراد الانتقالي ما قبل مايو/ آيار عام 2017 كانوا من صلب البنية الشرعية للبلاد، بل وتقلدوا مناصب سيادية وعامة، وتحدثوا باسم الحكومة الشرعية قبل أن يخرج المجلس الانتقالي الجنوبي بصفته الاعتبارية إلى النور ككيان رسمي، غير أن صراعات هؤلاء اليوم مع الشرعية التي كانوا جزءًا منها ذات مرة ترتقي إلى مرتبة الفجور الذي يلي الخصومة الظاهرة.
كما أن العكس صحيح، ثمة أفراد وشخصيات كانت من صقور الشرعية اليمنية باتوا اليوم أعضاء قياديين في المجلس الانتقالي الجنوبي، ومن صقوره أيضًا، وأكثر خصومة للشرعية من نظرائهم الانتقاليين حتى، ما يؤكد أن العلاقة بين الطرفين جدلية للغاية، ولا يمكن فصل التداخل فيما بينها إلا بالنظر إلى مؤثرات وعوامل الصراع الدائر في اليمن بتشعباته وتفرعاته الإقليمية والدولية.
خلفية الانتماء والارتباطات الأولى لعدد من شخصيات الانتقالي والشرعية على السواء، لا تعكس حقيقة هذا العداء والصراع بين الطرفين والكيانين السياسيين، سواءً كان قبل أن يلتئمان في حكومة مناصفة واحدة، أو حتى قبل ذلك، وكل هذا مرتبط بتطورات المشهد السياسي العام وتأثيراته على الأطراف الداخلية والمحلية، وعلى طبيعة المواجهة بين الجانبين.
فمنذ تشكيل المجلس الانتقالي وتأسيسه في الرابع من مايو/ آيار عام 2017، اختار لغة حادة شديدة اللهجة في التعامل مع الحكومة الشرعية، بل ووصمها بأنها "نظام احتلال" للجنوب، بينما على الجانب الآخر "شيطنت" الشرعية ومناصريها كل من يتعامل مع المجلس الانتقالي الجنوبي وداعميه واتهمتهم ببيع سيادة الدولة مقابل الحصول على دعم إقليمي بالتمكين.
وتطور هذا الوضع ليصل إلى حد المواجهة العسكرية، بدأت أولاها في يناير/ كانون ثاني عام 2018، والتي كانت بمثابة "جس نبض" عسكري لما سيأتي لاحقًا، وهو ما شهد دمويةً أكبر وتجسد في مواجهات أغسطس/ آب عام 2019 الدموية، والتي نتج عنها واقع سياسي وعسكري وأمني مغاير، قلب موازين القوى والأوضاع في المحافظات المحررة من اليمن.
آثار هذا التغيير في القوى ما زالت تداعياته متواصلة إلى اليوم، بل إنها ازدادت حدة، رغم أن التداخل والجدية في العلاقة بين الطرفين وصلت إلى مستويات متقدمة، من خلال مشاركة الانتقالي في المجلس الرئاسي اليمني، وليس في الحكومة فقط، بالإضافة إلى تواجد شخصيات شرعية كبيرة في قوام هيئة رئاسة الانتقالي، وكل ذلك لم يسهم في إيقاف الصراع والخلاف بين الجانبين.
واقع كهذا يثير الكثير من الجدل والاستغراب حول كيفية وصول الصراع والخلاف بين الشرعية والانتقالي إلى هذا المستوى الفج من العلاقة المتدهورة، رغم امتلاك الطرفين مقومات التوافق، كونهما يشتركان في مصير واحد سياسيًا وخدميًا وحتى عسكريًا -وهو الأهم- في ظل تربص مليشيات الحوثي واللعب على متناقضات العلاقة بينهما، لكن الواقع المشاهد اليوم يؤكد للأسف أن التوافق بين الجانبين يكاد يكون صعبًا إن لم يكن مستحيلًا.
> تداعيات صراع الشرعية والانتقالي
قد يكون خلاف أو صراع الكيانات السياسية والحزبية أمرًا صحيًا ومحمودًا في الدول الديمقراطية، غير أن هذا لا ينطبق على الحالة اليمنية والوضع في المناطق المحررة، والصراعات هنا ألقت بتأثيرات مؤلمة على كافة المجالات الاقتصادية والمعيشية والخدمية، وهو نتاج طبيعي للفجور الذي وصلته الصراعات والخصومات بين الشرعية والانتقالي.
في بقية دول العالم، يسعى الخلاف والصراع السياسي والمنافسة الحزبية إلى تحقيق رفاهية المجتمع والناس، ومحاولة الفوز بأصوات المواطنين الذين يمنحون أصواتهم لمن يخدمهم ويوفر لهم احتياجاتهم الأساسية، وهذا الأمر غائب في اليمن والمناطق المحررة التي ضاق الناس فيها ذرعا بصراعات الشرعية والانتقالي، ما تبعه من حرمان في الخدمات المرتبات وتردي الأوضاع المعيشية.
فمن الطبيعي أن يؤثر أي صراع سياسي وعسكري داخلي على عمل واستقرار مؤسسات الدولة الخدمية والاقتصادية، والتي خرجت تقريبا عن الخدمة في المناطق المحررة؛ نتيجة غياب الدولة؛ كإحدى أهم وأبرز تبعات صراع الانتقالي والشرعية، وبالتالي فإن المواطن البسيط هو من يدفع ثمن كل هذه الفوضى الناتجة عن خلافات السيطرة والنفوذ.
وما يزيد من المأساة أن البسطاء وحدهم هم من يكتوون بنيران التدهور المعيشي والاقتصادي وانهيار سعر الدولة، بينما رؤوس المتصارعين المتسببين بكل هذه الكارثة ينعمون ويعيشون حياة رغدة في قصورهم أو فنادق الخارج، دون أن يستشعروا الحرمان من الكهرباء أو المياه، ودون أن يمضي الشهر بلا مرتبات، ودون أن ينزلوا إلى الأسواق ليلمسوا ارتفاع أسعارها الجنوني.
وحده المواطن الغلبان على أمره هو من يذوق هذه المأساة، ويبحث عن مؤسسات الدولة لتنقذه فلا يجدها، ويضطر إلى الدفع والدفع للحصول على أبسط حقوقه من الخدمات، فيما المسئولون عن قوته وخدماته غارقون في صراعاتهم وخلافات السيطرة على الحكم والسلطة.
قد يكون موقف الانتقالي من الحكومة الشرعية وسبب صراعه وخلافه معها أنها لم توفر الخدمات، وتعذب المحافظات الجنوبية خدميا نظير دعمها ووقوفها مع الانتقالي، لكن في حقيقة الأمر فإن الجميع يتحمل مسئولية التردي المعيشي والخدمي، بمن فيهم الانتقالي المسيطر على مؤسسات الدولة في أكثر من محافظة محررة، فالمسئولية مشتركة، واستمرار الصراع يفاقم هذه المشكلات ويأججها.
> التحالف.. وصراع الإخوة
تكمن مشكلة عدم التوافق بين الشرعية والانتقالي في أن هذا الأخير يمتلك مشروعًا سياسيًا يتناقض والمشروع الذي تحمله الحكومة الشرعية، وهذا التطرف في مطالب كل طرف هي من جعلت الخلافات والصراعات تتواصل وتتصاعد لتصل إلى هذا المستوى من الحدة، خاصة مع تطور الأمور وخروجها إلى استخدام العنف والقوة.
ووسط كل هذا الكم من المواجهات والصراعات العسكرية والسياسية والإعلامية، يبقى دور التحالف العربي ممثلا في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة مهمًا للغاية، في إنهاء هذا الصراع أو تأجيجه وفق الأجندات ومصالح هذا الطرف أو ذاك.
وليس بخافٍ على أحد الدعم الذي يقدمه قطبا التحالف للشرعية والانتقالي، صحيح أن الغطاء يتمثل بالتدخل العسكري لإعادة ودعم الشرعية لكن هذا لا يمنع من وجود مصالح يسعى كل طرف خارجي إلى اكتسابها من وراء هذا الدعم.
وبرأي خبراء ومراقبين فإن مدى نجاح التحالف في إنهاء الصراع مرتبط أساسًا بمدى حصوله على مكاسب مترتبة على تواجده في اليمن، وتدخله العسكري الذي من المؤكد أنه لا يمكن أن يحدث بلا مقابل أو ثمن، وهو ما ينتظره التحالف من أدواته المحلية في المناطق المحررة، تمامًا كما تنتظره إيران من حليفها وأداتها الحوثية في الشمال.
ولعل في اضطرام جذوة الصراع بين الانتقالي والشرعية سبيل للتحالف وغيره من القوى الخارجية والإقليمية للحصول على مصالح ومكاسب في الداخل اليمني، لم يكن ليحصل عليها لولا استمرار هذا الصراع، فوجود سلطة قوية متماسكة لا يمكن أن يخدم التحالف ولا يخدم أي طامع في اليمن وموقعها الجغرافي الهام، وثوراتها الطبيعية البكر.
وعليه، فإن أية محاولات لإنهاء صراع الإخوة الأشقاء من قبل التحالف العربي محكومة بمدى فوزه بمكاسب على الأرض، خاصة وأن هذه المكاسب يجب أن تتلاءم مع سيحصل عليه التحالف من مكاسب نتيجة تفاوضه مع مليشيات الحوثي، وبالتالي اكتمال المصالح من وراء التدخل العسكري للتحالف في اليمن، سواءً من الشرعية ومكوناتها أو من الحوثيين.
> صراع يستفيد منه الحوثي
لا يمكن أن يخدم الصراع الجاري بين الانتقالي والشرعية أي منهما، بل إن الخسارة لا بد أن تطوق وتطالب كل منهما، وتتجاوزهما لتصل إلى المواطنين البسطاء الكادحين نتيجة التدهور المعيشي والاقتصادي الحاصل بسبب غياب مؤسسات الدولة المتأثرة بالصراع.
لكن ثمة من يستفيد من مثل هكذا صراع عبثي، وهي مليشيات الحوثي المتربصة بالجميع، والتي تحشد حاليا على تخوم المحافظات الجنوبية والشمالية على السواء، في لحج وأبين وشبوة، بالإضافة إلى تعز ومأرب، وهو ما يعني أن الحوثيين يبنون على صراعات خصومه ليتربص بهم وينقض عليهم، بينما هم منشغلون في صراعاتهم.
وبالتالي، فإن صراعات الانتقالي والشرعية لا يمكن إلا أن تنعكس عليهما ككيانين سياسيين يمكن أن يتلاشيا إذا استمرا في مواجهة بعضهما ونسيان العدو المشترك المتربص بهما من الخارج.
وحقيقة الأمر، فإن صراعات كهذه لا تخدم أهداف أي من الأطراف، سواءً كان الانتقالي أو الشرعية أو حتى التحالف العربي الذي يجب عليه لم شمل أجنحة الشرعية والتوفيق فيما بينها، كما أن على الشرعية والانتقالي الإسراع بحل خلافاتهما على الأقل رأفةً بهذا الشعب المكلوم وتقديم مصالحه على مصالحهم.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: المجلس الانتقالی الجنوبی الحکومة الشرعیة مؤسسات الدولة الانتقالی فی العلاقة بین بین الطرفین الصراع بین هذا الصراع فی الیمن لا یمکن یمکن أن
إقرأ أيضاً:
“كتلة التوافق” تدين تدنيس العلم الأمازيغي، وتطالب بتشريعات لتجريم التمييز وحماية الرموز الوطنية
نددت كتلة التوافق الوطني بالمجلس الأعلى للدولة في بيان شديد اللهجة بـ “جريمة تدنيس العلم الأمازيغي” التي تسببت في توترات أمنية في طرابلس ومدن جبل نفوسة.
وأكدت الكتلة في بيانها أن “المساس بالرموز التاريخية والثقافية واستهداف أي مكون من المكونات الثقافية الليبية جريمة في حق الشعب الليبي برمته، وتهديد مباشر للاستقرار والسلم الأهلية”.
ودعت الكتلة الجهات الضبطية والقضائية إلى “تطبيق القانون ومحاسبة من يستهدفون استقرار الوطن ووحدة شعبه”، مناشدة جميع الفعاليات والمكونات الثقافية الليبية إلى “تغليب العقل ولغة الحوار والوقوف صفا واحدا في وجه محاولات تفكيك المجتمع والدولة”.
وطالبت كتلة التوافق الوطني مجلسي النواب والدولة بـ “إصدار التشريعات اللازمة لتجريم التمييز والتحريض على الكراهية، وحماية الرموز الوطنية والثقافية الليبية”.
وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة يضعون علم الأمازيغ على الطريق بإحدى مناطق العاصمة ويجبرون السيارات على المرور فوقه.
المصدر: بيان
العلم الأمازيغيالمجلس الأعلى للدولةكتلة التوافق الوطني Total 0 Shares Share 0 Tweet 0 Pin it 0