(عدن الغد)خاص:

قراءة في طبيعة وواقع ومستقبل الصراع بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة الشرعية..

ما انعكاسات هذا الصراع على الدولة ومؤسساتها.. وهل أضر بالوضع المعيشي للمواطنين؟

كيف استفاد الحوثيون من الصراع بين الانتقالي والشرعية؟

هل يتوج هذا الصراع بفشل التحالف والشرعية والانتقالي في تحقيق أهدافهم؟

ما الحل لوقف الصراع بين الحكومة الشرعية والانتقالي؟

(عدن الغد) القسم السياسي:

تتصف العلاقة بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة الشرعية بأنها علاقة "جدلية"، فالتداخل الذي تمثله الشخصيات المنتمية لكلا الطرفين هو سبب هذا الجدل، وهو جدل يكاد يحظى بطابع "بيزنطي"، لا يصل في نهاية الجدال إلى أي نتيجة ولا يظهر أي منتصر من وراء كل هذا المراء.

فبعض أفراد الانتقالي ما قبل مايو/ آيار عام 2017 كانوا من صلب البنية الشرعية للبلاد، بل وتقلدوا مناصب سيادية وعامة، وتحدثوا باسم الحكومة الشرعية قبل أن يخرج المجلس الانتقالي الجنوبي بصفته الاعتبارية إلى النور ككيان رسمي، غير أن صراعات هؤلاء اليوم مع الشرعية التي كانوا جزءًا منها ذات مرة ترتقي إلى مرتبة الفجور الذي يلي الخصومة الظاهرة.

كما أن العكس صحيح، ثمة أفراد وشخصيات كانت من صقور الشرعية اليمنية باتوا اليوم أعضاء قياديين في المجلس الانتقالي الجنوبي، ومن صقوره أيضًا، وأكثر خصومة للشرعية من نظرائهم الانتقاليين حتى، ما يؤكد أن العلاقة بين الطرفين جدلية للغاية، ولا يمكن فصل التداخل فيما بينها إلا بالنظر إلى مؤثرات وعوامل الصراع الدائر في اليمن بتشعباته وتفرعاته الإقليمية والدولية.

خلفية الانتماء والارتباطات الأولى لعدد من شخصيات الانتقالي والشرعية على السواء، لا تعكس حقيقة هذا العداء والصراع بين الطرفين والكيانين السياسيين، سواءً كان قبل أن يلتئمان في حكومة مناصفة واحدة، أو حتى قبل ذلك، وكل هذا مرتبط بتطورات المشهد السياسي العام وتأثيراته على الأطراف الداخلية والمحلية، وعلى طبيعة المواجهة بين الجانبين.

فمنذ تشكيل المجلس الانتقالي وتأسيسه في الرابع من مايو/ آيار عام 2017، اختار لغة حادة شديدة اللهجة في التعامل مع الحكومة الشرعية، بل ووصمها بأنها "نظام احتلال" للجنوب، بينما على الجانب الآخر "شيطنت" الشرعية ومناصريها كل من يتعامل مع المجلس الانتقالي الجنوبي وداعميه واتهمتهم ببيع سيادة الدولة مقابل الحصول على دعم إقليمي بالتمكين.

وتطور هذا الوضع ليصل إلى حد المواجهة العسكرية، بدأت أولاها في يناير/ كانون ثاني عام 2018، والتي كانت بمثابة "جس نبض" عسكري لما سيأتي لاحقًا، وهو ما شهد دمويةً أكبر وتجسد في مواجهات أغسطس/ آب عام 2019 الدموية، والتي نتج عنها واقع سياسي وعسكري وأمني مغاير، قلب موازين القوى والأوضاع في المحافظات المحررة من اليمن.

آثار هذا التغيير في القوى ما زالت تداعياته متواصلة إلى اليوم، بل إنها ازدادت حدة، رغم أن التداخل والجدية في العلاقة بين الطرفين وصلت إلى مستويات متقدمة، من خلال مشاركة الانتقالي في المجلس الرئاسي اليمني، وليس في الحكومة فقط، بالإضافة إلى تواجد شخصيات شرعية كبيرة في قوام هيئة رئاسة الانتقالي، وكل ذلك لم يسهم في إيقاف الصراع والخلاف بين الجانبين.

واقع كهذا يثير الكثير من الجدل والاستغراب حول كيفية وصول الصراع والخلاف بين الشرعية والانتقالي إلى هذا المستوى الفج من العلاقة المتدهورة، رغم امتلاك الطرفين مقومات التوافق، كونهما يشتركان في مصير واحد سياسيًا وخدميًا وحتى عسكريًا -وهو الأهم- في ظل تربص مليشيات الحوثي واللعب على متناقضات العلاقة بينهما، لكن الواقع المشاهد اليوم يؤكد للأسف أن التوافق بين الجانبين يكاد يكون صعبًا إن لم يكن مستحيلًا.

> تداعيات صراع الشرعية والانتقالي

قد يكون خلاف أو صراع الكيانات السياسية والحزبية أمرًا صحيًا ومحمودًا في الدول الديمقراطية، غير أن هذا لا ينطبق على الحالة اليمنية والوضع في المناطق المحررة، والصراعات هنا ألقت بتأثيرات مؤلمة على كافة المجالات الاقتصادية والمعيشية والخدمية، وهو نتاج طبيعي للفجور الذي وصلته الصراعات والخصومات بين الشرعية والانتقالي.

في بقية دول العالم، يسعى الخلاف والصراع السياسي والمنافسة الحزبية إلى تحقيق رفاهية المجتمع والناس، ومحاولة الفوز بأصوات المواطنين الذين يمنحون أصواتهم لمن يخدمهم ويوفر لهم احتياجاتهم الأساسية، وهذا الأمر غائب في اليمن والمناطق المحررة التي ضاق الناس فيها ذرعا بصراعات الشرعية والانتقالي، ما تبعه من حرمان في الخدمات المرتبات وتردي الأوضاع المعيشية.

فمن الطبيعي أن يؤثر أي صراع سياسي وعسكري داخلي على عمل واستقرار مؤسسات الدولة الخدمية والاقتصادية، والتي خرجت تقريبا عن الخدمة في المناطق المحررة؛ نتيجة غياب الدولة؛ كإحدى أهم وأبرز تبعات صراع الانتقالي والشرعية، وبالتالي فإن المواطن البسيط هو من يدفع ثمن كل هذه الفوضى الناتجة عن خلافات السيطرة والنفوذ.

وما يزيد من المأساة أن البسطاء وحدهم هم من يكتوون بنيران التدهور المعيشي والاقتصادي وانهيار سعر الدولة، بينما رؤوس المتصارعين المتسببين بكل هذه الكارثة ينعمون ويعيشون حياة رغدة في قصورهم أو فنادق الخارج، دون أن يستشعروا الحرمان من الكهرباء أو المياه، ودون أن يمضي الشهر بلا مرتبات، ودون أن ينزلوا إلى الأسواق ليلمسوا ارتفاع أسعارها الجنوني.

وحده المواطن الغلبان على أمره هو من يذوق هذه المأساة، ويبحث عن مؤسسات الدولة لتنقذه فلا يجدها، ويضطر إلى الدفع والدفع للحصول على أبسط حقوقه من الخدمات، فيما المسئولون عن قوته وخدماته غارقون في صراعاتهم وخلافات السيطرة على الحكم والسلطة.

قد يكون موقف الانتقالي من الحكومة الشرعية وسبب صراعه وخلافه معها أنها لم توفر الخدمات، وتعذب المحافظات الجنوبية خدميا نظير دعمها ووقوفها مع الانتقالي، لكن في حقيقة الأمر فإن الجميع يتحمل مسئولية التردي المعيشي والخدمي، بمن فيهم الانتقالي المسيطر على مؤسسات الدولة في أكثر من محافظة محررة، فالمسئولية مشتركة، واستمرار الصراع يفاقم هذه المشكلات ويأججها.

> التحالف.. وصراع الإخوة

تكمن مشكلة عدم التوافق بين الشرعية والانتقالي في أن هذا الأخير يمتلك مشروعًا سياسيًا يتناقض والمشروع الذي تحمله الحكومة الشرعية، وهذا التطرف في مطالب كل طرف هي من جعلت الخلافات والصراعات تتواصل وتتصاعد لتصل إلى هذا المستوى من الحدة، خاصة مع تطور الأمور وخروجها إلى استخدام العنف والقوة.

ووسط كل هذا الكم من المواجهات والصراعات العسكرية والسياسية والإعلامية، يبقى دور التحالف العربي ممثلا في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة مهمًا للغاية، في إنهاء هذا الصراع أو تأجيجه وفق الأجندات ومصالح هذا الطرف أو ذاك.

وليس بخافٍ على أحد الدعم الذي يقدمه قطبا التحالف للشرعية والانتقالي، صحيح أن الغطاء يتمثل بالتدخل العسكري لإعادة ودعم الشرعية لكن هذا لا يمنع من وجود مصالح يسعى كل طرف خارجي إلى اكتسابها من وراء هذا الدعم.

وبرأي خبراء ومراقبين فإن مدى نجاح التحالف في إنهاء الصراع مرتبط أساسًا بمدى حصوله على مكاسب مترتبة على تواجده في اليمن، وتدخله العسكري الذي من المؤكد أنه لا يمكن أن يحدث بلا مقابل أو ثمن، وهو ما ينتظره التحالف من أدواته المحلية في المناطق المحررة، تمامًا كما تنتظره إيران من حليفها وأداتها الحوثية في الشمال.

ولعل في اضطرام جذوة الصراع بين الانتقالي والشرعية سبيل للتحالف وغيره من القوى الخارجية والإقليمية للحصول على مصالح ومكاسب في الداخل اليمني، لم يكن ليحصل عليها لولا استمرار هذا الصراع، فوجود سلطة قوية متماسكة لا يمكن أن يخدم التحالف ولا يخدم أي طامع في اليمن وموقعها الجغرافي الهام، وثوراتها الطبيعية البكر.

وعليه، فإن أية محاولات لإنهاء صراع الإخوة الأشقاء من قبل التحالف العربي محكومة بمدى فوزه بمكاسب على الأرض، خاصة وأن هذه المكاسب يجب أن تتلاءم مع سيحصل عليه التحالف من مكاسب نتيجة تفاوضه مع مليشيات الحوثي، وبالتالي اكتمال المصالح من وراء التدخل العسكري للتحالف في اليمن، سواءً من الشرعية ومكوناتها أو من الحوثيين.

> صراع يستفيد منه الحوثي

لا يمكن أن يخدم الصراع الجاري بين الانتقالي والشرعية أي منهما، بل إن الخسارة لا بد أن تطوق وتطالب كل منهما، وتتجاوزهما لتصل إلى المواطنين البسطاء الكادحين نتيجة التدهور المعيشي والاقتصادي الحاصل بسبب غياب مؤسسات الدولة المتأثرة بالصراع.

لكن ثمة من يستفيد من مثل هكذا صراع عبثي، وهي مليشيات الحوثي المتربصة بالجميع، والتي تحشد حاليا على تخوم المحافظات الجنوبية والشمالية على السواء، في لحج وأبين وشبوة، بالإضافة إلى تعز ومأرب، وهو ما يعني أن الحوثيين يبنون على صراعات خصومه ليتربص بهم وينقض عليهم، بينما هم منشغلون في صراعاتهم.

وبالتالي، فإن صراعات الانتقالي والشرعية لا يمكن إلا أن تنعكس عليهما ككيانين سياسيين يمكن أن يتلاشيا إذا استمرا في مواجهة بعضهما ونسيان العدو المشترك المتربص بهما من الخارج.

وحقيقة الأمر، فإن صراعات كهذه لا تخدم أهداف أي من الأطراف، سواءً كان الانتقالي أو الشرعية أو حتى التحالف العربي الذي يجب عليه لم شمل أجنحة الشرعية والتوفيق فيما بينها، كما أن على الشرعية والانتقالي الإسراع بحل خلافاتهما على الأقل رأفةً بهذا الشعب المكلوم وتقديم مصالحه على مصالحهم.

المصدر: عدن الغد

كلمات دلالية: المجلس الانتقالی الجنوبی الحکومة الشرعیة مؤسسات الدولة الانتقالی فی العلاقة بین بین الطرفین الصراع بین هذا الصراع فی الیمن لا یمکن یمکن أن

إقرأ أيضاً:

بين الأمل والواقع.. هل يستطيع رئيس إصلاحي تغيير إيران؟

بدأ الناخبون في إيران، الجمعة، الإدلاء بأصواتهم في انتخابات رئاسية مبكرة، إذ يختارون من بين مجموعة من 4 مرشحين موالين للمرشد جرى اختيارهم بضوابط محددة من قبل مجلس صيانة الدستور.

ومن بين المرشحين الذين يخوضون الانتخابات الرئاسية، لم يبرز سوى مسعود بازشكيان، باعتباره مرشحا غير محافظ، ويحظى بدعم الإصلاحيين، وفق مجلة "فورين بوليسي" الأميركية.

وبازشكيان هو الأكبر سنا (69 عاما) من بين المرشحين للانتخابات الرئاسية والمرشح الوحيد الذي يمثل التيار الإصلاحي.

يمثل الطبيب الجراح ذو الأصول الأذرية والمولود في 29 سبتمبر 1954، مدينة تبريز في البرلمان.

شغل منصب وزير الصحة في عهد الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي بين أغسطس 2001 وأغسطس 2005. وهو معروف بصراحته.

واستبعد من السباق الرئاسي في العام 2021.

وطبقا لآخر استطلاعات الرأي، فإن بازشكيان يتقدم على منافسيه حاليا بنسبة 25 بالمئة، كما ارتفع تأييده بشكل كبير في الأسابيع الأخيرة.

 ومع ذلك، تقول "فورين بوليسي" في تحليل لها، إن "فوز بازشكيان، إذا تمكن من ذلك، لا يضمن أن يؤدي إلى تغيير حقيقي في الحكومة الإيرانية".

وتحظى حملة بازشكيان الانتخابية بدعم كبير من الإصلاحيين، ونقلت وكالة فرانس برس، أن الرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني، قال في مقطع فيديو، الأربعاء، إن بازشكيان يتمتع بعدة "مزايا مثل النزاهة والشجاعة والوفاء تجاه الأمة"، تمكنه أن يصبح رئيساً للجمهورية، مضيفًا: "أطلب ممن يريدون إرساء علاقات بناءة مع العالم والاعتدال التصويت لصالح الدكتور مسعود بازشكيان".

ويبلغ المرشح الإصلاحي 69 عاماً، وهو أحد المرشحين الثلاثة الأوفر حظاً، في حين أن المرشحين الرئيسيين الآخرين هما رئيس البرلمان المحافظ، محمد باقر قاليباف، والآخر المتشدد سعيد جليلي.

سر "الكتلة الرمادية".. مرشح "الإصلاحيين" بوجه انتقادات خامنئي تنطلق الانتخابات الرئاسية الإيرانية، الجمعة، لاختيار خلفا للرئيس إبراهيم رئيسي الذي لقي مصرعه في حادث مروحية الشهر الماضي، دعم عدد من الإصلاحيين للمرشح مسعود بازشكيان. تراجع النفوذ

وتمتع الإصلاحيون بنفوذ كبير في إيران، حيث حققوا فوزا كبيرا في الانتخابات البرلمانية التي جرت في فبراير 2016، والتي جاءت بعد بضعة أشهر فقط من إبرام الاتفاق النووي لعام 2015.

ثم تلا ذلك، فوز روحاني في الانتخابات الرئاسية لعام 2017 بأكثر من 57 بالمئة من الأصوات.

ومع ذلك، تراجع هذا النفوذ خلال السنوات الماضية، وفقا لـ"فورين بوليسي"، حيث شهد المجتمع الإيراني تغييرات جوهرية على مدى العقد الماضي، مما دفع كثيرين إلى الشك في قدرة الإصلاحيين على إحداث أي تغييرات ذات مغزى في الحكم.

وتشير المجلة إلى أنه "بالرغم من أن الدستور الإيراني ينص على أن الرئيس المنتخب بالاقتراع الشعبي المباشر هو رئيس الحكومة، فإن المرشد الإيراني، علي خامنئي، نجح في توسيع نفوذه بشكل كبير على مدى العقود القليلة الماضية".

وتضيف: "قد تحقق هذا من خلال إنشاء مؤسسات موازية، وتوسيع صلاحياتها، وصياغة سياسات داعمة للنظام. كما تعزز نفوذ المرشد من خلال سلطته الخاصة على أعضاء مجلس الوزراء، الأمر الذي يزيد من سيطرته ويحد من سلطة الرئيس".

ومنذ توقيع الاتفاق النووي، وهي اللحظة التي يُنظر إليها على أنها ذروة شعبية الإصلاحيين في إيران، تغير المشهد السياسي بشكل كبير، حسب "فورين بوليسي"، والتي تشير إلى أن "الإصلاحيين أصبحوا مهمشين داخل المجتمع الإيراني منذ ذلك الحين، حيث تم إبعادهم تماما من الحكومة، في أعقاب فوز إبراهيم رئيسي في الانتخابات الرئاسية لعام 2021، والذي قُتل إثر تحطم طائرة هليكوبتر مايو الماضي".

وتضيف المجلة: "حتى قبل الانتخابات المبكرة هذ الشهر، استبعد مجلس صيانة الدستور الشخصيات الرئيسية في الحركة الإصلاحية من الترشح، ولم يتبق سوى بازشكيان".

واعتمد مجلس صيانة الدستور الذي يتألف من 6 من رجال الدين و6 من رجال القانون موالين لخامنئي، قائمة مرشحين تضم 6 أشخاص من إجمالي 80 متقدما للترشح، قبل أن ينسحب بعد ذلك مرشحان.

ومن بين المحافظين المتشددين المتبقين، محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان والقائد السابق بالحرس الثوري، وسعيد جليلي، المفاوض النووي السابق والذي عمل لـ4 سنوات في مكتب خامنئي، ومصطفى بور محمدي، وهو رجل دين شغل سابقا منصب وزير العدل في حكومة روحاني بين عامي 2013 و2017.

أسئلة وإجابات عن الانتخابات الرئاسية المقبلة في إيران يتوجه الإيرانيون في 28 من يونيو إلى مراكز الاقتراع لانتخاب رئيس جديد خلفا لإبراهيم رئيسي الذي قتل في 19 مايو في حادث تحطم مروحية. حشد الناخبين المحبطين

ترى "فورين بوليسي" أن الإصلاحيين يأملون في حشد الناخبين المحبطين لدعم مرشحهم بازشكيان، في ظل الاستياء المجتمعي واسع النطاق، خصوصا بعد الاضطرابات التي شهدتها إيران خلال السنوات القليلة الماضية بداية من الإقبال الضعيف على التصويت في الانتخابات الرئاسية لعام 2021، والاحتجاجات التي جرت في أعقاب وفاة الشابة مهسا أميني أثناء احتجازها لدى الشرطة.

وعلى خلفية هذه "الأحداث المضطربة"، تأتي الانتخابات الرئاسية في وقت قاطعت فيه نسبة كبيرة من المجتمع الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة في عامي 2021 و2024 على التوالي، حسب المجلة، والتي تشير إلى أن الناخبين فعلو ذلك لسببين.

الأول هو استبعاد المرشحين الإصلاحيين على نطاق واسع، الأمر الذي أدى إلى عدم مشاركة خاتمي زعيم الإصلاحيين أو التصويت في الانتخابات الأخيرة، بما في ذلك الانتخابات البرلمانية في مارس 2024.

والسبب الثاني والأكثر أهمية، وفق "فورين بوليسي"، هو خيبة الأمل التي أصابت المجتمع الإيراني تجاه أداء حكومة روحاني، حيث "إنه في البداية، كان هذا التفاؤل مدعوما بآمال كبيرة في الاتفاق النووي، ولكن سرعان ما تبدد مع فشل الاتفاق وإعادة فرض العقوبات، فاستبدل الأمل بالغضب واليأس".

ووفق المجلة فإن الإصلاحيين الآن يحثون الجمهور على إعادة النظر في استراتيجية مقاطعة الانتخابات، بحجة أن المقاطعة لم تجلب أي تغيير.

ومع ذلك، يعتقد الكثيرون في المجتمع الإيراني الآن أن التحسن لا يكمن في العملية الانتخابية، حسب "فورين بوليسي"، والتي تشير إلى أنه "في ظل حكم خامنئي الذي دام 35 عاما، تراجعت سلطات الحكومة بشكل مطرد، كما يؤكد بازشكيان في تصريحاته أن خامنئي يحدد الاتجاه العام للبلاد".

وخلال حملته الانتخابية قال بازشكيان إن خامنئي يحدد السياسات العامة للدولة، بما في ذلك السياسة الخارجية، ويجب على الحكومة أن تتماشى مع هذه التوجيهات.

ماذا تعرف عن المرشحين للانتخابات الرئاسية في إيران؟ يتنافس ستة مرشحين هم خمسة محافظين وإصلاحي، في الانتخابات الرئاسية المقررة الجمعة في إيران لاختيار خلف لإبراهيم رئيسي الذي قتل في حادث تحطم مروحية في 19 مايو. "عقبات كبيرة"

ورغم أن الإصلاحيين ما زالوا قادرين على التأثير على الرأي العام، حسب "فورين بوليسي"، فإن قسما كبيرا من المجتمع فقد الثقة بهم، حيث تأتي خيبة الأمل هذه بعد عقود من الأحداث التي أدت إلى تآكل قاعدة دعم الإصلاحيين، والتي كانت قوية بما يكفي لانتخاب خاتمي في عام 1997 وإبقائه في منصبه لمدة 8 سنوات، ثم روحاني لمدة 8 سنوات أخرى ابتداء من عام 2013.

ومع ذلك، تقول المجلة إن جهود الإصلاحيين لم تسفر عن نتائج لتغيير دائم، حيث "خنقت المؤسسات الموازية الخاضعة لسيطرة المرشد الأعلى أي جهود تهدف إلى التغيير، كما لم تطرأ أي تحسينات على الاقتصاد، أو الحريات الاجتماعية والمدنية، أو مكانة إيران العالمية، أو حرية التعبير".

ونتيجة لذلك، وفق المجلة، يواجه بازشكيان عقبات كبيرة خلال الانتخابات الحالية، حيث "قوضت مصداقية الحركة الإصلاحية بسبب الفشل في الوفاء بالوعود والحملة القوية التي يشنها النظام ضد المعارضة".

وتقول إن "ارتباط الحركة بحكومة روحاني، التي يرى العديد من الإيرانيين أنها فشلت في إحداث تغيير حقيقي، يزيد من تعقيد موقف بازشكيان".

علاوة على ذلك، تهيمن العناصر المتشددة الآن على المشهد السياسي الإيراني، حيث يتمتع الحرس الثوري الإيراني وغيره من الفصائل المحافظة بسلطة كبيرة، وفقا لـ"فورين بوليسي"، والتي تشير إلى أن "قدرة بازشكيان على التغيير في هذه البيئة المعقدة وتنفيذ إصلاحاته المقترحة أمر غير مؤكد".

وتضيف: "قد يؤدي ترشيحه في نهاية المطاف إلى زيادة نسبة إقبال الناخبين على التصويت أكثر من إحداث تغييرات جوهرية في السياسة".

ونظرا للصلاحيات المحدودة التي يتمتع بها الرئيس، فإن انتصار الإصلاحيين قد يؤدي إلى تعميق "خيبة الأمل" داخل المجتمع الإيراني، حسب ما تضيف "فورين بوليسي".

ولتجنب ذلك، "يتعين على الإصلاحيين أن يتعلموا بواقعية من التاريخ الحديث، فإما أن يمهدوا الطريق أمام المحافظين المتشددين، على أمل أن تنهار الجمهورية الإسلامية أو تعدل مناهجها -وهو الموقف الذي يؤيده بقوة أنصار تغيير النظام- أو أن يعترفوا أن قدرتهم محدودة على التغيير"، على ما تقول المجلة.

وتختتم "فورين بوليسي"، تحليلها بالقول: "إن عدم الاهتمام بهذه الدروس قد يؤدي إلى تكرار الإحباطات الماضية وتصاعد السخط العام تجاه الإصلاحيين".

المرشحون للرئاسة في إيران يتفقون في شيء واحد بشأن ترامب مع قرب الانتخابات الرئاسية الإيرانية، يتفق المرشحون في التعبير عن مخاوفهم في التعامل مع "الرئيس الأميركي المقبل" معتبرين أن فوز المرشح الجمهوري "دونالد ترامب" هو "نتيجة" محسومة.

مقالات مشابهة

  • مشروع ميناء المكس الجديد يزيد من الطاقات الاستيعابية التداول والتخزين
  • بين الأمل والواقع.. هل يستطيع رئيس إصلاحي تغيير إيران؟
  • رئيس مجلس النواب الأميركي: بايدن لا يستطيع أن يكون رئيسا لفترة ثانية
  • الجيشان الإسرائيلي والأمريكي يجريان حوارا حول الاستعدادات ضد إيران
  • تحليل أمريكي: الحوثيون يكسبون والغرب يخسر وعاجز عن ردعهم.. حكومة الشرعية في خطر
  • «القاهرة الإخبارية»: غرفة تحليل «ترامب» تضم حاكم ولاية نورث داكوتا
  • هل هو إعلان انقلاب في عدن؟.. تصريحات صادمة للمجلس الانتقالي ووعيد بخيارات حاسمة ومهلة للحكومة الشرعية
  • الانتقالي: الشرعية لمن يسيطر على الأرض وشراكتنا مع الحكومة لفتح آفاق للتعامل مع العالم
  • ندوة سياسية طالب بدعم الجيش والمقاومة لاستعادة صنعاء وتؤكد على عدمية الحل السياسي مع الحوثيين
  • تضارب التصريحات.. و تجنيد «الحريديم»!!