ليس العلو الحالى لدولة الكيان الصهيونى، ارتفاعا واستكبارا عاديا، وإنما ارتفاع كبير فى المكانة السياسية وارتفاع بالسلاح، واستكبار على مؤسسات العالم ومنها الأمم المتحدة والجنائية الدولية.
ثمة دلالات فى دقة استخدام اللفظ القرآني، عن بنى إسرائيل، إذ قال تعالى :» وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِى إِسْرَائِيلَ فِى الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِى الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا».
والعلو يعنى لغة الارتفاع والفوقية والاتجاه إلى السماء، وفى القرآن الكريم ربما يعنى العظمة والتجبر «تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِى الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا»، وربما يعنى الرفعة والعظمة «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا».
وقد جمعت إسرائيل بين الارتفاع والفوقية والعظمة والتجبر، حتى أن سلاحها الضارب طوال تاريخها القصير فى المنطقة هو الطائرات عالية الارتفاع من مقاتلات وقاذفات «الفانتوم « فى الستينيات والسبعينيات وصولا لأحدث أجيال «إف-15» و«إف-16» و«إف-35».
فسيادة السماء هى استراتيجية اسرائيل مع خصومها، ودونها تتحول إلى الهزيمة.. وربما هو الوعد المكتوب.
ففى يونيو 1967، نجح سلاح الجو الإسرائيلى فى تحييد القوات الجوية العربية، ودمر معظم سلاح الجو المصرى والسورى والأردنى وقصف بعض القواعد الجوية بالعراق، فربح المعركة من السماء.
وربما ومن يومها تفضل إسرائيل الهجوم الفوقى باستخدام الطائرات ومؤخرا المسيرات، سواء فى غزة أو لبنان وسوريا وإيران واليمن.
وهكذا العلو أصبح استراتيجية حربية.
وهكذا أصبحت إسرائيل أكثر نفيرا، بقوة الغرب الهائلة التى تدعمها سياسيا وماليا وعسكريا.
فما أن تواجه مخاطر، حتى تتحرك حاملات الطائرات والبوارج والمدمرات الأمريكية البريطانية والفرنسية، لنجدتها.
ومن العلو الكبير أيضا، تطويع أعلى هيئة أممية وهو مجلس الأمن الدولى لصالح إسرائيل، إذ إن الولايات المتحدة الأمريكية استخدمت حق النقض «الفيتو « 80 مرة لمنع إدانة إسرائيل، و34 مرة ضد قوانين تساند الشعب الفلسطينى.
ومن العلو الكبير أيضا، تطويع موارد أقوى امبراطورية فى التاريخ، وهى الولايات المتحدة الأمريكية، لصالح المشروع الصهيونى.
فقد طوعت إسرائيل الموارد الأمريكية الهائلة ( ناتجها المحلى الإجمالى 27 تريليون دولار بما يمثل 68 ضعف الناتج المحلى الإجمالى المصرى )، لصالح مشروعها التوسعى، إذ تلقت أكثر من 124 مليار دولار من الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ الحرب العالمية الثانية.
تبقى المحكمة الجنائية الدولية، هى الفصل الأحدث فى الاستعلاء الإسرائيلى، إذ ما إن أصدرت المحكمة مذكرة اعتقالًا بحق بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل ويوآف جالانت وزير دفاعه المقال، حتى أعلنت الولايات المتحدة، رفضها تنفيذ قرار المحكمة، ووصفه الرئيس جو بايدن بأنّه «قرار شنيع» متعهدا بالوقوف إلى جانب اسرائيل.
حتى فرنسا صديقة العرب، أعلنت احترامها لالتزاماتها القانونية «لكن مع النظر فى إمكانية الحصانات التى قد يتمتع بها نتنياهو».
إنه علو كبير، لكنه غير دائم.. فلا ديمومة لظلم واستكبار.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأمم المتحدة إسرائيل
إقرأ أيضاً:
كيف سقطت “F18” الأمريكية في البحر الأحمر؟
أعلنت البحرية الأمريكية سقوط طائرة “F18” من على متن حاملة الطائرات المتموضعة في البحر الأحمر، في بيان غير مفصل: “كانت طائرة F/A-18E تُسحب بنشاط في حظيرة الطائرات عندما فقد طاقم النقل السيطرة عليها، فُقدت الطائرة وجرار السحب في البحر”، لاحقًا نقلت وسائل إعلام عن مسؤولين أن سبب السقوط، هو انزلاق بعدما قامت حاملة الطائرات “يو إس إس ترومان” بمناورة مراوغة لتجنب مسار نيران حوثية قادمة، وفق ما أكده مسؤولون أمريكيون لموقع “المونيتور” الذي علّق بدوره أنه: “لا يزال من غير الواضح نوع القذيفة أو إذا ما جرى اعتراضها”.
الأكيد هو أن الطائرة الأمريكية قد سقطت في أثناء تنفيذ عملية الاشتباك العسكرية اليمنية ضد حاملة الطائرات “هاري ترومان”، والتي كانت القوات المسلحة اليمنية قد أعلنت عنها عصر أمس الأول، وهي عملية مشتركة بين القوات البحرية والصاروخية وسلاح الجو المسير، بعدد من الطائرات المسيرة، والصواريخ الباليستية والمجنحة، طوال ساعات، ونتج عن الاشتباك إجبار حاملة الطائرات على التراجع عن مواقعها السابقة والاتجاه نحو شمال البحر الأحمر.
لكن ما ليس مؤكدًا، هو كيف سقطت؟ هناك ثلاثة سيناريوهات تتبادر إلى الذهن مع سماع بيان البحرية الأمريكية، الأول: هو أنه تم إسقاطها بنيران القوات اليمنية، وأصيبت بصاروخ بالستي أو مجنح أو بطائرة مسيرة، وتتعمد البحرية الأمريكية إخفاء الأمر حفاظًا على ما تبقى من سمعة “ترومان”، والبحرية الأمريكية التي تعاني من العجز في تحقيق أهدافها في اليمن على مدى أكثر من ستة أسابيع، كلفتها ثلاثة مليارات دولار حسب موقع “رسبونسبول” الأمريكي.
السيناريو الثاني: هو أنها قد سقطت بفعل نيران صديقة، وبهذا يكون ثاني سقوط لطائرة من هذا النوع، بعد إسقاط واحدة في البحر الأحمر في ديسمبر/2024م فوق حاملة الطائرات نفسها، “هاري ترومان”. وسبب إخفاء مثل هذا الاحتمال، هو لمنع تكرار الإحراج الذي لحق بقادة الحاملة في المرة السابقة، بعد أن ظهروا بوضع المرتبك الخائف المرعوب، وتم إطلاق النار نحو الطائرة على سبيل الخطأ، دون أي تدقيق، رغم الأنظمة المتقدمة للتعرف على الأجسام الصديقة، والتي يبدو أنها فشلت هي الأخرى في تنفيذ تلك المهمة بالشكل المطلوب.
السيناريو الثالث: هو ما يبدو أن البحرية الأمريكية ذاهبة اليوم إلى اعتماده، عبر التسريبات المتعددة لوسائل الإعلام والصحافة الأمريكية وغيرها، ويتلخص كما سبق، بانزلاق الطائرة في أثناء محاولة البحارة قطرها في الحظيرة، وبينما كانت “ترومان” تحاول الهروب بسرعة خوفًا من إصابتها من قبل القوات اليمنية، انعطفت بشكل حاد، كما تقول الرواية المطلوب تمريرها، ومن المنطقي حينها أن يفقد البحارة السيطرة عليها وعلى الجرار، وبالتالي تتعرض للسقوط.
النتيجة الواضحة، لمختلف السيناريوهات، أن السقوط كان بسبب العملية المشتركة أمس الأول، والتي تشير إلى حالة الإرباك والتخبط والرعب التي تعيشها منظومة القيادة والسيطرة في الحاملة “ترومان”، ما يشكل فضيحة مدوية للبحرية الأمريكية، ويكشف عن الفوضى الخطيرة التي تعتري العمليات الأمريكية بشكل عام.
إن مجرد انعطافة الحاملة “ترومان” بهذا الشكل الحاد يعني أن الدفاعات الجوية التابعة لها لم تكن فعالة، ولا توفر الأمن الكامل للحاملة، وبالتالي فهناك توقعات مرتفعة لدى قادة “ترومان”، بإصابتها، ولهذا فلا مجال أمامها سوى الهروب.
هروب حاملة الطائرات أمام العمليات اليمنية، ليس جديدًا، فقد كانت “أيزنهاور”، و”لينكولن”، مبدعتين في تنفيذ إستراتيجية الهروب، كما تندر عليهما بذلك السيد عبد الملك الحوثي في عدة خطابات.
يبقى أنه، وبالنظر إلى الرواية الأمريكية، فإذا كانت هذه الطائرة قد سقطت، وهي تزن من 11 إلى 17 طنًا، نتيجة انعطاف حاد، فهذا يعني أن القوة الطاردة المركزية التي تسلّطت على الطائرة كانت كبيرة بما يكفي لتحريك ذلك الوزن الثقيل جدًا، لدرجة سقوطها في البحر، وعليه فما الذي حل ببقية الطائرات؟ وهذا ما يجب مناقشته مع الخبراء في هذا المجال.