راكان علي البخيتي
بينما يعيش إخواننا في غزة الحياة المليئة بالمآسي والأحزان ومآسي الحرب التي ليس لها شبيه، وهم من هولها أصبحوا يختارون النوم جميعًا ليستشهدوا جميعًا، وعندما نرى ونشاهد كُـلّ حدث يأتي وهو يحمل معه آهات وأنين وأوجاع إخوتنا في غزة وهم بين شهيد، وجريح، ومفقود، ونازح، وأسير، وطفل بقي تحت الركام لم يبقَ من أفراد أسرته أحد، ورجل مسن فقد أسرته ولم يبقَ منهم أحد والجميع يتم إبادتهم دون رحمة، ومن استطاع منهم أن ينجوَ من الصواريخ استشهد من شدة الجوع والعطش.
ثم نأتي لنسأل أنفسنا هل كان أحد يتخيل أن يرى ويشاهد كُـلّ تلك الجرائم البشعة؟ ثم لا تحرك تلك المشاهد ضميره ومشاعره وأحاسيسه؟ وهل كان يأتي في الخيال أن تجد أحداً لا يريد أن يسمع عن هذه الأحداث ولم تحَرّكه صرخات وبكاء وأنين الأطفال، ثم ترى مشاعره تتحَرّك ويبكي عندما يستمع إلى صوت موسيقى في أغنية يغنيها فنان وهو يشرح قصة فراق بين عشيق مع عشيقته جمعتهم علاقات محرمة، أَو يبكي عندما يخسر فريقه الرياضي أمام فريق آخر.
تتحَرّك مشاعره أثناء مشاهدته لبعض الأفلام السينمائية، التي تروي قصصَ العاشقين والعاهرين والساقطين، وفيها المشاهد التي فيها الفراق والعناق المحرم وتدعو إلى الرذيلة والسقوط في مستنقع الانحرافات الأخلاقية والسلوكية.
ثم الضمائر والمشاعر التي تتحَرّك لتجمع المال وتؤسس الجمعيات الكبيرة وتشترك في الأسهم والشركات العملاقة لتجني المال الكثير وتستقطب الشباب والفتيات ليكونوا فنانين يجيدون فن الرقص والتمايل أَو يصبحوا ممثلين ومنتجي أفلام تعرض في البارات والأندية والملاهي والمنتجعات.
أم تلك الضمائر التي تسعى إلى الاهتمام بتربية الكلاب وتتعامل معها بكل لطف ورحمة وتبادلها الحب وتقدم لها الخدمات التي ترتقي بها إلى درجة الإنسان بل وأعظم من ذلك.
ففي الوقت الذي يبكي فيه طفل فلسطيني فقد أمه وحليب أمه بحنانها وعطفها بالكامل، تبكي جماهير عربية وإسلامية على مدرجات الملاعب لمُجَـرّد حصول أحد اللاعبين المحترفين على بطاقة حمراء، وبينما تعانق الشابة الفلسطينية أخيها الشهيد، تجد أكثر شباب وبنات الخليج العربي يتسابقون ليحتضنوا الفنانة والفنان والراقصة والراقص.
وبينما يدافع الشاب الفلسطيني عن حرمة المسجد الأقصى بروحه وجسده يستقبل “تركي آل الشيخ” العاهرات في أطراف مكة ويصنع لهم مجسم الكعبة ليطوفوا عليها بأجساد عارية، ويعتبر ذلك المشهد من أهم المنجزات ويدعو بقية الشعوب إلى تلك الأعمال كونه يعتبرها حضارة وتعايشاً مع الشعوب.
وبينما أصبحت مشاعر وضمائر أكثر أبناء الأُمَّــة تتحَرّك من الركبة إلى السرة، لا تبدي للقضية الفلسطينية أي اهتمام، تحَرّك الشعب اليمني العظيم وقائده العظيم وأظهر مشاعره التي كان يحملها أجداده الأنصار وضمائرهم التي حملوا بها مسؤولية رفع راية الإسلام وساندوا الشعب الفلسطيني المظلوم بكل قوة عسكرية جعلت من أمريكا مسخرة أمام العالم وكسرت هيمنتها وهيبتها ومرغت أنفها في الماء وأغرقت سفنها وبوارجها وأساطيلها في البحار وكلّ المحيطات.
فشتان بين مشاعر وضمائر شعب يمن الأنصار الذي حمل السلاح في وجه طواغيت الجاهلية الحاضرة والماضية، يوم أرادت قريش أن تجعل الكعبة محاطة بالطبول والمطربات والأوثان ومزاراً لليهود وأحبارهم، تلك المشاعر والضمائر هي حية وباقية إلى اليوم تذود وتقاتل وتدافع عن شرف الأُمَّــة كما كانوا في السابق وبين ضمائر ومشاعر تحَرّكها أهازيج الجماهير في الملاعب والمطربات والفنانين في العروض والمسارح والحفلات الغنائية، التي جعلتهم يهربون من واقع المواجهة والصراع مع العدوّ إلى واقع الانحلال الأخلاقي وموت الضمائر وانحراف المشاعر.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
الخارجية: مصر قدمت 70% من المساعدات التي دخلت قطاع غزة
قال الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة، إن الاحتلال يمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة بطرق غير مبررة، مشيرا إلى أن مصر قدمت 70% من المساعدات التي دخلت قطاع غزة.
وأكد “عبد العاطي” خلال كلمته بمؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة، أن هذا المؤتمر يهدف لتعزيز استجابة المجتمع الدولي للكارثة الإنسانية في قطاع غزة.
ولفت وزير الخارجية إلى أن المأساة الغير الإنسانية في قطاع غزة فاقمنت معاناة الشعب الفلسطين، مؤكدا أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة فاق كل الحدود.