الخليج الجديد:
2025-02-02@07:06:13 GMT

حضارة الغرب وصرعاتها المجنونة

تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT

حضارة الغرب وصرعاتها المجنونة

حضارة الغرب وصرعاتها المجنونة

ما عاد لتاريخ السلوك الإنساني وحاجاته الروحية السامية، وقيم الأديان وتحذيرات الخبراء قيمة عند دعاة الرفض التام لكل الضوابط الأخلاقية.

يهمنا التوجه إلى شباب الأمة العربية لإبراز المخاطر والتحذير من كوارث اجتماعية نتيجة الظاهرة الجديدة التي فجرها ونشرها الغرب في العالم كله.

سقوط متعاظم لمكانة وأهمية القيم الروحية والأخلاقية والسلوكية في الحياة تضاف إليه صور متعاظمة متكررة للرذائل الجنسية العبثية، أصبح قضية عالمية خطيرة.

* * *

هذا السقوط المتعاظم في مكانة وأهمية وضرورة القيم الروحية والأخلاقية والسلوكية في الحياة الإنسانية، الذي تضاف إليه صور متعاظمة متكررة لكل أنواع الرذائل الجنسية، بكل أنواعها العبثية، أصبح قضية عالمية خطيرة.

وكالعادة يبدأ الأمر في بعض الدوائر الغربية، الأوروبية والأمريكية، حيث توضع اللبنات الأولى وتغطى بألف قناع من أقنعة الحق الذي يراد به باطل، وتقدم على الأخص كمواعظ في الحرية والحقوق الإنسانية، ثم تسلم إلى ماكنة الإعلام والإعلان الغربية، بالغة الكفاءة في التلاعب بالألفاظ والخبرة، وفي التلاعب بالعقول والنفوس لنشرها في أشكال لا تعد ولا تحصى من التعبيرات الفنية والأدبية والفكرية والحقوقية.

هذا ما حصل من هجمة هائلة لتغيير وتشويه حقل التربية والتعليم، وتعريفات المواطنين الشخصية، ونظم الزواج وهتافات الرياضة، ومشاهد الأفلام والمسلسلات، وشتى المناقشات الإعلامية مع الأخصائيين والمواطنين، وذلك كله بهدف قبول كل أنواع وبذاءات القيم السلوكية الأخلاقية الشاذة الجديدة.

ما عاد لتاريخ السلوك الإنساني المتعارف عليه، وحاجاته الروحية السامية، وما تقوله الديانات ومدارس علم النفس وتحذيرات الأطباء، وما عبر عنه الأدباء والفلاسفة عبر القرون، وما أوصلت إليه شبكات التواصل الاجتماعي من انحرافات مجنونة بائسة، ما عاد لكل ذلك أي قيمة عند من فجروا زوبعة الرفض التام لكل الضوابط الأخلاقية في ماهية الإنسان، وفي العلاقات الجنسية، وبالتالي لكل قيم الفضائل والسمو الروحي التي تقوم عليها كل تلك الضوابط.

لسنا معنيين بإجراء حوار مع حضارة الغرب ذات الوجهين، فالغرب لم يمنعه رفع شعار الحرية، من ممارسة تجارة شراء وبيع العبيد الافارقة، ولا شعار الأخوة الإنسانية، من ممارسة ظاهرة استعمار الأوطان والشعوب وذبح الملايين من سكانها الأصليين المسالمين، ولا شعار المساواة، من نهب واستباحة ثروات الآخرين.

وبالتالي هناك ألف شك حول صحوة ضميره، وحول فهمه السّويّ للعدالة، وحول التقليل من نهمه المادي والرغائبي المتعاظم. وتكفي الإشارة إلى أن حوالي خمسين في المئة من مواليد الكثير من بلدانه هم نتيجة علاقات جنسية عابرة، منكرة لمؤسسة الزواج، وغير المعنية بالروابط العائلية.

ما يهمنا هو التوجه إلى شباب الأمة العربية لمناقشة الأمر، وإبراز المخاطر والتحذير من قدوم الكوارث الاجتماعية، من خلال الظاهرة الجديدة التي فجرها ونشرها الغرب الأوروبي والأمريكي في العالم كله.

دعنا نذكرهم بأن اقترابهم من هذا الموضوع، باسم التمدن، أو الحرية الشخصية، أو الثورة على الأعراف، ستدخلهم في الحال في معركة طاحنة مع الجزء الديني الإسلامي والمسيحي من ثقافة الملايين من أبناء أمتهم.

وهي ثقافة تمثلها بالنسبة لهذا الموضوع الآيات المبثوثة في القرآن الكريم من مثل "ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن"، ومثل "والذين إذا فعلوا فاحشة وظلموا أنفسهم"، ومثل "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير وينهون عن المنكر"، ومثل "وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله"، ومن مثل "وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي". وهناك عشرات الأحاديث النبوية من مثل “الحياء من البر”، ومثل “وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة”.

في الديانتين يعتبر الخُلُق جزءاً أساسياً مكملاً للعقيدتين. وبالتالي يحتاج الشباب وتحتاج الشابات أن يتجنبوا الدخول، في تلك المواجهة مع شعوبكم التي يراد منها أن تبعدكم عن الاهتمام بأمور معيشتكم وكرامتكم الإنسانية، ولعبكم دوراً في انتقال مجتمعاتكم إلى عوالم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان السامية.

وفي الحقيقة فإن إدخالكم في هذه الصرعة الجنونية العابثة الجديدة، هي تتمة لكل صرعات النيوليبرالية من مثل الفردية المنفلتة والاستهلاك المادي النهم والتهليل لموت دولة الرعاية الاجتماعية وتجاهل الانخراط في مؤسسات المجتمع المدني النضالية. إن رفضكم للدخول في هذه الصرعة سيكون إعلاناً منكم بان ثقافة أمتكم هي غير ثقافة الغرب وبأن مقاومتكم لها هي تكملة لمقاومة النيوليبرالية ونظامها الرأسمالي.

*د. علي محمد فخرو سياسي بحريني، كاتب قومي عربي

المصدر | الشروق

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الغرب مقاومة القيم الأخلاقية مؤسسة الأسرة من مثل

إقرأ أيضاً:

د.حماد عبدالله يكتب: ثقافة الأمة فى حوزة (أقدامها) !!

 

رغم أننا بعد ثورة 30 يونيو 2013 وخطة الدولة الإستراتيجية فى القضاء على العشوائيات إلا أن أفة العشوائيات أصابت مجتمع المحروسة ومازالت تنحر في جسد الأمة دون رحمة ودون أمل في مواجهتها أو مقاومتها ولا أقصد بعشوائياتنا في الأحياء خارج المخطط العمراني للمدن مثل " الدويقة ومنشية ناصر وبولاق الدكرور والمغربلين واليكنية وسوق السلاح والداودية " وكلها أسماء لأحياء في القاهرة عشوائية من الدرجة الأولى ولست قاصدًا منطقة المقابر التي يعيش فيها فوق الأربعة ملايين مصري ولكن العشوائيات رحلت إلى الإدارة والنظم التي ننتهجها في حياتنا من مرور ومرافق وطرق وتموين ومواصلات... إلخ..

واستمرت هذه العشوائيات في النمو منذ ستينيات القرن الماضي حتى اليوم والمصيبة الأكبر ما يضر الأمة  أن العشوائية إنتقلت من "القدم إلى الركبة" إلى الجسد ووصلت إلى رأس الأمة والمقصود بالرأس هنا التعليم الجامعي وما بعده في مراحل الدراسات العليا والبحث العلمي أصبحت سمة العشوائية في كل ما تتناوله رأس الأمة من بحوث علمية غير ذي قيمة أو ذي فائدة على المجتمع وترجع خطورة إنتقال هذه السمة إلى هذا الجزء من جسد الأمة إلى

 

المثل القائل بأن " السمكة تفسد من رأسها " والخوف كل الخوف بأن ما يتم وما نأمل فيه من إصلاح سياسي وإقتصادي يقابله إستهتار إجتماعي شديد الضراوة والشراسة وتزداد سمة العشوائية ترسيخًا في وجدان هذه الأمة، مما يجعلني استصرخ الناس والقادة والمسئولين عن ثقافة هذه الأمة بأن العشوائيات ستكون سببًا في إنهيارنا ماذا لو أغلقنا كل الأبواب المزايدة على مصالح ضيقة وخلافات حزبية، ووهم ديني متعصب أعمى في المجتمع، وواجهنا جميعًا، إدارة وشعبًا ما وصلنا إليه من هذا المرض العضال وهو "العشوائية في مصر" وما السبيل إلى الإستشفاء حتى ولو كان ذلك بتدخل جراحي، وإن استدعى الأمر استجلاب أطباء غير مصريين لإنقاذ جسد الأمة من الإنهيار إذا كنا قد فقدنا الثقة في أطباء وعقلاء هذا الوطن، وهذا من قبيل التعجب حينما نستجلب لاعبين أجانب لتقوية الفرق الرياضية المصرية ونستجلب مدربين أجانب بغية الوصول إلى كأس أمم أو كأس عالم فما بالنا ونحن نتحدث عن مستقبل وطن وعن عشوائيات في حياتنا وسلوك خاطئ في الشارع المصري ولا يوجد بارقة أمل حيث القانون في أجازة، وسيظل كذلك ما دام ثقافة الأمة في حوزة " أقدامنا " وليست في رؤوسنا !!

أستاذ دكتور مهندس/ حماد عبد الله حماد
[email protected]

مقالات مشابهة

  • د.حماد عبدالله يكتب: ثقافة الأمة فى حوزة (أقدامها) !!
  • 3 مخاوف تدفع إلى التدخل الدولي في ليبيا، و5 أسباب وراء “فشل الدولة”
  • تقنية "ليدار" تكشف أسرار مدينة مفقودة في المكسيك
  • سوريا بين الشرق والغرب
  • السليمانية تحتفي بالعيد الوطني لـالنيبال وفق ثقافة شعبهم (صور)
  • 8 مقاعد تشعل صراع «جولات الحسم» في «أبطال آسيا للنخبة»
  • لافروف: الغرب لم يحترم أبدا مبدأ المساواة السيادية بين الدول
  • الغرب وكأس الشرق الأوسط المقدسة
  • دبلوماسي روسي يلمح إلى توسيع الترسانة النووية لمواجهة الغرب
  • إيران تبدي استعدادا مشروطا لمحادثات نووية مع الغرب