تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في يناير 2015، بدأت رحلتي مع جريدة "البوابة"، ولا يزال ذلك اليوم محفوراً في ذاكرتي.. كُنت أمام الأستاذ ناصر حجازي، مدير التحرير آنذاك، في مُقابلة حددت بشكل كبير مستقبلي الصحفي.. نظر إليَّ بابتسامة حاول من خلالها أن يطمئنني ويخفف من توتري، ثم سألني بنبرة هادئة: "عايز تشتغل في قسم إيه يا إبراهيم؟".

في تلك اللحظة، وجدت نفسي غارقاً في تساؤلات داخلية.. شغفي بالفن والموسيقى جعل قسم الفن يبدو خياراً مناسباً، في الوقت ذاته، حبي للشعر والكتابة الأدبية دفعني للتفكير في قسم الثقافة.. لكني أيضاً مشجع أهلاوي شرس، يتابع أخبار النادي بشغف كبير، فلماذا لا أتوجه لقسم الرياضة!!.

كل ذلك دار في ذهني في أقل من دقيقة، وبينما كنت أحاول موازنة كل هذه الخيارات لاحظت أن الأستاذ ناصر قد اتخذ القرار بالفعل قبل أن أنطق بأي كلمة: "إبراهيم.. أنت تروح قسم التحقيقات.. لازم تتمرمط شوية".

ذلك القرار، الذي بدا حينها غير متوقع، منحني فرصة لصقل مهاراتي و"شُرب الصحافة".. فالعمل في قسم التحقيقات لم يكن سهلاً أبداً، بل كان يعني مواجهة الميدان، البحث، التقصي، والغوص في أعماق القضايا التي تهم المجتمع.

وقعت في حب "شغلانة التحقيقات" منذ اللحظة الأولى، على يد رئيس القسم آنذاك، محمد عبداللطيف.. كان هذا الرجل صاحب الفضل الأكبر في ترسيخ أساسيات التحقيق الصحفي المُميز في عقلي.. علمني "كيف أبحث، وأتحقق، وأطرح الأسئلة" وهي الأسس التي تُشكل حجر الزاوية في كشف النقاب عن الحقيقة.

ومع مرور الوقت، دارت عجلة العمل، وظهرت تباعاً سلسلة من تحقيقاتي عبر صفحات "البوابة".. تحقيقات أعتبرها حتى اليوم محطات فارقة في مسيرتي المهنية، بعضها كان يسلط الضوء على ملفات فساد، وبعضها كان يتناول مشكلات تؤرق الشارع المصري، لكن القاسم المشترك بينها جميعاً كان واضحاً: "مصلحة الناس في قلب كل حرف وكلمة".

في يونيو 2021، جاءت نقطة تحول جديدة في مسيرتي مع "البوابة"، حينما كلفني الكاتب الصحفي الكبير، إسلام عفيفي برئاسة قسم التحقيقات، بناءً على قرار من الأستاذة داليا عبدالرحيم، رئيسة التحرير.

كانت تلك المسئولية محطة فارقة، إذ وضعتني أمام تحدٍ مزدوج: الحفاظ على الإرث الذي صنعته "تحقيقات البوابة"، ودفع عجلة القسم إلى الأمام، رغم كل التحديات المادية التي يعاني منها أغلب الصحفيين.

رغم الظروف، حاولت جعل تحقيقات القسم تعكس نبض الشارع المصري، من خلال الإجابة عن الأسئلة المُلحة التي تشغل المواطنين يومياً.. أدرك تماماً أننا لم نحقق الكمال في كل مرة، لكن ما نفتخر به حقاً هو قدرتنا على تقديم مجموعة تحقيقات مُتميزة، وجدت صداها لدى القارئ، على مدار أكثر من ثلاث سنوات.

بالنسبة لي، كانت "البوابة" أكثر من مجرد مؤسسة إعلامية.. حقيقي، كانت بمثابة بيتي الصحفي الأول، والمكان الذي تعلمت فيه أصول الصحافة، وخضت فيه تجاربي الأولى في الميدان.. اليوم، ومع احتفالنا بمرور عشر سنوات على صدور العدد الأول، أجد نفسي ممتناً لكل لحظة قضيتها في هذا المكان.. بين أحلام تحققت، وطموحات ما زالت تتطلع إلى المزيد.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: البوابة التحقيقات

إقرأ أيضاً:

القصة الكاملة للمقاتل السوري مجدي نعمة الذي بدأت محاكمته اليوم بباريس

بدأت اليوم الثلاثاء في باريس محاكمة السوري مجدي نعمة المقاتل السابق في صفوف "جيش الإسلام" حيث يواجه تهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم حرب بين عامي 2013 و2016 في ضواحي دمشق.

ويدحض نعمة البالغ من العمر 36 عاما التهم الموجّهة إليه، مشدّدا على "الدور المحدود" الذي اضطلع به في إطار هذه الجماعة التي حاربت النظام السوري وكانت تدعو إلى تطبيق للشريعة الإسلامية.

وُضع نعمة في الحبس الاحتياطي منذ يناير/كانون الثاني 2020، ويواجه احتمال الحكم عليه بالسجن 20 عاما.

وإلى جانب تهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم حرب والمساعدة في التخطيط لها، يشتبه في أن المقاتل السوري ساعد على تجنيد أطفال أو فتيان في صفوف "أشبال الإسلام" وتدريبهم على العمل المسلح.

وقد رفض رئيس محكمة الجنايات جان-مارك لافيرن أن يتكلم المتهم بالإنجليزية، طالبا أن يستخدم لغته الأم العربية.

وقد تجاهل مجدي نعمة هذه التوجيهات. وعندما طُلب منه التعريف عن نفسه، ردّ بالإنجليزية. وقال "لا أدلة إطلاقا على الأفعال المنسوبة لي"، مؤكّدا أن هذه القضية "سياسية بحتة".

الانشقاق والغوطة وتركيا

وهذه ثاني محاكمة تقام في فرنسا على خلفية جرائم مرتكبة في سوريا، بعد محاكمة أولى جرت في مايو/أيار 2024 في غياب المتّهمين وهم مسؤولون رفيعو المستوى في النظام السوري أدينوا بتهمة ضلوعهم في الاختفاء القسري لفرنسيَّيْن من أصل سوري ومقتلهما.

إعلان

أما مجدي نعمة، فقد انشقّ عن الجيش السوري في نوفمبر/تشرين الثاني 2012 لينضم إلى زهران علوش مؤسس وقائد "لواء الإسلام" الذي أصبح "جيش الإسلام" عام 2013.

وسيطرت هذه الجماعة على الغوطة الشرقية شمال شرق دمشق في عام 2011 "ويشتبه في ارتكابها جرائم حرب خصوصا في حقّ المدنيين".

وكان المتهم القريب من زعيم الجماعة اتخذ من إسلام علوش اسما حركيا. وأكد للمحققين أنه غادر الغوطة الشرقية نهاية مايو/أيار 2013 إلى تركيا حيث كان المتحدث باسم "جيش الإسلام"، مما يثبت أنه لم يكن بإمكانه ارتكاب الجرائم المنسوبة إليه. ويزعم أنه ترك الجماعة عام 2016.

وفي نوفمبر/تشرين 2019 وصل إلى فرنسا كطالب لمتابعة دراسته في معهد أبحاث العالم العربي والإسلامي بجامعة إيكس مارسيليا (جنوب شرق).

وأوقِف مجدي نعمة في يناير/كانون الثاني 2020 بعد بضعة أشهر من تقديم شكوى في فرنسا ضدّ "جيش الإسلام"، ووجَّه إليه قاض تهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم حرب والتخطيط لها.

اختفاء قسري

وأحيل لاحقا على محكمة الجنايات بتهمة التواطؤ في حالات الاختفاء القسري. واتهم كعضو في "جيش الإسلام" بخطف 4 نشطاء في مجال حقوق الإنسان بينهم المحامية والصحفية السورية رزان زيتونة. ولم يعثر على هؤلاء إلى اليوم.

لكن محكمة استئناف باريس ألغت هذه الملاحقات في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 لأسباب إجرائية، رغم أنها أكدت في حكمها أنه "يجب اعتبار جيش الإسلام مسؤولا عن اختفاء" الناشطين الأربعة. ثم ثبّتت محكمة التمييز، أعلى محكمة في النظام القضائي الفرنسي، هذا الحكم.

وكان فريق الدفاع عن مجدي نعمة قد طعن خلال التحقيق في مبدأ الولاية القضائية العالمية للقضاء الفرنسي الذي يسمح له بمحاكمة أجنبي بتهمة ارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية أو جرائم حرب في الخارج ضدّ أجانب، لكن محكمة التمييز ردت الطعن.

وقبل انطلاق المحاكمة، أشار وكيلا الدفاع عن نعمة إلى أن سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024 يفتح آفاقا جديدة ويثير "مسألة شرعية" هذه المحاكمة.

إعلان

وبالنسبة إلى مارك بايي، المحامي المكلّف بالدفاع عن عدّة أطراف مدنية في هذه القضية، فيعتبر أنه "في الوضع الحالي من المستحيل إجراء محاكمة على خلفية هذه الجرائم في سوريا".

ومن المتوقع أن يصدر الحكم في 27 مايو/أيار المقبل.

مقالات مشابهة

  • كانت معدّة للتهريب.. شاهدوا كميات البنزين الكبيرة التي تم ضبطها في عكار (صورة)
  • القصة الكاملة للمقاتل السوري مجدي نعمة الذي بدأت محاكمته اليوم بباريس
  • إبراهيم عثمان يكتب: الحياد المستحيل
  • ما هي النباتات التي تعيش في الجو الحار؟
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (تحت أرض الخرطوم..) 3
  • في عيد ميلادها الـ78.. نجوى إبراهيم أيقونة الإعلام التي صنعت طفولة أجيال (تقرير)
  • صاحب تريند إطعام الكلاب يروي قصة الفيديو: بدأت بسبب قطة عمياء.. فيديو
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: قَدَر البرهان وعفوية حماد عبد الله
  • تحمل 4600 طن… بدء عمليات تفريغ ناقلة غاز منزلي في مصب بانياس النفطي
  • وقفات مهمة في تأريخي الصحفي _٢_